تكريم المرأة في الإسلام ٥
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا
هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمدًا عبده ورسوله. أما بعد:
لقد كرم الإسلام المرأة بأن جعلها مربية الأجيال، وربط
صلاح اﻟﻤﺠتمع بصلاحها، وفساده بفسادها، لأﻧﻬا تقوم بعمل عظيم
في بيتها، ألا وهو تربية الأولاد الذين يتكوَّن منهم اﻟﻤﺠتمع، ومن
اﻟﻤﺠتمع تتكون الدولة المسلمة.
وبلغ من تكريم الإسلام للمرأة أن خصص لها سورة من القرآن
ولم يخصص للرجال سورة لهم، فدل ذلك « سورة النساء » سماها
على اهتمام الإسلام بالمرأة، ولا سيما الأم، فقد أوصى الله تعالى ﺑﻬا
بعد عبادته فقال عز وجل: {وََقضَى رَبُّكَ َألَّا تَعْبُدُوا ِإلَّا ِإيَّاهُ
أمانة وَِبالْوَالِدَيْ ِ ن ِإحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣ ]. وقد حملها الرسول
والمرأة راعية في بيت زوجها ....» : تربية الأولاد فقال مكرمًا لها
متفق عليه]. ] « وهي مسؤولة عن رعيتها
ومن أراد الزيادة عن تكريم الإسلام للمرأة، فليقرأ الكتاب.
والله أسأل أن ينفع به القراء، ويجعله خالصًا لله تعالى.
محمد بن جميل زينو
٦ تكريم المرأة في الإسلام
المرأة عند العرب في الجاهلية
١- لم يكن للمرأة حق الإرث، وكانوا يقولون في ذلك : لا
يرثنا إلا من يحمل السيف، ويحمي البيضة.
٢- لم يكن للمرأة على زوجها أي حق، وليس للطلاق عدد
محدود، وليس لتعدد الزوجات عدد معين، وكانوا إذا مات الرجل،
وله زوجة وأولاد من غيرها، كان الولد الأكبر أحق بزوجة أبيه من
غيره، فهو يعتبرها إرًثا كبقية أموال أبيه!.
كان الرجل إذا مات » : وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال
أبوه، أو حموه، فهو أحق بامرأته إن شاء أمسكها، أو يحبسها حتى
الصداق: المهر]. ] « تفتدي بصداقها، أو تموت فيذهب بمالها
٣- وقد كانت العدة في الجاهلية حو ً لا كام ً لا، وكانت المرأة
تحد على زوجها شرّ حداد وأقبحه، فتلبس شر ملابسها، وتسكن
شر الغرف، وتترك الزينة والتطيب والطهارة، فلا تمس ماء، ولا
تقلم ظفرًا، ولا تزيل شعرًا، ولا تبدو للناس في مجتمعهم، فإذا انتهى
العام خرجت بأقبح منظر، وانتن رائحة.
٤ - كان العرب في الجاهلية يُكرهون إماءهم على الزنا، ويأخذون
أجورهم: حتى نزل قول الله تعالى: {وََلا تُكِْ رهُوا َفتَيَاتِ ُ كمْ عََلى الْبِغَاءِ ِإ ْ ن
.[ َأرَدْ َ ن تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النور: ٣٣
٥- وكان عند العرب في الجاهلية أنواع من الزواج الفاسد
الذي كان يوجد عند كثير من الشعوب، ولا يزال بعضه إلى اليوم
في البلاد الهمجية:
تكريم المرأة في الإسلام ٧
أ- فمنها اشتراك الرهط من الرجال في الدخول على امرأة
واحدة، وإعطائها حق الولد تلحقه بمن شاءت منهم.
ب- ومنها نكاح الاستبضاع: وهو أن يأخذ الرجل لزوجه
أن تمكن من نفسها رج ً لا معينًا من الرؤساء المتصفين بالشجاعة،
ليكون لها ولد مثله!
ج- ومنها نكاح المتعة: وهو المؤقت، وقد استقر أمر الشريعة
على تحريمه، ويبيحه فِرَق الشيعة الإمامية.
د- ومنها نكاح الشغار: وهو أن يُزوجْ الرجل امرأة: بنته، أو
أخته، أو مَن هي تحت ولايته على أن يُزوجه أخرى بغير مه ر،
صداقُ كل واحدة بُضعُ الأخرى.
وهذان النوعان مبنيان على قاعدة اعتبار المرأة مل ً كا للرجل
يتصرف فيها كما يتصرف في أمواله وﺑﻬائمه.
ولا يزالان موجودين عند بعض الشعوب الهمجية كالغجر !!
وأما المرتقون من العرب كقريش، فكان نكاحهم هو الذي عليه
المسلمون اليوم من الخطبة، والمهر، والعقد، وهو الذي أقره
الإسلام، مع إبطال بعض العادات الظالمة للنساء فيه من استبداد في
تزويجهن كرهًا، أو عَضلهن – أي منعهن من الزواج – أو أكل
مهورهن، إلى غير ذلك.
كنا في » : يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
الجاهلية لا نعُد النساء شيًئا، فلما جاء الإسلام، وذكرهن الله رأينا
رواه البخاري". " .« لهن بذلك علينا حًقا
انظر كتاب المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الجاهلية.
٨ تكريم المرأة في الإسلام
وأد البنات في الجاهلية
كان العرب في الجاهلية يكرهون البنات، ويدفنوﻧﻬن في التراب
أحياء خشية العار، وقد أنكر الإسلام هذه العادة، وصورها القرآن
في أبشع صورة، فقال عن العرب في الجاهلية: {وَِإ َ ذا بُشِّرَ َأحَدُهُمْ
ِباْلُأنَْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الَْقوِْم مِنْ سُوءِ مَا
بُشِّرَ ِبهِ َأيُمْسِكُهُ عََلى هُونٍ َأمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَا ِ ب َأَلا سَاءَ مَا
.[ يَحْ ُ كمُو َ ن} [النحل: ٥٩
وقد بالغ الله سبحانه وتعالى في الإنكار عليهم في دفن البنات،
.[ فقال: {وَِإ َ ذا اْلمَوْءُودَُة سُئَِلتْ * ِبَأيِّ َ ذنْ ٍ ب قُتَِلتْ} [التكوير: ٩
* * * *
تكريم المرأة في الإسلام ٩
تكريم المرأة في الإسلام
١- لم يعتبر الإسلام المرأة مكروهة، أو مهانة، كما كانت في
الجاهلية، ولكنه قرر حقيقة تزيل هذا الهوان عنها: وهي أن المرأة
قسيمة الرجل لها ما له من الحقوق، وعليها أيضًا من الواجبات ما
يلائم تكوينها وفطرﺗﻬا، وعلى الرجل بما اختص به من الرجولة،
وقوة الجلد، وبسطة اليد، واتساع الحيلة، والصبر على التعب
والمكاره، أن يلي رياستها، فهو بذلك وليها يحوطها، ويذود عنها
بدمه، وينفق عليها من كسب يده.
٢- ومن مظاهر تكريم المرأة في الإسلام أن سواها بالرجل في
أهلية الوجوب والأداء، وأثبت لها حقها في التصرف، ومباشرة جميع
الحقوق كحق البيع، وحق الشراء، وحق الدائن، وحق التملك،
وغيرها.
٣- وقد كرم الإسلام المرأة، وذلك حينما أخبر الله تعالى في
القرآن بأن الله خلقنا من ذكر وأنثى، وجعل ميزان التفاضل العمل
الصالح والتقوى فقال عز من قائل: {يَا َأيُّهَا النَّاسُ ِإنَّا خََلقْنَا ُ كمْ مِنْ
َ ذ َ ك ٍ ر وَُأنَْثى وَجَعَلْنَا ُ كمْ شُعُوبًا وََقبَائِ َ ل لِتَعَارَُفوا ِإنَّ َأكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ
.[ َأتَْقا ُ كمْ ِإنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَِبيرٌ} [الحجرات: ١٣
٤- ومن مظاهر تكريم المرأة في الإسلام الاهتمام بتعليمها: عن
غلبنا عليك الرجال، » : أبي سعيد الخدري: قالت النساء للنبي
فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا لقيهن فيه، فوعظهن،
وأمرهن، فكان مما قال لهن: ما منكن امرأة تُقدم ثلاثة من ولدها
١٠ تكريم المرأة في الإسلام
إلا كان لها حجابًا من النار، فقالت امرأة : واثنين؟ فقال :
١) [معنى تُقدّم: تحتسب وترضى بموت أولادها]. )« واثنين
٥- ومن مظاهر تكريم الله للمرأة أن ذكرها بجانب الرجل قال
الله تعالى: {ِإنَّ الْمُسْلِمِينَ وَاْلمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَالْقَاِنتِينَ وَاْلَقاِنتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادَِقاتِ وَالصَّاِب ِ رينَ وَالصَّاِبرَاتِ
وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَاْلمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّ ائِمِينَ
وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ ُفرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِ ِ رينَ اللَّهَ َ كثِيرًا
.[ وَالذَّاكِرَاتِ َأعَدَّ اللَّهُ َلهُمْ مَغْفِرًَة وََأجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٣٥
* * * *
١) أخرجه البخاري ( ١٠١ ) باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم. )
تكريم المرأة في الإسلام ١١
سورة النساء تكريم للمرأة
لم يذكر الله تعالى في كتابه سورة الرجال، بل ذكر سورة
النساء، وهذا دليل على تكريم المرأة، وقد تحدثت السورة عن أمور
هامة تتعلق بالمرأة والأسرة والدولة واﻟﻤﺠتمع، وأن معظم السورة
تتحدث عن حقوق النساء، فلذلك سميت سورة النساء، والمتأمل
لهذه السورة الكريمة يرى فيها تكريمًا للمرأة.
١- خلق الله المرأة من ضلع الرجل، وبث منهما الرجال
والنساء:
قال الله تعالى: {يَا َأيُّهَا النَّاسُ اتَُّقوا رَبَّكُمُ الَّذِي خََلَقكُمْ مِنْ
نَفْ ٍ س وَاحِدَةٍ وَخََلقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا ِ رجَاًلا َ كثِيرًا وَِنسَا ءً}
[النساء: ١]. وهذه الآية جزء من خطبة الحاجة التي كان الرسول
يبدأ ﺑﻬا خطبه، وهي مهمة جدًا، ولا سيما للمتحدثين، والدعاة
والوعاظ.
٢- المحافظة على حقوق اليتامى من النساء:
قال الله تعالى: {وَِإنْ خِ ْ فتُمْ َألَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى َفانْكِحُوا مَا
طَابَ َل ُ كمْ مِنَ النِّسَاءِ مَْثنَى وَثُلَا َ ث وَرُبَاعَ َفِإنْ خِفْتُمْ َألَّا تَعْدُِلوا
.[ فَوَاحِدًَة َأوْ مَا مََل َ كتْ َأيْمَانُ ُ كمْ َ ذلِكَ َأدْنَى َألَّا تَعُوُلوا} [النساء: ٣
عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى: {وَِإنْ
خِ ْ فتُمْ َألَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} قالت: يا ابن أختي هذه اليتيمة
تكون في حجر وليها تُشركه في ماله، ويُعجبه مالها وجمالها، فيريد
١٢ تكريم المرأة في الإسلام
أن يتزوجها بغير أن يُقسط في صَداقها، فيُعطيها مثل ما يعطيها
غيره، فنُهوا أن ينكحوهن إلا أن يُقسطوا إليهن، ويبلغوا ﺑﻬن أعلى
سنتهن في الصداق، وُأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النس اء
سواهن.
قال عروة: قالت عائشة: ثم إن الناس استفتوا رسول الله
بعد هذه الآية فيهن، فأنزل الله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} قالت
عائشة: وقول الله في الآية الأخرى:{وَتَرْغَبُو َ ن َأ ْ ن تَنْكِحُوهُن }
رغبة أحدكم عن يتيمته إذا كانت قليلة المال والجمال، فنُهوا أن
ينكحوا مَن رغبوا في مالها وجمالها من النساء إلا بالقسط من أجل
رغبتهم عنهن إذا كن قليلات المال. "رواه البخاري".
٣- الاقتصار على زوجة واحدة إذا خاف عدم العدل :
لقول الله تعالى: {َفِإنْ خِ ْ فتُمْ َألَّا تَعْدِلُوا َفوَاحِدًَة َأوْ مَا مََل َ كتْ
َأيْمَانُ ُ كمْ} [النساء: ٣]. أي إن خفتم تعدد النساء أن لا تعدلوا،
فاقتصروا على واحدة، وهذا تكريم للمرأة.
٤- النساء لهن نصيب من الإرث:
قال الله تعالى: {لِلرِّجَا ِ ل نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ اْلوَالِدَانِ وَاْلَأْقرَبُو َ ن
وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ اْلوَالِدَانِ وَاْلَأْقرَبُو َ ن مِمَّا قَلَّ مِنْهُ َأوْ كَُثرَ
نَصِيبًا مَ ْ فرُوضًا} [النساء: ٧]. وكان الميراث في الجاهلية للذكور
دون الإناث.
تكريم المرأة في الإسلام ١٣
٥- التفاوت في الميراث بين الرجل والمرأة:
قال الله تعالى: {يُوصِي ُ كمُ اللَّهُ فِي َأوَْلادِ ُ كمْ لِلذَّ َ ك ِ ر مِثْلُ حَظِّ
اْلُأنَْثيَيْ ِ ن} [النساء: ١١ ]. أي يأمركم الله أن تقسطوا للذكر مثل
حصة البنتين، وذلك لأن الرجل هو الذي يُنفق على عياله، وهو
الذي يدفع المهر للمرأة.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان المال للولد، وكانت
الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل
حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السُدس والثلث،
وجعل للزوجة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع . "رواه
البخاري".
٦- المهر يدفعه الزوج للزوجة حسب الاتفاق:
قال الله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِ ِ هنَّ ِنحَْلًة َفِإنْ طِبْنَ َل ُ كمْ
.[ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَ ْ فسًا فَكُلُوهُ هَِنيًئا مَ ِ ريئًا} [النساء: ٤
عن ابن عباس: النحلة: المهر، وقيل فريضة مسماه، ولا ينبغي
تسمية المهر كذبًا بغير حق، وعلى الرجل أن يدفع المهر عن طيب
نفس، فإن طابت نفسها عن شيء منه بعد تسميته، فليأكله حلا ً لا
طيبًا.
٧- الأمر للأزواج أن يباشروا زوجاﺗﻬم بالمعروف:
قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ ِبالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩ ]. أي
طيَّبوا أقوالكم وحسّنوا أفعالكم وهيئاتكم حسب قدرتكم
١٤ تكريم المرأة في الإسلام
لزوجاتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت ﺑﻬا مثله، كما قال
.[ تعالى: {وََلهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عََليْ ِ هنَّ ِبالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨
خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم » : وقال الرسول
رواه الترمذي وصححه الألباني". " .« لأهلي
٨- على الزوج أن يحسن إلى زوجته، حتى في حالة كرهها:
قال الله تعالى: {َفِإنْ َ ك ِ رهْتُمُوهُنَّ َفعَسَى َأ ْ ن تَكْرَهُوا شَيًْئا وَيَجْعَ َ ل
اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا َ كثِيرًا} [النساء: ١٩ ]. أي فعسى إن صبرتم على
إمساكهن مع الكراهة فيه أن يكون في ذلك خير كثير لكم في الدنيا
والآخرة.
قال ابن عباس: هو أن يعطف عليها فيرزق منها ولدًا، ويكون
فيه خير كثير.
لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلًقا رضي » : وقال
رواه مسلم". "أي لا يبغضها بغضًا يؤدي إلى " « منها خُلًقا آخر
تركها".
٩- لا يجوز استرداد المهر بعد المفارقة:
قال الله تعالى: {وَِإنْ َأرَدْتُمُ اسْتِبْدَا َ ل زَوْ ٍ ج مَكَا َ ن زَوْ ٍ ج وَآَتَيْتُمْ
ِإحْدَاهُنَّ قِنْ َ طارًا َفَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيًْئا َأتَأْخُ ُ ذونَهُ بُهْتَانًا وَِإْثمًا مُِبينً ا}
.[ [النساء: ٢٠
أي إذا أراد أحدكم مفارقة زوجته، والزواج من غيرها، فما له
أن يسترد من مهرها شيًئا، ولو كان قنطارًا من المال. وقوله تعالى:
تكريم المرأة في الإسلام ١٥
{وَ َ كيْفَ تَأْخُ ُ ذونَهُ وََقدْ َأْفضَى بَعْضُكُمْ ِإَلى بَعْ ٍ ض وََأخَذْ َ ن مِنْ ُ كمْ مِيَثاًقا
َ غلِيظًا} [النساء: ٢١ ]. روي عن ابن عباس: أن المراد بذلك العقد
وعن ابن عباس أيضًا قال: إمساك بمعروف .« بين الزوج والزوجة »
استوصوا » : في خطبة حجة الوداع أو تسريح بإحسان. وقال
بالنساء خيرًا، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن
رواه مسلم". " « بكلمة الله
١٠ - ومن مظاهر تكريم المرأة تحريم المحارم من النسب، وما
تبعه من الرضاع: قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عََليْ ُ كمْ أُمَّهَاتُكُمْ
وَبَنَاتُ ُ كمْ وََأخَوَاتُ ُ كمْ وَعَمَّاتُ ُ كمْ وَخَاَلاتُكُمْ وَبَنَاتُ الَْأ ِ خ وَبَنَاتُ الُْأخْتِ
وَُأمَّهَاتُ ُ كمُ اللَّاتِي َأرْضَعْنَ ُ كمْ وََأخَوَاتُ ُ كمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَُأمَّهَاتُ ِنسَائِ ُ كمْ
وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُو ِ ر ُ كمْ مِنْ ِنسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَْلتُمْ ِب ِ هنَّ َفِإنْ َلمْ
تَ ُ كونُوا دَخَْلتُمْ ِب ِ هنَّ َفَلا جُنَاحَ عََليْ ُ كمْ وَحَلَائِلُ َأبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ
َأصَْلاِب ُ كمْ وََأنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ اْلُأخْتَيْ ِ ن ِإلَّا مَا َقدْ سََلفَ ِإنَّ اللَّهَ َ كا َ ن
.[ َ غُفورًا رَحِيمًا} [النساء: ٣٣
فتحريم هؤلاء على الرجال له حكم عظيمة، وأهداف سامية،
تقتضيها الفطرة، فتحريم نكاح الأختين مث ً لا يورث العداوة بين
الأخوات.
* * * *
١٦ تكريم المرأة في الإسلام
قوامة الرجل للتنظيم لا للاستبداد
كل نفس من بني آدم سيد، فالرجل سيد( ١) أهله، » : قال
صححه الألباني في صحيح الجامع". " « والمرأة سيدة بيتها
١- إن قوامة الرجل على المرأة قاعدة تنظيمية تستلزمها هندسة
اﻟﻤﺠتمع، واستقرار الأوضاع في الحياة الدنيا، فهي تشبه قوامة
الرؤساء وأولي الأمر، فإﻧﻬا ضرورة يستلزمها اﻟﻤﺠتمع الإسلامي
والبشري، ويأثم المسلم بالخروج عليهما مهما يكن من فضله على
الخليفة المسلم في العلم، أو في الدين، إلا أن طبيعة الرجل تؤهله لأن
يكون هو القيم، فالرجل أقوى من المرأة وأجلد منها في خوض
معركة الحياة، وتحمل مسؤولياﺗﻬا، فالمشاريع الكبيرة يديرها الرجال،
والمعارك الحربية يقودها الرجال، ورئاسة الدولة العليا يضلطع ﺑﻬا
الرجال، وهكذا ترى الأمور الهامة يوفق فيها الرجال غالبًا، ويندر
أن تفلح امرأة إلا أن يكون من ورائها رجل يساعدها.
٢- إن النطاق الذي تشمله قوامة الرجال، لا يمس كيان المرأة
الرجال سادة » : ولا كرامتها، وهذا هو السر في أن الله تعالى لم يقل
وإنما اختار هذا اللفظ الدقيق {الرِّجَا ُ ل َقوَّامُو َ ن عََلى « على النساء
النِّسَاءِ} ليفيد بأﻧﻬم يقومون بالنفقة عليهن والذب عنهن؛ وشأن
القوامين أﻧﻬم يصلحون ويعدلون، لا أﻧﻬم يستبدون ويتسلطون.
". "انظر المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الجاهلية ص ١٣٠
١) المراد بالسيد هنا الزوج كما في قصة يوسف: {وََأْلَفيَا سَيِّدَهَا َلدَى الْبَا ِ ب}. )
تكريم المرأة في الإسلام ١٧
الرجال قوامون على النساء
١- قال الله تعالى: {الرِّجَا ُ ل َقوَّامُو َ ن عََلى النِّسَاءِ ِبمَا َفضَّ َ ل
اللَّهُ بَعْضَهُمْ عََلى بَعْ ٍ ض وَِبمَا َأنَْفقُوا مِنْ َأمْوَالِ ِ همْ َفالصَّالِحَاتُ قَاِنتَاتٌ
حَافِظَاتٌ لِلْغَيْ ِ ب ِبمَا حَفِ َ ظ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَاُفو َ ن نُشُوزَهُنَّ َفعِظُوهُنَّ
وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَا ِ ج ِ ع وَاضِْ ربُوهُنَّ َفِإنْ َأ َ طعْنَكُمْ َفَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ
.[ سَِبيلًا ِإنَّ اللَّهَ كَا َ ن عَلِيا َ كِبيرًا} [النساء: ٣٤
قال ابن كثير في تفسير الآية: الرجل رئيس المرأة وكبيرها
والحاكم عليها، ومؤدﺑﻬا إذا اعوجت، لأن الرجال أفضل من النساء،
والرجل خير من المرأة، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك
لن يُفلح قوم ولَّوا أمرهم » : الملك الأعظم لقول الرسول
رواه البخاري". وكذا منصب القضاء ( ١) وغير ذلك. " « امرأة
٢- وقوله تعالى: {وَِبمَا َأنَْفقُوا مِنْ َأمْوَالِ ِ ه مْ} أي من المهور
والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه
ولما كان الرجل أفضل من المرأة ناسب أن يكون قيمًا عليها، ،
كما قال تعالى: {وَلِلرِّجَا ِ ل عََليْ ِ هنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: ٢٢٨ ]. وعليها
أن تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته، وطاعته: أن تكون محسنة
لأهله، حافظة لماله. فالصالحات من النساء قانتات مطيعات
لأزواجهن، تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله.
١) لأن هذه المناصب تتنافي مع فطرﺗﻬا وعملها الأساسي: وهو الحمل والإنجاب، )
ورعاية البيت، وتربية الأولاد، وإعداد الجيل المسلم المدافع عن دينه ووطنه.
١٨ تكريم المرأة في الإسلام
علاج المرأة العاصية لزوجها
١- قال الله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَاُفو َ ن نُشُوزَهُنَّ َفعِظُوهُن }
[النساء: ٣٤ ]. أي والنساء اللاتي تتخوفون أن ينشزن على
أزواجهن، والمرأة الناشزة: المترفعة على زوجها، الناكرة لأمره،
المعرضة عنه، المبغضة له، فمتى ظهر له منها أمارات النشوز،
فليعظها، وليخوفها عقاب الله في عصيانه، فإن الله قد أوجب حق
الزوج عليها وطاعته، وحرم عليها معصيته، لما له عليها من الفضل
لو كنت آمرًا أحدًا أن » : والإفضال، وقد قال رسول الله
صحيح رواه " « يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجه ا
الترمذي".
إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه، » : وقال
رواه البخاري". " « لعنتها الملائكة حتى تصبح
إذا باتت المرأة هاجرة( ١) فراش زوجها لعنتها » : وقال
رواه مسلم". " « الملائكة حتى تصبح
٢- وقوله تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَا ِ ج ِ ع}.
قال ابن عباس: الهجر: هو ألا يجامعها ويضاجعها على
فارشها، ويوليها ظهره، ولا يكلمها مع ذلك.
وعن ابن عباس: يعظها، فإن هي قبلت، وإلا هجرها في
المضجع، ولا يكلمها من غير أن يرد نكاحها، وذلك عليها شديد.
١) عصيان المرأة لزوجها، ولا سيما إذا طلبها للجماع خطر على المرأة؛ لأن ذلك قد )
يؤدي إلى وقوع زوجها في الزنا، أو بتركها والزواج من غيرها.
تكريم المرأة في الإسلام ١٩
٣- وقوله تعالى: {وَاضِْ ربُوهُنَّ}.
أي إذا لم يرتدعن بالموعظة ولا بالهجران، فلكم أن تضربوهن
ضربًا غير مُبرَّح، قال الحسن البصري: يعني غير مؤثر.
قال الفقهاء: هو ألا يكسر فيها عضوًا، ولا يؤثر فيها شيًئا.
على الرجل إذا ضرب :« والقائل محمد بن جميل زينو » : أقول
: زوجته أن يجتنب الوجه لقول رسول الله
إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم » - أ
رواه أحمد وصححه الألباني في الصحيحة". " .« على صورته
رواه " .« إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه » - ب
مسلم".
إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، ولا تقل قبح الله » - ج
وجهك، ووجه مَن أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على
حسن رواه أحمد". " .« صورته
٤- وقوله تعالى: {َفِإنْ َأ َ طعْنَكُمْ َفَلا تَبْغُوا عََليْ ِ هنَّ سَِبيلًا}:
إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يُريده منها مما أباحه الله له
منها فلا سبيل له عليها بعد ذلك، وليس له ضرﺑﻬا ولا هجراﻧﻬا.
٥- وقوله تعالى: {ِإنَّ اللَّهَ كَا َ ن عَلِيا( ١) َ كِبيرًا}:
ﺗﻬديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب، فإن الله العلي
الكبير وَليُّهن، وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن.
١) هذا دليل على علو الله فوق عرشه كما دلت عليه الآيات، والأحاديث الصحيحة. )
٢٠ تكريم المرأة في الإسلام
٦- التحكيم في الصلح أو الفراق: قال الله تعالى: {وَِإنْ خِ ْ فتُمْ
شِقَاقَ بَيِْن ِ همَا َفابْعَُثوا حَ َ كمًا مِنْ َأهْلِهِ وَحَ َ كمًا مِنْ َأهْلِهَا ِإ ْ ن يُ ِ ريدَا
.[ ِإصَْلاحًا يُوَفِّ ِ ق اللَّهُ بَيْنَهُمَا ِإنَّ اللَّهَ كَا َ ن عَلِيمًا خَِبيرًا} [النساء: ٣٥
بعد أن ذكر حال نفور الزوجة شرع بذكر حال نفور الزوجين،
وطلب حكمًا ثقة من أهل المرأة، وحكمًا ثقة من أهل الرجل،
ليجتمعا، فينظرا في أمرهما، ويفعلا ما فيه المصلحة مما يريانه من
التفريق، أو التوفيق.
وتشوف الشارع إلى التوفيق بين الزوجين فقال: {ِإ ْ ن يُ ِ ريدَا
ِإصَْلاحًا يُوَفِّ ِ ق اللَّهُ بَيْنَهُمَا}. فينظر الحكمان، فإن كان الرجل هو
المسيء، حجبوا عنه امرأته، وقصروه على النفقة، وإن كانت المرأة
هي المسيئة قصروها على زوجها ومنعوها نفقة. "انظر تفسير ابن
كثير".
هذه بعض مظاهر تكريم المرأة في سورة النساء.
* * * *
تكريم المرأة في الإسلام ٢١
تكريم الإسلام للأم
١- قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وََلا تُشِْ ر ُ كوا ِبهِ شَيًْئا
.[ وَِبالْوَالِدَيْ ِ ن ِإحْسَانًا} [النساء: ٣٦
قال ابن عباس: يريد البر، برهما مع اللطف، ولين الجانب، فلا
يغلظ لهما في الجواب، ولا يحد النظر إليهما، ولا ير فع صوته
عليهما، بل يكون بين يديهما كالعبد بين يدي السيد تذل ً لا لهما.
٢ - وقال تعالى: {وََقضَى رَبُّكَ َألَّا تَعْبُدُوا ِإلَّا ِإيَّاهُ وَِبالْوَالِدَيْ ِ ن
ِإحْسَانًا ِإمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ َأحَدُهُمَا َأوْ كَِلاهُمَا َفَلا تَُق ْ ل َلهُمَا ُأفٍّ وََلا
تَنْهَرْهُمَا وَُق ْ ل َلهُمَا َقوًْلا َ ك ِ ريمًا * وَاخْفِضْ َلهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
.[٢٤ ، وَُق ْ ل رَبِّ ارْحَمْهُمَا َ كمَا رَبَّيَاِني صَغِيرًا} [الإسراء: ٢٣
لقد أمر الله تعالى بعبادته وحده في الآيتين، وقرن بعبادته البرَّ
بالوالدين، وهذا يدل على أهمية إكرام الأم والأب، وﻧﻬى الأولاد أن
يقولوا للوالدين قو ً لا سيًئا، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب
القول السيئ، ولا يجوز للأولاد أن ينهروهما، ويصدر منهم كلام
قبيح، بل على الأولاد أن يخاطبوا الوالدين بالرفق واللين، والقول
الحسن، ولا سيما الأم.
فقال: يا رسول الله، مَن أحقُّ جاء رجل إلى رسول الله
« أمك » : قال: ثم مَن؟ قال « أمك » : الناس بحسن صحابتي؟ قال
.« أبوك » : قال: ثم مَن؟ قال « أمك » : قال: ثم مَن؟ قال
أوصى بالأم ثلاث مرات، وهو فأنت ترى أن الرسول
تكريم للمرأة المسلمة.
٢٢ تكريم المرأة في الإسلام
حق الزوجة وحق الزوج
١- لقد كرم الإسلام الزوجة، وجعل لها حقوًقا، ولزوجها
يعلن ذلك في أكبر اجتماع، عليها حقوًقا، فهذا رسول الله
وذلك حينما خطب الناس في حجة الوداع، وفي عرفات، فكان مما
في خطبته: قاله
فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، » -٢
واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم
أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك، فاضربوهن ضربًا غير مُبرَّح
(شديد)، ولهن عليكم رزقهن وكسوﺗﻬن بالمعروف. وقد تركت
فيكم ما – لن تضلوا بعده – إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم
تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأدَّيت
ونصحت. فقال: بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها
أخرج الخطبة " «( (يميلها) إلى الناس: اللهم اشهد (ثلاث مرات
مسلم عن جابر".
* * * *
تكريم المرأة في الإسلام ٢٣
من فوائد الخطبة العظيمة
١- فيها الحث على مراعاة حق النساء، والوصية ﺑﻬن،
ومعاشرﺗﻬن بالمعروف، وقد جاءت أحاديث كثيرة تبين حقوق
النساء، وتحذر من التقصير في ذلك.
٢ - استحلال فروج النساء بالزواج الشرعي، كقول الله تعالى :
.[ {َفانْكِحُوا مَا طَابَ َل ُ كمْ مِنَ النِّسَاءِ مَْثنَى وَُثلَا َ ث وَرُبَاعَ} [النساء: ٣
٣- لا يجوز للزوجة إدخال أحد يكرهه الزوج في بيته، سواء
كان رج ً لا أجنبيًا، أو امرأة، أو أحدًا من محارم الزوجة، فالنهي
يتناول جميع ذلك كما ذكره النووي.
٤- يجوز للرجل أن يضرب زوجته – إذا خالفته فيما تقدم –
ضربًا ليس بشديد، ولا سيما الابتعاد عن ضرب الوجه، أو تقبيحه،
فإنه من خلق الله، ولأن فيه السمع والبصر، وقد يتضرر بالضرب.
قد بّلغ الرسالة، ٥- شهادة الصحابة على أن الرسول
وأدى الأمانة، ونصح الأمة.
٦- فيها الدليل الواضح على عُلو الله على عرشه، حيث رفع
أصبعه إلى السماء ليُشهد الله على أنه بلَّغ الرسالة. الرسول
وهناك آيات كثيرة، وأحاديث صريحة تثبت أن الله على
السماء، وهو قول الأئمة الأربعة وغيرهم، ومن الخطأ قول بعض
الناس: إن الله في كل مكان! لأن هناك أماكن نجسة، وقذرة
يستحيل أن يكون الله فيها، كالحمامات وغيرها.
٢٤ تكريم المرأة في الإسلام
وإذا قلنا: إن الله معنا في كل مكان بعلمه يسمعنا ويرانا،
فهذا صحيح، لأن الله تعالى يقول لموسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا
.[ أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٦
* * * *
تكريم المرأة في الإسلام ٢٥
الحكمة في خلق الرجل والمرأة
١- خلق الله الخلائق على اختلافها من الإنس والجن لهدف
عظيم، وهو العبادة، ولتحقيق العبودية لله تعالى وحده دون غيره من
المخلوقات. قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالِْإنْسَ ِإلَّا
.[ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦
٢ - وقد خلق الله الناس من ذكر وأنثى، وميَّز ك ً لا منهما
بخصائص تختلف عن غيره في طبيعته، وطاقته، وقدرة تحمله؛ ومن ثم
فالمهام الملقاة على أحدهما تختلف عن الآخر بشكل متناسب، ومتناسق،
فلم يكن ذلك اعتبا ً طا؛ وإنما على علم ودراية، ذلك هو الخالق سبحانه
.[ وتعالى:{َأَلا يَعَْلمُ مَنْ خََلقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَِبيرُ} [الملك: ١٤
٣- فكان من مهمة الرجل طلب العيش والرزق، والبحث
عنه، والإنفاق على الزوجة والأسرة، وهذا ما لا تستطيعه المرأة
على الوجه الأكمل وكان من مهمة المرأة أن تستقبل ذلك الزوج
المتعب من طلب الرزق، فتُذهب عنه العناء، وتمسح عنه التعب،
وتكون له راحة وتشجيعًا، قال الله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ
لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً
.[ وَرَحْمَةً ِإنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم : ٢٤
والمرأة وسيلة لإنجاب الأولاد، تربيهم التربية الصحيحة، في حين
يكون الرجل خارج البيت.
٤- ومن هذه المهام ما لا يستطيع الرجل أن يقوم ﺑﻬا على
الوجه الأكمل كالغسيل والطبخ، ومنها ما لا يستطيع القيام ﺑﻬا أبدًا
٢٦ تكريم المرأة في الإسلام
كالحمل والإرضاع؛ فمثل الرجل والمرأة كمثل الليل والنهار، لكل
واحد منهما دوره ومهمته، فالنهار للإبصار والتحرك والعمل
والنشاط، فيكون فيه طلب الرزق والكسب من أجل الإنفاق، وهذا
ينطبق على الرجل.
وأما الليل فهو للسكن، والهدوء، والنوم، والاستقرار، وهذا
ينطبق على المرأة، وقد ذكرت قبل قليل الآية التي تشير إلى هذا
العمل.
٥- إذن فالرجل والمرأة لكل واحد منهما دوره في الحياة،
فلا يحاول أحد منهما أن يقوم بمهام الآخر، فإن ذلك لن يكون،
وإذا حصل فتكون النتائج عكسية وسلبية، إما عليهما، أو على
أولادهما، أو على اﻟﻤﺠتمع، ذلك لأﻧﻬا تجري على عكس ما فُطرت
وجُبلت عليه المرأة، والرجل كذلك، قال الله تعالى: {فِطْرَةَ اللَّهِ
الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
.[ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: ٣٠
[ان ظ ر كتاب المرأة في الإسلام للشيخ فيصل المولوي]
* * * *
تكريم المرأة في الإسلام ٢٧
سبب اختلاف الرجل عن المرأة
ومن اختلاف وظيفة الرجل ومهامّه عن وظيفة المرأة ومهامه ا
ترتيب اختلاف في الأحكام الشرعية:
١- الشهادة: اشترط الإسلام لهذه المسألة رجلين، فإن لم يكن
فرجل وامرأتان كما قال الله تعالى: {َفرَجُلٌ وَامْرََأتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْ َ ن
مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢ ]. ليس امتهانًا، أو احتقارًا للمرأة، وإنما
بحكم فطرﺗﻬا، قليلة الاهتمام بأمور الجرائم، أو البيع والشراء
والمداينات وما سواها؛ فقد لا تنتبه، أو تنسى بحكم اشتغالها في تربية
الأولاد، وتدبير المنزل، وغير ذلك من الأمور المهمة، أضف إليها م ا
تقوم به من الرضاع وما ينتاﺑﻬا من الحيض والنفاس، وغيرها.
فإن كانت معها واحدة ُأخرى تذكرها فيكون ذلك أثبت
للحق، وأدفع للظلم، فذلك قوله تعالى: {َأ ْ ن تَضِلَّ ِإحْدَاهُمَا َفتُ َ ذكِّرَ
ِإحْدَاهُمَا اْلُأخْرَى} [البقرة: ٢٨٢ ]. فشهادة المرأة قبلها الإسلام، ولم
يرفضها، على أن يصحبها شهادة امرأة ثانية تذكرها إن نسيت، أو لم
تنتبه إحقاًقا للحق، ودفعًا للظلم.
٢- الميراث: فقوله تعالى: {لِلذَّ َ ك ِ ر مِثْ ُ ل حَظِّ الْأُنَْثيَيْ ِ ن}
[النساء: ١١ ]. ليس هدرًا لحقوق المرأة، وحاشاه، بل حفا ً ظا عليه ،
ذلك أن المرأة أخذت حقها من الميراث، وأخذ الرجل ضعف م ا
أخذت، لأنه مكلف بالإنفاق عليها، ودفع المهر لها، ودفع النفقة
للمعتدة، وهي غير مكلفة بذلك؛ فاختلاف نصيبها في الميراث عن
نصيب الرجل إنما هو نتيجة لاختلاف وظيفتها عن وظيفة الرجل،
وليس انتقاصًا لقحها، أو كرامتها.
٢٨ تكريم المرأة في الإسلام
٣- الدية: في القتل غير العمد، فإن من الحكمة أن يفرض
الإسلام دية الرجل، ضعف دية المرأة، لأن المقتول حينم ا يكون
رج ً لا، فقد خسرت عائلته رج ً لا كان ينفق عليها، فتأخذ عائلته الدية
ضعف ما إذا خسرت امرأة غير مكلفة بالإنفاق، بل هي يُنَفقُ عليها،
فكان اختلاف الدية باختلاف الوظيفة بين الرجل والمرأة.
٤- رئاسة الدولة والإمارة: إن من خصائص رئيس الدولة، أو
الأمير في الإسلام أن يكون إمامًا في الصلاة، وقائدً ا عسكريً ا في
الحرب، والمرأة لا تستطيع، ولا يمكنها أن تقوم بمثل هذه المهام لفطرﺗﻬا
التي تغلب عليها العاطفة، ولضعف جسمها، ومروره ا في فترات
حمل، وطمث وغير ذلك من الظروف التي تمر ﺑﻬا المرأة دون الرجل،
فض ً لا عن عدم جواز الإمام في الصلاة لها (لما فيه من الفتنة).
[انظر كتاب المرأة في الإسلام للشيخ فيصل مولوي].
٥- الطلاق: فالزوج الرجل هو الذي يُنفق المال في دفع المهر
للزوجة، وهو الذي يدفع النفقة في مدة العدة، وهو بمقتضى رجاحة
عقله، ومزاجه، يكون أصبر من المرأة على ما يكره، فلا يسارع إلى
الطلاق لأدنى غضب يحصل له؛ ولو كان الطلاق من حق الرجل
والمرأة سواء لكثر الطلاق إلى أضعاف، كما حصل في بلاد الإفرنج.
لذلك ومن أجل هذه الأسباب المتقدمة جعل الإسلام الطلاق
من حق الرجل وحده.
"انظر كتاب فقه السنة للسيد سابق".
تكريم المرأة في الإسلام ٢٩
يقول محمد بن جميل زينو: الطلاق في الحقيقة إنما هو نعمة وتكريم
للمرأة المسلمة، حيث يخلصها من حياة نكدة، أو من زوج ظالم، أو لا
يعدل، أو لا يقيم أركان الإسلام، أو لدوام شقاق بين الزوجين، رغم
تدخل الأقرباء من الطرفين، أو لعدم وجود الحب بين الزوجين، أو غير
ذلك من الأسباب التي يتعذر الحياة معها، ولا يكون إلا بالفراق والطلاق،
وقد جعل الإسلام الطلاق على مراحل. قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ
.[ َفِإمْسَاكٌ ِبمَعْرُوفٍ َأوْ تَسرِْيحٌ ِبِإحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩
ففي الطلقة الأولى يحق للزوج أن يراجع زوجته، وتعود إليه، وفي
المرة الثانية أيضًا، أما في الطلقة الثالثة فتحرم عليه، حتى تتزوج، ثم
يطلقها زوجها، فيحق للزوج الأول أن يجدد الزواج بعقد جديد.
* * * *
٣٠ تكريم المرأة في الإسلام
حجاب المرأة المسلمة
١- قال الله تعالى: {يَا َأيُّهَا النَّبِيُّ ُق ْ ل لِأَزْوَا ِ جكَ وَبَنَاتِكَ وَِنسَاءِ
الْمُؤْمِِنينَ يُدِْنينَ عََليْ ِ هنَّ مِنْ جََلاِبيِب ِ هنَّ َ ذلِكَ َأدْنَى َأ ْ ن يُعْرَفْنَ َفَلا يُؤْ َ ذيْنَ
.[ وَكَا َ ن اللَّهُ َ غُفورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: ٥٩
٢ - وتحدث القرآن عن غطاء الرأس للمرأة، فقال بصيغة الأمر :
.[ {وَلْيَضِْ ربْنَ ِبخُمُ ِ رهِنَّ عََلى جُيُوِبِ هنَّ وََلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: ٣١
٣ - وقد ﻧﻬى عن التبرج بشتى صوره، فقال الله تعالى: {وََلا تَبَرَّجْنَ
.[ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ اْلُأوَلى} [الأحزاب: ٣٣
إن نساء الجاهلية كن يلبسن غطاء الرأس ويضربنه على ظهورهن
فتظهر أعناقهن، ونحورهن، وآذاﻧﻬن بالحلي والأقراط، فنهى الله تعالى
عن ذلك وأمر المؤمنات بسترها. وهذه شروط الحجاب:
١) استيعاب الحجاب لجميع بدن المرأة حتى الوجه. )
٢) ألا يكون الحجاب ضيًقا بحيث يصف ما تحته من سِمَن، )
وظهور ثدي وغيره.
٣) ألا يكون رقيًقا، فيصف، أو يشف ما تحته. )
من تشبه » : ٤) ألا يشبه لباس الكافرات لقول الرسول )
أخرجه أبو داود وصححه الألباني". " « بقوم فهو منهم
٥) ألا يشبه ملابس الرجال للنهي الوارد عن ذلك في )
الأحاديث.
٦) ألا يكون زاهيًا، أو ملونًا يجذب الأنظار، وأفضله الأسود. )
تكريم المرأة في الإسلام ٣١
لباس الرجل والمرأة
من جرَّ ثوبه خُيَلاء لم ينظر الله إليه يوم » : قال الرسول
القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: يُرخين
شبرًا، قالت: إذن تنكشف أقدامُهن، قال: يُرخين ذراعًا، ثم لا
رواه الترمذي وقال: حسن صحيح". " « يزدن
يستفاد من الحديث:
١- أن لباس المرأة يجب أن يكون عريضًا طوي ً لا يغطي القدمين،
أن يقصروا الثياب إلى نصف بعكس الرجال الذين أمرهم الرسول
ما أسفل من الكعبين » : الساق، ولا يزيدون على الكعبين لقوله
رواه البخاري". " .« من الإزار ففي النار
وفي عصرنا انعكس الأمر، فأصبح الرجال يطيلون ثياﺑﻬم أسفل
الكعبين، ويتعرضون لدخول النار، وأصبح النساء يقصرن فوق
الكعبين، ويتعرضن ﺑﻬذا العمل وغيره لحرماﻧﻬن من دخول الجنة كما
ونساء كاسيات عاريات، مميلات » : بقول أخبر بذلك الرسول
مائلات، رؤوسهن كأسمنة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن
رواه مسلم". " .« ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسافة كذا وكذا
والمعنى أن المرأة التي تكشف ساقها، أو شيًئا من جسمها، أو
تلبس الثياب الشفافة، أو تتمايل في مشيتها، وشعرها مرتفع كأنه سَنم
جمل لا تدخل الجنة حتى تلقي جزاءها.
٣٢ تكريم المرأة في الإسلام
٢- إذا كان قدّم المرأة لا يجوز كشفه، فوجهها بالأولى، لأﻧﻬ ا
تعرف به، وفيه الفتنة أكثر، وسفور المرأة تقليد للكفار والأجانب،
صحيح رواه " .« من تشبه بقوم فهو منهم » : وتشبه ﺑﻬم: وفي الحديث
أبو داود".
وليت المسلمين قلدوا الكفار في المخترعات النافعة كصنع
الدبابات والطائرات وغيرها مما يفيد الأمة ولكن كما قال الشاعر:
قلَّدوا الغربيَّ، لكن بالفجور
وعن اللُّب استعاروا بالقشور
لا » : ٢- وتغطية وجه المرأة مستفاد أيضًا من قول الرسول
رواه البخاري". " .« تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين
النقاب: هو غطاء الوجه الذي تشده المرأة على وجهها.
القفازين: ما تغطي المرأة ﺑﻬما كفيها ويسمى بالكفوف.
ومفهوم الحديث: أن المرأة غير المحرمة تضع النقاب على وجهها
وتلبس الق فازين.
* * * *
تكريم المرأة في الإسلام ٣٣
الحجاب تكريم وحفظ للمرأة
١- لقد كرم الإسلام المرأة، وفرض عليها الحجاب ليحفظها من
الأشرار وأعين الناس، ويحفظ اﻟﻤﺠتمع من سفورها.
٢- الحجاب يُبقي المودة بين الزوجين، فالرجل عندما يرى امرأة
أجمل من امرأته تسوء العلاقة بينهما، وربما يؤدي ذلك إلى الفراق
والطلاق، بسبب هذه المرأة السافرة التي فتنت الزوج، فلم يعد تعجبه
زوجته.
٣- المرأة المسلمة في نظر الإسلام أشبه بالجوهرة النفيسة التي
يسعى صاحبها لإخفائها وسترها على أعين الناس.
٤- تقول المستشرقة (فرانسواز ساجان): أيتها المرأة الشرقية، إن
الذين ينادون باسمك، ويدعون إلى خلع حجابك ومساواتك بالرجل،
إﻧﻬم يضحكون عليك، فقد ضحكوا علينا من قبل.
٥- ويقول (فون هرمر): الحجاب هو وسيلة الاحتفاظ بما يجب
للمرأة من الاحترام والمكانة الشيء الذي تغبط عليه.
* * * *
٣٤ تكريم المرأة في الإسلام
تعدد الزوجات تكريم للمرأة
١- إن الإسلام الحكيم الذي أباح تعدد الزوجات، هو في
مصلحة النساء قبل الرجال، حتى يكفل للبنات والأرامل العيش
السعيد في بيوت أزواجهن. بد ً لا من أن يكن عالة في بيوت من
يعولهن كالأخ والولد، وغيرهما.
٢- إن الدعوة إلى عدم تعدد الزوجات يسبب قلة النسل الذي
يسعى إليه أعداء الإسلام لتقليل عددهم، والسيطرة عليهم، كما أنه
يسبب كثرة العوانس في البيوت مما يعرضهن للفتنة والفساد والزنا،
لأن النساء أكثر عددًا من الرجال حسب الإحصاء، ولا سيما حينما
يتعرض الرجال للقتل في المعارك والحروب، ولذلك قامت مظاهرة
نسائية في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى يطالبن بتعدد الزوجات.
٣- إن تعدد الزوجات يوافق هذا الزمن، لأن الأمم ينظر إليه ا
بعدد نفوسها، وكلما ازداد عددهم قويت شوكتهم، وبما أن الحروب
في فلسطين، والعراق، والبوسنة والهرسك، وكشمير، وأفغانستان
وغيرها من البلاد الإسلامية سببت قلة الرجال، وكثرة الأرامل اللواتي
فقدن أزواجهن، فإن الإسلام يريد من المسلمين ألا يتركوا هؤلاء
للجوع والفتنة والفساد فسمح بتعدد الزوجات.
٤- تقول الزعيمة العالمية (أني بيزانت): متى وزن ا الأمور
بقسطاس العدل المستقيم ظهر لنا أن تعدد الزوجات الإسلامي أرجح
تكريم المرأة في الإسلام ٣٥
وزنا من البغاء الغربي الذي سمح أن يتخذ الرجل امرأة لمحض إشباع
شهوته، ثم يقذف ﺑﻬا إلى الشارع متى قضى منها أوطاره.
أقول هذه شهادة امرأة كافرة على حسن تعدد الزوجات،
والفضل ما شهدت به الأعداء.
* * * *
٣٦ تكريم المرأة في الإسلام
المرأة سلاح ذو حدين
١- لقد حاول أعداء الإسلام في كل عصر من العصور إبعاد
المسلمين عن دينهم بوسائل متعددة لا تحصى، وكانت إحدى أهم
هذه الوسائل المستهدفة هي المرأة المسلمة، لأﻧﻬا نصف اﻟﻤﺠتمع، ووليدة
النصف الثاني (من الذكور) ومربيته، فبصلاحها يصلح اﻟﻤﺠتمع،
وبفسادها يفسد اﻟﻤﺠتمع وينحل، فلذلك نرى أﻧﻬم وضعو ا كل
جهودهم وأفكارهم الشيطانية مستخدمين وسائل الإعلام كالتلفاز،
والفيديو، والدش وغيرها من الوسائل التي وضعوا فيها أفلامًا خليعة
تفسد المرأة المسلمة.
٢- وقد استطاع شياطين الغرب بمساعدة شياطين الشرق إفساد
المرأة المسلمة، فسلخوها من حجاﺑﻬا وعفتها وكرامتها، وأدخلوه ا
جميع ميادين العمل، وجعلوا منها دعايات لتصريف منتجاﺗﻬم،
فأصبحت المرأة المسلمة بعيدة عن دينها وحجاﺑﻬا، ففسدت الأسرة
وفسد اﻟﻤﺠتمع بفسادها، فانحجب نصر الله عن هذه الأمة، ونزل ﺑﻬ ا
سخطه وغضبه، وأصبحنا أذل أمة بعد أن كنا أعز ُأمة، وصدق أمير
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، » : المؤمنين عمر بن الخطاب حين قال
.« ولو ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله
٣ - وكذلك لا ننسى أن انحراف المرأة، والانحراف بالمرأة كان
السبب الأول في أن حضارات قديمة اﻧﻬارت وتمزقت كل ممزق، ونزل ﺑﻬا
.( العقاب الإلهي كالأوجاع والأمراض الفتاكة وغيرها من الممالك( ١
.٣٦- ١) انظر كتاب الحجاب للمودودي صفحة ٨ )
تكريم المرأة في الإسلام ٣٧
٤- أما في عصرنا الحاضر، فلا زلنا نسمع عن البراكين التي
هددت سكان إحدى المدن الإيطالية المشهورة بالفساد والدعارة،
ونوادي المرأة، وإذا انتقلنا إلى البلاد الإسلامية لرأينا كيف أن غضب
الله عز وجل وسخطه قد نزل في هذه البلاد بسبب الفساد والانحلال،
وانتشار الزنا والفاحشة؛ فكثرت بسبب ذلك الزلازل والفتن وغيرها
من أنواع العذاب والهلاك والحروب المدمرة، ولن يرفع الله عن ا
العذاب إلا بالتوبة والرجوع إلى الله.
٥- إن المرأة تملك مجموعة من المواهب العظيمة الجديرة بأن تبني
ُأمة، لو قامت بواجبها في تربية الأولاد الذين يتكون منهم اﻟﻤﺠتمع،
كما أﻧﻬا تستطيع أن ﺗﻬدم ُأمة إذا فسدت أخلاقها، وتركت الواجبات
إن الدني ا حلوة » : الملقاة على عاتقها، لذلك قال رسول الله
خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقو ا
« الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء
"رواه مسلم".
ما تركت فتنة بعدي في الناس َأضرَّ على الرجال » : وقال
رواه البخاري". " « من النساء
٦- إن المرأة هي نصف الأمة، ثم هي تلد لنا النصف الآخر، فهي
ُأمة بأسرها.
* * * *
٣٨ تكريم المرأة في الإسلام
فساد المرأة والرجل
لقد تفنن أعداء الإسلام في إفساد المرأة المسلمة بوسائل وأساليب
عديدة لا يمكن حصرها، وجميعها مخططة ومدروسة لإفساد المرأة
المسلمة وسلخها من دينها وأخلاقها وعفتها، فكانت الأزياء
والموديلات المكشوفة إحدى هذه الوسائل الفتاكة، إﻧﻬم يعلمون جيدًا
ميول المرأة إلى اقتناء الفساتين المكشوفة، والكوفيرات، وأدوات الزينة
المتنوعة، لفتنة الرجال في المعامل والمصانع والمتاجر التي دخلتها المرأة
باسم العمل والتقدم والرقي والحضارة الزائفة.
فالمرأة حينما تذهب إلى وظيفتها، فلا بد لها – حسب العادة –
من أنواع الألبسة الجذابة، والموديلات المتعددة، والتسريحات المختلفة،
وغيرها من أنواع الزينة التي تتغير وتتبدل، وهذا ما يدفعها لصرف
مرتبها الشهري لتظهر بمظهر أنيق وجذاب، علمًا بأن أكثر الملابس
وأنواع الزينة مستوردة من البلاد الأجنبية الموالية للصهيونية لتمده ا
بالمال للقضاء على المسلمين، فوقع المسلمون في الخسارة المادي ة،
والخسارة الأخلاقية، والتشبه بالكفرة، وصدق فيهم قول الرسول
لتركبن سَنن مَن كان قبلكم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى » :
لو أن أحدهم دخل جُحر ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدهم جامع
.« امرأته بالطريق لفعلتموه
"صححه الألباني في الصحيحة وصحيح الجامع".
ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من » : وقوله
متفق عليه". " « النساء
تكريم المرأة في الإسلام ٣٩
مسؤولية المرأة المسلمة
١- لقد كرم الإسلام المرأة، وألزمها بعمل عظيم
في بيتها، وهو تربية أولادها التربية الصالحة، فمن يدري؟ فلعل
هذا الطفل الذي تربيه يكون له مستقبل عظيم، فقد يكون رئيس
دولة، أو قائد جيش، أو أي عمل كبير يتوقف عليه صلاح اﻟﻤﺠتمع
إن المرأة التي ﺗﻬز السرير لطفله ا » : بأكمله، ولهذا قال أحد الحكماء
.« بيمينها، ﺗﻬز العالم بأسره
وصدق الشاعر حين قال:
الأُم مدرسة إذا أعددﺗﻬا
أعددت شعبًا طيّب الأعراق
فعمل المرأة في بيتها مهم جدًا إذا قامت بتربية أولادها التربية
الصالحة وهو عمل فطري عند المرأة تميل إليه، وتحب القيام به.
٢- تدبير المنزل: المرأة هي سيدة بيتها، فهي مسؤولة عنه، تسعى
لتحسينه، وﺗﻬيئة جميع الوسائل لجعله مأوى يأوي إليه الزوج فينسى
أتعابه، وقد قدم لزوجته ما يحتاج إليه البيت من نفقات متعددة،
وأراحها من عناء طلب الرزق الذي لا تستطيعه المرأة.
فالرجل عليه مسؤولية، والمرأة عليها مسؤولية، كل حسب
كلكم » : حين قال اختصاصه وفطرته وميوله، وصدق رسول الله
راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن
رعيته، والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة
متفق عليه". " « راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها
٤٠ تكريم المرأة في الإسلام
نتائج عمل المرأة خارج البيت
لقد كان لعمل المرأة خارج بيتها نتائج سيئة على نفسها وأسرﺗﻬا
واﻟﻤﺠتمع ومنها:
١- مزاحمة الرجال يوميًا في الحافلات والعمل، وقد تتعرض
للإرهاق والتعب، والخطورة أحيانًا بسبب الازدحام والعمل،
فيفقدها بعض أنوثتها وجمالها.
٢- إن عمل المرأة خارج البيت يشغلها عن واجباﺗﻬا المنزلية،
وتربية أولادها، وقد يستاء الرجل من إهمالها، وقد يستاء الرجل من
إهمالها، فيضطر إلى طلاقها وفراقها، أو إلى الزواج من غيرها.
٣- قد يسبب العمل طلاقها، وهدم أسرﺗﻬا، وتشتيت أولاده ا
بسبب علاقتها مع رجل في العمل، لأن الشيطان يجري من ابن آدم
مجرى الدم.
٤- إن عمل المرأة يسبب فراقها لأولادها مما يفقدهم عاطفته ا
وتربيتها لهم، وقد يسبب انحرافهم وشذوذهم مما يدفعهم إلى الجرائم،
كما أوضحت تلك النتائج في اﻟﻤﺠتمعات الغربية.
٥- ومن النتائج السيئة أن الوظيفة قد تقضي على الطفل: فهذه
موظفة حان وقت دوامها، وولدها مريض، وهو ينادي ُأمه: إلى من
تتركيني وحدي في البيت؟ ولكن الأم كانت مضطرة للالتحاق
بعملها فتركته وهو يقول: أمي، أمي، بصوت خافت؟
تكريم المرأة في الإسلام ٤١
وحينما عادت الأم إلى البيت وجدت ولدها جثة هامدة قد
فارق الحياة، وحزنت وبكت على طفلها، وندمت على فعلها حيث
لا ينفع الندم، وقالت في نفسها:
ما هي الفائدة من هذه الوظيفة؟ بل ما الفائدة من المال الذي
يكون سببًا في موت طفلي، وهو أعز ما يملكه الإنسان؟
* * * *
٤٢ تكريم المرأة في الإسلام
المرأة سبب البطالة في اﻟﻤﺠتمعات الغربية
١- لقد دخلت المرأة جميع
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا
هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمدًا عبده ورسوله. أما بعد:
لقد كرم الإسلام المرأة بأن جعلها مربية الأجيال، وربط
صلاح اﻟﻤﺠتمع بصلاحها، وفساده بفسادها، لأﻧﻬا تقوم بعمل عظيم
في بيتها، ألا وهو تربية الأولاد الذين يتكوَّن منهم اﻟﻤﺠتمع، ومن
اﻟﻤﺠتمع تتكون الدولة المسلمة.
وبلغ من تكريم الإسلام للمرأة أن خصص لها سورة من القرآن
ولم يخصص للرجال سورة لهم، فدل ذلك « سورة النساء » سماها
على اهتمام الإسلام بالمرأة، ولا سيما الأم، فقد أوصى الله تعالى ﺑﻬا
بعد عبادته فقال عز وجل: {وََقضَى رَبُّكَ َألَّا تَعْبُدُوا ِإلَّا ِإيَّاهُ
أمانة وَِبالْوَالِدَيْ ِ ن ِإحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣ ]. وقد حملها الرسول
والمرأة راعية في بيت زوجها ....» : تربية الأولاد فقال مكرمًا لها
متفق عليه]. ] « وهي مسؤولة عن رعيتها
ومن أراد الزيادة عن تكريم الإسلام للمرأة، فليقرأ الكتاب.
والله أسأل أن ينفع به القراء، ويجعله خالصًا لله تعالى.
محمد بن جميل زينو
٦ تكريم المرأة في الإسلام
المرأة عند العرب في الجاهلية
١- لم يكن للمرأة حق الإرث، وكانوا يقولون في ذلك : لا
يرثنا إلا من يحمل السيف، ويحمي البيضة.
٢- لم يكن للمرأة على زوجها أي حق، وليس للطلاق عدد
محدود، وليس لتعدد الزوجات عدد معين، وكانوا إذا مات الرجل،
وله زوجة وأولاد من غيرها، كان الولد الأكبر أحق بزوجة أبيه من
غيره، فهو يعتبرها إرًثا كبقية أموال أبيه!.
كان الرجل إذا مات » : وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال
أبوه، أو حموه، فهو أحق بامرأته إن شاء أمسكها، أو يحبسها حتى
الصداق: المهر]. ] « تفتدي بصداقها، أو تموت فيذهب بمالها
٣- وقد كانت العدة في الجاهلية حو ً لا كام ً لا، وكانت المرأة
تحد على زوجها شرّ حداد وأقبحه، فتلبس شر ملابسها، وتسكن
شر الغرف، وتترك الزينة والتطيب والطهارة، فلا تمس ماء، ولا
تقلم ظفرًا، ولا تزيل شعرًا، ولا تبدو للناس في مجتمعهم، فإذا انتهى
العام خرجت بأقبح منظر، وانتن رائحة.
٤ - كان العرب في الجاهلية يُكرهون إماءهم على الزنا، ويأخذون
أجورهم: حتى نزل قول الله تعالى: {وََلا تُكِْ رهُوا َفتَيَاتِ ُ كمْ عََلى الْبِغَاءِ ِإ ْ ن
.[ َأرَدْ َ ن تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النور: ٣٣
٥- وكان عند العرب في الجاهلية أنواع من الزواج الفاسد
الذي كان يوجد عند كثير من الشعوب، ولا يزال بعضه إلى اليوم
في البلاد الهمجية:
تكريم المرأة في الإسلام ٧
أ- فمنها اشتراك الرهط من الرجال في الدخول على امرأة
واحدة، وإعطائها حق الولد تلحقه بمن شاءت منهم.
ب- ومنها نكاح الاستبضاع: وهو أن يأخذ الرجل لزوجه
أن تمكن من نفسها رج ً لا معينًا من الرؤساء المتصفين بالشجاعة،
ليكون لها ولد مثله!
ج- ومنها نكاح المتعة: وهو المؤقت، وقد استقر أمر الشريعة
على تحريمه، ويبيحه فِرَق الشيعة الإمامية.
د- ومنها نكاح الشغار: وهو أن يُزوجْ الرجل امرأة: بنته، أو
أخته، أو مَن هي تحت ولايته على أن يُزوجه أخرى بغير مه ر،
صداقُ كل واحدة بُضعُ الأخرى.
وهذان النوعان مبنيان على قاعدة اعتبار المرأة مل ً كا للرجل
يتصرف فيها كما يتصرف في أمواله وﺑﻬائمه.
ولا يزالان موجودين عند بعض الشعوب الهمجية كالغجر !!
وأما المرتقون من العرب كقريش، فكان نكاحهم هو الذي عليه
المسلمون اليوم من الخطبة، والمهر، والعقد، وهو الذي أقره
الإسلام، مع إبطال بعض العادات الظالمة للنساء فيه من استبداد في
تزويجهن كرهًا، أو عَضلهن – أي منعهن من الزواج – أو أكل
مهورهن، إلى غير ذلك.
كنا في » : يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
الجاهلية لا نعُد النساء شيًئا، فلما جاء الإسلام، وذكرهن الله رأينا
رواه البخاري". " .« لهن بذلك علينا حًقا
انظر كتاب المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الجاهلية.
٨ تكريم المرأة في الإسلام
وأد البنات في الجاهلية
كان العرب في الجاهلية يكرهون البنات، ويدفنوﻧﻬن في التراب
أحياء خشية العار، وقد أنكر الإسلام هذه العادة، وصورها القرآن
في أبشع صورة، فقال عن العرب في الجاهلية: {وَِإ َ ذا بُشِّرَ َأحَدُهُمْ
ِباْلُأنَْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الَْقوِْم مِنْ سُوءِ مَا
بُشِّرَ ِبهِ َأيُمْسِكُهُ عََلى هُونٍ َأمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَا ِ ب َأَلا سَاءَ مَا
.[ يَحْ ُ كمُو َ ن} [النحل: ٥٩
وقد بالغ الله سبحانه وتعالى في الإنكار عليهم في دفن البنات،
.[ فقال: {وَِإ َ ذا اْلمَوْءُودَُة سُئَِلتْ * ِبَأيِّ َ ذنْ ٍ ب قُتَِلتْ} [التكوير: ٩
* * * *
تكريم المرأة في الإسلام ٩
تكريم المرأة في الإسلام
١- لم يعتبر الإسلام المرأة مكروهة، أو مهانة، كما كانت في
الجاهلية، ولكنه قرر حقيقة تزيل هذا الهوان عنها: وهي أن المرأة
قسيمة الرجل لها ما له من الحقوق، وعليها أيضًا من الواجبات ما
يلائم تكوينها وفطرﺗﻬا، وعلى الرجل بما اختص به من الرجولة،
وقوة الجلد، وبسطة اليد، واتساع الحيلة، والصبر على التعب
والمكاره، أن يلي رياستها، فهو بذلك وليها يحوطها، ويذود عنها
بدمه، وينفق عليها من كسب يده.
٢- ومن مظاهر تكريم المرأة في الإسلام أن سواها بالرجل في
أهلية الوجوب والأداء، وأثبت لها حقها في التصرف، ومباشرة جميع
الحقوق كحق البيع، وحق الشراء، وحق الدائن، وحق التملك،
وغيرها.
٣- وقد كرم الإسلام المرأة، وذلك حينما أخبر الله تعالى في
القرآن بأن الله خلقنا من ذكر وأنثى، وجعل ميزان التفاضل العمل
الصالح والتقوى فقال عز من قائل: {يَا َأيُّهَا النَّاسُ ِإنَّا خََلقْنَا ُ كمْ مِنْ
َ ذ َ ك ٍ ر وَُأنَْثى وَجَعَلْنَا ُ كمْ شُعُوبًا وََقبَائِ َ ل لِتَعَارَُفوا ِإنَّ َأكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ
.[ َأتَْقا ُ كمْ ِإنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَِبيرٌ} [الحجرات: ١٣
٤- ومن مظاهر تكريم المرأة في الإسلام الاهتمام بتعليمها: عن
غلبنا عليك الرجال، » : أبي سعيد الخدري: قالت النساء للنبي
فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا لقيهن فيه، فوعظهن،
وأمرهن، فكان مما قال لهن: ما منكن امرأة تُقدم ثلاثة من ولدها
١٠ تكريم المرأة في الإسلام
إلا كان لها حجابًا من النار، فقالت امرأة : واثنين؟ فقال :
١) [معنى تُقدّم: تحتسب وترضى بموت أولادها]. )« واثنين
٥- ومن مظاهر تكريم الله للمرأة أن ذكرها بجانب الرجل قال
الله تعالى: {ِإنَّ الْمُسْلِمِينَ وَاْلمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَالْقَاِنتِينَ وَاْلَقاِنتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادَِقاتِ وَالصَّاِب ِ رينَ وَالصَّاِبرَاتِ
وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَاْلمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّ ائِمِينَ
وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ ُفرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِ ِ رينَ اللَّهَ َ كثِيرًا
.[ وَالذَّاكِرَاتِ َأعَدَّ اللَّهُ َلهُمْ مَغْفِرًَة وََأجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٣٥
* * * *
١) أخرجه البخاري ( ١٠١ ) باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم. )
تكريم المرأة في الإسلام ١١
سورة النساء تكريم للمرأة
لم يذكر الله تعالى في كتابه سورة الرجال، بل ذكر سورة
النساء، وهذا دليل على تكريم المرأة، وقد تحدثت السورة عن أمور
هامة تتعلق بالمرأة والأسرة والدولة واﻟﻤﺠتمع، وأن معظم السورة
تتحدث عن حقوق النساء، فلذلك سميت سورة النساء، والمتأمل
لهذه السورة الكريمة يرى فيها تكريمًا للمرأة.
١- خلق الله المرأة من ضلع الرجل، وبث منهما الرجال
والنساء:
قال الله تعالى: {يَا َأيُّهَا النَّاسُ اتَُّقوا رَبَّكُمُ الَّذِي خََلَقكُمْ مِنْ
نَفْ ٍ س وَاحِدَةٍ وَخََلقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا ِ رجَاًلا َ كثِيرًا وَِنسَا ءً}
[النساء: ١]. وهذه الآية جزء من خطبة الحاجة التي كان الرسول
يبدأ ﺑﻬا خطبه، وهي مهمة جدًا، ولا سيما للمتحدثين، والدعاة
والوعاظ.
٢- المحافظة على حقوق اليتامى من النساء:
قال الله تعالى: {وَِإنْ خِ ْ فتُمْ َألَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى َفانْكِحُوا مَا
طَابَ َل ُ كمْ مِنَ النِّسَاءِ مَْثنَى وَثُلَا َ ث وَرُبَاعَ َفِإنْ خِفْتُمْ َألَّا تَعْدُِلوا
.[ فَوَاحِدًَة َأوْ مَا مََل َ كتْ َأيْمَانُ ُ كمْ َ ذلِكَ َأدْنَى َألَّا تَعُوُلوا} [النساء: ٣
عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى: {وَِإنْ
خِ ْ فتُمْ َألَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} قالت: يا ابن أختي هذه اليتيمة
تكون في حجر وليها تُشركه في ماله، ويُعجبه مالها وجمالها، فيريد
١٢ تكريم المرأة في الإسلام
أن يتزوجها بغير أن يُقسط في صَداقها، فيُعطيها مثل ما يعطيها
غيره، فنُهوا أن ينكحوهن إلا أن يُقسطوا إليهن، ويبلغوا ﺑﻬن أعلى
سنتهن في الصداق، وُأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النس اء
سواهن.
قال عروة: قالت عائشة: ثم إن الناس استفتوا رسول الله
بعد هذه الآية فيهن، فأنزل الله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} قالت
عائشة: وقول الله في الآية الأخرى:{وَتَرْغَبُو َ ن َأ ْ ن تَنْكِحُوهُن }
رغبة أحدكم عن يتيمته إذا كانت قليلة المال والجمال، فنُهوا أن
ينكحوا مَن رغبوا في مالها وجمالها من النساء إلا بالقسط من أجل
رغبتهم عنهن إذا كن قليلات المال. "رواه البخاري".
٣- الاقتصار على زوجة واحدة إذا خاف عدم العدل :
لقول الله تعالى: {َفِإنْ خِ ْ فتُمْ َألَّا تَعْدِلُوا َفوَاحِدًَة َأوْ مَا مََل َ كتْ
َأيْمَانُ ُ كمْ} [النساء: ٣]. أي إن خفتم تعدد النساء أن لا تعدلوا،
فاقتصروا على واحدة، وهذا تكريم للمرأة.
٤- النساء لهن نصيب من الإرث:
قال الله تعالى: {لِلرِّجَا ِ ل نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ اْلوَالِدَانِ وَاْلَأْقرَبُو َ ن
وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ اْلوَالِدَانِ وَاْلَأْقرَبُو َ ن مِمَّا قَلَّ مِنْهُ َأوْ كَُثرَ
نَصِيبًا مَ ْ فرُوضًا} [النساء: ٧]. وكان الميراث في الجاهلية للذكور
دون الإناث.
تكريم المرأة في الإسلام ١٣
٥- التفاوت في الميراث بين الرجل والمرأة:
قال الله تعالى: {يُوصِي ُ كمُ اللَّهُ فِي َأوَْلادِ ُ كمْ لِلذَّ َ ك ِ ر مِثْلُ حَظِّ
اْلُأنَْثيَيْ ِ ن} [النساء: ١١ ]. أي يأمركم الله أن تقسطوا للذكر مثل
حصة البنتين، وذلك لأن الرجل هو الذي يُنفق على عياله، وهو
الذي يدفع المهر للمرأة.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان المال للولد، وكانت
الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل
حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السُدس والثلث،
وجعل للزوجة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع . "رواه
البخاري".
٦- المهر يدفعه الزوج للزوجة حسب الاتفاق:
قال الله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِ ِ هنَّ ِنحَْلًة َفِإنْ طِبْنَ َل ُ كمْ
.[ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَ ْ فسًا فَكُلُوهُ هَِنيًئا مَ ِ ريئًا} [النساء: ٤
عن ابن عباس: النحلة: المهر، وقيل فريضة مسماه، ولا ينبغي
تسمية المهر كذبًا بغير حق، وعلى الرجل أن يدفع المهر عن طيب
نفس، فإن طابت نفسها عن شيء منه بعد تسميته، فليأكله حلا ً لا
طيبًا.
٧- الأمر للأزواج أن يباشروا زوجاﺗﻬم بالمعروف:
قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ ِبالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩ ]. أي
طيَّبوا أقوالكم وحسّنوا أفعالكم وهيئاتكم حسب قدرتكم
١٤ تكريم المرأة في الإسلام
لزوجاتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت ﺑﻬا مثله، كما قال
.[ تعالى: {وََلهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عََليْ ِ هنَّ ِبالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨
خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم » : وقال الرسول
رواه الترمذي وصححه الألباني". " .« لأهلي
٨- على الزوج أن يحسن إلى زوجته، حتى في حالة كرهها:
قال الله تعالى: {َفِإنْ َ ك ِ رهْتُمُوهُنَّ َفعَسَى َأ ْ ن تَكْرَهُوا شَيًْئا وَيَجْعَ َ ل
اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا َ كثِيرًا} [النساء: ١٩ ]. أي فعسى إن صبرتم على
إمساكهن مع الكراهة فيه أن يكون في ذلك خير كثير لكم في الدنيا
والآخرة.
قال ابن عباس: هو أن يعطف عليها فيرزق منها ولدًا، ويكون
فيه خير كثير.
لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلًقا رضي » : وقال
رواه مسلم". "أي لا يبغضها بغضًا يؤدي إلى " « منها خُلًقا آخر
تركها".
٩- لا يجوز استرداد المهر بعد المفارقة:
قال الله تعالى: {وَِإنْ َأرَدْتُمُ اسْتِبْدَا َ ل زَوْ ٍ ج مَكَا َ ن زَوْ ٍ ج وَآَتَيْتُمْ
ِإحْدَاهُنَّ قِنْ َ طارًا َفَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيًْئا َأتَأْخُ ُ ذونَهُ بُهْتَانًا وَِإْثمًا مُِبينً ا}
.[ [النساء: ٢٠
أي إذا أراد أحدكم مفارقة زوجته، والزواج من غيرها، فما له
أن يسترد من مهرها شيًئا، ولو كان قنطارًا من المال. وقوله تعالى:
تكريم المرأة في الإسلام ١٥
{وَ َ كيْفَ تَأْخُ ُ ذونَهُ وََقدْ َأْفضَى بَعْضُكُمْ ِإَلى بَعْ ٍ ض وََأخَذْ َ ن مِنْ ُ كمْ مِيَثاًقا
َ غلِيظًا} [النساء: ٢١ ]. روي عن ابن عباس: أن المراد بذلك العقد
وعن ابن عباس أيضًا قال: إمساك بمعروف .« بين الزوج والزوجة »
استوصوا » : في خطبة حجة الوداع أو تسريح بإحسان. وقال
بالنساء خيرًا، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن
رواه مسلم". " « بكلمة الله
١٠ - ومن مظاهر تكريم المرأة تحريم المحارم من النسب، وما
تبعه من الرضاع: قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عََليْ ُ كمْ أُمَّهَاتُكُمْ
وَبَنَاتُ ُ كمْ وََأخَوَاتُ ُ كمْ وَعَمَّاتُ ُ كمْ وَخَاَلاتُكُمْ وَبَنَاتُ الَْأ ِ خ وَبَنَاتُ الُْأخْتِ
وَُأمَّهَاتُ ُ كمُ اللَّاتِي َأرْضَعْنَ ُ كمْ وََأخَوَاتُ ُ كمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَُأمَّهَاتُ ِنسَائِ ُ كمْ
وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُو ِ ر ُ كمْ مِنْ ِنسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَْلتُمْ ِب ِ هنَّ َفِإنْ َلمْ
تَ ُ كونُوا دَخَْلتُمْ ِب ِ هنَّ َفَلا جُنَاحَ عََليْ ُ كمْ وَحَلَائِلُ َأبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ
َأصَْلاِب ُ كمْ وََأنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ اْلُأخْتَيْ ِ ن ِإلَّا مَا َقدْ سََلفَ ِإنَّ اللَّهَ َ كا َ ن
.[ َ غُفورًا رَحِيمًا} [النساء: ٣٣
فتحريم هؤلاء على الرجال له حكم عظيمة، وأهداف سامية،
تقتضيها الفطرة، فتحريم نكاح الأختين مث ً لا يورث العداوة بين
الأخوات.
* * * *
١٦ تكريم المرأة في الإسلام
قوامة الرجل للتنظيم لا للاستبداد
كل نفس من بني آدم سيد، فالرجل سيد( ١) أهله، » : قال
صححه الألباني في صحيح الجامع". " « والمرأة سيدة بيتها
١- إن قوامة الرجل على المرأة قاعدة تنظيمية تستلزمها هندسة
اﻟﻤﺠتمع، واستقرار الأوضاع في الحياة الدنيا، فهي تشبه قوامة
الرؤساء وأولي الأمر، فإﻧﻬا ضرورة يستلزمها اﻟﻤﺠتمع الإسلامي
والبشري، ويأثم المسلم بالخروج عليهما مهما يكن من فضله على
الخليفة المسلم في العلم، أو في الدين، إلا أن طبيعة الرجل تؤهله لأن
يكون هو القيم، فالرجل أقوى من المرأة وأجلد منها في خوض
معركة الحياة، وتحمل مسؤولياﺗﻬا، فالمشاريع الكبيرة يديرها الرجال،
والمعارك الحربية يقودها الرجال، ورئاسة الدولة العليا يضلطع ﺑﻬا
الرجال، وهكذا ترى الأمور الهامة يوفق فيها الرجال غالبًا، ويندر
أن تفلح امرأة إلا أن يكون من ورائها رجل يساعدها.
٢- إن النطاق الذي تشمله قوامة الرجال، لا يمس كيان المرأة
الرجال سادة » : ولا كرامتها، وهذا هو السر في أن الله تعالى لم يقل
وإنما اختار هذا اللفظ الدقيق {الرِّجَا ُ ل َقوَّامُو َ ن عََلى « على النساء
النِّسَاءِ} ليفيد بأﻧﻬم يقومون بالنفقة عليهن والذب عنهن؛ وشأن
القوامين أﻧﻬم يصلحون ويعدلون، لا أﻧﻬم يستبدون ويتسلطون.
". "انظر المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الجاهلية ص ١٣٠
١) المراد بالسيد هنا الزوج كما في قصة يوسف: {وََأْلَفيَا سَيِّدَهَا َلدَى الْبَا ِ ب}. )
تكريم المرأة في الإسلام ١٧
الرجال قوامون على النساء
١- قال الله تعالى: {الرِّجَا ُ ل َقوَّامُو َ ن عََلى النِّسَاءِ ِبمَا َفضَّ َ ل
اللَّهُ بَعْضَهُمْ عََلى بَعْ ٍ ض وَِبمَا َأنَْفقُوا مِنْ َأمْوَالِ ِ همْ َفالصَّالِحَاتُ قَاِنتَاتٌ
حَافِظَاتٌ لِلْغَيْ ِ ب ِبمَا حَفِ َ ظ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَاُفو َ ن نُشُوزَهُنَّ َفعِظُوهُنَّ
وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَا ِ ج ِ ع وَاضِْ ربُوهُنَّ َفِإنْ َأ َ طعْنَكُمْ َفَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ
.[ سَِبيلًا ِإنَّ اللَّهَ كَا َ ن عَلِيا َ كِبيرًا} [النساء: ٣٤
قال ابن كثير في تفسير الآية: الرجل رئيس المرأة وكبيرها
والحاكم عليها، ومؤدﺑﻬا إذا اعوجت، لأن الرجال أفضل من النساء،
والرجل خير من المرأة، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك
لن يُفلح قوم ولَّوا أمرهم » : الملك الأعظم لقول الرسول
رواه البخاري". وكذا منصب القضاء ( ١) وغير ذلك. " « امرأة
٢- وقوله تعالى: {وَِبمَا َأنَْفقُوا مِنْ َأمْوَالِ ِ ه مْ} أي من المهور
والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه
ولما كان الرجل أفضل من المرأة ناسب أن يكون قيمًا عليها، ،
كما قال تعالى: {وَلِلرِّجَا ِ ل عََليْ ِ هنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: ٢٢٨ ]. وعليها
أن تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته، وطاعته: أن تكون محسنة
لأهله، حافظة لماله. فالصالحات من النساء قانتات مطيعات
لأزواجهن، تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله.
١) لأن هذه المناصب تتنافي مع فطرﺗﻬا وعملها الأساسي: وهو الحمل والإنجاب، )
ورعاية البيت، وتربية الأولاد، وإعداد الجيل المسلم المدافع عن دينه ووطنه.
١٨ تكريم المرأة في الإسلام
علاج المرأة العاصية لزوجها
١- قال الله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَاُفو َ ن نُشُوزَهُنَّ َفعِظُوهُن }
[النساء: ٣٤ ]. أي والنساء اللاتي تتخوفون أن ينشزن على
أزواجهن، والمرأة الناشزة: المترفعة على زوجها، الناكرة لأمره،
المعرضة عنه، المبغضة له، فمتى ظهر له منها أمارات النشوز،
فليعظها، وليخوفها عقاب الله في عصيانه، فإن الله قد أوجب حق
الزوج عليها وطاعته، وحرم عليها معصيته، لما له عليها من الفضل
لو كنت آمرًا أحدًا أن » : والإفضال، وقد قال رسول الله
صحيح رواه " « يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجه ا
الترمذي".
إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه، » : وقال
رواه البخاري". " « لعنتها الملائكة حتى تصبح
إذا باتت المرأة هاجرة( ١) فراش زوجها لعنتها » : وقال
رواه مسلم". " « الملائكة حتى تصبح
٢- وقوله تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَا ِ ج ِ ع}.
قال ابن عباس: الهجر: هو ألا يجامعها ويضاجعها على
فارشها، ويوليها ظهره، ولا يكلمها مع ذلك.
وعن ابن عباس: يعظها، فإن هي قبلت، وإلا هجرها في
المضجع، ولا يكلمها من غير أن يرد نكاحها، وذلك عليها شديد.
١) عصيان المرأة لزوجها، ولا سيما إذا طلبها للجماع خطر على المرأة؛ لأن ذلك قد )
يؤدي إلى وقوع زوجها في الزنا، أو بتركها والزواج من غيرها.
تكريم المرأة في الإسلام ١٩
٣- وقوله تعالى: {وَاضِْ ربُوهُنَّ}.
أي إذا لم يرتدعن بالموعظة ولا بالهجران، فلكم أن تضربوهن
ضربًا غير مُبرَّح، قال الحسن البصري: يعني غير مؤثر.
قال الفقهاء: هو ألا يكسر فيها عضوًا، ولا يؤثر فيها شيًئا.
على الرجل إذا ضرب :« والقائل محمد بن جميل زينو » : أقول
: زوجته أن يجتنب الوجه لقول رسول الله
إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم » - أ
رواه أحمد وصححه الألباني في الصحيحة". " .« على صورته
رواه " .« إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه » - ب
مسلم".
إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، ولا تقل قبح الله » - ج
وجهك، ووجه مَن أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على
حسن رواه أحمد". " .« صورته
٤- وقوله تعالى: {َفِإنْ َأ َ طعْنَكُمْ َفَلا تَبْغُوا عََليْ ِ هنَّ سَِبيلًا}:
إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يُريده منها مما أباحه الله له
منها فلا سبيل له عليها بعد ذلك، وليس له ضرﺑﻬا ولا هجراﻧﻬا.
٥- وقوله تعالى: {ِإنَّ اللَّهَ كَا َ ن عَلِيا( ١) َ كِبيرًا}:
ﺗﻬديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب، فإن الله العلي
الكبير وَليُّهن، وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن.
١) هذا دليل على علو الله فوق عرشه كما دلت عليه الآيات، والأحاديث الصحيحة. )
٢٠ تكريم المرأة في الإسلام
٦- التحكيم في الصلح أو الفراق: قال الله تعالى: {وَِإنْ خِ ْ فتُمْ
شِقَاقَ بَيِْن ِ همَا َفابْعَُثوا حَ َ كمًا مِنْ َأهْلِهِ وَحَ َ كمًا مِنْ َأهْلِهَا ِإ ْ ن يُ ِ ريدَا
.[ ِإصَْلاحًا يُوَفِّ ِ ق اللَّهُ بَيْنَهُمَا ِإنَّ اللَّهَ كَا َ ن عَلِيمًا خَِبيرًا} [النساء: ٣٥
بعد أن ذكر حال نفور الزوجة شرع بذكر حال نفور الزوجين،
وطلب حكمًا ثقة من أهل المرأة، وحكمًا ثقة من أهل الرجل،
ليجتمعا، فينظرا في أمرهما، ويفعلا ما فيه المصلحة مما يريانه من
التفريق، أو التوفيق.
وتشوف الشارع إلى التوفيق بين الزوجين فقال: {ِإ ْ ن يُ ِ ريدَا
ِإصَْلاحًا يُوَفِّ ِ ق اللَّهُ بَيْنَهُمَا}. فينظر الحكمان، فإن كان الرجل هو
المسيء، حجبوا عنه امرأته، وقصروه على النفقة، وإن كانت المرأة
هي المسيئة قصروها على زوجها ومنعوها نفقة. "انظر تفسير ابن
كثير".
هذه بعض مظاهر تكريم المرأة في سورة النساء.
* * * *
تكريم المرأة في الإسلام ٢١
تكريم الإسلام للأم
١- قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وََلا تُشِْ ر ُ كوا ِبهِ شَيًْئا
.[ وَِبالْوَالِدَيْ ِ ن ِإحْسَانًا} [النساء: ٣٦
قال ابن عباس: يريد البر، برهما مع اللطف، ولين الجانب، فلا
يغلظ لهما في الجواب، ولا يحد النظر إليهما، ولا ير فع صوته
عليهما، بل يكون بين يديهما كالعبد بين يدي السيد تذل ً لا لهما.
٢ - وقال تعالى: {وََقضَى رَبُّكَ َألَّا تَعْبُدُوا ِإلَّا ِإيَّاهُ وَِبالْوَالِدَيْ ِ ن
ِإحْسَانًا ِإمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ َأحَدُهُمَا َأوْ كَِلاهُمَا َفَلا تَُق ْ ل َلهُمَا ُأفٍّ وََلا
تَنْهَرْهُمَا وَُق ْ ل َلهُمَا َقوًْلا َ ك ِ ريمًا * وَاخْفِضْ َلهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
.[٢٤ ، وَُق ْ ل رَبِّ ارْحَمْهُمَا َ كمَا رَبَّيَاِني صَغِيرًا} [الإسراء: ٢٣
لقد أمر الله تعالى بعبادته وحده في الآيتين، وقرن بعبادته البرَّ
بالوالدين، وهذا يدل على أهمية إكرام الأم والأب، وﻧﻬى الأولاد أن
يقولوا للوالدين قو ً لا سيًئا، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب
القول السيئ، ولا يجوز للأولاد أن ينهروهما، ويصدر منهم كلام
قبيح، بل على الأولاد أن يخاطبوا الوالدين بالرفق واللين، والقول
الحسن، ولا سيما الأم.
فقال: يا رسول الله، مَن أحقُّ جاء رجل إلى رسول الله
« أمك » : قال: ثم مَن؟ قال « أمك » : الناس بحسن صحابتي؟ قال
.« أبوك » : قال: ثم مَن؟ قال « أمك » : قال: ثم مَن؟ قال
أوصى بالأم ثلاث مرات، وهو فأنت ترى أن الرسول
تكريم للمرأة المسلمة.
٢٢ تكريم المرأة في الإسلام
حق الزوجة وحق الزوج
١- لقد كرم الإسلام الزوجة، وجعل لها حقوًقا، ولزوجها
يعلن ذلك في أكبر اجتماع، عليها حقوًقا، فهذا رسول الله
وذلك حينما خطب الناس في حجة الوداع، وفي عرفات، فكان مما
في خطبته: قاله
فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، » -٢
واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم
أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك، فاضربوهن ضربًا غير مُبرَّح
(شديد)، ولهن عليكم رزقهن وكسوﺗﻬن بالمعروف. وقد تركت
فيكم ما – لن تضلوا بعده – إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم
تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأدَّيت
ونصحت. فقال: بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها
أخرج الخطبة " «( (يميلها) إلى الناس: اللهم اشهد (ثلاث مرات
مسلم عن جابر".
* * * *
تكريم المرأة في الإسلام ٢٣
من فوائد الخطبة العظيمة
١- فيها الحث على مراعاة حق النساء، والوصية ﺑﻬن،
ومعاشرﺗﻬن بالمعروف، وقد جاءت أحاديث كثيرة تبين حقوق
النساء، وتحذر من التقصير في ذلك.
٢ - استحلال فروج النساء بالزواج الشرعي، كقول الله تعالى :
.[ {َفانْكِحُوا مَا طَابَ َل ُ كمْ مِنَ النِّسَاءِ مَْثنَى وَُثلَا َ ث وَرُبَاعَ} [النساء: ٣
٣- لا يجوز للزوجة إدخال أحد يكرهه الزوج في بيته، سواء
كان رج ً لا أجنبيًا، أو امرأة، أو أحدًا من محارم الزوجة، فالنهي
يتناول جميع ذلك كما ذكره النووي.
٤- يجوز للرجل أن يضرب زوجته – إذا خالفته فيما تقدم –
ضربًا ليس بشديد، ولا سيما الابتعاد عن ضرب الوجه، أو تقبيحه،
فإنه من خلق الله، ولأن فيه السمع والبصر، وقد يتضرر بالضرب.
قد بّلغ الرسالة، ٥- شهادة الصحابة على أن الرسول
وأدى الأمانة، ونصح الأمة.
٦- فيها الدليل الواضح على عُلو الله على عرشه، حيث رفع
أصبعه إلى السماء ليُشهد الله على أنه بلَّغ الرسالة. الرسول
وهناك آيات كثيرة، وأحاديث صريحة تثبت أن الله على
السماء، وهو قول الأئمة الأربعة وغيرهم، ومن الخطأ قول بعض
الناس: إن الله في كل مكان! لأن هناك أماكن نجسة، وقذرة
يستحيل أن يكون الله فيها، كالحمامات وغيرها.
٢٤ تكريم المرأة في الإسلام
وإذا قلنا: إن الله معنا في كل مكان بعلمه يسمعنا ويرانا،
فهذا صحيح، لأن الله تعالى يقول لموسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا
.[ أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٦
* * * *
تكريم المرأة في الإسلام ٢٥
الحكمة في خلق الرجل والمرأة
١- خلق الله الخلائق على اختلافها من الإنس والجن لهدف
عظيم، وهو العبادة، ولتحقيق العبودية لله تعالى وحده دون غيره من
المخلوقات. قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالِْإنْسَ ِإلَّا
.[ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦
٢ - وقد خلق الله الناس من ذكر وأنثى، وميَّز ك ً لا منهما
بخصائص تختلف عن غيره في طبيعته، وطاقته، وقدرة تحمله؛ ومن ثم
فالمهام الملقاة على أحدهما تختلف عن الآخر بشكل متناسب، ومتناسق،
فلم يكن ذلك اعتبا ً طا؛ وإنما على علم ودراية، ذلك هو الخالق سبحانه
.[ وتعالى:{َأَلا يَعَْلمُ مَنْ خََلقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَِبيرُ} [الملك: ١٤
٣- فكان من مهمة الرجل طلب العيش والرزق، والبحث
عنه، والإنفاق على الزوجة والأسرة، وهذا ما لا تستطيعه المرأة
على الوجه الأكمل وكان من مهمة المرأة أن تستقبل ذلك الزوج
المتعب من طلب الرزق، فتُذهب عنه العناء، وتمسح عنه التعب،
وتكون له راحة وتشجيعًا، قال الله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ
لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً
.[ وَرَحْمَةً ِإنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم : ٢٤
والمرأة وسيلة لإنجاب الأولاد، تربيهم التربية الصحيحة، في حين
يكون الرجل خارج البيت.
٤- ومن هذه المهام ما لا يستطيع الرجل أن يقوم ﺑﻬا على
الوجه الأكمل كالغسيل والطبخ، ومنها ما لا يستطيع القيام ﺑﻬا أبدًا
٢٦ تكريم المرأة في الإسلام
كالحمل والإرضاع؛ فمثل الرجل والمرأة كمثل الليل والنهار، لكل
واحد منهما دوره ومهمته، فالنهار للإبصار والتحرك والعمل
والنشاط، فيكون فيه طلب الرزق والكسب من أجل الإنفاق، وهذا
ينطبق على الرجل.
وأما الليل فهو للسكن، والهدوء، والنوم، والاستقرار، وهذا
ينطبق على المرأة، وقد ذكرت قبل قليل الآية التي تشير إلى هذا
العمل.
٥- إذن فالرجل والمرأة لكل واحد منهما دوره في الحياة،
فلا يحاول أحد منهما أن يقوم بمهام الآخر، فإن ذلك لن يكون،
وإذا حصل فتكون النتائج عكسية وسلبية، إما عليهما، أو على
أولادهما، أو على اﻟﻤﺠتمع، ذلك لأﻧﻬا تجري على عكس ما فُطرت
وجُبلت عليه المرأة، والرجل كذلك، قال الله تعالى: {فِطْرَةَ اللَّهِ
الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
.[ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: ٣٠
[ان ظ ر كتاب المرأة في الإسلام للشيخ فيصل المولوي]
* * * *
تكريم المرأة في الإسلام ٢٧
سبب اختلاف الرجل عن المرأة
ومن اختلاف وظيفة الرجل ومهامّه عن وظيفة المرأة ومهامه ا
ترتيب اختلاف في الأحكام الشرعية:
١- الشهادة: اشترط الإسلام لهذه المسألة رجلين، فإن لم يكن
فرجل وامرأتان كما قال الله تعالى: {َفرَجُلٌ وَامْرََأتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْ َ ن
مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢ ]. ليس امتهانًا، أو احتقارًا للمرأة، وإنما
بحكم فطرﺗﻬا، قليلة الاهتمام بأمور الجرائم، أو البيع والشراء
والمداينات وما سواها؛ فقد لا تنتبه، أو تنسى بحكم اشتغالها في تربية
الأولاد، وتدبير المنزل، وغير ذلك من الأمور المهمة، أضف إليها م ا
تقوم به من الرضاع وما ينتاﺑﻬا من الحيض والنفاس، وغيرها.
فإن كانت معها واحدة ُأخرى تذكرها فيكون ذلك أثبت
للحق، وأدفع للظلم، فذلك قوله تعالى: {َأ ْ ن تَضِلَّ ِإحْدَاهُمَا َفتُ َ ذكِّرَ
ِإحْدَاهُمَا اْلُأخْرَى} [البقرة: ٢٨٢ ]. فشهادة المرأة قبلها الإسلام، ولم
يرفضها، على أن يصحبها شهادة امرأة ثانية تذكرها إن نسيت، أو لم
تنتبه إحقاًقا للحق، ودفعًا للظلم.
٢- الميراث: فقوله تعالى: {لِلذَّ َ ك ِ ر مِثْ ُ ل حَظِّ الْأُنَْثيَيْ ِ ن}
[النساء: ١١ ]. ليس هدرًا لحقوق المرأة، وحاشاه، بل حفا ً ظا عليه ،
ذلك أن المرأة أخذت حقها من الميراث، وأخذ الرجل ضعف م ا
أخذت، لأنه مكلف بالإنفاق عليها، ودفع المهر لها، ودفع النفقة
للمعتدة، وهي غير مكلفة بذلك؛ فاختلاف نصيبها في الميراث عن
نصيب الرجل إنما هو نتيجة لاختلاف وظيفتها عن وظيفة الرجل،
وليس انتقاصًا لقحها، أو كرامتها.
٢٨ تكريم المرأة في الإسلام
٣- الدية: في القتل غير العمد، فإن من الحكمة أن يفرض
الإسلام دية الرجل، ضعف دية المرأة، لأن المقتول حينم ا يكون
رج ً لا، فقد خسرت عائلته رج ً لا كان ينفق عليها، فتأخذ عائلته الدية
ضعف ما إذا خسرت امرأة غير مكلفة بالإنفاق، بل هي يُنَفقُ عليها،
فكان اختلاف الدية باختلاف الوظيفة بين الرجل والمرأة.
٤- رئاسة الدولة والإمارة: إن من خصائص رئيس الدولة، أو
الأمير في الإسلام أن يكون إمامًا في الصلاة، وقائدً ا عسكريً ا في
الحرب، والمرأة لا تستطيع، ولا يمكنها أن تقوم بمثل هذه المهام لفطرﺗﻬا
التي تغلب عليها العاطفة، ولضعف جسمها، ومروره ا في فترات
حمل، وطمث وغير ذلك من الظروف التي تمر ﺑﻬا المرأة دون الرجل،
فض ً لا عن عدم جواز الإمام في الصلاة لها (لما فيه من الفتنة).
[انظر كتاب المرأة في الإسلام للشيخ فيصل مولوي].
٥- الطلاق: فالزوج الرجل هو الذي يُنفق المال في دفع المهر
للزوجة، وهو الذي يدفع النفقة في مدة العدة، وهو بمقتضى رجاحة
عقله، ومزاجه، يكون أصبر من المرأة على ما يكره، فلا يسارع إلى
الطلاق لأدنى غضب يحصل له؛ ولو كان الطلاق من حق الرجل
والمرأة سواء لكثر الطلاق إلى أضعاف، كما حصل في بلاد الإفرنج.
لذلك ومن أجل هذه الأسباب المتقدمة جعل الإسلام الطلاق
من حق الرجل وحده.
"انظر كتاب فقه السنة للسيد سابق".
تكريم المرأة في الإسلام ٢٩
يقول محمد بن جميل زينو: الطلاق في الحقيقة إنما هو نعمة وتكريم
للمرأة المسلمة، حيث يخلصها من حياة نكدة، أو من زوج ظالم، أو لا
يعدل، أو لا يقيم أركان الإسلام، أو لدوام شقاق بين الزوجين، رغم
تدخل الأقرباء من الطرفين، أو لعدم وجود الحب بين الزوجين، أو غير
ذلك من الأسباب التي يتعذر الحياة معها، ولا يكون إلا بالفراق والطلاق،
وقد جعل الإسلام الطلاق على مراحل. قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ
.[ َفِإمْسَاكٌ ِبمَعْرُوفٍ َأوْ تَسرِْيحٌ ِبِإحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩
ففي الطلقة الأولى يحق للزوج أن يراجع زوجته، وتعود إليه، وفي
المرة الثانية أيضًا، أما في الطلقة الثالثة فتحرم عليه، حتى تتزوج، ثم
يطلقها زوجها، فيحق للزوج الأول أن يجدد الزواج بعقد جديد.
* * * *
٣٠ تكريم المرأة في الإسلام
حجاب المرأة المسلمة
١- قال الله تعالى: {يَا َأيُّهَا النَّبِيُّ ُق ْ ل لِأَزْوَا ِ جكَ وَبَنَاتِكَ وَِنسَاءِ
الْمُؤْمِِنينَ يُدِْنينَ عََليْ ِ هنَّ مِنْ جََلاِبيِب ِ هنَّ َ ذلِكَ َأدْنَى َأ ْ ن يُعْرَفْنَ َفَلا يُؤْ َ ذيْنَ
.[ وَكَا َ ن اللَّهُ َ غُفورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: ٥٩
٢ - وتحدث القرآن عن غطاء الرأس للمرأة، فقال بصيغة الأمر :
.[ {وَلْيَضِْ ربْنَ ِبخُمُ ِ رهِنَّ عََلى جُيُوِبِ هنَّ وََلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: ٣١
٣ - وقد ﻧﻬى عن التبرج بشتى صوره، فقال الله تعالى: {وََلا تَبَرَّجْنَ
.[ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ اْلُأوَلى} [الأحزاب: ٣٣
إن نساء الجاهلية كن يلبسن غطاء الرأس ويضربنه على ظهورهن
فتظهر أعناقهن، ونحورهن، وآذاﻧﻬن بالحلي والأقراط، فنهى الله تعالى
عن ذلك وأمر المؤمنات بسترها. وهذه شروط الحجاب:
١) استيعاب الحجاب لجميع بدن المرأة حتى الوجه. )
٢) ألا يكون الحجاب ضيًقا بحيث يصف ما تحته من سِمَن، )
وظهور ثدي وغيره.
٣) ألا يكون رقيًقا، فيصف، أو يشف ما تحته. )
من تشبه » : ٤) ألا يشبه لباس الكافرات لقول الرسول )
أخرجه أبو داود وصححه الألباني". " « بقوم فهو منهم
٥) ألا يشبه ملابس الرجال للنهي الوارد عن ذلك في )
الأحاديث.
٦) ألا يكون زاهيًا، أو ملونًا يجذب الأنظار، وأفضله الأسود. )
تكريم المرأة في الإسلام ٣١
لباس الرجل والمرأة
من جرَّ ثوبه خُيَلاء لم ينظر الله إليه يوم » : قال الرسول
القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: يُرخين
شبرًا، قالت: إذن تنكشف أقدامُهن، قال: يُرخين ذراعًا، ثم لا
رواه الترمذي وقال: حسن صحيح". " « يزدن
يستفاد من الحديث:
١- أن لباس المرأة يجب أن يكون عريضًا طوي ً لا يغطي القدمين،
أن يقصروا الثياب إلى نصف بعكس الرجال الذين أمرهم الرسول
ما أسفل من الكعبين » : الساق، ولا يزيدون على الكعبين لقوله
رواه البخاري". " .« من الإزار ففي النار
وفي عصرنا انعكس الأمر، فأصبح الرجال يطيلون ثياﺑﻬم أسفل
الكعبين، ويتعرضون لدخول النار، وأصبح النساء يقصرن فوق
الكعبين، ويتعرضن ﺑﻬذا العمل وغيره لحرماﻧﻬن من دخول الجنة كما
ونساء كاسيات عاريات، مميلات » : بقول أخبر بذلك الرسول
مائلات، رؤوسهن كأسمنة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن
رواه مسلم". " .« ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسافة كذا وكذا
والمعنى أن المرأة التي تكشف ساقها، أو شيًئا من جسمها، أو
تلبس الثياب الشفافة، أو تتمايل في مشيتها، وشعرها مرتفع كأنه سَنم
جمل لا تدخل الجنة حتى تلقي جزاءها.
٣٢ تكريم المرأة في الإسلام
٢- إذا كان قدّم المرأة لا يجوز كشفه، فوجهها بالأولى، لأﻧﻬ ا
تعرف به، وفيه الفتنة أكثر، وسفور المرأة تقليد للكفار والأجانب،
صحيح رواه " .« من تشبه بقوم فهو منهم » : وتشبه ﺑﻬم: وفي الحديث
أبو داود".
وليت المسلمين قلدوا الكفار في المخترعات النافعة كصنع
الدبابات والطائرات وغيرها مما يفيد الأمة ولكن كما قال الشاعر:
قلَّدوا الغربيَّ، لكن بالفجور
وعن اللُّب استعاروا بالقشور
لا » : ٢- وتغطية وجه المرأة مستفاد أيضًا من قول الرسول
رواه البخاري". " .« تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين
النقاب: هو غطاء الوجه الذي تشده المرأة على وجهها.
القفازين: ما تغطي المرأة ﺑﻬما كفيها ويسمى بالكفوف.
ومفهوم الحديث: أن المرأة غير المحرمة تضع النقاب على وجهها
وتلبس الق فازين.
* * * *
تكريم المرأة في الإسلام ٣٣
الحجاب تكريم وحفظ للمرأة
١- لقد كرم الإسلام المرأة، وفرض عليها الحجاب ليحفظها من
الأشرار وأعين الناس، ويحفظ اﻟﻤﺠتمع من سفورها.
٢- الحجاب يُبقي المودة بين الزوجين، فالرجل عندما يرى امرأة
أجمل من امرأته تسوء العلاقة بينهما، وربما يؤدي ذلك إلى الفراق
والطلاق، بسبب هذه المرأة السافرة التي فتنت الزوج، فلم يعد تعجبه
زوجته.
٣- المرأة المسلمة في نظر الإسلام أشبه بالجوهرة النفيسة التي
يسعى صاحبها لإخفائها وسترها على أعين الناس.
٤- تقول المستشرقة (فرانسواز ساجان): أيتها المرأة الشرقية، إن
الذين ينادون باسمك، ويدعون إلى خلع حجابك ومساواتك بالرجل،
إﻧﻬم يضحكون عليك، فقد ضحكوا علينا من قبل.
٥- ويقول (فون هرمر): الحجاب هو وسيلة الاحتفاظ بما يجب
للمرأة من الاحترام والمكانة الشيء الذي تغبط عليه.
* * * *
٣٤ تكريم المرأة في الإسلام
تعدد الزوجات تكريم للمرأة
١- إن الإسلام الحكيم الذي أباح تعدد الزوجات، هو في
مصلحة النساء قبل الرجال، حتى يكفل للبنات والأرامل العيش
السعيد في بيوت أزواجهن. بد ً لا من أن يكن عالة في بيوت من
يعولهن كالأخ والولد، وغيرهما.
٢- إن الدعوة إلى عدم تعدد الزوجات يسبب قلة النسل الذي
يسعى إليه أعداء الإسلام لتقليل عددهم، والسيطرة عليهم، كما أنه
يسبب كثرة العوانس في البيوت مما يعرضهن للفتنة والفساد والزنا،
لأن النساء أكثر عددًا من الرجال حسب الإحصاء، ولا سيما حينما
يتعرض الرجال للقتل في المعارك والحروب، ولذلك قامت مظاهرة
نسائية في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى يطالبن بتعدد الزوجات.
٣- إن تعدد الزوجات يوافق هذا الزمن، لأن الأمم ينظر إليه ا
بعدد نفوسها، وكلما ازداد عددهم قويت شوكتهم، وبما أن الحروب
في فلسطين، والعراق، والبوسنة والهرسك، وكشمير، وأفغانستان
وغيرها من البلاد الإسلامية سببت قلة الرجال، وكثرة الأرامل اللواتي
فقدن أزواجهن، فإن الإسلام يريد من المسلمين ألا يتركوا هؤلاء
للجوع والفتنة والفساد فسمح بتعدد الزوجات.
٤- تقول الزعيمة العالمية (أني بيزانت): متى وزن ا الأمور
بقسطاس العدل المستقيم ظهر لنا أن تعدد الزوجات الإسلامي أرجح
تكريم المرأة في الإسلام ٣٥
وزنا من البغاء الغربي الذي سمح أن يتخذ الرجل امرأة لمحض إشباع
شهوته، ثم يقذف ﺑﻬا إلى الشارع متى قضى منها أوطاره.
أقول هذه شهادة امرأة كافرة على حسن تعدد الزوجات،
والفضل ما شهدت به الأعداء.
* * * *
٣٦ تكريم المرأة في الإسلام
المرأة سلاح ذو حدين
١- لقد حاول أعداء الإسلام في كل عصر من العصور إبعاد
المسلمين عن دينهم بوسائل متعددة لا تحصى، وكانت إحدى أهم
هذه الوسائل المستهدفة هي المرأة المسلمة، لأﻧﻬا نصف اﻟﻤﺠتمع، ووليدة
النصف الثاني (من الذكور) ومربيته، فبصلاحها يصلح اﻟﻤﺠتمع،
وبفسادها يفسد اﻟﻤﺠتمع وينحل، فلذلك نرى أﻧﻬم وضعو ا كل
جهودهم وأفكارهم الشيطانية مستخدمين وسائل الإعلام كالتلفاز،
والفيديو، والدش وغيرها من الوسائل التي وضعوا فيها أفلامًا خليعة
تفسد المرأة المسلمة.
٢- وقد استطاع شياطين الغرب بمساعدة شياطين الشرق إفساد
المرأة المسلمة، فسلخوها من حجاﺑﻬا وعفتها وكرامتها، وأدخلوه ا
جميع ميادين العمل، وجعلوا منها دعايات لتصريف منتجاﺗﻬم،
فأصبحت المرأة المسلمة بعيدة عن دينها وحجاﺑﻬا، ففسدت الأسرة
وفسد اﻟﻤﺠتمع بفسادها، فانحجب نصر الله عن هذه الأمة، ونزل ﺑﻬ ا
سخطه وغضبه، وأصبحنا أذل أمة بعد أن كنا أعز ُأمة، وصدق أمير
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، » : المؤمنين عمر بن الخطاب حين قال
.« ولو ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله
٣ - وكذلك لا ننسى أن انحراف المرأة، والانحراف بالمرأة كان
السبب الأول في أن حضارات قديمة اﻧﻬارت وتمزقت كل ممزق، ونزل ﺑﻬا
.( العقاب الإلهي كالأوجاع والأمراض الفتاكة وغيرها من الممالك( ١
.٣٦- ١) انظر كتاب الحجاب للمودودي صفحة ٨ )
تكريم المرأة في الإسلام ٣٧
٤- أما في عصرنا الحاضر، فلا زلنا نسمع عن البراكين التي
هددت سكان إحدى المدن الإيطالية المشهورة بالفساد والدعارة،
ونوادي المرأة، وإذا انتقلنا إلى البلاد الإسلامية لرأينا كيف أن غضب
الله عز وجل وسخطه قد نزل في هذه البلاد بسبب الفساد والانحلال،
وانتشار الزنا والفاحشة؛ فكثرت بسبب ذلك الزلازل والفتن وغيرها
من أنواع العذاب والهلاك والحروب المدمرة، ولن يرفع الله عن ا
العذاب إلا بالتوبة والرجوع إلى الله.
٥- إن المرأة تملك مجموعة من المواهب العظيمة الجديرة بأن تبني
ُأمة، لو قامت بواجبها في تربية الأولاد الذين يتكون منهم اﻟﻤﺠتمع،
كما أﻧﻬا تستطيع أن ﺗﻬدم ُأمة إذا فسدت أخلاقها، وتركت الواجبات
إن الدني ا حلوة » : الملقاة على عاتقها، لذلك قال رسول الله
خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقو ا
« الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء
"رواه مسلم".
ما تركت فتنة بعدي في الناس َأضرَّ على الرجال » : وقال
رواه البخاري". " « من النساء
٦- إن المرأة هي نصف الأمة، ثم هي تلد لنا النصف الآخر، فهي
ُأمة بأسرها.
* * * *
٣٨ تكريم المرأة في الإسلام
فساد المرأة والرجل
لقد تفنن أعداء الإسلام في إفساد المرأة المسلمة بوسائل وأساليب
عديدة لا يمكن حصرها، وجميعها مخططة ومدروسة لإفساد المرأة
المسلمة وسلخها من دينها وأخلاقها وعفتها، فكانت الأزياء
والموديلات المكشوفة إحدى هذه الوسائل الفتاكة، إﻧﻬم يعلمون جيدًا
ميول المرأة إلى اقتناء الفساتين المكشوفة، والكوفيرات، وأدوات الزينة
المتنوعة، لفتنة الرجال في المعامل والمصانع والمتاجر التي دخلتها المرأة
باسم العمل والتقدم والرقي والحضارة الزائفة.
فالمرأة حينما تذهب إلى وظيفتها، فلا بد لها – حسب العادة –
من أنواع الألبسة الجذابة، والموديلات المتعددة، والتسريحات المختلفة،
وغيرها من أنواع الزينة التي تتغير وتتبدل، وهذا ما يدفعها لصرف
مرتبها الشهري لتظهر بمظهر أنيق وجذاب، علمًا بأن أكثر الملابس
وأنواع الزينة مستوردة من البلاد الأجنبية الموالية للصهيونية لتمده ا
بالمال للقضاء على المسلمين، فوقع المسلمون في الخسارة المادي ة،
والخسارة الأخلاقية، والتشبه بالكفرة، وصدق فيهم قول الرسول
لتركبن سَنن مَن كان قبلكم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى » :
لو أن أحدهم دخل جُحر ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدهم جامع
.« امرأته بالطريق لفعلتموه
"صححه الألباني في الصحيحة وصحيح الجامع".
ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من » : وقوله
متفق عليه". " « النساء
تكريم المرأة في الإسلام ٣٩
مسؤولية المرأة المسلمة
١- لقد كرم الإسلام المرأة، وألزمها بعمل عظيم
في بيتها، وهو تربية أولادها التربية الصالحة، فمن يدري؟ فلعل
هذا الطفل الذي تربيه يكون له مستقبل عظيم، فقد يكون رئيس
دولة، أو قائد جيش، أو أي عمل كبير يتوقف عليه صلاح اﻟﻤﺠتمع
إن المرأة التي ﺗﻬز السرير لطفله ا » : بأكمله، ولهذا قال أحد الحكماء
.« بيمينها، ﺗﻬز العالم بأسره
وصدق الشاعر حين قال:
الأُم مدرسة إذا أعددﺗﻬا
أعددت شعبًا طيّب الأعراق
فعمل المرأة في بيتها مهم جدًا إذا قامت بتربية أولادها التربية
الصالحة وهو عمل فطري عند المرأة تميل إليه، وتحب القيام به.
٢- تدبير المنزل: المرأة هي سيدة بيتها، فهي مسؤولة عنه، تسعى
لتحسينه، وﺗﻬيئة جميع الوسائل لجعله مأوى يأوي إليه الزوج فينسى
أتعابه، وقد قدم لزوجته ما يحتاج إليه البيت من نفقات متعددة،
وأراحها من عناء طلب الرزق الذي لا تستطيعه المرأة.
فالرجل عليه مسؤولية، والمرأة عليها مسؤولية، كل حسب
كلكم » : حين قال اختصاصه وفطرته وميوله، وصدق رسول الله
راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن
رعيته، والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة
متفق عليه". " « راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها
٤٠ تكريم المرأة في الإسلام
نتائج عمل المرأة خارج البيت
لقد كان لعمل المرأة خارج بيتها نتائج سيئة على نفسها وأسرﺗﻬا
واﻟﻤﺠتمع ومنها:
١- مزاحمة الرجال يوميًا في الحافلات والعمل، وقد تتعرض
للإرهاق والتعب، والخطورة أحيانًا بسبب الازدحام والعمل،
فيفقدها بعض أنوثتها وجمالها.
٢- إن عمل المرأة خارج البيت يشغلها عن واجباﺗﻬا المنزلية،
وتربية أولادها، وقد يستاء الرجل من إهمالها، وقد يستاء الرجل من
إهمالها، فيضطر إلى طلاقها وفراقها، أو إلى الزواج من غيرها.
٣- قد يسبب العمل طلاقها، وهدم أسرﺗﻬا، وتشتيت أولاده ا
بسبب علاقتها مع رجل في العمل، لأن الشيطان يجري من ابن آدم
مجرى الدم.
٤- إن عمل المرأة يسبب فراقها لأولادها مما يفقدهم عاطفته ا
وتربيتها لهم، وقد يسبب انحرافهم وشذوذهم مما يدفعهم إلى الجرائم،
كما أوضحت تلك النتائج في اﻟﻤﺠتمعات الغربية.
٥- ومن النتائج السيئة أن الوظيفة قد تقضي على الطفل: فهذه
موظفة حان وقت دوامها، وولدها مريض، وهو ينادي ُأمه: إلى من
تتركيني وحدي في البيت؟ ولكن الأم كانت مضطرة للالتحاق
بعملها فتركته وهو يقول: أمي، أمي، بصوت خافت؟
تكريم المرأة في الإسلام ٤١
وحينما عادت الأم إلى البيت وجدت ولدها جثة هامدة قد
فارق الحياة، وحزنت وبكت على طفلها، وندمت على فعلها حيث
لا ينفع الندم، وقالت في نفسها:
ما هي الفائدة من هذه الوظيفة؟ بل ما الفائدة من المال الذي
يكون سببًا في موت طفلي، وهو أعز ما يملكه الإنسان؟
* * * *
٤٢ تكريم المرأة في الإسلام
المرأة سبب البطالة في اﻟﻤﺠتمعات الغربية
١- لقد دخلت المرأة جميع