القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٥
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد وقفت على فتوى في أحد المواقع على الإنترنت عن حكم
الغناء وقد ذكر المفتي أن الغناء والموسيقى والعود ونحوها من الأمور
المباحة وأنه لا دليل على تحريمها، بل ذكر أن السنة تدل على إباحة
الغناء وأن الغناء وسماعه رُوي عن جماعة من الصحابة والتابعين وأن
أهل المدينة قد أجمعوا على جواز الغناء ... إلى آخر كلام المفتي.
فاستعنت بالله تعالى وكتبت هذه الرسالة مبينًا فيها حكم الغناء
ذاكرًا الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة مع ذكر مذاهب الأئمة
الأربعة، ثم الرد على أهم حجج القائلين بالجواز علمًا بأني لم أكتب
هذه الرسالة لخلو الساحة من مثلها بل الكتب المؤلفة عن الغناء
كثيرة ولكن منها المطول الذي يصعب على أكثر الناس قراءته،
ومنها المختصر الذي لا يوضح كثيرًا من المسائل المتعلقة بالموضوع
فأردت أن أجمع بين الاختصار والتوضيح ليكون سهل التناول
والاطلاع فأرجو أن أكون وُفِّقت لهذا الهدف وقد سميت هذه
.« القول المقتضب في حكم الغناء وآلات الطرب » الرسالة
٦ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
أسأل الله تعالى أن يجعلها موافقة لشرعه خالصة لوجهه نافعة
لعباده، كما أسأله تعالى أن يجزي فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن
علي المشيقح خير الجزاء على تفضله بالاطلاع على هذه الرسالة
والتقديم لها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
كتبه
سليمان بن محمد بن عبد الله الشتوي
الرياضي
١٤٢٣ ه /٩/ في ٣
* * *
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٧
الفصل الأول
الأدلة على تحريم الغناء وفيه مباحث
المبحث الأول: الأدلة من الكتاب.
المبحث الثاني: الأدلة من السنة.
المبحث الثالث: أقوال السلف في ذم الغناء.
٨ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
المبحث الأول
الأدلة من الكتاب
١- قال تعالى: {وَمِنَ النَّا ِ س مَنْ يَشْتَ ِ ري َلهْوَ اْلحَدِيثِ لِيُضِلَّ
عَنْ سَِبي ِ ل اللَّهِ ِبغَيْ ِ ر عِلْ ٍ م وَيَتَّخِ َ ذهَا هُزُوًا ُأوَلئِكَ َلهُمْ عَذَابٌ مُهِين }
[لقمان: ٥] وفسر لهو الحديث بأنه الغناء، وقال ابن عباس هو الغناء
وأشباهه، وقال ابن مسعود: هو والله الغناء.
وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه الغناء، وكذا قال جابر
بن عبد الله رضي الله عنه، وفسره أيضًا بالغناء خلق من التابعين
منهم مجاهد وعكرمة والحسن وسعيد بن جبير وقتادة ومكحول
.( وعمرو بن شعيب وميمون بن مهران( ١
فهؤلاء كبار علماء الصحابة والتابعين فسروا لهو الحديث بأنه
الغناء، وحسبك تفسير ابن عباس رضي الله عنهما ترجمان القرآن
اللهم فقهه في الدين وعلمه » : بقوله الذي دعا له النبي
.(٢)« التأويل
٣١٦ )، تفسير ابن / ٦٣ )، وزاد المسير لابن الجوزي ( ٦ - ٦٢/ ١) تفسير الطبري ( ٢١ )
٤٠٥ ) سنن / ٥٢ ) الدر المنثور ( ٦ -٥١/ ٣٣٠ ) أحكام القرآن للقرطبي ( ١٤ / كثير ( ٦
٤٠٥ ) سنن / ٥٢ ) الدر المنثور ( ٦ - ٥١/ ٣٣٠ ) أحكام القرآن للقرطبي ( ١٤ / البيهقي ( ٦
. ٣٦٣ ) نزهة الأسماع، ص ٢٧ - ٣٦٠/ ٣٣٠ )، إغاثة اللهفان ( ١ / البيهقي ( ١٠
(٣٨٣/ ٣٣٥ ) وابن أبي شيبة في المصنف ( ٦ / ٢) أخرجه الإمام أحمد: في المسند ( ١ )
.(٢٦٣/ ٦١٥ ) والطبراني في المعجم الكبير ( ١٠ / والحاكم في المستدرك ( ٣
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٩
قال إمام المفسرين ابن جرير رحمه الله بعد ذكره لأقوال
المفسرين في معنى لهو الحديث: والصواب من القول في ذلك أن
يقال: عُني به كل ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل الله مما ﻧﻬى
لأن الله عم بقوله : {َلهْوَ ؛ الله عن استماعه أو رسوله
اْلحَدِيثِ} ولم يخصص بعضًا دون بعض، فذلك على عمومه حتى
.( يأتي ما يدل على خصوصية، والغناء والشرك من ذلك( ١
وقال ابن كثير: لما ذكر الله تعالى حال السعداء وهم الذين
يهتدون بكتاب الله وينتفعون بسماعه عطف بذكر حال الأشقياء
الذي أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله وأقبلوا على استماع
.( المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب( ٢
وقال الشوكاني: لهو الحديث كل ما يلهي عن الخير من الغناء
والملاهي والأحاديث المكذوبة وكل ما هو منكر ...
وقيل: المراد شراء القينات المغنيات والمغنين، فيكون التقدير :
.( من يشتري أهل لهو الحديث( ٣
وقال الألوسي: وفي الآية عن الأكثرين ذم الغناء بأعلى صوت،
وقد تضافرت الآثار وكلمات كثيرة من العلماء الأخيار على ذمه
.( مطلًقا لا في مقام دون مقام( ٤
.(٦٣/ ١) تفسير ابن جرير ( ٢١ )
.(٣٣٠/ ٢) تفسر ابن كثير ( ٦ )
.(٣٢٨/ ٣) فتح القدير ( ٤ )
.(٦٧/ ٤) روح المعاني للألوسي ( ١١ )
١٠ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
٢- قال تعالى: {وَاسْتَ ْ ف ِ ززْ مَ ِ ن اسْتَ َ طعْتَ مِ نْهُمْ ِبصَوْتِ كَ}
[الإسراء: ٦٤ ] وقد فسر صوت الشيطان هنا بأنه الغناء، قال مجاهد:
صوته هو الغناء والمزامير( ١)، وقال الحسن البصري: هو الدف
.( والمزمار( ٢)، وقال الضحاك: صوت المزمار( ٣
٣- قال تعالى في صفات عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ َلا يَشْهَدُو َ ن
الزُّورَ} [الفرقان: ٧٢ ] وفسر الزور هنا بعدة تفسيرات منها أنه
الغناء.
قاله محمد ابن الحنفية ومكحول، وعن الحسن قال : الغناء
والنياحة وعن مجاهد قال: لا يسمعون الغناء، وعن أبي الجحاف
.( قال: الغناء( ٤
٤- قال تعالى: {َأَفمِنْ هَ َ ذا اْلحَدِيثِ تَعْجَبُو َ ن * وَتَضْحَ ُ كو َ ن
٦١ ] قال ابن عباس : - وََلا تَبْ ُ كو َ ن * وََأنْتُمْ سَامِدُو َ ن} [النجم: ٥٩
السمود الغناء في لغة حمير، أسمد لنا أي غنّ لنا، وقال عكرمة: هو
.( الغناء بالحميرية( ٥
٣١٢ ) وانظر / ٩٣ )، الدر المنثور ( ٥ / ٥٨ )، تفسير ابن كثير ( ٥ / ١) زاد المسير ( ٥ )
. ٣٨٦ ) ونزهة الأسماع ص ٢٧ / إغاثة اللهفان ( ١
.(٣٨٦/ ٢٥٨ ) وانظر إغاثة اللهفان ( ١ / ٢) تفسير السمعاني ( ٣ )
.(٧٩/ ٣) البحر المحيط ( ٧ )
.(٣٦٤/ ٢٨٣ ) وانظر إغاثة اللهفان ( ١ / ١٠٩ )، الدر المنثور ( ٦ / ٤) زاد المسير ( ٦ )
(٣٨٨/ ٢٢٣ ) وانظر إغاثة اللهفان ( ١ / ٨٦ )، سنن البيهقي ( ١٠ / ٥) زاد المسير ( ٨ )
.(٦٦٧/ ٤٦٨ ) الدر المنثور ( ٧ / ونزهة الأسماع (ص ٢٨ ) وتفسير ابن كثير ( ٧
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ١١
المبحث الثاني
الأدلة من السنة
١- عن عبد الرحمن بن غنم قال: حدثني أبو عامر أو أبو
ليكونن من أمتي قوم » : يقول مالك الأشعري أنه سمع النبي
.(١)«... يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف
وهذا الحديث وإن كان معلًقا فهو صحيح كما ذكر ذلك
والحديث صحيح معروف » : عدد من أئمة العلم، قال ابن الصلاح
.(٢)« الاتصال بشرط الصحيح
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والآلات الملهية قد صح فيها ما
.( رواه البخاري في صححيه تعليًقا مجزومًا به داخ ً لا في شرطه( ٣
وقال ابن القيم: هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في
.( صحيحه محت جا به( ٤
وقال ابن رجب: ذكره البخاري في صحيحه بصيغة التعليق اﻟﻤﺠزوم
به والأقرب أنه مسند فإن هشام بن عمار أحد شيوخ البخاري ...
.( وقال: فالحديث صحيح محفوظ عن هشام بن عمار( ٥
٥٣ ) كتاب الشربة، ٦ باب ما جاء فيمن / ١) صحيح البخاري مع الفتح ( ١٠ )
.(٢٢١/ يستحل الخمر رقم ( ٥٥٩٠ ) والبيهقي في السنن ( ١٠
.( ٢) علوم الحديث (ص ٦٢ )
.(٢٩٤/ ٣) الاستقامة ( ١ )
.(٣٩٠/ ٤) إغاثة اللهفان ( ١ )
.(٤٥ ، ٥) نزهة الأسماع (ص ٤٤ )
١٢ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
وهذا حديث صحيح لا علة ولا مطعن » : وقال ابن حجر
.(١)« فيه
وقال الألباني: صححه البخاري وابن حبان والإسماعيلي وابن
كثير والنووي وابن الوزير الصنعاني وابن رجب والسخاوي والأمير
.( الصنعاني( ٢
وهذا الحديث ضعفه ابن حزم وتبعه بعض المعاصرين وقد رد
أهل العلم على ابن حزم وبينوا خطأه في تضعيفه.
قال ابن الصلاح: ولا التفات إلى أبي محمد بن حزم الظاهري
الحافظ في رده ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر أو أبي
ليكونن في أمتي أقوام » : مالك الأشعري عن رسول الله
الحديث، من جهة «... يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف
أن البخاري أورده قائ ً لا فيه: قال هشام بن عمار وساقه بإسناده
فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام وجعله جوابًا
عن الاحتجاج به على تحريم المعازف، وأخطأ في ذلك من وجوه،
.( والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح( ٣
وقال ابن القيم: ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيًئا
كابن حزم نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي وزعم أنه منقطع؛
لأن البخاري لم يصل سنده به وجواب هذا الوهم من وجوه:
.(٢٢/ ١) تعليق التعليق ( ٥ )
٢) تحريم آلات الطرق (ص ٨٩ ) وقد استفدت منه بعض هذه النقول. )
.( ٣) علوم الحديث (ص ٦١ )
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ١٣
أحدها: أن البخاري قد لقي هشام بن عمار وسمع منه فإذا
قال: قال هشام فهو بمنزلة قوله عن هشام.
الثاني: أنه لو لم يسمع منه فهو لم يستجز الجزم به عنه إلا وقد
صح عنده أنه حدث به، وهذا كثيرًا ما يكون لكثرة من رواه عن
ذلك الشيخ وشهرته فالبخاري أبعد خلق الله عن التدليس.
الثالث: أنه أدخله في كتاب المسمى بالصحيح محت جا به، فلولا
صحته عنده لما فعل ذلك.
الرابع: أنه علقه بصيغة الجزم دون صيغة التمريض، فإذا توقف
في الحديث أو لم يكن على شرطه يقول: ويروى عن رسول الله
فقد جزم ويذكر عنه ونحو ذلك، فإذا قال: قال رسول الله
وقطع بإضافته إليه.
الخامس: أنا لو ضربنا عن هذا كله صفحًا فالحديث متصل
عند غيره.
قلت: ثم ذكره عند أبي داود وابن ماجه ثم قال: وفي الباب عن
سهل بن سعد الساعدي وعمران بن حصين وعبد الله بن عمرو
وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي وعائشة أم
المؤمنين رضي الله عنها وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنس بن
مالك وعبد الرحمن بن سابط والغازي بن ربيعة، ثم ذكر
.( أحاديثهم( ١
٣٩١ )، وقد تركت ذكر الأحاديث خشية الإطالة. / ١) إغاثة اللهفان ( ١ )
١٤ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
وقال ابن حجر: وهذا حديث صحيح لا علة له ولا مطعن له،
وقد أعله أبو محمد بن حزم بالانقطاع بين البخاري وصدقة بن
خالد وبالاختلاف في اسم أبي مالك وهذا كما تراه قد سقته من
رواية تسعة عن هشام متص ً لا فيهم مثل الحسن بن سفيان وعبدان
وجعفر الفريابي وهؤلاء حفاظ أثبات، وأما الاختلاف في كنية
الصحابي فالصحابة كلهم عدول، ثم قال: وله عندي شواهد أخر
.( كرهت الإطالة بذكرها( ١
وقال ابن حجر الهيثمي: رواه البخاري تعليًقا ووصله الإسماعيلي
وأبو نعيم في المستخرج وأبو داود بأسانيد صحيحة وﺑﻬذا الذي تقرر
من صحة الحديث من هذه الطرق اندفع قول ابن حزم: إن الحديث
منقطع ولا حجة فيه، ولو فرض أن غير البخاري لم يذكره لأن ذكره
.( له حجة لما قد تقرر عند الأئمة أن تعليقاته اﻟﻤﺠزوم ﺑﻬا صحيحة( ٢
إن الله حرم » : قال ٢ - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي
.(٣)« علي -أو حرم - الخمر والميسر والكوبة وكل مسكر حرام
.(٢٢/ ١) تعليق التعليق ( ٥ )
.( ٢) كف الرعاع (ص ١٣٢ )
- ٢٨٠ ) تحقيق الأرناؤوط، وأبو داود: كتاب الأشربة، ٧ / ٣) أخرجه الإمام أحمد ( ٤ )
٢٢١ ) كتاب العادات، باب ما / ٣٥٦ ) والبيهقي ( ١٠ /٢) ( باب في الأوعية ( ٣٦٩٦
٣٧٣ ) (رقم / ١٦٢ ) (رقم ٢٧٢١ )، وابن حبان ( ٧ / جاء في ذم الملاهي وأبو يعلى ( ٣
٢٤٨ ) من /١ ،١٦٧/ ١٠١ ) وابن عبد البر في التمهيد ( ٥ / ٥٣٤١ ) والطبراني ( ١٢
٣٧٣ ) وأحمد / حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وهذا الحديث صححه ابن حبان ( ٧
(٢٨٠/ ١٥٨ ) وشعيب الأرناؤوط في تحقيق المسند ( ٤ / شاكر في تحقيق المسند ( ٤
١٦٢ ) والألباني في تحريم آلا=ت / إرشاد الحق الأثري في تحقيقه لمسند أبي يعلى ( ٣
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ١٥
والكوبة هي الطبل كذا فسرها بعض رواه الحديث قال
سفيان: قلت لعلي بن بذيمة –أحد رواة الحديث– ما الكوبة؟ قال
.( الطبل( ١
وجزم الإمام أحمد بأن الكوبة هي الطبل حيث قال : أكره
.(٢) الطبل وهو الكوبة ﻧﻬى عنه رسول الله
وقال الخطابي: الكوبة يفسر بالطبل ويقال: هو النرد ويدخل
.( في معناه كل وتر ومزمار ونحو ذلك من الملاهي والغناء( ٣
: ٣- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ورنة عند »
.(٤)« مصيبة
قال ابن القيم: هذا الحديث من أجود ما يحتج به على تحريم الغناء كما
.(٥)«... إنما ﻧﻬيت عن صوتين أحمقين فاجرين » : في اللفظ الآخر الصحيح
=
الطرب (ص ٥٦ ) وأبو عبد الله الحداد في تعليقه على مسألة السماع (ص ٤٨ ) وقول
الإمام أحمد في النهي عن الكوبة مشعر بتصحيحه للحديث.
٣٥٦ ) وسنن البيهقي / ٢٨٠ ) وسنن أبي داود ( ٢ / ١) مسند الإمام أحمد ( ٤ )
.(٢٢١/١٠)
.( ٢) الأمر بالمعروف للخلال (ص ١٢٧ )
.(٩٠/ ٣) معالم السنن المطبوع من السنن ( ٤ )
٣٤٩ ) رقم ( ٥٦٣ ) والضياء المقدسي / ٤) أخرجه البزار: مختصر زوائد مسند البزار ( ١ )
(١٣/ ٢٢٠١ ) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ( ٣ ، ١٨٨ ) (رقم ٢٢٠٠ / في المختارة ( ٦
٢٥٠ ) رواته ثقات / رواه البزار ورجاله ثقات وقال المنذري في الترغيب والترهيب ( ٤
٥٢ ) إسناده حسن بل هو صحيح، وقال ، وقال الألباني في تحريم آلات الطرب (ص ٥١
ابن دهيش في تحقيقه للأحاديث المختارة: إسناده حسن.
٥) الكلام على مسألة السماع (ص ٣١٨ ) واللفظ الذي ذكره أنه صحيح هو الحديث الآتي. )
١٦ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
٤- عن جابر بن عبد الله عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال
إني لم أنْهَ عن البكاء ولكني ﻧﻬيت عن صوتين ...» : رسول الله
أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة لهو ولعب ومزامير الشيطان،
.(١)« وصوت عند مصيبة لطم وجوه وشق جيوب ورنة شيطان
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا الحديث من أجود ما يحتج
به على تحريم الغناء كما في اللفظ المشهور عن جابر بن عبد الله عن
إنما ﻧﻬيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت » : أنه قال النبي
فنهى عن الصوت «... عند نعمة لهو ولعب ومزامير الشيطان
الذي يُفعل عند النعمة كما ﻧﻬى عن الصوت الذي يفعل عند
.( المصيبة، والصوت الذي عند النعمة هو صوت الغناء( ٢
٤٠ ) والبيهقي – كتاب / ١) أخرجه الحاكم في المستدرك كتاب معرفة الصحابة ( ٤ )
٦٩ ) وابن أبي الدنيا في ذم / الجنائز، باب الرخصة في البكاء بلا ندب ولا نياحة ( ٤
الملاهي (ص ٤٣ )، والآجري في تحريم النرد والملاهي (ص ٢٠١ ) (رقم ٦٣ ) والبغوي
( ٤٣١ ) كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت (رقم ١٠٠٦ -٤٣٠/ في شرح السنة ( ٥
٢١٤ ) (رقم ١٠٠١ ) والترمذي حديث حسن وأقره الزيلعي في / والبزار في مسنده ( ٤
نصب الراية وابن القيم في الإغاثة وسكت عنه الحافظ في الفتح مشيرًا إلى تقويته كما
٨٤ ) وإغاثة اللهفان / في قاعدته. انظر تحريم آلات الطرب (ص ٥٣ ) ونصب الراية ( ٤
٢٠٨ )، ورجع صحته راشد الحمد محقق كتاب – ٢٠٧/ ٣٨٤ ) وفتح الباري ( ٣ /١)
الكلام على مسألة السماع (ص ٣١٩ ). وقال: هكذا أورده الحافظ وسكت عليه ولا
يسكت غلا على ما هو حسن أو مقارب. وقال عمر العمروي محقق كتاب تحريم النرد
والملاهي للآجري (ص ١٢٠ ) حسن ﺑﻬذا السند (يعني سند الآجري).
.(٢٩٢/ ٢) الاستقامة ( ١ )
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ١٧
وقال ابن القيم: فانظر إلى هذا النهي المؤكد بتسميته صوت
الغناء صوتًا أحمًقا ولم يقتصر على ذلك حتى وصفه بالفجور، ولم
يقتصر على ذلك حتى سماه من مزامير الشيطان ... فإن لم يستفد
.( التحريم من هذا لم نستفده من ﻧﻬي أبدًا( ١
* * *
.(٣٨٤/ ١) إغاثة اللهفان ( ١ )
١٨ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
المبحث الثالث
أقوال السلف في ذم الغناء
١- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الدف حرام
.( والمعازف حرام والكوبة حرام والمزمار حرام( ١
.( ٢- عن ابن مسعود قال: الغناء ينبت النفاق في القلب( ٢
٣- عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: إني لأبغض الغناء
.( وأحب الرجز( ٣
.( ٤- قال الضحاك: الغناء مفسدة للقلب مسخطة للرب( ٤
.( ٥- قال فضيل بن عياض: الغناء رقية الزنا( ٥
٦- قال يزيد بن الوليد: يا بني أمية، إياكم والغناء فإنه ينقص
الحياء ويزيد في الشهوة ويهدم المروءة وإنه لينوب عن الخمر ويفعل
.(٤١٩/ ٢٢ ) وأخرجه مسدد في مسنده (المطالب العالية ٢ / ١) أخرجه البيقي ( ١٠ )
(٢٢٣/ ٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ص ٣٨ ) ومن طريقة البيهقي ( ١٠ )
قال ابن القيم: وهو صحيح عن ابن مسعود من قوله وقد روي عن ابن مسعود
مرفوعًا. وفي إسناده المرفوع من لا يعرف والموقوف أشبه (نزهة الأسماع ص ٤٢ ) وقال
.( الألباني: وهذا إسناد صحيح ورجاله ثقات (تحريم آلات الطرب ص ١٤٥
٦) قال الألباني سنده صحيح (تحريم آلات / ٣) أخرجه عبد الرازق في المصنف ( ١١ )
الطرب ص ١٠١ ) وقال محمد سعيد إدريس: صحيح ورجاله ثقات (بحث في الأغاني
.( ملحق بتحقيق تحريم النرد للآجري ص ٣٨٩
.( ٤) أورده ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص ٢٣٥ )
٥) رواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ص ٤٢ )، وابن الجوزي في تلبيس إبليس )
.(٣٦٩/ ص ٢٣٥ وذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان ( ١
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ١٩
ما يفعل السكر، فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساء فإن الغناء
.( داعية الزنا( ١
٧- كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى مؤدب ولده: ...
وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي، التي ِبدْؤها من
الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من حملة
العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج ﺑﻬما ينبت النفاق
.( في القلب كما ينبت العشب الماء( ٢
.( ٨- وقال الشعبي: لعن الله المغني واُلمغَنَّى له( ٣
.( ٩- قال مكحول: من مات وعنده مغنية لم يصلَّ عليه( ٤
* * *
١) رواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ص ٤١ ) وذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس )
.( (ص ٢٣٥
( ٢) رواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ص ٤٠ )، وابن الجوزي في التلبيس (ص ٢٣٥ )
٣٧٦ ) مستشهدًا به على أن الغناء يفسد القلب، / وذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان ( ١
وقال أبو عبد الله الحداد في تعليقه على نزهة الأسماع (ص ٦٨ ): إسناده حسن.
٣) رواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ص ٤٠ ) وابن الجوزي في تلبيس إبليس )
(ص ٢٣٥ ) وذكره ابن رجب في نزهة.
.( ٤) رواه الخلال في الأمر بالمعروف (ص ١٤٤ )
٢٠ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
الفصل الثاني
أقوال العلماء في حكم الغناء
وفيه عدة مباحث:
- المبحث الأول: حكاية الإجماع.
- المبحث الثاني: مذاهب الأئمة الأربعة.
وفيه مطالب:
المطلب الأول: مذهب الإمام أبي حنيفة.
المطلب الثاني: مذهب الإمام مالك.
المطلب الثالث: مذهب الإمام الشافعي.
المطلب الرابع: مذهب الإمام أحمد بن حنبل.
- المبحث الثالث: أقوال بعض العلماء المعاصرين.
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٢١
المبحث الأول
حكاية الإجماع
المقصود بالغناء هنا هو المقترن بآلات الطرب، المشتمل على
الغزل وأوصاف النساء والخمور واﻟﻤﺠون، فهذا قد اتفق الجمهور
على تحريمه، بل حكى ابن الجوزي عن الطبري إجماع علماء
الأمصار على كراهية الغناء والمنع منه وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن
.( سعد وعبيد الله العنبري( ١
وقال: واتباع الجماعة أولى من اتباع رجلين مطعون عليهم ا.
.( قال ابن القيم: يريد ﺑﻬما إبراهيم بن سعد وعبيد الله بن الحسن( ٢
وقد حكى ابن قدامة الإجماع على أن آلات اللهو كالطنبور
.( والمزمار والشبابة آلة للمعصية( ٣
وقال ابن القيم: وحكى أبو عمرو ابن الصلاح الإجماع على تحريم
السماع الذي جمع الدف والشبابة فقال في فتاويه: وأما إباحة هذا
السماع وتحليله فليعلم أن الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع
ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين، ولم يثبت عن
.( أحد -ممن يعتد بقوله في الإجماع والاختلاف - أنه أباح هذا السماع( ٤
.( ١) تلبيس إبليس (ص ٣٢٠ )
.(٣٥٢/ ٢) إغاثة اللهفان ( ١ )
.(٢٧٨/ ٣) المغني ( ١٠ )
٣٥٠ ) وانظر كلام ابن الصلاح في فتاوى ومسائل ابن الصلاح / ٤) إغاثة اللهفان ( ١ )
.(٥٠٠/٢)
٢٢ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
وقال القرطبي: الغناء المعتاد عند المشتهرين به الذي يحرك
النفوس ويبعثها على الهوى والغزل واﻟﻤﺠون الذي يحرك الساكن
ويبعث الكامن فهذا النوع إذا كان في شعر يُشَبب فيه بذكر النساء
ووصف محاسنهن وذكر الخمور والمحرمات لا يختلف في تحريمه؛ لأنه
.( اللهو والغناء المذموم بالاتفاق( ١
وقال ابن حجر العسقلاني: قد حكى قوم الإجماع على تحريمها
.( (يعني المعازف)( ٢
وقال ابن حجر الهيثمي: الأوتار والمعازف كالطنبور والعود
والصنج أي ذي الأوتار والرباب والجنك والكمنجة والسنطير
والدريج وغير ذلك من الآلات المشهورة عند أهل اللهو والسفاهة
والفسوق وهذه كلها محرمة بلا خلاف، ومن حكى فيها خلاًفا فقد
غلط أو غلب عليه هواه حتى أصمه وأعماه ومنعه هداه، وزل به
عن سنن تقواه، وممن حكى الإجماع على تحريم ذلك كله الإمام أبو
العباس القرطبي ... وممن نقل الإجماع على ذلك أيضًا إمام أصحابنا
.( المتأخرين أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي( ٣
وبالغ القاضي عياض حيث حكى الإجماع على كفر
.( مستحله( ٤
.(٥٤/ ١) أحكام القرآن ( ١٤ )
.(٤٤٣/ ٢) فتح الباري ( ٢ )
.( ٣) كف الرعاع (ص ١٢٤ )
.(٣٥٨/ ٤) معونة أولى النهي شرح المنتهي ( ٩ )
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٢٣
المبحث الثاني
مذاهب الأئمة الأربعة
المطلب الأول: مذهب الإمام أبي حنيفة:
يعتبر الغناء من كبائر الذنوب في مذهب أبي حنيفة. قال في
البداية وشرحه الهداية عند ذكر من لا تقبل شهادته : ولا تقبل
.( شهادة من يغني للناس لأنه يجمع الناس على ارتكاب كبيرة( ١
وقال في الدر المختار وشرحه: ... ومن يغني للناس؛ لأنه
يجمعهم على كبيرة( ٢) يعني لا تقبل شهادة من يغني للناس.
وقال السرخسي: ولا تجوز الإجارة على تعليم الغناء والنوح
.( لأن ذلك معصية( ٣
وقال ابن الجوزي: وأما مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه أخبرنا
هبة الله بن أحمد الحريري عن أبي الطيب الطبري قال: كان أبو
حنيفة يكره الغناء ... ويجعل سماع الغناء من الذنوب . قال :
وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة: إبراهيم والشعبي وحماد وسفيان
.( الثوري وغيرهم لا اختلاف بينهم في ذلك( ٤
.(١٣٧/ ١) البداية مع شرحه الهداية ( ٣ )
.(٥١١/ ٢) الدر المختار مع شرحه ( ٥ )
.(٤١/ ٣) المبسوط ( ١٦ )
.( ٤) تلبيس إبليس (ص ٢٢٩ )
٢٤ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
وكذلك قال أبو بكر الطرطوشي عن أبي حنيفة في حكم
.( الغناء( ١
وقال ابن القيم: مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب
وقوله فيه من أغلظ الأقوال، وقد صرح أصحابه بتحريم سماع
الملاهي كلها كالمزمار والدف حتى الضرب بالقضيب، وصرحوا
بأنه معصية توجب الفسق وترد به الشهادة وأبلغ من ذلك أﻧﻬم
.( قالوا: إن السماع فسق والتلذذ به كفر( ٢
المطلب الثاني:
مذهب الإمام مالك رحمه الله أن الغناء من فعل الفساق؛ فعن
إسحاق بن عيسى الطباع قال: سألت مالك بن أنس عما يترخص
.( فيه أهل المدينة من الغناء فقال: إنما يفعله عندنا الفساق( ٣
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: بعد حكايته لقول مالك وهذا
معروف في كتاب أصحاب مالك وهم أعلم بمذهبه ومذهب أهل
المدينة من طائفة في المشرق لا علم لهم بمذاهب الفقهاء( ٤). اه.
وفي مذهب مالك: لا تقبل شهادة المغنَّي والمغنية إذا كانوا
.( معروفين بذلك( ٥
.(٣٤٧/ ١) ذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان ( ١ )
.(٣٤٨/ ٢) إغاثة اللهفان ( ١ )
٣) أخرجه الخلال في الأمر بالمعروف (ص ١٤٢ )، وابن الجوزي في تلبيس إبليس )
.( (ص ٢٢٩
.(٥٧٧/ ٤) مجموع الفتاوى ( ١١ )
.(١٥٣/ ٥) مدونة الإمام مالك ( ٥ )
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٢٥
.( ولا تجوز الإجارة على تعليم الغناء( ١
.( وأن الغناء إن كان بقبيح القول أو بآلة فإنه يحرم ولو في الأعراس( ٢
.( وقال أبو عبد الله الأبي: ولا خلاف في حرمة أجرة المغنية والنائحة( ٣
قلت: وهذا يدل على تحريم الغناء لأنه لو كان جائزًا لجاز
تعليمه والأجرة على ذلك.
وقال الحطاب: قال في المدخل في فصل المولود: ومذهب مالك
أن الطار الذي فيه الصراصر محرم وكذلك الشبابة ...
قال أصبغ: ما جاز للنساء مما جوز لهن من الدف والكبر في
العرس فلا يجوز للرجال عمله، وما لا يجوز لهم عمله فلا يجوز لهم
حضوره، ولا يجوز للنساء غير الكبر والدف ولا غناء معها ولا
.( ضرب ولا برابط ولا مزمار وذلك حرام محرم في الفرح وغيره( ٤
وذكر الدسوقي أن سماع الغناء يحرم إذا كان يثير الشهوة أو
.( كان بكلام قبيح أو كان بآلة( ٥
وقال أبو الطيب الطبري: أما مالك بن أنس فإنه ﻧﻬى عن الغناء
وعن استماعه، وقال: إذا اشترى جارية فوجدها مغنية كان له ردها
.( بالعيب وهو مذهب سائر أهل المدينة إلا إبراهيم بن سعد وحده( ٦
.(١٨٩/ ١) جواهر الإكليل ( ٢ )
.(١٠٥/ ٢) الشرح الصقير المطبوع مع بلقة السالك ( ٤ )
.(٢٥٠/ ٣) شرح صحيح مسلم للأبي ( ٤ )
.(٢٥١-٢٤٨/ ٤) مواهب الجليل ( ٥ )
.(٣٣٨- ٣٣٧/ ٥) حاشية الدسوقي ( ٢ )
.( ٦) ذكر قول أبي الطيب هذا ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص ٢٢٩ )
٢٦ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
المطلب الثالث: مذهب الإمام الشافعي:
قال الإمام الشافعي: خلفت في العراق شيًئا أحدثته الزنادقة
.( يسمونه التغبير يشغلون به الناس عن القرآن( ١
قال ابن الجوزي: وقد ذكر أبو منصور الأزهري المغبرة قوم
يغبرون بذكر الله – عز وجل – بدعاء وتضرع وقد سمعوا ما
يطربون فيه من الشعر في ذكر الله عز وجل تغبيرًا كأﻧﻬم إذا
.( شاهدوها بالألحان طربوا ورقصوا فسموا مغبرة لهذا المعنى( ٢
وقال ابن القيم: والتغبير هو عبارة عن التوقيع بقضيب أو نحوه
على جلد يابس وإنشاد أشعار ربانية مرققة للقلوب ومحركة
للسواكن ومع هذا سماهم بالزنادقة، فكيف لو رأى ما أحدثه هؤلاء
.( الذين في زماننا من الاستماع والرقص على الدفوف والشبابات( ٣
وقال الشافعي في الرجل يتخذ الغلام والجارية المغنيين وكان
يجمع عليهما ويغشى لذلك فهذا سفه ترد به شهادته وهو في
.( الجارية أكثر من قبل أن فيه سفهًا ودياثة( ٤
قال ابن الجوزي: وإنما جعل صاحبها سفيهًا فاسًقا لأنه دعا
.( الناس إلى الباطل ومن دعا الناس إلى الباطل كان سفيهًا فاسًقا( ٥
،(٤٧١- ١) انظر تلبيس إبليس (ص ٢٣٠ )، والكلام على مسألة السماع (ص ١١٩ )
.(٣٥٢/ وإغاثة اللهفان ( ١
.( ٢) تلبيس إبليس (ص ٢٣٠ )
.( ٣) الكلام على مسألة السماع (ص ٤٧١ )
.(٢٢٥ ،٢٢٣/ ٢٦ )، وسنن البيهقي ( ١٠ / ٤) الأم ( ٣ )
٥) تلبيس إبليس (ص ٢٤١ )، ونسب ابن القيم هذا القول إلى أبي الطيب الطبري، )
.(٣٥٢/ انظر إغاثة اللهفان ( ١
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٢٧
وقد صرح علماء الشافعية أن الغناء بالآلات المطربة حرام.
قال الشيرازي: ويكره الغناء وسماعه من غير آلة مطربة ...
ويحرم استعمال الآلات التي تطرب من غير غناء كالعود والطنبور
والمعزفة والطبل والمزمار، ويجوز ضرب الدف في العرس والختان
.( ودون غيرهما( ١
وقال البغوي: والغناء وسماعه من غير آلة مطربة مكروه ...
وأما الآلات المطربة كالعود والطنبور والصنج والطبل والمزمار
فيحرم استعمالها والاستماع إلى أصواﺗﻬا، وفي اليراع وجهان؛
أصحهما حرام كالمزمار، وضرب الدف مباح في الإملاكات
والختان وحرام في غيرهما ... وضرب القضيب على الوسائد
.( حرام( ٢
وذكر النووي أقسام الغناء فقال:
القسم الثاني: أن يغني ببعض آلات الغناء مما هو من شعار
شاربي الخمر وهو مطرب كالطنبور والعود والصنج وسائر المعازف
.( والأوتار ويحرم استعماله واستماعه( ٣
وقال ابن الجوزي: وقد كان رؤساء أصحاب الشافعي ينكرون
السماع وأما قدماؤهم فلا يعرف بينهم خلاف، وأما أكابر
المتأخرين فعلى الإنكار منهم أبو الطيب الطبري وله في ذم الغناء
.(٦٠٦ ،٦٠٤/ ١) المهذب ( ٥ )
.(٢٦٦ ،٢٦٥/ ٢) التهذيب ( ٨ )
.(٢٠٥/ ٣) روضة الطالبين ( ٨ )
٢٨ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
والمنع منه كتاب مصنف ... ومنهم القاضي أبو بكر محمد بن
مظفر الشامي ... قال: لا يجوز الغناء ولا سماعه ولا الضرب
.( بالقضيب قال: ومن أضاف إلى الشافعي هذا فقد كذب عليه( ١
وقال ابن القيم: وصرح أصحابه -أصحاب الشافعي -
.( العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله( ٢
المطلب الرابع: مذهب الإمام أحمد بن حنبل:
قال ابن الجوزي: وروى المروزي عن أحمد بن حنبل أنه قال:
كسب المخنث خبيث يكسبه بالغناء؛ وهذا لأن المخنث لا يغني
بالقصائد الزهدية وإنما يغني بالغزل والنوح.
ثم قال ابن الجوزي: فبان من هذه الجملة أن الروايتين عن أحمد
في الكراهة وعدمها تتعلق بالزهديات الملحنة، فأما الغناء المعروف
اليوم فمحظور عنده كيف ولو علم ما أحدثه الناس من
.( الزيادات( ٣
وقال ابن القيم: وأما مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله: سألت
أبي عن الغناء فقال: الغناء ينبت النفاق في القلب؛ لا يعجبني، ثم
.( ذكر قول الإمام مالك: إنما يفعله عندنا الفساق( ٤
.( ١) تلبيس إبليس (ص ٢٣٠ )
.(٣٤٨/ ٢) إغاثة اللهفان ( ١ )
.( ٣) تلبيس إبليس (ص ٢٢٩ )
٣٥١ )، وانظر قول الإمام أحمد في الأمر بالمعروف للخلال / ٤) إغاثة اللهفان ( ١ )
.( (ص ١٤٢
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٢٩
وقال ابن قدامة: الملاهي على ثلاث أضرب (أنواع):
محرم: وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها والعود
.( والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها( ١
وقال المرداوي: قال في الرعاية: ويكره سماع الغناء والنوح بلا
آلة لهو ويحرم معها...
وفي المستوعب والترغيب وغيرها يحرم مع آلة لهو بلا خلاف
.( بيننا( ٢
قلت: وﺑﻬذا يتبين اتفاق مذاهب الأئمة الأربعة على تحريم الغناء
والمعازف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: مذهب الأئمة الأربعة أن آلات
.( اللهو كلها حرام( ٣
* * *
.(٤٠/ ١) المغني ( ١٢ )
.(٥١/ ٢) انظر الإنصاف ( ١٢ )
.(٥٧٦/ ٣) مجموع الفتاوى ( ١١ )
٣٠ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
المبحث الثالث
أقوال بعض العلماء المعاصرين
حيث إن الغناء وسماعه من المسائل القديمة الحديثة فكان من
الطبيعي أن يتحدث عنه العلماء قديمًا وحديًثا، وقد ذكرنا فيما سبق
أقوال العلماء السابقين، وسوف نذكر هنا بعض أقوال العلماء
المعاصرين ومنهم:
١- سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم حيث قال: الغناء إذا كان
بطبل أو طنبور أو عود فهو حرام، فإن كان بدون ذلك ففيه
تفصيل: فغناء الغرام حرام الذي يذكر فيه أوصاف النساء ومثل
.( حداء الأعراب لا بأس به ولا سيما عند الحاجة إليه( ١
٢- اللجنة الدائمة للإفتاء: فقد ذكر في إحدى الفتاوى
الصادرة عن اللجنة: أما الغناء والموسيقى والاستماع لهما فهي من
.( المنكرات( ٢
٣- سماحة الشيخ ابن باز: حيث قال: الاستماع إلى الأغاني
حرام ومنكر، ومن أسباب مرض القلوب وقسوﺗﻬا وصدها عن ذكر
الله وعن الصلاة، وقد فسر أكثر أهل العلم قوله تعالى : {وَمِنَ
النَّا ِ س مَنْ يَشْتَ ِ ري َلهْوَ اْلحَدِيثِ} [لقمان: ٥] بالغناء وكان عبد الله
بن مسعود يقسم على أن لهو الحديث هو الغناء، وإذا كان مع الغناء
.(٣٢/ ١) فتاوى سماحة الشيخ ابن إبراهيم ( ١٣ )
١٣٩٨ ه). /٥/ ٢) فتاوى اللجنة الدائمة ص ١٣٤ فتوى رقم ( ١٩٠٠ ) في ( ١ )
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٣١
آلة لهو كالربابة والعود والكمان والطبل- صار التحريم أشد، وذكر
.( بعض العلماء أن الغناء بآلة لهو محرم إجماعًا( ١
٤- سماحة الشيخ عبد الله بن حميد حيث قال: الأغاني التي
تؤدي إلى الدعارة والخلاعة لا تجوز وكذلك الأغاني التي تؤديها
المرأة بصوﺗﻬا الرخيم فتثير النفوس لا تجوز سواء أمام الآلة أو الإذاعة
.( أو غيرها( ٢
٥- الشيخ محمد بن صالح العثيمين يقول: استماع الموسيقى
والأغاني حرام ولا شك في تحريمه، وقد جاء عن السلف من
الصحابة والتابعين أن الغناء ينبت النفاق في القلب واستماع الغناء
من لهو الحديث والركون إليه، وقد قال تعالى: {وَمِنَ النَّا ِ س مَنْ
يَشْتَ ِ ري َلهْوَ اْلحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَِبي ِ ل اللَّهِ ِبغَيْ ِ ر عِلْ ٍ م} قال ابن
مسعود في تفسير الآية: والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء، وتفسير
الصحابي حجة ... ثم إن الاستماع إلى الأغاني والموسيقى وقوع
ليكونن أقوام من أمتي يستحلون » : بقوله فيما حذر منه النبي
.« الحر والحرير والخمر والمعازف
وعلى هذا فإنني أوجه النصيحة إلى إخواني المسلمين بالحذر من
استماع الأغاني والموسيقى وألا يغتروا بقول من قال من أهل العلم
.( بإباحة المعازف؛ لأن الأدلة على تحريمه واضحة وصريحة( ٣
.(٢٢٤/ ١) كتب الدعوة – الفتاوى ( ١ )
.( ٢) فتاوى سماحة الشيخ عبد الله بن حميد (ص ٢٧٥ )
.(٢٢٩/ ٣) فتاوى الشيخ ابن عثيمين وإعداد وترتيب أشرف عبد المقصود ( ٢ )
٣٢ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
٦- الشيخ صالح الفوزان: يقول في رده على القرضاوي :
الإسلام لم يبح الغناء بل حرمه بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة منه
وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّا ِ س مَنْ يَشْتَ ِ ري َلهْوَ اْلحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَِبي ِ ل
اللَّهِ ِبغَيْ ِ ر عِلْ ٍ م}، ثم ذكر الأدلة من السنة وكلام الصحابة.
قلت: علمًا بأن الدكتور القرضاوي له رأي في الغناء المعروف
اليوم حيث قال: وﺑﻬذا أعلن من أول الأمر أن الغناء بصورته التي
يقدم ﺑﻬا اليوم في معظم التلفزيونات العربية والقنوات الفضائية بما
يصحبه من رقص وخلاعة وصور مثيرة لفتيات مائلات مميلات
كاسيات عاريات أو عاريات غير كاسيات أصبحت ملازمة للأغنية
الحديثة. والغناء ﺑﻬذه الصورة قد غدا في عداد المحرمات يبقين لا
.( لذاته ولكن لما يصحبه من هذه المثيرات والمضلات( ١
* * *
. ١) فقه الغناء والموسيقى في ضوء الكتاب والسنة ص ٨ )
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٣٣
الفصل الثالث
الإجابة عن حجج القائلين بالجواز
وفيه مباحث:
المبحث الأول: الإجابة عن الأحاديث التي احتجوا ﺑﻬا.
المبحث الثاني: الإجابة عن قولهم: إنه نقل عن بعض الصحابة
والتابعين ما يدل على الجواز.
المبحث الثالث: الإجابة عن قولهم: إنه مذهب أهل المدينة.
المبحث الرابع: الإجابة عن قولهم: إن مذهب مالك بن أنس
أباح الغناء.
٣٤ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
المبحث الأول
الإجابة عن الأحاديث التي احتجوا ﺑﻬا
يحتج القائلون بجواز الغناء واستماعه ببعض الأحاديث والآثار
وهذه الحجج عند التأمل لا تدل على ما ذهبوا إليه، إما لعدم
دلالتها أو لعدم ثبوﺗﻬا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومدار الحجج
في هذا الباب ونحوه: إما على قياس فاسد وتشبيه الشيء بما ليس
مثله وإما على جعل الخاص عاما وهو أيضًا من القياس الفاسد وإما
.( احتجاجهم بما ليس بحجة أص ً لا( ١
وقال ابن القيم عن هذه الآثار: صحيحها لا يدل، وما هو
.(٢) صريح في الدلالة فكذب موضوع على رسول الله
وسوف نستعرض في هذا المبحث أهم هذه الأدلة، ثم نذكر
أجوبة العلماء عليها:
أو ً لا: حديث الجارتين اللتين كانتا تغنيان في بيت عائشة رضي
الله عنها بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث، فأنكر عليهما أبو بكر
فقال ؟ رضي الله عنه وقال: أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله
دعهما يا أبا بكر؛ فإن لكل قوم عيدًا وهذا » : رسول الله
.(٣)« عيدنا
.(٢٨٩/ ١) الاستقامة ( ١ )
.( ٢) الكلام على مسألة السماع (ص ١٧٣ )
٣) صحيح البخاري كتاب العيدين. ٢ - باب الحراب والدرق يوم العيد الفتح )
.( ٥١٦ ) ح( ٩٥٢ / ٥١٠ )ح رقم ( ٩٤٩ )و ٣- باب سنة العيدين ؤ( ٢ /٢)
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٣٥
الجواب: قال ابن القيم رحمه الله: هذا الحديث من أكبر الحجج
عليك، فإن الصديق سمى الغناء مزمور الشيطان ولم ينكر عليه النبي
هذه التسمية وأقر الجويريتين على فعله إذ هما جويريتان
صغيرتان دون البلوغ غير مكلفتين قد أظهرتا الفرح والسرور يوم
العيد بنوع ما من أنواع غناء العرب ولا سيما الصغار منهن في بيت
جارية حديثة السن بشعر من شعر العرب في الشجاعة ومكار م
الأخلاق ومدحها وذم الجبن ومساوئ الأخلاق ... ثم نحن نرخص
في كثير من أنواع الغناء مثل هذا ومثل الغناء في النكاح للنساء
.( والصبيان إذا خلا من الآلات المحرمة( ١
وقال أبو الطيب الطبري: هذا الحديث حجتنا لأن أبا بكر سمى
على أبي بكر قوله، وإنما ذلك مزمور الشيطان ولم ينكر النبي
منعه من التغليظ في الإنكار لحسن رفعته لا سيما في يوم العيد وقد
كانت عائشة رضي الله عنه صغيرة في ذلك الوقت ولم ينقل عنها
.( بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء( ٢
وقال ابن الجوزي: إﻧﻬم ينشدون الشعر وسمى ذلك غناءً لنوع
يثبت في الإنشاد، وترجيع مثل ذلك لا يخرج الطباع عن الاعتدال
وكيف يحتج بذلك الواقع في الزمان السليم عند قلوب صافية على
هذه الأصوات المطربة الواقعة في زمان كدر عند نفوس قد تملكها
الهوى ما هذا إلا مغالطة للفهم ... وأين الغناء بما تقولت به
.( ١) انظر تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص ٢٣٨ )
.( ٢) انظر تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص ٢٣٨ )
٣٦ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
الأنصار يوم بعاث من غناء أمرد مستحسن بآلة مستطابة وصناعة
تجذب إليها النفس وغزليات يذكر فيها الغزال والغزالة والخال
.( والخد والقد ...( ١
نائمًا وقال ابن حجر ما معناه: إن أبا بكر ظن أن الرسول
فأنكر على الجاريتين مستصحبًا لما تقرر عنده من منع الغناء واللهو
الحال وعرفه الحكم مقرونًا ببيان الحكمة بأنه فأوضح له النبي
.( يوم عيد فلا ينكر فيه مثل هذا كما لا ينكر في الأعراس( ٢
أنه سمع الحداء، وكذلك عمر ثانيًا: قولهم إنه ثبت عن النبي
بن الخطاب رضي الله عنه رخص في الحداء، والغناء والحداء كل
منهما إنشاد بأصوات مطربة.
الجواب: أن هذا يدل على جواز الحداء فقط فلا يستدل به
على جواز الغناء.
قال ابن القيم: قد اتفق الناس على جواز الحداء وثبت أن عامر
بن الأكوع كان يحدو بالصحابة؛ ففي الصحيحين( ٣) عن سلمة بن
فسرنا لي ً لا، الأكوع رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله
فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنياتك
وكان عامر شاعرًا فنزل يحدو بالقوم يقول: اللهم لولا أنت ما
.(٢٣٨- ١) المصدر السابق (ص ٢٣٧ )
.(٦١٣/ ٢) فتح الباري ( ٢ )
(٥٣٠/ ٣) البخاري كتاب المغازي، ٣٨ - باب غزوة خيبر (رقم ٤١٩٦ ) الفتح ( ٧ )
.(١٤٢٧/٣) ( ومسلم: كتاب الجهاد، ٤٣ - باب غزوة خيبر (رقم ٨٠٢
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٣٧
من هذا » : اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فقال رسول الله
وفي الصحيح « السائق؟ قالوا: عامر بن الأكوع قال: يرحمه الله
وذكر الحديث حتى قال حديث أنجشة الذي كان يحدو بالنبي
.(١)« رويدك يا أنجشة سوقك بالقوارير » : النبي
فمن الذي حرم الحداء حتى يحتجوا عليه بفعله بين يدي النبي
وأما قولكم: إن الغناء إن لم يكنه فهما رضيعا لبان. وهما في !؟
باﺑﻬا أخوان- فمِن أبطل الباطل، وهو من جنس استدلالكم على
الشعر واستنشاده له، وهل حل الغناء والسماع بسماع النبي
هذا إلا من أفسد القياس وأبطله، وإذا كان الأمر كما تقولون فلمَ
وأصحابه الحداء والشعر، ولم ينقل -والعياذ سمع رسول الله
بالله- عن أحد منهم قط استماع الغناء وحضوره وإقامته... فقياس
.( الغناء على الحداء من جنس قياس الربا على البيع( ٢
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: أما الحداء فقد ذكر الاتفاق
.( قياس الربا على البيع( ٣
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: أما الحداء فقد ذكر الاتفاق على
.( جوازه فلا يحتج به في موارده( ٤
١) متفق عليه. )
. ٢) الكلام على مسألة السماع ص ٣٠٧ )
.(٢٨٢/ ٣) الاستقامة ( ١ )
.(٦٠- ٤) كف الرعاع (ص ٥٩ )
٣٨ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
وقال ابن حجر الهيثمي: قال جمع من الشافعية والمالكية منهم
الأذرعي في توسطه والقرطبي في شرح مسلم : الغناء إنشادًا
واستماعًا على قسمين:
يتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــع
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد وقفت على فتوى في أحد المواقع على الإنترنت عن حكم
الغناء وقد ذكر المفتي أن الغناء والموسيقى والعود ونحوها من الأمور
المباحة وأنه لا دليل على تحريمها، بل ذكر أن السنة تدل على إباحة
الغناء وأن الغناء وسماعه رُوي عن جماعة من الصحابة والتابعين وأن
أهل المدينة قد أجمعوا على جواز الغناء ... إلى آخر كلام المفتي.
فاستعنت بالله تعالى وكتبت هذه الرسالة مبينًا فيها حكم الغناء
ذاكرًا الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة مع ذكر مذاهب الأئمة
الأربعة، ثم الرد على أهم حجج القائلين بالجواز علمًا بأني لم أكتب
هذه الرسالة لخلو الساحة من مثلها بل الكتب المؤلفة عن الغناء
كثيرة ولكن منها المطول الذي يصعب على أكثر الناس قراءته،
ومنها المختصر الذي لا يوضح كثيرًا من المسائل المتعلقة بالموضوع
فأردت أن أجمع بين الاختصار والتوضيح ليكون سهل التناول
والاطلاع فأرجو أن أكون وُفِّقت لهذا الهدف وقد سميت هذه
.« القول المقتضب في حكم الغناء وآلات الطرب » الرسالة
٦ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
أسأل الله تعالى أن يجعلها موافقة لشرعه خالصة لوجهه نافعة
لعباده، كما أسأله تعالى أن يجزي فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن
علي المشيقح خير الجزاء على تفضله بالاطلاع على هذه الرسالة
والتقديم لها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
كتبه
سليمان بن محمد بن عبد الله الشتوي
الرياضي
١٤٢٣ ه /٩/ في ٣
* * *
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٧
الفصل الأول
الأدلة على تحريم الغناء وفيه مباحث
المبحث الأول: الأدلة من الكتاب.
المبحث الثاني: الأدلة من السنة.
المبحث الثالث: أقوال السلف في ذم الغناء.
٨ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
المبحث الأول
الأدلة من الكتاب
١- قال تعالى: {وَمِنَ النَّا ِ س مَنْ يَشْتَ ِ ري َلهْوَ اْلحَدِيثِ لِيُضِلَّ
عَنْ سَِبي ِ ل اللَّهِ ِبغَيْ ِ ر عِلْ ٍ م وَيَتَّخِ َ ذهَا هُزُوًا ُأوَلئِكَ َلهُمْ عَذَابٌ مُهِين }
[لقمان: ٥] وفسر لهو الحديث بأنه الغناء، وقال ابن عباس هو الغناء
وأشباهه، وقال ابن مسعود: هو والله الغناء.
وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه الغناء، وكذا قال جابر
بن عبد الله رضي الله عنه، وفسره أيضًا بالغناء خلق من التابعين
منهم مجاهد وعكرمة والحسن وسعيد بن جبير وقتادة ومكحول
.( وعمرو بن شعيب وميمون بن مهران( ١
فهؤلاء كبار علماء الصحابة والتابعين فسروا لهو الحديث بأنه
الغناء، وحسبك تفسير ابن عباس رضي الله عنهما ترجمان القرآن
اللهم فقهه في الدين وعلمه » : بقوله الذي دعا له النبي
.(٢)« التأويل
٣١٦ )، تفسير ابن / ٦٣ )، وزاد المسير لابن الجوزي ( ٦ - ٦٢/ ١) تفسير الطبري ( ٢١ )
٤٠٥ ) سنن / ٥٢ ) الدر المنثور ( ٦ -٥١/ ٣٣٠ ) أحكام القرآن للقرطبي ( ١٤ / كثير ( ٦
٤٠٥ ) سنن / ٥٢ ) الدر المنثور ( ٦ - ٥١/ ٣٣٠ ) أحكام القرآن للقرطبي ( ١٤ / البيهقي ( ٦
. ٣٦٣ ) نزهة الأسماع، ص ٢٧ - ٣٦٠/ ٣٣٠ )، إغاثة اللهفان ( ١ / البيهقي ( ١٠
(٣٨٣/ ٣٣٥ ) وابن أبي شيبة في المصنف ( ٦ / ٢) أخرجه الإمام أحمد: في المسند ( ١ )
.(٢٦٣/ ٦١٥ ) والطبراني في المعجم الكبير ( ١٠ / والحاكم في المستدرك ( ٣
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٩
قال إمام المفسرين ابن جرير رحمه الله بعد ذكره لأقوال
المفسرين في معنى لهو الحديث: والصواب من القول في ذلك أن
يقال: عُني به كل ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل الله مما ﻧﻬى
لأن الله عم بقوله : {َلهْوَ ؛ الله عن استماعه أو رسوله
اْلحَدِيثِ} ولم يخصص بعضًا دون بعض، فذلك على عمومه حتى
.( يأتي ما يدل على خصوصية، والغناء والشرك من ذلك( ١
وقال ابن كثير: لما ذكر الله تعالى حال السعداء وهم الذين
يهتدون بكتاب الله وينتفعون بسماعه عطف بذكر حال الأشقياء
الذي أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله وأقبلوا على استماع
.( المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب( ٢
وقال الشوكاني: لهو الحديث كل ما يلهي عن الخير من الغناء
والملاهي والأحاديث المكذوبة وكل ما هو منكر ...
وقيل: المراد شراء القينات المغنيات والمغنين، فيكون التقدير :
.( من يشتري أهل لهو الحديث( ٣
وقال الألوسي: وفي الآية عن الأكثرين ذم الغناء بأعلى صوت،
وقد تضافرت الآثار وكلمات كثيرة من العلماء الأخيار على ذمه
.( مطلًقا لا في مقام دون مقام( ٤
.(٦٣/ ١) تفسير ابن جرير ( ٢١ )
.(٣٣٠/ ٢) تفسر ابن كثير ( ٦ )
.(٣٢٨/ ٣) فتح القدير ( ٤ )
.(٦٧/ ٤) روح المعاني للألوسي ( ١١ )
١٠ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
٢- قال تعالى: {وَاسْتَ ْ ف ِ ززْ مَ ِ ن اسْتَ َ طعْتَ مِ نْهُمْ ِبصَوْتِ كَ}
[الإسراء: ٦٤ ] وقد فسر صوت الشيطان هنا بأنه الغناء، قال مجاهد:
صوته هو الغناء والمزامير( ١)، وقال الحسن البصري: هو الدف
.( والمزمار( ٢)، وقال الضحاك: صوت المزمار( ٣
٣- قال تعالى في صفات عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ َلا يَشْهَدُو َ ن
الزُّورَ} [الفرقان: ٧٢ ] وفسر الزور هنا بعدة تفسيرات منها أنه
الغناء.
قاله محمد ابن الحنفية ومكحول، وعن الحسن قال : الغناء
والنياحة وعن مجاهد قال: لا يسمعون الغناء، وعن أبي الجحاف
.( قال: الغناء( ٤
٤- قال تعالى: {َأَفمِنْ هَ َ ذا اْلحَدِيثِ تَعْجَبُو َ ن * وَتَضْحَ ُ كو َ ن
٦١ ] قال ابن عباس : - وََلا تَبْ ُ كو َ ن * وََأنْتُمْ سَامِدُو َ ن} [النجم: ٥٩
السمود الغناء في لغة حمير، أسمد لنا أي غنّ لنا، وقال عكرمة: هو
.( الغناء بالحميرية( ٥
٣١٢ ) وانظر / ٩٣ )، الدر المنثور ( ٥ / ٥٨ )، تفسير ابن كثير ( ٥ / ١) زاد المسير ( ٥ )
. ٣٨٦ ) ونزهة الأسماع ص ٢٧ / إغاثة اللهفان ( ١
.(٣٨٦/ ٢٥٨ ) وانظر إغاثة اللهفان ( ١ / ٢) تفسير السمعاني ( ٣ )
.(٧٩/ ٣) البحر المحيط ( ٧ )
.(٣٦٤/ ٢٨٣ ) وانظر إغاثة اللهفان ( ١ / ١٠٩ )، الدر المنثور ( ٦ / ٤) زاد المسير ( ٦ )
(٣٨٨/ ٢٢٣ ) وانظر إغاثة اللهفان ( ١ / ٨٦ )، سنن البيهقي ( ١٠ / ٥) زاد المسير ( ٨ )
.(٦٦٧/ ٤٦٨ ) الدر المنثور ( ٧ / ونزهة الأسماع (ص ٢٨ ) وتفسير ابن كثير ( ٧
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ١١
المبحث الثاني
الأدلة من السنة
١- عن عبد الرحمن بن غنم قال: حدثني أبو عامر أو أبو
ليكونن من أمتي قوم » : يقول مالك الأشعري أنه سمع النبي
.(١)«... يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف
وهذا الحديث وإن كان معلًقا فهو صحيح كما ذكر ذلك
والحديث صحيح معروف » : عدد من أئمة العلم، قال ابن الصلاح
.(٢)« الاتصال بشرط الصحيح
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والآلات الملهية قد صح فيها ما
.( رواه البخاري في صححيه تعليًقا مجزومًا به داخ ً لا في شرطه( ٣
وقال ابن القيم: هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في
.( صحيحه محت جا به( ٤
وقال ابن رجب: ذكره البخاري في صحيحه بصيغة التعليق اﻟﻤﺠزوم
به والأقرب أنه مسند فإن هشام بن عمار أحد شيوخ البخاري ...
.( وقال: فالحديث صحيح محفوظ عن هشام بن عمار( ٥
٥٣ ) كتاب الشربة، ٦ باب ما جاء فيمن / ١) صحيح البخاري مع الفتح ( ١٠ )
.(٢٢١/ يستحل الخمر رقم ( ٥٥٩٠ ) والبيهقي في السنن ( ١٠
.( ٢) علوم الحديث (ص ٦٢ )
.(٢٩٤/ ٣) الاستقامة ( ١ )
.(٣٩٠/ ٤) إغاثة اللهفان ( ١ )
.(٤٥ ، ٥) نزهة الأسماع (ص ٤٤ )
١٢ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
وهذا حديث صحيح لا علة ولا مطعن » : وقال ابن حجر
.(١)« فيه
وقال الألباني: صححه البخاري وابن حبان والإسماعيلي وابن
كثير والنووي وابن الوزير الصنعاني وابن رجب والسخاوي والأمير
.( الصنعاني( ٢
وهذا الحديث ضعفه ابن حزم وتبعه بعض المعاصرين وقد رد
أهل العلم على ابن حزم وبينوا خطأه في تضعيفه.
قال ابن الصلاح: ولا التفات إلى أبي محمد بن حزم الظاهري
الحافظ في رده ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر أو أبي
ليكونن في أمتي أقوام » : مالك الأشعري عن رسول الله
الحديث، من جهة «... يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف
أن البخاري أورده قائ ً لا فيه: قال هشام بن عمار وساقه بإسناده
فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام وجعله جوابًا
عن الاحتجاج به على تحريم المعازف، وأخطأ في ذلك من وجوه،
.( والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح( ٣
وقال ابن القيم: ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيًئا
كابن حزم نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي وزعم أنه منقطع؛
لأن البخاري لم يصل سنده به وجواب هذا الوهم من وجوه:
.(٢٢/ ١) تعليق التعليق ( ٥ )
٢) تحريم آلات الطرق (ص ٨٩ ) وقد استفدت منه بعض هذه النقول. )
.( ٣) علوم الحديث (ص ٦١ )
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ١٣
أحدها: أن البخاري قد لقي هشام بن عمار وسمع منه فإذا
قال: قال هشام فهو بمنزلة قوله عن هشام.
الثاني: أنه لو لم يسمع منه فهو لم يستجز الجزم به عنه إلا وقد
صح عنده أنه حدث به، وهذا كثيرًا ما يكون لكثرة من رواه عن
ذلك الشيخ وشهرته فالبخاري أبعد خلق الله عن التدليس.
الثالث: أنه أدخله في كتاب المسمى بالصحيح محت جا به، فلولا
صحته عنده لما فعل ذلك.
الرابع: أنه علقه بصيغة الجزم دون صيغة التمريض، فإذا توقف
في الحديث أو لم يكن على شرطه يقول: ويروى عن رسول الله
فقد جزم ويذكر عنه ونحو ذلك، فإذا قال: قال رسول الله
وقطع بإضافته إليه.
الخامس: أنا لو ضربنا عن هذا كله صفحًا فالحديث متصل
عند غيره.
قلت: ثم ذكره عند أبي داود وابن ماجه ثم قال: وفي الباب عن
سهل بن سعد الساعدي وعمران بن حصين وعبد الله بن عمرو
وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي وعائشة أم
المؤمنين رضي الله عنها وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنس بن
مالك وعبد الرحمن بن سابط والغازي بن ربيعة، ثم ذكر
.( أحاديثهم( ١
٣٩١ )، وقد تركت ذكر الأحاديث خشية الإطالة. / ١) إغاثة اللهفان ( ١ )
١٤ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
وقال ابن حجر: وهذا حديث صحيح لا علة له ولا مطعن له،
وقد أعله أبو محمد بن حزم بالانقطاع بين البخاري وصدقة بن
خالد وبالاختلاف في اسم أبي مالك وهذا كما تراه قد سقته من
رواية تسعة عن هشام متص ً لا فيهم مثل الحسن بن سفيان وعبدان
وجعفر الفريابي وهؤلاء حفاظ أثبات، وأما الاختلاف في كنية
الصحابي فالصحابة كلهم عدول، ثم قال: وله عندي شواهد أخر
.( كرهت الإطالة بذكرها( ١
وقال ابن حجر الهيثمي: رواه البخاري تعليًقا ووصله الإسماعيلي
وأبو نعيم في المستخرج وأبو داود بأسانيد صحيحة وﺑﻬذا الذي تقرر
من صحة الحديث من هذه الطرق اندفع قول ابن حزم: إن الحديث
منقطع ولا حجة فيه، ولو فرض أن غير البخاري لم يذكره لأن ذكره
.( له حجة لما قد تقرر عند الأئمة أن تعليقاته اﻟﻤﺠزوم ﺑﻬا صحيحة( ٢
إن الله حرم » : قال ٢ - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي
.(٣)« علي -أو حرم - الخمر والميسر والكوبة وكل مسكر حرام
.(٢٢/ ١) تعليق التعليق ( ٥ )
.( ٢) كف الرعاع (ص ١٣٢ )
- ٢٨٠ ) تحقيق الأرناؤوط، وأبو داود: كتاب الأشربة، ٧ / ٣) أخرجه الإمام أحمد ( ٤ )
٢٢١ ) كتاب العادات، باب ما / ٣٥٦ ) والبيهقي ( ١٠ /٢) ( باب في الأوعية ( ٣٦٩٦
٣٧٣ ) (رقم / ١٦٢ ) (رقم ٢٧٢١ )، وابن حبان ( ٧ / جاء في ذم الملاهي وأبو يعلى ( ٣
٢٤٨ ) من /١ ،١٦٧/ ١٠١ ) وابن عبد البر في التمهيد ( ٥ / ٥٣٤١ ) والطبراني ( ١٢
٣٧٣ ) وأحمد / حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وهذا الحديث صححه ابن حبان ( ٧
(٢٨٠/ ١٥٨ ) وشعيب الأرناؤوط في تحقيق المسند ( ٤ / شاكر في تحقيق المسند ( ٤
١٦٢ ) والألباني في تحريم آلا=ت / إرشاد الحق الأثري في تحقيقه لمسند أبي يعلى ( ٣
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ١٥
والكوبة هي الطبل كذا فسرها بعض رواه الحديث قال
سفيان: قلت لعلي بن بذيمة –أحد رواة الحديث– ما الكوبة؟ قال
.( الطبل( ١
وجزم الإمام أحمد بأن الكوبة هي الطبل حيث قال : أكره
.(٢) الطبل وهو الكوبة ﻧﻬى عنه رسول الله
وقال الخطابي: الكوبة يفسر بالطبل ويقال: هو النرد ويدخل
.( في معناه كل وتر ومزمار ونحو ذلك من الملاهي والغناء( ٣
: ٣- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ورنة عند »
.(٤)« مصيبة
قال ابن القيم: هذا الحديث من أجود ما يحتج به على تحريم الغناء كما
.(٥)«... إنما ﻧﻬيت عن صوتين أحمقين فاجرين » : في اللفظ الآخر الصحيح
=
الطرب (ص ٥٦ ) وأبو عبد الله الحداد في تعليقه على مسألة السماع (ص ٤٨ ) وقول
الإمام أحمد في النهي عن الكوبة مشعر بتصحيحه للحديث.
٣٥٦ ) وسنن البيهقي / ٢٨٠ ) وسنن أبي داود ( ٢ / ١) مسند الإمام أحمد ( ٤ )
.(٢٢١/١٠)
.( ٢) الأمر بالمعروف للخلال (ص ١٢٧ )
.(٩٠/ ٣) معالم السنن المطبوع من السنن ( ٤ )
٣٤٩ ) رقم ( ٥٦٣ ) والضياء المقدسي / ٤) أخرجه البزار: مختصر زوائد مسند البزار ( ١ )
(١٣/ ٢٢٠١ ) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ( ٣ ، ١٨٨ ) (رقم ٢٢٠٠ / في المختارة ( ٦
٢٥٠ ) رواته ثقات / رواه البزار ورجاله ثقات وقال المنذري في الترغيب والترهيب ( ٤
٥٢ ) إسناده حسن بل هو صحيح، وقال ، وقال الألباني في تحريم آلات الطرب (ص ٥١
ابن دهيش في تحقيقه للأحاديث المختارة: إسناده حسن.
٥) الكلام على مسألة السماع (ص ٣١٨ ) واللفظ الذي ذكره أنه صحيح هو الحديث الآتي. )
١٦ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
٤- عن جابر بن عبد الله عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال
إني لم أنْهَ عن البكاء ولكني ﻧﻬيت عن صوتين ...» : رسول الله
أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة لهو ولعب ومزامير الشيطان،
.(١)« وصوت عند مصيبة لطم وجوه وشق جيوب ورنة شيطان
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا الحديث من أجود ما يحتج
به على تحريم الغناء كما في اللفظ المشهور عن جابر بن عبد الله عن
إنما ﻧﻬيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت » : أنه قال النبي
فنهى عن الصوت «... عند نعمة لهو ولعب ومزامير الشيطان
الذي يُفعل عند النعمة كما ﻧﻬى عن الصوت الذي يفعل عند
.( المصيبة، والصوت الذي عند النعمة هو صوت الغناء( ٢
٤٠ ) والبيهقي – كتاب / ١) أخرجه الحاكم في المستدرك كتاب معرفة الصحابة ( ٤ )
٦٩ ) وابن أبي الدنيا في ذم / الجنائز، باب الرخصة في البكاء بلا ندب ولا نياحة ( ٤
الملاهي (ص ٤٣ )، والآجري في تحريم النرد والملاهي (ص ٢٠١ ) (رقم ٦٣ ) والبغوي
( ٤٣١ ) كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت (رقم ١٠٠٦ -٤٣٠/ في شرح السنة ( ٥
٢١٤ ) (رقم ١٠٠١ ) والترمذي حديث حسن وأقره الزيلعي في / والبزار في مسنده ( ٤
نصب الراية وابن القيم في الإغاثة وسكت عنه الحافظ في الفتح مشيرًا إلى تقويته كما
٨٤ ) وإغاثة اللهفان / في قاعدته. انظر تحريم آلات الطرب (ص ٥٣ ) ونصب الراية ( ٤
٢٠٨ )، ورجع صحته راشد الحمد محقق كتاب – ٢٠٧/ ٣٨٤ ) وفتح الباري ( ٣ /١)
الكلام على مسألة السماع (ص ٣١٩ ). وقال: هكذا أورده الحافظ وسكت عليه ولا
يسكت غلا على ما هو حسن أو مقارب. وقال عمر العمروي محقق كتاب تحريم النرد
والملاهي للآجري (ص ١٢٠ ) حسن ﺑﻬذا السند (يعني سند الآجري).
.(٢٩٢/ ٢) الاستقامة ( ١ )
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ١٧
وقال ابن القيم: فانظر إلى هذا النهي المؤكد بتسميته صوت
الغناء صوتًا أحمًقا ولم يقتصر على ذلك حتى وصفه بالفجور، ولم
يقتصر على ذلك حتى سماه من مزامير الشيطان ... فإن لم يستفد
.( التحريم من هذا لم نستفده من ﻧﻬي أبدًا( ١
* * *
.(٣٨٤/ ١) إغاثة اللهفان ( ١ )
١٨ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
المبحث الثالث
أقوال السلف في ذم الغناء
١- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الدف حرام
.( والمعازف حرام والكوبة حرام والمزمار حرام( ١
.( ٢- عن ابن مسعود قال: الغناء ينبت النفاق في القلب( ٢
٣- عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: إني لأبغض الغناء
.( وأحب الرجز( ٣
.( ٤- قال الضحاك: الغناء مفسدة للقلب مسخطة للرب( ٤
.( ٥- قال فضيل بن عياض: الغناء رقية الزنا( ٥
٦- قال يزيد بن الوليد: يا بني أمية، إياكم والغناء فإنه ينقص
الحياء ويزيد في الشهوة ويهدم المروءة وإنه لينوب عن الخمر ويفعل
.(٤١٩/ ٢٢ ) وأخرجه مسدد في مسنده (المطالب العالية ٢ / ١) أخرجه البيقي ( ١٠ )
(٢٢٣/ ٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ص ٣٨ ) ومن طريقة البيهقي ( ١٠ )
قال ابن القيم: وهو صحيح عن ابن مسعود من قوله وقد روي عن ابن مسعود
مرفوعًا. وفي إسناده المرفوع من لا يعرف والموقوف أشبه (نزهة الأسماع ص ٤٢ ) وقال
.( الألباني: وهذا إسناد صحيح ورجاله ثقات (تحريم آلات الطرب ص ١٤٥
٦) قال الألباني سنده صحيح (تحريم آلات / ٣) أخرجه عبد الرازق في المصنف ( ١١ )
الطرب ص ١٠١ ) وقال محمد سعيد إدريس: صحيح ورجاله ثقات (بحث في الأغاني
.( ملحق بتحقيق تحريم النرد للآجري ص ٣٨٩
.( ٤) أورده ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص ٢٣٥ )
٥) رواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ص ٤٢ )، وابن الجوزي في تلبيس إبليس )
.(٣٦٩/ ص ٢٣٥ وذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان ( ١
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ١٩
ما يفعل السكر، فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساء فإن الغناء
.( داعية الزنا( ١
٧- كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى مؤدب ولده: ...
وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي، التي ِبدْؤها من
الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من حملة
العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج ﺑﻬما ينبت النفاق
.( في القلب كما ينبت العشب الماء( ٢
.( ٨- وقال الشعبي: لعن الله المغني واُلمغَنَّى له( ٣
.( ٩- قال مكحول: من مات وعنده مغنية لم يصلَّ عليه( ٤
* * *
١) رواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ص ٤١ ) وذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس )
.( (ص ٢٣٥
( ٢) رواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ص ٤٠ )، وابن الجوزي في التلبيس (ص ٢٣٥ )
٣٧٦ ) مستشهدًا به على أن الغناء يفسد القلب، / وذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان ( ١
وقال أبو عبد الله الحداد في تعليقه على نزهة الأسماع (ص ٦٨ ): إسناده حسن.
٣) رواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ص ٤٠ ) وابن الجوزي في تلبيس إبليس )
(ص ٢٣٥ ) وذكره ابن رجب في نزهة.
.( ٤) رواه الخلال في الأمر بالمعروف (ص ١٤٤ )
٢٠ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
الفصل الثاني
أقوال العلماء في حكم الغناء
وفيه عدة مباحث:
- المبحث الأول: حكاية الإجماع.
- المبحث الثاني: مذاهب الأئمة الأربعة.
وفيه مطالب:
المطلب الأول: مذهب الإمام أبي حنيفة.
المطلب الثاني: مذهب الإمام مالك.
المطلب الثالث: مذهب الإمام الشافعي.
المطلب الرابع: مذهب الإمام أحمد بن حنبل.
- المبحث الثالث: أقوال بعض العلماء المعاصرين.
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٢١
المبحث الأول
حكاية الإجماع
المقصود بالغناء هنا هو المقترن بآلات الطرب، المشتمل على
الغزل وأوصاف النساء والخمور واﻟﻤﺠون، فهذا قد اتفق الجمهور
على تحريمه، بل حكى ابن الجوزي عن الطبري إجماع علماء
الأمصار على كراهية الغناء والمنع منه وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن
.( سعد وعبيد الله العنبري( ١
وقال: واتباع الجماعة أولى من اتباع رجلين مطعون عليهم ا.
.( قال ابن القيم: يريد ﺑﻬما إبراهيم بن سعد وعبيد الله بن الحسن( ٢
وقد حكى ابن قدامة الإجماع على أن آلات اللهو كالطنبور
.( والمزمار والشبابة آلة للمعصية( ٣
وقال ابن القيم: وحكى أبو عمرو ابن الصلاح الإجماع على تحريم
السماع الذي جمع الدف والشبابة فقال في فتاويه: وأما إباحة هذا
السماع وتحليله فليعلم أن الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع
ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين، ولم يثبت عن
.( أحد -ممن يعتد بقوله في الإجماع والاختلاف - أنه أباح هذا السماع( ٤
.( ١) تلبيس إبليس (ص ٣٢٠ )
.(٣٥٢/ ٢) إغاثة اللهفان ( ١ )
.(٢٧٨/ ٣) المغني ( ١٠ )
٣٥٠ ) وانظر كلام ابن الصلاح في فتاوى ومسائل ابن الصلاح / ٤) إغاثة اللهفان ( ١ )
.(٥٠٠/٢)
٢٢ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
وقال القرطبي: الغناء المعتاد عند المشتهرين به الذي يحرك
النفوس ويبعثها على الهوى والغزل واﻟﻤﺠون الذي يحرك الساكن
ويبعث الكامن فهذا النوع إذا كان في شعر يُشَبب فيه بذكر النساء
ووصف محاسنهن وذكر الخمور والمحرمات لا يختلف في تحريمه؛ لأنه
.( اللهو والغناء المذموم بالاتفاق( ١
وقال ابن حجر العسقلاني: قد حكى قوم الإجماع على تحريمها
.( (يعني المعازف)( ٢
وقال ابن حجر الهيثمي: الأوتار والمعازف كالطنبور والعود
والصنج أي ذي الأوتار والرباب والجنك والكمنجة والسنطير
والدريج وغير ذلك من الآلات المشهورة عند أهل اللهو والسفاهة
والفسوق وهذه كلها محرمة بلا خلاف، ومن حكى فيها خلاًفا فقد
غلط أو غلب عليه هواه حتى أصمه وأعماه ومنعه هداه، وزل به
عن سنن تقواه، وممن حكى الإجماع على تحريم ذلك كله الإمام أبو
العباس القرطبي ... وممن نقل الإجماع على ذلك أيضًا إمام أصحابنا
.( المتأخرين أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي( ٣
وبالغ القاضي عياض حيث حكى الإجماع على كفر
.( مستحله( ٤
.(٥٤/ ١) أحكام القرآن ( ١٤ )
.(٤٤٣/ ٢) فتح الباري ( ٢ )
.( ٣) كف الرعاع (ص ١٢٤ )
.(٣٥٨/ ٤) معونة أولى النهي شرح المنتهي ( ٩ )
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٢٣
المبحث الثاني
مذاهب الأئمة الأربعة
المطلب الأول: مذهب الإمام أبي حنيفة:
يعتبر الغناء من كبائر الذنوب في مذهب أبي حنيفة. قال في
البداية وشرحه الهداية عند ذكر من لا تقبل شهادته : ولا تقبل
.( شهادة من يغني للناس لأنه يجمع الناس على ارتكاب كبيرة( ١
وقال في الدر المختار وشرحه: ... ومن يغني للناس؛ لأنه
يجمعهم على كبيرة( ٢) يعني لا تقبل شهادة من يغني للناس.
وقال السرخسي: ولا تجوز الإجارة على تعليم الغناء والنوح
.( لأن ذلك معصية( ٣
وقال ابن الجوزي: وأما مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه أخبرنا
هبة الله بن أحمد الحريري عن أبي الطيب الطبري قال: كان أبو
حنيفة يكره الغناء ... ويجعل سماع الغناء من الذنوب . قال :
وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة: إبراهيم والشعبي وحماد وسفيان
.( الثوري وغيرهم لا اختلاف بينهم في ذلك( ٤
.(١٣٧/ ١) البداية مع شرحه الهداية ( ٣ )
.(٥١١/ ٢) الدر المختار مع شرحه ( ٥ )
.(٤١/ ٣) المبسوط ( ١٦ )
.( ٤) تلبيس إبليس (ص ٢٢٩ )
٢٤ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
وكذلك قال أبو بكر الطرطوشي عن أبي حنيفة في حكم
.( الغناء( ١
وقال ابن القيم: مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب
وقوله فيه من أغلظ الأقوال، وقد صرح أصحابه بتحريم سماع
الملاهي كلها كالمزمار والدف حتى الضرب بالقضيب، وصرحوا
بأنه معصية توجب الفسق وترد به الشهادة وأبلغ من ذلك أﻧﻬم
.( قالوا: إن السماع فسق والتلذذ به كفر( ٢
المطلب الثاني:
مذهب الإمام مالك رحمه الله أن الغناء من فعل الفساق؛ فعن
إسحاق بن عيسى الطباع قال: سألت مالك بن أنس عما يترخص
.( فيه أهل المدينة من الغناء فقال: إنما يفعله عندنا الفساق( ٣
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: بعد حكايته لقول مالك وهذا
معروف في كتاب أصحاب مالك وهم أعلم بمذهبه ومذهب أهل
المدينة من طائفة في المشرق لا علم لهم بمذاهب الفقهاء( ٤). اه.
وفي مذهب مالك: لا تقبل شهادة المغنَّي والمغنية إذا كانوا
.( معروفين بذلك( ٥
.(٣٤٧/ ١) ذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان ( ١ )
.(٣٤٨/ ٢) إغاثة اللهفان ( ١ )
٣) أخرجه الخلال في الأمر بالمعروف (ص ١٤٢ )، وابن الجوزي في تلبيس إبليس )
.( (ص ٢٢٩
.(٥٧٧/ ٤) مجموع الفتاوى ( ١١ )
.(١٥٣/ ٥) مدونة الإمام مالك ( ٥ )
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٢٥
.( ولا تجوز الإجارة على تعليم الغناء( ١
.( وأن الغناء إن كان بقبيح القول أو بآلة فإنه يحرم ولو في الأعراس( ٢
.( وقال أبو عبد الله الأبي: ولا خلاف في حرمة أجرة المغنية والنائحة( ٣
قلت: وهذا يدل على تحريم الغناء لأنه لو كان جائزًا لجاز
تعليمه والأجرة على ذلك.
وقال الحطاب: قال في المدخل في فصل المولود: ومذهب مالك
أن الطار الذي فيه الصراصر محرم وكذلك الشبابة ...
قال أصبغ: ما جاز للنساء مما جوز لهن من الدف والكبر في
العرس فلا يجوز للرجال عمله، وما لا يجوز لهم عمله فلا يجوز لهم
حضوره، ولا يجوز للنساء غير الكبر والدف ولا غناء معها ولا
.( ضرب ولا برابط ولا مزمار وذلك حرام محرم في الفرح وغيره( ٤
وذكر الدسوقي أن سماع الغناء يحرم إذا كان يثير الشهوة أو
.( كان بكلام قبيح أو كان بآلة( ٥
وقال أبو الطيب الطبري: أما مالك بن أنس فإنه ﻧﻬى عن الغناء
وعن استماعه، وقال: إذا اشترى جارية فوجدها مغنية كان له ردها
.( بالعيب وهو مذهب سائر أهل المدينة إلا إبراهيم بن سعد وحده( ٦
.(١٨٩/ ١) جواهر الإكليل ( ٢ )
.(١٠٥/ ٢) الشرح الصقير المطبوع مع بلقة السالك ( ٤ )
.(٢٥٠/ ٣) شرح صحيح مسلم للأبي ( ٤ )
.(٢٥١-٢٤٨/ ٤) مواهب الجليل ( ٥ )
.(٣٣٨- ٣٣٧/ ٥) حاشية الدسوقي ( ٢ )
.( ٦) ذكر قول أبي الطيب هذا ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص ٢٢٩ )
٢٦ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
المطلب الثالث: مذهب الإمام الشافعي:
قال الإمام الشافعي: خلفت في العراق شيًئا أحدثته الزنادقة
.( يسمونه التغبير يشغلون به الناس عن القرآن( ١
قال ابن الجوزي: وقد ذكر أبو منصور الأزهري المغبرة قوم
يغبرون بذكر الله – عز وجل – بدعاء وتضرع وقد سمعوا ما
يطربون فيه من الشعر في ذكر الله عز وجل تغبيرًا كأﻧﻬم إذا
.( شاهدوها بالألحان طربوا ورقصوا فسموا مغبرة لهذا المعنى( ٢
وقال ابن القيم: والتغبير هو عبارة عن التوقيع بقضيب أو نحوه
على جلد يابس وإنشاد أشعار ربانية مرققة للقلوب ومحركة
للسواكن ومع هذا سماهم بالزنادقة، فكيف لو رأى ما أحدثه هؤلاء
.( الذين في زماننا من الاستماع والرقص على الدفوف والشبابات( ٣
وقال الشافعي في الرجل يتخذ الغلام والجارية المغنيين وكان
يجمع عليهما ويغشى لذلك فهذا سفه ترد به شهادته وهو في
.( الجارية أكثر من قبل أن فيه سفهًا ودياثة( ٤
قال ابن الجوزي: وإنما جعل صاحبها سفيهًا فاسًقا لأنه دعا
.( الناس إلى الباطل ومن دعا الناس إلى الباطل كان سفيهًا فاسًقا( ٥
،(٤٧١- ١) انظر تلبيس إبليس (ص ٢٣٠ )، والكلام على مسألة السماع (ص ١١٩ )
.(٣٥٢/ وإغاثة اللهفان ( ١
.( ٢) تلبيس إبليس (ص ٢٣٠ )
.( ٣) الكلام على مسألة السماع (ص ٤٧١ )
.(٢٢٥ ،٢٢٣/ ٢٦ )، وسنن البيهقي ( ١٠ / ٤) الأم ( ٣ )
٥) تلبيس إبليس (ص ٢٤١ )، ونسب ابن القيم هذا القول إلى أبي الطيب الطبري، )
.(٣٥٢/ انظر إغاثة اللهفان ( ١
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٢٧
وقد صرح علماء الشافعية أن الغناء بالآلات المطربة حرام.
قال الشيرازي: ويكره الغناء وسماعه من غير آلة مطربة ...
ويحرم استعمال الآلات التي تطرب من غير غناء كالعود والطنبور
والمعزفة والطبل والمزمار، ويجوز ضرب الدف في العرس والختان
.( ودون غيرهما( ١
وقال البغوي: والغناء وسماعه من غير آلة مطربة مكروه ...
وأما الآلات المطربة كالعود والطنبور والصنج والطبل والمزمار
فيحرم استعمالها والاستماع إلى أصواﺗﻬا، وفي اليراع وجهان؛
أصحهما حرام كالمزمار، وضرب الدف مباح في الإملاكات
والختان وحرام في غيرهما ... وضرب القضيب على الوسائد
.( حرام( ٢
وذكر النووي أقسام الغناء فقال:
القسم الثاني: أن يغني ببعض آلات الغناء مما هو من شعار
شاربي الخمر وهو مطرب كالطنبور والعود والصنج وسائر المعازف
.( والأوتار ويحرم استعماله واستماعه( ٣
وقال ابن الجوزي: وقد كان رؤساء أصحاب الشافعي ينكرون
السماع وأما قدماؤهم فلا يعرف بينهم خلاف، وأما أكابر
المتأخرين فعلى الإنكار منهم أبو الطيب الطبري وله في ذم الغناء
.(٦٠٦ ،٦٠٤/ ١) المهذب ( ٥ )
.(٢٦٦ ،٢٦٥/ ٢) التهذيب ( ٨ )
.(٢٠٥/ ٣) روضة الطالبين ( ٨ )
٢٨ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
والمنع منه كتاب مصنف ... ومنهم القاضي أبو بكر محمد بن
مظفر الشامي ... قال: لا يجوز الغناء ولا سماعه ولا الضرب
.( بالقضيب قال: ومن أضاف إلى الشافعي هذا فقد كذب عليه( ١
وقال ابن القيم: وصرح أصحابه -أصحاب الشافعي -
.( العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله( ٢
المطلب الرابع: مذهب الإمام أحمد بن حنبل:
قال ابن الجوزي: وروى المروزي عن أحمد بن حنبل أنه قال:
كسب المخنث خبيث يكسبه بالغناء؛ وهذا لأن المخنث لا يغني
بالقصائد الزهدية وإنما يغني بالغزل والنوح.
ثم قال ابن الجوزي: فبان من هذه الجملة أن الروايتين عن أحمد
في الكراهة وعدمها تتعلق بالزهديات الملحنة، فأما الغناء المعروف
اليوم فمحظور عنده كيف ولو علم ما أحدثه الناس من
.( الزيادات( ٣
وقال ابن القيم: وأما مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله: سألت
أبي عن الغناء فقال: الغناء ينبت النفاق في القلب؛ لا يعجبني، ثم
.( ذكر قول الإمام مالك: إنما يفعله عندنا الفساق( ٤
.( ١) تلبيس إبليس (ص ٢٣٠ )
.(٣٤٨/ ٢) إغاثة اللهفان ( ١ )
.( ٣) تلبيس إبليس (ص ٢٢٩ )
٣٥١ )، وانظر قول الإمام أحمد في الأمر بالمعروف للخلال / ٤) إغاثة اللهفان ( ١ )
.( (ص ١٤٢
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٢٩
وقال ابن قدامة: الملاهي على ثلاث أضرب (أنواع):
محرم: وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها والعود
.( والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها( ١
وقال المرداوي: قال في الرعاية: ويكره سماع الغناء والنوح بلا
آلة لهو ويحرم معها...
وفي المستوعب والترغيب وغيرها يحرم مع آلة لهو بلا خلاف
.( بيننا( ٢
قلت: وﺑﻬذا يتبين اتفاق مذاهب الأئمة الأربعة على تحريم الغناء
والمعازف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: مذهب الأئمة الأربعة أن آلات
.( اللهو كلها حرام( ٣
* * *
.(٤٠/ ١) المغني ( ١٢ )
.(٥١/ ٢) انظر الإنصاف ( ١٢ )
.(٥٧٦/ ٣) مجموع الفتاوى ( ١١ )
٣٠ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
المبحث الثالث
أقوال بعض العلماء المعاصرين
حيث إن الغناء وسماعه من المسائل القديمة الحديثة فكان من
الطبيعي أن يتحدث عنه العلماء قديمًا وحديًثا، وقد ذكرنا فيما سبق
أقوال العلماء السابقين، وسوف نذكر هنا بعض أقوال العلماء
المعاصرين ومنهم:
١- سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم حيث قال: الغناء إذا كان
بطبل أو طنبور أو عود فهو حرام، فإن كان بدون ذلك ففيه
تفصيل: فغناء الغرام حرام الذي يذكر فيه أوصاف النساء ومثل
.( حداء الأعراب لا بأس به ولا سيما عند الحاجة إليه( ١
٢- اللجنة الدائمة للإفتاء: فقد ذكر في إحدى الفتاوى
الصادرة عن اللجنة: أما الغناء والموسيقى والاستماع لهما فهي من
.( المنكرات( ٢
٣- سماحة الشيخ ابن باز: حيث قال: الاستماع إلى الأغاني
حرام ومنكر، ومن أسباب مرض القلوب وقسوﺗﻬا وصدها عن ذكر
الله وعن الصلاة، وقد فسر أكثر أهل العلم قوله تعالى : {وَمِنَ
النَّا ِ س مَنْ يَشْتَ ِ ري َلهْوَ اْلحَدِيثِ} [لقمان: ٥] بالغناء وكان عبد الله
بن مسعود يقسم على أن لهو الحديث هو الغناء، وإذا كان مع الغناء
.(٣٢/ ١) فتاوى سماحة الشيخ ابن إبراهيم ( ١٣ )
١٣٩٨ ه). /٥/ ٢) فتاوى اللجنة الدائمة ص ١٣٤ فتوى رقم ( ١٩٠٠ ) في ( ١ )
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٣١
آلة لهو كالربابة والعود والكمان والطبل- صار التحريم أشد، وذكر
.( بعض العلماء أن الغناء بآلة لهو محرم إجماعًا( ١
٤- سماحة الشيخ عبد الله بن حميد حيث قال: الأغاني التي
تؤدي إلى الدعارة والخلاعة لا تجوز وكذلك الأغاني التي تؤديها
المرأة بصوﺗﻬا الرخيم فتثير النفوس لا تجوز سواء أمام الآلة أو الإذاعة
.( أو غيرها( ٢
٥- الشيخ محمد بن صالح العثيمين يقول: استماع الموسيقى
والأغاني حرام ولا شك في تحريمه، وقد جاء عن السلف من
الصحابة والتابعين أن الغناء ينبت النفاق في القلب واستماع الغناء
من لهو الحديث والركون إليه، وقد قال تعالى: {وَمِنَ النَّا ِ س مَنْ
يَشْتَ ِ ري َلهْوَ اْلحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَِبي ِ ل اللَّهِ ِبغَيْ ِ ر عِلْ ٍ م} قال ابن
مسعود في تفسير الآية: والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء، وتفسير
الصحابي حجة ... ثم إن الاستماع إلى الأغاني والموسيقى وقوع
ليكونن أقوام من أمتي يستحلون » : بقوله فيما حذر منه النبي
.« الحر والحرير والخمر والمعازف
وعلى هذا فإنني أوجه النصيحة إلى إخواني المسلمين بالحذر من
استماع الأغاني والموسيقى وألا يغتروا بقول من قال من أهل العلم
.( بإباحة المعازف؛ لأن الأدلة على تحريمه واضحة وصريحة( ٣
.(٢٢٤/ ١) كتب الدعوة – الفتاوى ( ١ )
.( ٢) فتاوى سماحة الشيخ عبد الله بن حميد (ص ٢٧٥ )
.(٢٢٩/ ٣) فتاوى الشيخ ابن عثيمين وإعداد وترتيب أشرف عبد المقصود ( ٢ )
٣٢ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
٦- الشيخ صالح الفوزان: يقول في رده على القرضاوي :
الإسلام لم يبح الغناء بل حرمه بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة منه
وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّا ِ س مَنْ يَشْتَ ِ ري َلهْوَ اْلحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَِبي ِ ل
اللَّهِ ِبغَيْ ِ ر عِلْ ٍ م}، ثم ذكر الأدلة من السنة وكلام الصحابة.
قلت: علمًا بأن الدكتور القرضاوي له رأي في الغناء المعروف
اليوم حيث قال: وﺑﻬذا أعلن من أول الأمر أن الغناء بصورته التي
يقدم ﺑﻬا اليوم في معظم التلفزيونات العربية والقنوات الفضائية بما
يصحبه من رقص وخلاعة وصور مثيرة لفتيات مائلات مميلات
كاسيات عاريات أو عاريات غير كاسيات أصبحت ملازمة للأغنية
الحديثة. والغناء ﺑﻬذه الصورة قد غدا في عداد المحرمات يبقين لا
.( لذاته ولكن لما يصحبه من هذه المثيرات والمضلات( ١
* * *
. ١) فقه الغناء والموسيقى في ضوء الكتاب والسنة ص ٨ )
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٣٣
الفصل الثالث
الإجابة عن حجج القائلين بالجواز
وفيه مباحث:
المبحث الأول: الإجابة عن الأحاديث التي احتجوا ﺑﻬا.
المبحث الثاني: الإجابة عن قولهم: إنه نقل عن بعض الصحابة
والتابعين ما يدل على الجواز.
المبحث الثالث: الإجابة عن قولهم: إنه مذهب أهل المدينة.
المبحث الرابع: الإجابة عن قولهم: إن مذهب مالك بن أنس
أباح الغناء.
٣٤ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
المبحث الأول
الإجابة عن الأحاديث التي احتجوا ﺑﻬا
يحتج القائلون بجواز الغناء واستماعه ببعض الأحاديث والآثار
وهذه الحجج عند التأمل لا تدل على ما ذهبوا إليه، إما لعدم
دلالتها أو لعدم ثبوﺗﻬا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومدار الحجج
في هذا الباب ونحوه: إما على قياس فاسد وتشبيه الشيء بما ليس
مثله وإما على جعل الخاص عاما وهو أيضًا من القياس الفاسد وإما
.( احتجاجهم بما ليس بحجة أص ً لا( ١
وقال ابن القيم عن هذه الآثار: صحيحها لا يدل، وما هو
.(٢) صريح في الدلالة فكذب موضوع على رسول الله
وسوف نستعرض في هذا المبحث أهم هذه الأدلة، ثم نذكر
أجوبة العلماء عليها:
أو ً لا: حديث الجارتين اللتين كانتا تغنيان في بيت عائشة رضي
الله عنها بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث، فأنكر عليهما أبو بكر
فقال ؟ رضي الله عنه وقال: أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله
دعهما يا أبا بكر؛ فإن لكل قوم عيدًا وهذا » : رسول الله
.(٣)« عيدنا
.(٢٨٩/ ١) الاستقامة ( ١ )
.( ٢) الكلام على مسألة السماع (ص ١٧٣ )
٣) صحيح البخاري كتاب العيدين. ٢ - باب الحراب والدرق يوم العيد الفتح )
.( ٥١٦ ) ح( ٩٥٢ / ٥١٠ )ح رقم ( ٩٤٩ )و ٣- باب سنة العيدين ؤ( ٢ /٢)
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٣٥
الجواب: قال ابن القيم رحمه الله: هذا الحديث من أكبر الحجج
عليك، فإن الصديق سمى الغناء مزمور الشيطان ولم ينكر عليه النبي
هذه التسمية وأقر الجويريتين على فعله إذ هما جويريتان
صغيرتان دون البلوغ غير مكلفتين قد أظهرتا الفرح والسرور يوم
العيد بنوع ما من أنواع غناء العرب ولا سيما الصغار منهن في بيت
جارية حديثة السن بشعر من شعر العرب في الشجاعة ومكار م
الأخلاق ومدحها وذم الجبن ومساوئ الأخلاق ... ثم نحن نرخص
في كثير من أنواع الغناء مثل هذا ومثل الغناء في النكاح للنساء
.( والصبيان إذا خلا من الآلات المحرمة( ١
وقال أبو الطيب الطبري: هذا الحديث حجتنا لأن أبا بكر سمى
على أبي بكر قوله، وإنما ذلك مزمور الشيطان ولم ينكر النبي
منعه من التغليظ في الإنكار لحسن رفعته لا سيما في يوم العيد وقد
كانت عائشة رضي الله عنه صغيرة في ذلك الوقت ولم ينقل عنها
.( بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء( ٢
وقال ابن الجوزي: إﻧﻬم ينشدون الشعر وسمى ذلك غناءً لنوع
يثبت في الإنشاد، وترجيع مثل ذلك لا يخرج الطباع عن الاعتدال
وكيف يحتج بذلك الواقع في الزمان السليم عند قلوب صافية على
هذه الأصوات المطربة الواقعة في زمان كدر عند نفوس قد تملكها
الهوى ما هذا إلا مغالطة للفهم ... وأين الغناء بما تقولت به
.( ١) انظر تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص ٢٣٨ )
.( ٢) انظر تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص ٢٣٨ )
٣٦ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
الأنصار يوم بعاث من غناء أمرد مستحسن بآلة مستطابة وصناعة
تجذب إليها النفس وغزليات يذكر فيها الغزال والغزالة والخال
.( والخد والقد ...( ١
نائمًا وقال ابن حجر ما معناه: إن أبا بكر ظن أن الرسول
فأنكر على الجاريتين مستصحبًا لما تقرر عنده من منع الغناء واللهو
الحال وعرفه الحكم مقرونًا ببيان الحكمة بأنه فأوضح له النبي
.( يوم عيد فلا ينكر فيه مثل هذا كما لا ينكر في الأعراس( ٢
أنه سمع الحداء، وكذلك عمر ثانيًا: قولهم إنه ثبت عن النبي
بن الخطاب رضي الله عنه رخص في الحداء، والغناء والحداء كل
منهما إنشاد بأصوات مطربة.
الجواب: أن هذا يدل على جواز الحداء فقط فلا يستدل به
على جواز الغناء.
قال ابن القيم: قد اتفق الناس على جواز الحداء وثبت أن عامر
بن الأكوع كان يحدو بالصحابة؛ ففي الصحيحين( ٣) عن سلمة بن
فسرنا لي ً لا، الأكوع رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله
فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنياتك
وكان عامر شاعرًا فنزل يحدو بالقوم يقول: اللهم لولا أنت ما
.(٢٣٨- ١) المصدر السابق (ص ٢٣٧ )
.(٦١٣/ ٢) فتح الباري ( ٢ )
(٥٣٠/ ٣) البخاري كتاب المغازي، ٣٨ - باب غزوة خيبر (رقم ٤١٩٦ ) الفتح ( ٧ )
.(١٤٢٧/٣) ( ومسلم: كتاب الجهاد، ٤٣ - باب غزوة خيبر (رقم ٨٠٢
القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب ٣٧
من هذا » : اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فقال رسول الله
وفي الصحيح « السائق؟ قالوا: عامر بن الأكوع قال: يرحمه الله
وذكر الحديث حتى قال حديث أنجشة الذي كان يحدو بالنبي
.(١)« رويدك يا أنجشة سوقك بالقوارير » : النبي
فمن الذي حرم الحداء حتى يحتجوا عليه بفعله بين يدي النبي
وأما قولكم: إن الغناء إن لم يكنه فهما رضيعا لبان. وهما في !؟
باﺑﻬا أخوان- فمِن أبطل الباطل، وهو من جنس استدلالكم على
الشعر واستنشاده له، وهل حل الغناء والسماع بسماع النبي
هذا إلا من أفسد القياس وأبطله، وإذا كان الأمر كما تقولون فلمَ
وأصحابه الحداء والشعر، ولم ينقل -والعياذ سمع رسول الله
بالله- عن أحد منهم قط استماع الغناء وحضوره وإقامته... فقياس
.( الغناء على الحداء من جنس قياس الربا على البيع( ٢
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: أما الحداء فقد ذكر الاتفاق
.( قياس الربا على البيع( ٣
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: أما الحداء فقد ذكر الاتفاق على
.( جوازه فلا يحتج به في موارده( ٤
١) متفق عليه. )
. ٢) الكلام على مسألة السماع ص ٣٠٧ )
.(٢٨٢/ ٣) الاستقامة ( ١ )
.(٦٠- ٤) كف الرعاع (ص ٥٩ )
٣٨ القول المقتضب .. في حكم الغناء وآلات الطرب
وقال ابن حجر الهيثمي: قال جمع من الشافعية والمالكية منهم
الأذرعي في توسطه والقرطبي في شرح مسلم : الغناء إنشادًا
واستماعًا على قسمين:
يتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــع