منتديات أنا مسلمة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات أنا مسلمة لكل المسلمين والمسلمات


    رسالة في أحكام السهو والتلاوة

    amal
    amal
    مدير عام
    مدير عام


    عدد المساهمات : 584
    نقاط : 3152
    تاريخ التسجيل : 09/04/2009
    العمر : 44
    الموقع : https://tita.yoo7.com

    رسالة في أحكام السهو والتلاوة  Empty رسالة في أحكام السهو والتلاوة

    مُساهمة  amal السبت يونيو 26, 2010 9:21 am


    رسالة في أحكام السهو والتلاوة

    مقـدمـة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه:
    فهذه – رعاك الله – رسالة موجزة عن أحكام سجود السهو والتلاوة والشكر، وهي أمور نمر بها؛ فحريٌّ بنا أن نتعرف على أحكام هذه السجدات، ولأهل العلم رحمهم الله والمشايخ وطلاب العلم كتابات حول هذه الأمور، لكن أحببت جمعها في مكان واحد حتى يسهل للقارئ الإلمام بها والاطلاع عليها، فنسأل الله أن ينفع بها جامعها وقارئها وناشرها، والله ولي التوفيق.



    وكتبه
    عبد الرزاق بن الشاوي الشمري-
    الرياض- حرسه الله

    * * * *

    أحكام سجود السهو

    «لما كان الإنسان عرضة للنسيان والذهول، وكان الشيطان يحرص على أن يشوش عليه صلاته؛ ببعث الأفكار وإشغال باله بها عن صلاته، وربما ترتب على ذلك نقص في الصلاة أو زيادة فيها بدافع النسيان والذهول، فشرع الله للمصلي أن يسجد في آخر صلاته؛ تفاديًا لذلك، وإرغامًا للشيطان، وجبرًا للنقصان، وإرضاءً للرحمن، وهذا السجود هو ما يسميه العلماء سجود السهو»( ).
    قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «وكان سهوُه – أي النبي  - في الصلاة من تمام نعمة الله على أمته وإكمال دينهم، ليقتدوا به فيما يشرعه لهم عند السهو، وكان  ينسى، فيترتب على سهوه أحكام شرعية تجري على سهو أمته إلى يوم القيامة»( ).
    ومن حكمة سهوه  تحقق بشريته؛ لئلا يكون للغلاة مدخل في إعطائه شيئًا من صفات الإلهية والربوبية باسم التعظيم، ولذا قال : «إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني». [رواه البخاري ومسلم]( ).

    ومنها التسلية والتعزي لمن يقع منه؛ فإنه حين يعلم أنه وقع من النبي  فليس عليه حزن أن يخشى الخلل في دينه، أو النقص في إيمانه، إلى غير ذلك من أسرار الله تعالى»( )، أما حكمة سجود السهو فهو إرغام للشيطان الذي هو سبب النسيان والسهو، وجبر للنقصان الذي طرأ في الصلاة، وإرضاء للرحمن بإتمام عبادته، وتدارك طاعته»( ).
    «ويشرع سجود السهو إذا وجد سببه، سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة»( ).



    * * * *


    ما أسباب سجود السهو؟

    اعلم أخي المبارك، أختي المباركة وفقني الله وإياكم لكل خير أن سجود السهو في الصلاة أسبابه في الجملة ثلاثة: «الزيادة والنقص والشك».
    * فالزيادة: مثل أن يزيد الإنسان ركوعًا، أو سجودًا، أو قيامًا أو قعودًا.
    * والنقص: مثل أن ينقص الإنسان ركنًا، أو ينقص واجبًا من واجبات الصلاة.
    * والشك: أن يتردد؛ كم صلى ثلاثًا أم أربعًا مثلاً.
    أما الزيادة فإن الإنسان إذا زاد في الصلاة ركوعًا أو سجودًا، أو قيامًا، أو قعودًا متعمدًا بطلت صلاته؛ لأنه إذا زاد فقد أتى بالصلاة على غير الوجه الذي أمره به الله تعالى ورسوله ، وقد قال النبي : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».
    [رواه مسلم].
    أما إذا زاد ذلك ناسيًا فإن صلاته لا تبطل؛ ولكنه يسجد للسهو بعد السلام، ودليل ذلك حديث أبي هريرة  حين سلم النبي  من الركعتين في إحدى صلاته العَشِيَّ؛ إما الظهر وإما العصر، فلما ذكَّروه أتى  بما بقي من صلاته، ثم سلم، ثم سجد سجدتين بعدما سلم» [متفق عليه].
    وحديث ابن مسعود  أن النبي  صلى بهم الظهر خمسًا، فلما انصرف قيل له: أزيد في الصلاة؟ قال: «وما ذاك؟» قالوا: صليت خمسًا. فثنى رجليه، واستقبل القبلة، وسجد سجدتين» [متفق عليه]( ).
    «فزيادة الأفعال إذا كانت زيادةً من جنس الصلاة: كالقيام في محلِّ القعود، والقعود في محل القيام، أو زاد ركوعًا أو سجودًا، فإذا فعل ذلك سهوًا فإنه يسجد للسهو؛ لقوله  في حديث ابن مسعود : «فإذا زاد الرجل أو نقص في صلاته، فليسجد سجدتين». [رواه مسلم]، ولأن الزيادة في الصلاة نقصٌ من هيئتها في المعنى، فشُرع السجود لها؛ لينجبر النقص. وكذا لو زاد ركعةً سهوًا ولم يعلم إلا بعد فراغه منها؛ فإنه يسجد للسهو. أما إن علم في أثناء الركعة الزائدة، فإنه يجلس في الحال، ويتشهد إن لم يكن تشهد، ثم يسجد للسهو ويسلم. وإن كان إمامًا: لزم من علم من المأمومين بالزيادة تنبيهه؛ بأن يسِّبحَ الرجال وتصفق النساء، ويلزم الإمام حينئذ الرجوع إلى تنبيههم إذا لم يجزم بصواب نفسه؛ لأنه رجوع إلى الصواب، وكذا يلزمهم تنبيهه على النقص. وأما زيادة الأقوال: كالقراءة في الركوع والسجود، وقراءة سورة في الركعتين الأخيرتين من الرباعية والثالثة من المغرب، فإذا فعل ذلك سهوًا استُحب له السجود للسهو»( ).
    «أما النقص: فإن نقص الإنسان ركنًا من أركان الصلاة [غير تكبيرة الإحرام]( ) فلا يخلو:
    1- إما أن يذكره قبل أن يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، فحينئذ يلزمه أن يرجع فيأتي بالركن وبما بعده.
    2- وإما أن لا يذكره إلا حين يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، وحينئذ تكون الركعة الثانية بدلاً عن التي ترك ركنًا منها فيأتي بدلها بركعة، وفي هاتين الحالين يسجد بعد السلام.
    مثال ذلك: رجل قام حين سجد السجدة الأولى من الركعة الأولى ولم يجلس ولم يسجد السجدة الثانية، ولما شرع في القراءة ذكر أنه لم يسجد ولم يجلس بين السجدتين، فحينئذ يرجع ويجلس بين السجدتين، ثم يسجد، ثم يقوم فيأتي بما بقي من صلاته، ويسجد السهو بعد السلام.
    ومثال لمن لم يذكره إلا بعد وصوله إلى محله من الركعة الثانية: أنه قام من السجدة الأولى في الركعة الأولى ولم يسجد السجدة الثانية ولم يجلس بين السجدتين، ولكنه لم يذكر إلا حين جلس بين السجدتين في الركعة الثانية؛ ففي هذه الحال تكون الركعة الثانية هي الركعة الأولى، ويزيد ركعة في صلاته، ويسلم ثم يسجد للسهو»( ).

    وإن لم يعلم بالركن المتروك إلا بعد السلام فإنه يعتبره كترك ركعة كاملة؛ فإن لم يَطُلِ الفصل وهو باقٍ على طهارته، أتى بركعة كاملة وسجد للسهو وسلَّم. وإن طال الفصل، أو انتقض وضوؤه، استأنف الصلاة من جديد؛ إلا أن يكون المتروك تشهدًا أخيرًا أو سلامًا؛ فإنه لا يعتبر كترك ركعة كاملة؛ بل يأتي به ويسجد ويسلم»( ).
    «أما نقص الواجب: فإذا نقص واجبٌ وانتقل من موضعه إلى الموضع الذي يليه- مثل أن ينسى قول «سبحان ربي الأعلى»- ولم يذكر إلا بعد أن رفع من السجود، فهذا قد ترك واجبًا من واجبات الصلاة سهوًا؛ فيمضي في صلاته، ويسجد للسهو قبل السلام؛ لأن النبي  لما ترك التشهد الأول مضى في صلاته ولم يرجع وسجد للسهو قبل السلام» [متفق عليه]( ).
    «أما الشك، فإن الشك هو التردد بين الزيادة والنقص؛ مثل أن يتردد هل صلى ثلاثًا، أو أربعًا، فلا يخلو من حالين:
    1- إما أن يترجح عنده أحد الطرفين: الزيادة أو النقص، فيبني على ما ترجح عنده ويتم عليه، ويسجد للسهو بعد السلام.
    2- وإما أن لا يترجح عنده أحد الأمرين؛ فيبني على اليقين وهو الأقل، ويتم عليه، ويسجد للسهو قبل السلام.

    مثال ذلك: رجل يصلي الظهر ثم شك هل هو في الركعة الثالثة أو الرابعة، وترجح عنده أنها الثالثة فيأتي بركعة، ثم يسلم، ثم يسجد للسهو.
    ومثال ما استوى فيه الأمران: رجل يصلي الظهر فشك هل هذه الركعة الثالثة، أو الرابعة: ولم يترجح عنده أنها الثالثة أو الرابعة، فيبني على اليقين وهو الأقل، ويجعلها الثالثة، ثم يأتي بركعة ويسجد للسهو قبل أن يسلم»( ).
    «وإن شك المأموم أدَخل مع الإمام في الأولى أو الثانية، جعله في الثانية، أو شك هل أدرك الركعة أو لا، لم يعتد بتلك الركعة، ويسجد للسهو. وإن شك في ترك ركن فكما لو تركه، فيأتي به وبما بعده. وإن شك في ترك واجب، لم يعتبر هذا الشك، ولا يسجد للسهو، وكذا لو شك في زيادة، لم يلتفت إلى هذا الشك؛ لأن الأصل عدم الزيادة»( ).


    * * * *

    متى يكون السجود للسهو بعد السلام؟

    قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: «الأفضل أن يكون السجود للسهو قبل السلام إلا في صورتين- فإنه يكون بعد السلام- وهما:
    -إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر؛ فإن الأفضل أن يكون سجود السهو بعد إكمال الصلاة والسلام منها؛ اقتداء بالنبي  في ذلك؛ لأن النبي  لما سلم عن نقص ركعتين في حديث أبي هريرة  وعن نقص ركعة في حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما- سجد للسهو بعد التمام والسلام.
    والصورة الثانية: إذا شك في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثًا أم أربعًا في الرباعية، أو اثنتين أو ثلاثًا في المغرب، أو واحدة أو اثنتين في الفجر، لكنه غلب على ظنه أحد الأمرين وهو النقص أو التمام؛ فإنه يبني على غالب ظنه ويكون سجوده بعد السلام على سبيل الأفضلية؛ لحديث ابن مسعود ( ). وفيه أن النبي  قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب؛ فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين بعد السلام»( ).

    ماذا يقول المصلي في سجود السهو؟

    يقول الساجد في سجود السهو والتلاوة مثل ما يقول في سجوده في صلاته: «سبحان ربي الأعلى»، والواجب في ذلك مرة واحدة، وأدنى الكمال ثلاث مرات، ويستحب الدعاء في السجود بما يسر الله من الأدعية الشرعية المهمة؛ لقول النبي : «وأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء؛ فقمن أن يستجاب لكم». وقوله : «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء». [رواهما مسلم في صحيحه]، وكان النبي  يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي». [متفق عليه] من حديث عائشة رضي الله عنها، وكان يقول أيضًا في الركوع والسجود: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح». [أخرجه مسلم في صحيحه]( ).
    «ومن أخطاء العوام في الصلاة، قول بعضهم عند سهوه في الصلاة في سجود السهو: «سبحان من لا يسهو ولا ينام»، وبعضهم يقرأ: وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [مريم: 64] أو قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286]، ولا يوجد لهذا أصل يعتمد عليه في الشرع»( ).
    أحكام سجود التلاوة

    «ومن السنن سجود التلاوة؛ سمِّي بذلك من إضافة المسبّب للسبب؛ لأن التلاوة سببه، فهو: سجودٌ شرعه الله ورسوله عبودية عند تلاوة الآيات واستماعها؛ تقربًا إليه سبحانه، وخضوعًا لعظمته، وتذللاً بين يديه»( ).
    «سجدة التلاوة هي السجدة المشروعة عند تلاوة الإنسان آية السجدة، والسجدات في القرآن معروفة، فإذا أراد أن يسجد كبَّر وسجد وقال: «سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم غفر لي، اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه، وصوره، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته». [أخرجه أبو داود والترمذي وصححه]، «اللهم اكتب لي بها أجرًا، وحط عني بها وزرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود». [أخرجه البخاري ومسلم]. ثم يرفع بدون تكبير ولا سلام، إلا إذا كانت السجدة في أثناء الصلاة؛ مثل أن يقرأ القارئ آية فيها سجدة وهو يصلي؛ فيجب عليه أن يكبر إذا سجد، ويجب عليه أن يكبر إذا قام؛ لأن الواصفين لصلاة النبي  ذكروا أنه يكبر كلما خفض ورفع. [رواه البخاري]، وهذا يشمل سجود صلب الصلاة، وسجود التلاوة( ). ولحديث ابن عمر : «كان عليه الصلاة والسلام يقرأ علينا القرآن، فإذا مرَّ بالسجدة كبَّر، وسجد، وسجدنا معه». [رواه أبو داود].
    قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «كان  إذا مرَّ بسجدة، كبَّر وسجد، وربما قال في سجوده: «سجد وجهي للذي خلقه وصوَّره وشقَّ سمعه وبصره بحوله وقوته». وربما قال: «اللهم احطط عني بها وزرًا، واكتب لي بها أجرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود». ذكرهما أهل السنن. ولم يُذكر عنه أنه كان يكبر للرفع من هذا السجود»( ).
    وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: «سجود التلاوة مثل سجود الصلاة سواء؛ سجود التلاوة، سجود الشكر، مثل سجود الصلاة، وهكذا سجود السهو، يقول فيه: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. وإن قال: «اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين»- فحسن؛ لأن هذا مشروع في سجود الصلاة، فهكذا في سجود التلاوة، وسجود السهو أيضًا ( ).
    واختلف العلماء في سجود التلاوة والشكر؛ هل يشترط لهما الطهارة من الحدثين على قولين؛ أصحهما لا يشترط؛ لعدم الدليل على ذلك؛ ولأن السجود وحده ليس صلاة، ولا في حكم الصلاة؛ ولكنه جزء من الصلاة؛ فلم تشترط له الطهارة؛ كأنواع الذكر غير القرآن.
    وقد كان النبي  يقرأ القرآن فإذا مر بالسجدة سجد وسجد معه أصحابه ولم يثبت عنه  أنه أمرهم بالطهارة في ذلك؛ ومعلوم أن المجالس تضم من هو جنب ومن هو غير جنب، ولو كانت الطهارة شرطًا للسجود من الحدث الأكبر أو من الحدثين لبينه النبي ؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كما بين  بفعله وقوله أن الجنب لا يقرأ القرآن. وبذلك يتضح جواز سجود التلاوة والشكر للجنب والحائض وغيرهما ممن هو على غير طهارة من المسلمين في أصح قولي العلماء، والله ولي التوفيق ( ).
    فإذا كان القارئ في الطائرة، أو السيارة، أو الباخرة، أو على دابة في السفر فإنه يسجد إلى جهة سيره، كما كان النبي  يفعل ذلك في أسفاره في صلاة النافلة، وإن تيسر له استقبال القبلة حال صلاة النافلة عند الإحرام، ثم يتجه إلى جهة سيره، فذلك أفضل؛ لأنه ثبت ذلك عن النبي  في بعض الأحاديث ( ).
    وكذلك هي من ذوات الأسباب؛ فيسجد ولو حتى في وقت النهي كالعصر وبعد الفجر؛ يسجد في أي وقت؛ إذا قرأ السجدة يسجد مطلقًا سواء كان على طهارة أو على غير طهارة، وسواء كان في وقت الصلاة أو في وقت النهي ( ).
    وسجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع، وليس واجبًا، ولا يشرع للمستمع إلا تبعًا للقارئ؛ فإذا سجد القارئ سجد المستمع، وإذا قرأت آية السجدة في مكتبك أو في حال التعليم فالمشروع لك السجود، ويشرع للطلبة أن يسجدوا معك؛ لأنهم مستمعون، وإن تركت السجود فلا بأس؛ لأنه ثبت عن زيد بن ثابت أنه قرأ على النبي  سورة النجم فلم يسجد فيها، فلم ينكر عليه النبي  [متفق على صحته]( ).
    وإن كان في الصلاة مرَّ بها في الصلاة- شرع له السجود في الصلاة الجهرية كالمغرب والعشاء والفجر والجمعة؛ شرع له السجود والمأمومون يسجدون خلفه إذا كان إمامًا؛ يسجدون معه إذا سجد. أما في السرية وهو إمام فلا يشرع له السجود؛ لأنه قد يشوش على الناس في السرية إذا قرأها في الصلاة السرية؛ كالظهر والعصر، والثالثة من المغرب والثالثة والرابعة من العشاء، والأفضل ألا يسجد؛ لئلاَّ يشوش على الناس؛ إلا إذا كان يصلي وحده فلا بأس؛ كأن يصلي نافلة أو فاتته الصلاة وكان يصلي وحده فلا بأس في الصلاة السرية لعدم التشويش، وفي الصلاة يكبر في كل خفض ورفع، إذا سجد يكبر، وإذا رفع يكبر؛ لأن النبي  كان يكبر في كل خفض ورفع. يدخل في ذلك سجود التلاوة في الصلاة، وهي سنة غير واجبة.
    «والإتيان بسجود التلاوة عن قيام أفضل من الإتيان به عن قعود»( ).
    أحكام سجود الشكر

    قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
    «كان من هديه  وهدي أصحابه سجود الشكر عند تجدد نعمة تسُر، أو اندفاع نقمة، كما في المسند عن أبي بكرة، أن النبي  كان إذا أتاه أمرٌ يسرُّه، خر لله ساجدًا شكرًا لله تعالى»( ).
    وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
    «وهكذا الشكر له سجود مشروع إذا بُشر بشيء يسره؛ بولد أو فتح للمسلمين، أو بانتصار المسلمين على عدوهم، أو بغير هذا مما يسره؛ فإنه يسجد لله شكرًا مثل سجود الصلاة ويقول: «سبحان ربي الأعلى». ويدعو في السجود، ويحمد الله ويثني عليه على ما حصل من الخير؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا جاءه أمر يَسُرُّه سجد لله شكرًا، ولما بُشِّرَ الصديق  بقتل مسيلمة سجد لله شكرًا، ولما وجد علي  المخدَّج في قتلى الخوارج سجد لله شكرًا»( ).
    وقال الشيخ ابن عثيمين: «يكون سجود الشكر عن مصيبة اندفعت، أو لنعمة تهيأت للإنسان، وهو كالتلاوة خارج الصلاة؛ فبعض العلماء يرى له الوضوء والتكبير، وبعضهم يرى التكبيرة الأولى فقط ثم يخر ساجدًا ويدعو بعد قوله: «سبحان ربي الأعلى»( ).
    قال الشيخ سعيد بن وهف القحطاني: «وسمعت الإمام ابن باز رحمه الله يقول: «والظاهر أنه يسجد للشكر بدون تكبير وهذا هو الأصل»( ).
    هذا ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    محبكم
    أبو عبد الرحمن

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
    ( ) ينظر: فتاوى أركان الإسلام للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى (362).
    ( ) ينظر: صلاة المؤمن للشيخ سعيد بن وهف القحطاني (1/399).


    * * * *


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس أكتوبر 31, 2024 5:46 pm