من عجائب الاستغفار ٥
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله الغفور التواب، وعد المستغفرين بجزيل الثواب،
وجعله أمانًا من العذاب، والصلاة والسلام على النبي المختار، أمر
بالاستغفار، وبشر من لزمه بإزالة الأكدار، وصلى الله عليه وعلى
أصحابه الأخيار، وآله الأبرار، وأزواجه الأطهار، ومن تبعهم
بإحسان في هذه الدار، وسَلِّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فقد مدح الله تعالى المستغفرين - خاصة في السحر – وجعل
لهم حميدَ الأََثر، وحسبك بفعل سيد البشر؛ فقد كان يستغفر في
اليوم مائة مرة، فلله ما أبره، اقتدى به من بعده الصالحون، وسار
على ﻧﻬجه المتبعون، فلزموا الاستغفار، وغيره من الأذكار، في العشي
والإبكار؛ زيادًة في الإيمان، وطمعًا في الأمان، فزالت كثير من
همومهم، وكشفت غالب غمومهم، وما كانوا في ضيق إلا يسر الله
تعالى لهم فرجًا، ولا في كرب إلا جعل لهم منه مخرجًا.
وفي المداومة على ذلك تأثير عجيب – بإذن الله تعالى – في
دفع الكروب، ومحو الذنوب، ونيل المطلوب، وإخراج الغل من
القلوب، وتفريج الهموم، وإزالة الغموم، وشفاء الأسقام، وذهاب
الآلام، وحلول البركة، والقناعة بالرزق، والعاقبة الحميدة، وصلاح
النفس، والأهل، والذرية، وإنزال الغيث، وكثرة المال، والولد،
وكسب الحسنات، وغير ذلك من الفوائد.
وبين يديك عدد من الآيات والأحاديث والآثار التي تبين فضل
الاستغفار، وفوائده، وحاجة المسلم له، وتقرأ في آخر الكتاب
من عجائب الاستغفار ٦
قصصًا لمن داوم على الاستغفار فأعقبه ذلك خيرًا؛ لتكون حافزًا
للمداومة عليه، وفي الآيات والأحاديث كفاية.
ولتعلم أن قلة القصص في هذا الكتاب – بالنسبة للكتب
في جزئيه، « من عجائب الدعاء » السابقة في هذا اﻟﻤﺠال ككتاب
ناتج عن ارتباط هذه الأمور ببعض؛ فقد « من عجائب الصدقة » و
يتصدق المرء ويدعو ويستغفر ثم يأتيه الفرج؛ فتم ذكر القصص
هناك لسبق التأليف.
ومن ناحية أخرى فقد تتكرر نف س المواقف لعدد من
الأشخاص ويكون نتاجها واحد؛ فكان من الأنسب الاكتفاء
بالبعض عن الكل، وإن اختلفت بعض فصول القصة.
أسأل الله تعالى حسن العمل، والنية الصادقة، والعفو والعافية،
والإخلاص في القول والعمل، اللهم أعذنا من مضلات الفتن ما
ظهر منها وما بطن، وأدم على بلادنا الأمن والاستقرار وسائر بلاد
المسلمين، ووفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى يا كريم.
وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
خالد بن سليمان بن علي الربعي
المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالشقة
( بريدة ص ب ( ٢٥٠٧٦ ) الرمز البريدي ( ٥١٣٢١
هاتف ٠٦٣٨٧٠٠٠٦ فاكس تحويله ١٤
E-mail: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
من عجائب الاستغفار ٧
أو ً لا: الآيات
١- قال الله تعالى: {َفاصِْبرْ ِإنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِ َ ذنِْبكَ
.[ وَسَبِّحْ ِبحَمْدِ رَبِّكَ ِبالْعَشِيِّ وَاْلِإبْ َ كا ِ ر} [غافر: ٥٥
٢- وقال تعالى: {فَاعَْلمْ َأنَّهُ َلا ِإَلهَ ِإلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِ َ ذنِْبكَ
.[ وَلِلْمُؤْمِِنينَ وَاْلمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعَْلمُ مُتََقلَّبَكُمْ وَمَثْوَا ُ كمْ} [محمد: ١٩
٣ - وقال تعالى: {ُق ْ ل َأؤُنَبِّئُكُمْ ِبخَيْ ٍ ر مِنْ َ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتََّقوْا عِنْدَ
رَبِِّ همْ جَنَّاتٌ تَجْ ِ ري مِنْ تَحْتِهَا اْلَأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وََأزْوَاجٌ مُ َ طهَّرَةٌ
وَرِضوَْانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ ِبالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُوُلو َ ن رَبَّنَا ِإنَّنَا آَمَنَّا َفا ْ غفِرْ
َلنَا ُ ذنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّاِ ر * الصَّاِبرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَاِنتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ
.[١٧- وَاْلمُسْتَغْفِ ِ رينَ ِباْلَأسْحَاِ ر} [آل عمران: ١٥
٤- وقال تعالى: {وَالَّذِينَ ِإ َ ذا َفعَلُوا فَاحِشًَة َأوْ َ ظَلمُوا َأنْفُسَهُمْ
َ ذ َ كرُوا اللَّهَ فَاسْتَغَْفرُوا لِ ُ ذنُوِب ِ همْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ ِإلَّا اللَّهُ وََلمْ يُصِرُّوا
.[ عََلى مَا َفعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُو َ ن} [آل عمران: ١٣٥
٥- وقال تعالى: {قَا َ ل يَا َقوِْم لِمَ تَسْتَعْجُِلو َ ن ِبالسَّيَِّئةِ قَبْ َ ل
.[ الْحَسَنَةِ َلوَْلا تَسْتَغْفِرُو َ ن اللَّهَ َلعَلَّكُمْ تُرْحَمُو َ ن} [النمل: ٤٦
٦- وقال تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ُثمَّ ُفصَِّلتْ مِنْ
َلدُ ْ ن حَكِي ٍ م خَِب ٍ ير * َألَّا تَعْبُدُوا ِإلَّا اللَّهَ ِإنَِّني َل ُ كمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وََأنِ
اسْتَغْفِرُوا رَبَّ ُ كمْ ُثمَّ تُوبُوا ِإَليْهِ يُمَتِّعْ ُ كمْ مَتَاعًا حَسَنًا ِإَلى َأجَ ٍ ل مُسَمى
وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي َفضْ ٍ ل َفضَْلهُ وَِإنْ تَوَلَّوْا َفِإنِّي َأخَافُ عََليْ ُ كمْ عَذَابَ يَوٍْم
.[٣- َ كِب ٍ ير} [هود: ١
من عجائب الاستغفار ٨
٧- وقال تعالى: {وَِإَلى عَادٍ َأخَاهُمْ هُودًا قَا َ ل يَا َقوِْم اعْبُدُوا
اللَّهَ مَا َل ُ كمْ مِنْ ِإَلهٍ َ غيْرُهُ ِإ ْ ن َأنْتُمْ ِإلَّا مُفْتَرُو َ ن * يَا َقوِْم َلا َأسَْألُكُمْ عََليْهِ
َأجْرًا ِإ ْ ن َأجْ ِ ريَ ِإلَّا عََلى الَّذِي َف َ طرَِني َأَفَلا تَعْقُِلو َ ن * وَيَا َقوِْم اسْتَغْفِرُوا
رَبَّ ُ كمْ ُثمَّ تُوبُوا ِإَليْهِ يُرْسِ ِ ل السَّمَاءَ عََليْ ُ كمْ مِدْرَارًا وَيَ ِ زدْكُمْ قُوًَّة ِإَلى
.[٥٢- قُوَّتِكُمْ وََلا تَتَوَلَّوْا مُجْ ِ رمِينَ} [هود: ٥٠
٨- وقال تعالى: {َفقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّ ُ كمْ ِإنَّهُ َ كا َ ن َ غفَّارًا *
يُرْسِ ِ ل السَّمَاءَ عََليْ ُ كمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْ ُ كمْ ِبأَمْوَا ٍ ل وَبَِنينَ وَيَجْعَلْ َل ُ كمْ
.[١٢- جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ َل ُ كمْ َأنْهَارًا} [نوح: ١٠
٩- وقال تعالى: {ِإنَّا َأنْزَْلنَا ِإَليْكَ الْكِتَابَ ِبالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ
النَّا ِ س ِبمَا َأرَاكَ اللَّهُ وََلا تَ ُ كنْ لِلْخَائِِنينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِ ِ ر اللَّهَ ِإنَّ اللَّهَ
.[١٠٦ ، كَا َ ن َ غُفورًا رَحِيمًا} [النساء: ١٠٥
١٠ - وقال سبحانه: {وَمَنْ يَعْمَ ْ ل سُوءًا َأوْ يَ ْ ظلِمْ نَفْسَهُ ُثمَّ
.[ يَسْتَغْفِ ِ ر اللَّهَ يَ ِ جدِ اللَّهَ َ غُفورًا رَحِيمًا} [النساء: ١١٠
١١ - وقال تعالى: {وَِإذْ َقاُلوا اللَّهُمَّ ِإ ْ ن كَا َ ن هَ َ ذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ
عِنْدِكَ َفَأمْطِرْ عََليْنَا حِجَارًَة مِنَ السَّمَاءِ َأ ِ و اْئتِنَا ِبعَذَا ٍ ب َألِي ٍ م * وَمَا كَا َ ن
اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وََأنْتَ فِي ِ همْ وَمَا كَا َ ن اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُو َ ن}
.[٣٣ ، [الأنفال: ٣٢
١٢ - وقال تعالى: {ِإ َ ذا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَاْلَفتْحُ * وَرََأيْتَ النَّاسَ
يَدْخُُلو َ ن فِي دِي ِ ن اللَّهِ َأفْوَاجًا * َفسَبِّحْ ِبحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ِإنَّهُ كَا َ ن
تَوَّابًا} [النصر].
من عجائب الاستغفار ٩
ثانيًا: التفسير
* عن مجاهد في قول الله عز وجل: {وََلمْ يُصِرُّوا عََلى مَا َفعَلُوا
وَهُمْ يَعْلَمُو َ ن} [آل عمران: ١٣٥ ]، قال: لم يواقعوا. وقال آخرون:
.( السكوت على الذنب وترك الاستغفار( ١ « الإصرار » معنى »
قال: إنه كان قبل أمانان، قال تعالى : * وعن أبي موسى
{وَمَا كَا َ ن اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وََأنْتَ فِي ِ همْ وَمَا كَا َ ن اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ
فقد مضى، وأما يَسْتَغْفِرُو َ ن} [الأنفال: ٣٣ ] قال: أما النبي
.( الاستغفار فهو دائر فيكم إلى يوم القيامة ( ٢
* عن قتادة: في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ
فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، قال: إن القوم
لم يكونوا يستغفرون، ولو كانوا يستغفرون ما عذبوا، وكان
بعض أهل العلم يقول: هما أمانان أنزلهما الله؛ فأما أحدهما
فمضى؛ نبي الله، وأما الآخر فأبقاه الله رحمة بين أظهركم؛
.( الاستغفار والتوبة( ٣
* وفي قوله تعالى: {وَمَا كَا َ ن اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وََأنْتَ فِي ِ همْ وَمَا
كَا َ ن اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُو َ ن}: قال ابن عباس: كان فيهم
.( وبقي الاستغفار( ٤ والاستغفار، فذهب النبي ، أمانان: النبي
.(٢٢٤/ ١) تفسير الطبري: ( ٧ )
.(٥١٣/ ٢) تفسير الطبري: ( ١٣ )
.(٥١٤/ ٣) تفسير الطبري: ( ١٣ )
.(٤٨/ ٤) تفسير ابن كثير: ( ٤ )
من عجائب الاستغفار ١٠
* وعن الحسن في قوله تعالى: { َ كانُوا َقلِيلًا مِنَ اللَّيْ ِ ل مَا
يَهْجَعُو َ ن} [الذاريات: ١٧ ]: قال: قيام الليل.
* وعنه قال: مدُّوا في الصلاة ونشطوا، حتى كان الاستغفار
.( بسحر ( ١
،[ * قال تعالى: {وَاْلمُسْتَغْفِ ِ رينَ ِباْلَأسْحَا ِ ر} [آل عمران : ١٧
.( قال ابن كثير: دَلَّ على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار ( ٢
* وفي قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِ َ ذنِْبكَ} [محمد : ١٩ ] ﺗﻬييج
؛[ للأمة على الاستغفار، {وَسَبِّحْ ِبحَمْدِ رَبِّكَ ِبالْعَشِيِّ} [غافر: ٥٥
أي: في أواخر النهار وأوائل الليل، {وَاْلِإبْ َ كا ِ ر}، وهي أوائل
.( النهار وأواخر الليل ( ٣
* قال تعالى: {َف َ ذرِْني وَمَنْ يُ َ كذِّبُ ِبهَ َ ذا اْلحَدِيثِ سَنَسْتَدْ ِ رجُهُمْ
مِنْ حَيْثُ َلا يَعَْلمُو َ ن} [القلم : ٤٤ ]؛ قال أبو روق : أي كلما
.( أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار ( ٤
[ * قال السعدي في قوله تعالى: {وََأنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّ ُ كمْ} [هود: ٣
عن ما صدر منكم من الذنوب، {تُوبُوا ِإَليْ هِ} فيما تستقبلون من
أعماركم بالرجوع إليه بالإنابة والرجوع عما يكرهه الله إلى ما
يحبه ويرضاه، ثم ذكر ما يترتب على الاستغفار والتوبة فقال :
.(٤٠٩/ ١) تفسير الطبري: ( ٢٢ )
.(٢٣/ ٢) تفسير ابن كثير: ( ٢ )
.(١٥١/ ٣) تفسير ابن كثير: ( ٧ )
.(٢٥١/ ٤) تفسير القرطبي: ( ١٨ )
من عجائب الاستغفار ١١
{يُمَتِّعْ ُ كمْ مَتَاعًا حَسَنًا}؛ أي: يعطيكم من رزقه ما تتمتعون به
وتنتفعون، {ِإَلى َأجَ ٍ ل مُسَمى }: أي: إلى وقتِ وََفاتِكم،
{وَيُؤْتِ} منكم {كُلَّ ذِي َفضْ ٍ ل َفضَْلهُ}: أي: يعطي أهل
الإحسان والِبرِّ مِنْ َفضْله وِبرِّه ما هو جزاء لإحساﻧﻬم؛ من حصول
ما يحبون، ودفع ما يكرهون، {وَِإنْ تَوَلَّوْا} عن ما دعوتكم إليه،
بل أعرضتم عنه، وربما كذبتم به {َفِإنِّي َأخَافُ عََليْ ُ كمْ عَذَابَ يَوٍْم
كَِب ٍ ير}: وهو يوم القيامة الذي يجمع الله فيه الأَوَّلين والآخرين،
.( فيجازيهم الله بأعمالهم؛ إن خيرًا فخير، وإن شرا فشر ( ١
* * *
.(٦٧٣/ ١) تفسير السعدي: ( ١ )
من عجائب الاستغفار ١٢
ثالًثا: الأحاديث
والله » : يقول قال: سمعت رسول الله * عن أبي هريرة
.(١)« إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة
قال: يا رسول الله، إني َذ ِ ربُ اللسان، وإنَّ * وعن حذيفة
فقال : «؟ أين أنت من الاستغفار » : عامََّة ذلك على أهلي. فقال
.(٢)« إني لأستغفر في اليوم والليلة - أو في اليوم - مائة مرة »
قال: كنت رج ً لا َذ ِ ربَ اللسان على أهلي * وعن حذيفة
فقلتُ: يا رسول الله قد خشيت أن يدخلني لساني النار . قال :
.(٣)« فأين أنت من الاستغفار؟ إني لأستغفر الله في اليوم مائًة »
يقول : قال: سمعت النبي * وعن عبد الله بن بسر
.(٤)« طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا »
وكانت له صحبة أن * وعن أبي بردة عن الأَ َ غرِّ المزنيِّ
إنه َليُغَا ُ ن على قلبي، وإني لأس تغفر الله في » : قال رسول الله
.(٥)« اليوم مائة مرة
.(٣٦٥/ ١) صحيح البخاري: ( ١٩ )
.(٣٤٢/ ٢) مسند أحمد: ( ٤٧ )
.(٣٥١/ ٣) مسند أحمد: ( ٤٧ )
٤) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، والبيهقي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب )
.(١٢٥/ والترهيب: ( ٢
.(٢١٦/ ٥) صحيح مسلم: ( ١٣ )
من عجائب الاستغفار ١٣
أنه كان يدعو عن النبي * وعن ابن أبي موسى عن أبيه
رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله » : ﺑﻬذا الدعاء
وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي
وهزلي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ،
وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على
.(١)« كل شيء قدير
أنه كان يدعو: عن النبي * وعن أبي موسى الأشعري
اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم »
به مني، اللهم اغفر لي هَزْلي و ِ جدِّي وخطاياي وعمدي وكل
.(٢)« ذلك عندي
إذا انصرف من قال: كان رسول الله * وعن ثوبان
اللهم أنت السلام ومنك السلام » : صلاته استغفر ثلاًثا وقال
قال الوليد: فقلت للأوزاعي : .« تباركت يا ذا الجلال والإكرام
.(٣)« أستغفر الله أستغفر الله » : كيف الاستغفار؟ قال: تقول
يكثر كان النبي » : * وعن عائشة رضي الله عنها أﻧﻬا قالت
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك » : أن يقول في ركوعه وسجوده
.( يتأول القرآن( ٤ « اللهم اغفر لي
.(٨/ ١) صحيح البخاري: ( ٢٠ )
.(٩/ ٢) صحيح البخاري: ( ٢٠ )
.(٢٥٤/ ٣) صحيح مسلم: ( ٣ )
.(٣٠٨/ ٤) صحيح البخاري: ( ٣ )
من عجائب الاستغفار ١٤
سيد الاستغفار أن » : عن النبي * وعن شداد بن أوس
تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على
عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء
لك بنعمتك عَلَيَّ وأبوء َلكَ بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب
إلا أنت. قال: ومن قالها من النهار موقنًا ﺑﻬا فمات من يومه قبل
أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن ﺑﻬا
.(١)« فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة
: * وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله
من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم »
.(٢)« فرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب
* وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما إن كنا لنَعُدُّ لرسول
رب اغفر لي وتب علي إنك أنت » : في اﻟﻤﺠلس يقول الله
.( مائة مرة( ٣ « التواب الغفور
وأتي بدابَّةٍ ليركبها؛ * عن علي بن ربيعة قال: شهدت عليًا
فلما وضع رجَله في الرِّكا ِ ب قال: بسم الله. فلمَّا اسْتَوَى على
ظهرها قال: الحمد لله. ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا
له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون. ثم قال: الحمد لله. ثلاث مرات، ثم
قال: الله أكبر. ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي
.(٣٦٣/ ١) صحيح البخاري: ( ١٩ )
.(٣١٤/ ٢) سنن أبي داود: ( ٤ )
.(٣٢/ ٣) مسند أحمد: ( ١٠ )
من عجائب الاستغفار ١٥
فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ثم ضحك، فقيل: يا أمير
فعل كما المؤمنين، من أي شيء ضحكت؟ قال: رأيت النبي
فعلت ثم ضحك. فقلت: يا رسول الله من أي شيء ضحكت؟
إن ربك يعجب من عبده إذا قال اغفر لي ذنوبي يعلم أنه » : قال
.(١)« لا يغفر الذنوب غيري
يقول : قال: سمعت رسول الله * وعن أنس بن مالك
قال الله - تبارك وتعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني »
غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت
ذنوبُك عنا َ ن السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن
آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن .« شيًئا لأتيتُك بقراﺑﻬا مغفرة
.( غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ( ٢
إذا قال: كان رسول الله * وعن أبي برزة الأسلمي
سبحانك » : جلس مجلسًا يقول بآخره إذا أراد أن يقوم من اﻟﻤﺠلس
.« اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
فقال رجل: يا رسول الله، إنك لتقول قو ً لا ما كنت تقوله فيما
.(٣)« كفارة لما يكون في اﻟﻤﺠلس » : مضى. فقال
.(١٧٤/ ١) سنن أبي داود: ( ٧ )
.(٤٠/ ٢) صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي: ( ٨ )
.(١٠١/ ٣) رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: ( ٢ )
من عجائب الاستغفار ١٦
عَلِّمْني : أنه قال لرسول الله * وعن أبي بكر الصديق
قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا » : دعاء أدعو به في صلاتي. قال
كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك
.(١)« وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم
قال: سمعت أبي * وعن بلال بن يسار بن زيد مولى النبي
من قال: أستغفر » : يقول يحدثنيه عن جدي أنه سمع رسول الله
الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان
.(٢)« قد فَرَّ من الزحف
إذا خرجتم فاحمدوا » : أنه قال في الاستسقاء * وعن علي
واستغفروا؛ فإن الله، وأثنوا عليه بما هو أهله، وصلوا على النبي
حول إن النبي » : قال: وقال علي .« الاستسقاء الاستغفار
.(٣)« رداءه وهو قائم حين أراد أن يدعو
إن الله » : يقول قال: سمعت رسول الله * وعن أبي بكر
قد وهب لكم ذنوبكم عند الاستغفار، من استغفر الله بنية
.(٤)« صادقة، ومن قال: لا إله إلا الله. رَجَحَ ميزانُه
قال: سمعت رسول الله * وعن أبي سعيد الخدري
إن إبليس قال لربه عز وجل: وعزتك وجلالك لا أبرح » : يقول
.(٣٣٣/ ١) صحيح البخاري: ( ٣ )
.(١٧/ ٢) صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود: ( ٤ )
.(٨٨/ ٣) مصنف عبد الرزاق: ( ٣ )
.(٢٠١/ ٤) الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لابن شاهين: ( ١ )
من عجائب الاستغفار ١٧
أغوي بني آدم ما دامت الأرواح فيهم فقال له ربه عز وجل :
.(١)« فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني
إذا مضى » : قال: قال رسول الله * وعن أبي هريرة
شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا
فيقول: هل من سائل يعطى هل من داع يستجاب له هل من
.(٢)« مستغفر يغفر له. حتى ينفجر الصبح
القنطار اثنا » : قال: قال رسول الله * وعن أبي هريرة
وقال .« عشر ألف أوقية كل أوقية خير مما بين السماء والأرض
إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى هذا » : رسول الله
.(٣)« فيقال باستغفار ولدك لك
يستسقي * وعن الشعبي قال: خرج عمر بن الخطاب
بالناس، فما زاد على الاستغفار حتى رجع فقالوا: يا أمير المؤمنين،
ما رأيناك استسقيت. قال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي
تستنزل ﺑﻬا المطر: {َفقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّ ُ كمْ ِإنَّهُ كَا َ ن َ غفَّارًا * يُرْسِ ِ ل
السَّمَاءَ عََليْ ُ كمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْ ُ كمْ ِبأَمْوَا ٍ ل وَبَِنينَ وَيَجْعَلْ َل ُ كمْ جَنَّاتٍ
١٢ ]. {وَيَا َقوِْم اسْتَغْفِرُوا رَبَّ ُ كمْ - وَيَجْعَلْ َل ُ كمْ َأنْهَارًا} [نوح : ١٠
ُثمَّ تُوبُوا ِإَليْهِ يُرْسِ ِ ل السَّمَاءَ عََليْ ُ كمْ مِدْرَارًا وَيَ ِ زدْكُمْ قُوًَّة ِإَلى قُوَّتِكُمْ}
.(٤) [ [هود: ٥٢
.(٤٨٥/ ١) مسند أحمد: ( ٢٢ )
.(١٤٠/ ٢) صحيح مسلم: ( ٤ )
.(٥١/ ٣) سنن ابن ماجه: ( ١١ )
.(٨٧/ ٤) مصنف عبد الرزاق: ( ٣ )
من عجائب الاستغفار ١٨
والذي » : قال: قال رسول الله * وعن أبي هريرة
نفسي بيده لو لم تُ ْ ذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون
.(١)« فيستغفرون الله فيغفر لهم
قال: كنت رج ً لا إذا سمعت من رسول الله * وعن علي
حديًثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني أحد من
أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته، وقال: وحدثني أبو بكر
ما من » : يقول وصدق أبو بكر أنه قال: سمعت رسول الله
عبد يذنب ذنبًا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم
ثم قرأ هذه الآية: {وَالَّذِينَ ِإ َ ذا َفعَُلوا .« يستغفر الله إلا غفر له
٢) إلى آخر الآية. )«[ فَاحِشًَة َأوْ َ ظَلمُوا َأنْفُسَهُمْ} [آل عمران: ١٣٥
إذا أذنب العبد » : * وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله
نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب صقل منها، فإن عاد زادت
حتى تعظم في قلبه؛ فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل { َ كلَّا
.«[ بَ ْ ل رَا َ ن عََلى ُقُلوِب ِ همْ} [المطففين: ١٤
[هذا حديث صحيح لم يخرج في الصحيحين، وقد احتج مسلم بأحاديث
.( القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح]( ٣
ما من حافظتين » : قال: قال رسول الله * وعن أنس
يرفعان إلى الله في يوم فيرى تبارك وتعالى في أول الصحيفة وفي
.(٣٠١/ ١) صحيح مسلم: ( ١٣ )
.(١٢٥/ ٢) صحيح الترغيب والترهيب: ( ٢ )
.(٩/ ٣) المستدرك على الصحيحين للحاكم: ( ١ )
من عجائب الاستغفار ١٩
آخرها استغفارًا إلا قال - تبارك وتعالى: قد غفرت لعبدي ما بين
رواه البزار، وفيه تمام بن نجيح وثقه وغيره وضعفه ] .« َ طرََف ِ ي الصحيفة
.( البخاري وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح]( ١
إن عبدا » : قال قال: سمعت النبي * عن أبي هريرة
أصاب ذنبا – وربما قال: أذنب ذنبا – فقال : رب أذنبت –
وربما قال: أصبت – فاغفر لي. فقال ربه: أعلم عبدي أن له ربا
يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي. ثم مكث ما شاء الله ثم
أصاب ذنبًا – أو أذنب ذنبًا – فقال: رب أذنبت – أو أصبت
آخر – فاغفره، فقال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ
به، غفرت لعبدي. ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبًا – وربما
قال: أصاب ذنبًا – قال: قال: رب أصبت – أو قال: أذنبت
آخر – فاغفره لي. فقال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب
.(٢)« ويأخذ به؟ غفرت لعبدي ثلاًثا فليعمل ما شاء
من أحب أن تسره » : قال أن رسول الله * وعن الزبير
٣). رواه البيهقي بإسناد لا بأس به. )« صحيفته فليكثر فيها من الاستغفار
ألا أدلكم » : قال: قال رسول الله * عن أنس بن مالك
على دائكم ودوائكم، ألا إن داءكم الذنوب، ودواءكم
.(٤)« الاستغفار
.(٤٤٧/ ١) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: ( ٤ )
.(٢٦/ ٢) صحيح البخاري: ( ٢٣ )
١٢٥ )، وصححه في السلسلة / ٣) حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: ( ٢ )
.(٣٧٧/ الصحيحة: ( ٥
.(١٨٠/ ٤) شعب الإيمان للبيهقي: ( ١٥ )
من عجائب الاستغفار ٢٠
من » : يقول قال: سمعت رسول الله * عن عبادة
استغفر للمؤمنين وللمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة
.(١)« حسنة
العبد آمن » : أنه قال ، عن النبي * عن فضالة بن عبيد
.(٢)« من عذاب الله، عز وجل، ما استغفر الله، عز وجل
* عن عبد الله بن فروخ أنه سمع عائشة - رضي الله عنها -
إن الله خلق كل إنسان من بني » : قال تقول: إن رسول الله
آدم على ستين وثلاثمائة مفصل فمن كبر الله وحمد الله وهلل الله
وسبح الله واستغفر الله وعزل حجرًا عن طريق الناس أو شوكة
أو عظمًا عن طريق الناس وأمر بمعروف أو ﻧﻬى عن منكر عدد
تلك الستين والثلاثمائة السلامي فإنه يمسي يومئذ وقد زحزح
.(٣)« نفسه عن النار
* * *
.(٣٢٣/ ١) رواه الطبراني: ( ٦ )
.(٢٤٤٥٣) (٢٠/ ٢) أخرجه أحمد: ( ٦ )
.( ٣) رواه مسلم: (ص ٨٣٧ )، رقم ( ٢٣٣٠ )
من عجائب الاستغفار ٢١
متفرقات في الاستغفار
لقيت أخًا لي من إخواني » : * عن بكر بن عبد الله المزني يقول
الضعفاء فقلت: يا أخي أوصني. فقال: ما أدري ما أقول؛ غير أنه
ينبغي لهذا العبد أن لا يفتر عن الحمد والاستغفار وابن آدم بين نعمة
وذنب ولا تصلح النعمة إلا بالحمد والشكر ولا الذنب إلا بالتوبة
.(١)« والاستغفار. قال: فأوسعني علمًا ما شئت
رأيت أبي في » : * عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال
النوم بعد موته كأنه في حديقة فرفع إلي تفاحات فأولتُهن بالولد
.(٢)« فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل قال: الاستغفار يا بني
* وعن مخلد قال: جاء رجل إلى أبان بن أبي عياش فقال : إن
فلانًا يقع فيك قال: أقرئه السلام وأعلمه أنه قد ه يجني على
.( الاستغفار ( ٣
* حدثنا الوليد بن مسلم، قال: سألت عبد الرحمن بن يزيد بن
[ جابر عن قول الله: {وَاْلمُسْتَغْفِ ِ رينَ ِباْلَأسْحَا ِ ر} [آل عمران : ١٧
فقال: حدثني سليمان بن موسى، حدثني نافع أن ابن عمر كان يحيى
الليل صلاة فيقول: يا نافع: أسحرنا؟ فيقول: لا، فيعاود الصلاة فإذا
.( قلت: نعم، قعد يستغفر الله ويدعو حتى يصبح ( ٤
.(٥١/ ١) الشكر: ( ١ )
.(٢٩/ ٢) المنامات: ( ١ )
.(٢٦٨/ ٣) الصمت: ( ١ )
.(١٠٤/ ٤) تفسير ابن أبي حاتم: ( ١٢ )
من عجائب الاستغفار ٢٢
كان ابن عمر يكثر الصلاة من الليل وكنت » : * عن نافع قال
أقوم على الباب فأفهم عامة قراءته فربما ناداني: يا نافع هل كان
السحر بعد؟ فإن قلت: نعم . نزع عن القراءة فأخذ في
١). إسناده حسن. )« الاستغفار
إذا كثرت » : * قال سفيان: دخلت على جعفر بن محمد، فقال
همومك فأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا استبطأت الرزق
.(٢)« فأكثر من الاستغفار، وإذا تداركت عليك النعم فأكثر حمدًا لله
* عن الربيع بن خثيم، أنه قال لأصحابه: ما الداء؟ وما الدواء؟
الداء الذنوب، والدواء الاستغفار، والشفاء أن » : وما الشفاء؟ قال
.(٣)« تتوب فلا تعود
* حدثنا مالك بن مغول قال: سمعت أبا يحيى يقول: شكوت
أين أنت من الممحاة؟ يعني من » : إلى مجاهد الذنوب قال
.(٤)« الاستغفار
* عن جعفر بن برقان، قال: قلت لرجل من أهل البصرة :
كيف لا يشتهي أحدنا أنه لا يزال متبر ً كا إلى ربه يستغفر من ذنب،
ود » : ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود، قال: قد ذكر للحسن، فقال
.(٥)« الشيطان لو ظفر منكم ﺑﻬذه فلا تملوا من الاستغفار
.(٣٥٧/ ١) التهجد وقيام الليل: ( ١ )
.(٣٨١/ ٢) الترغيب في فضاءل الأعمال وثواب ذلك لابن هشام: ( ١ )
.(٧٠/ ٣) الزهد لأحمد بن حنبل: ( ٥ )
.(٣٣٠/ ٤) الزهد لأحمد بن حنبل: ( ٥ )
.(٢٥٢/ ٥) التوبة: ( ١ )
من عجائب الاستغفار ٢٣
أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى » : * عن الحسن يقول
موائدكم، وفي طرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، أينما كنتم؛
.(١)« فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة
* عن يونس بن عبيد، قال: سمعت بكر بن عبد الله المزني،
إنكم تكثرون من الذنوب، فاستكثروا من الاستغفار؛ فإن » : يقول
العبد إذا وجد يوم القيامة بين كل سطرين من كتابه استغفارًا سره
.(٢)« مكان ذلك
* روى إبراهيم بن حاطب عن أبيه قال: سمعت رج ً لا في
السحر في ناحية المسجد يقول: يا رب، أمرتني فأطعتك، وهذا
. سحر فاغفر لي. فنظرت فإذا هو ابن مسعود
قلت - والكلام للقرطبي: فهذا كله يدل على أنه استغفار
.( باللسان مع حضور القلب( ٣
ما رأيت أكثر » : قال * وروى مكحول عن أبي هريرة
.« استغفارًا من رسول الله
، وقال مكحول: ما رأيت أكثر استغفارًا من أبي هريرة
وكان مكحول كثير الاستغفار.
قال علماؤنا: الاستغفار المطلوب هو الذي يحل عقد الإصرار
.( ويثبت معناه في الجنان، لا التلفظ باللسان ( ٤
.(٢٧٣/ ١) التوبة: ( ١ )
.(٣٠٦/ ٢) التوبة: ( ١ )
.(٤٠/ ٣) تفسير القرطبي: ( ٤ )
.(٢١٠/ ٤) تفسير القرطبي: ( ٤ )
من عجائب الاستغفار ٢٤
* عن ابن المبارك عن الأوزاعي قال: قال إبليس لأوليائه: من
أي شيء تأتون بني آدم؟ فقالوا: من كل شيء. قال: فهل تأتوﻧﻬم
من قبل الاستغفار؟ فقالوا: هيهات ذاك شيء قُِر َ ن بالتوحيد. قال:
.( لأبُثَّنَّ فيهم شيًئا لا يستغفرون الله منه. قال: فبث فيهم الأهواء( ١
.(٢)« يقول العبد أستغفر الله، وتفسيرها أقلني » : * قال الفضيل
لولا » : * قال الألباني رحمه الله تعالى في الكلام على قول النبي
وليس المقصود من :« أنكم تذنبون لخلق الله خلًقا يذنبون فيغفر لهم
الحديث وأمثاله الحضَّ على الإكثار من الذنوب والمعاصي ولا الإخبار
فقط بأن الله غفور رحيم؛ وإنما الحض على الإكثار من الاستغفار
ليغفر الله له ذنوبه؛ فهذا هو المقصود بالذات من هذه الأحاديث، وإن
اختصر ذلك منه بعض الرواة( ٣). والله أعلم.
من لزم » : * قال صاحب عون المعبود شارحًا حديث النبي
أي: عند صدور معصية وظهور بلية، أو من داوم عليه :« الاستغفار
طوبى لمن وجد في » : فإنه في كل نفس يحتاج إليه، ولذا قال
رواه ابن ماجه بإسناد حسن صحيح]. ] .« صحيفته استغفارًا كثيرًا
أي: شدة ومحنة. :« من كل ضيق »
أي: طريًقا وسببًا يخرج إلى سعة ومنحة، والجارُّ :« مخرجًا »
متعلق به وقدم عليه للاهتمام وكذا.
.(٣٤٤/ ١) سنن الدارمي: ( ١ )
.(٣٠١/ ٢) تفسير القرطبي: ( ١٨ )
.(٦٠٤/ ٣) السلسلة الصحيحة، مختصرة: ( ٤ )
من عجائب الاستغفار ٢٥
أي: غم يهمه. :« ومن كل هم »
أي خلاصًا. :« فرجًا »
حلا ً لا طيبًا. :« ورزقه »
أي: لا يظن ولا يرجو ولا يخطر بباله. :« من حيث لا يحتسب »
والحديث مقتبس من قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّ ِ ق اللَّهَ يَجْعَ ْ ل َلهُ
مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ َلا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عََلى اللَّهِ فَهُوَ
حَسْبُهُ ِإنَّ اللَّهَ بَالِغُ َأمْ ِ رهِ َقدْ جَعَ َ ل اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ َقدْرًا }
.( ٣] كذا في المرقاة ( ١ ، [الطلاق: ٢
.« وإن العالم ليستغفر له » : * وقال أيضا في شرحه لهذا الحديث
قال الخطابي: إن الله سبحانه قد قيض للحيتان وغيرها من
أنواع الحيوان العلم على ألسنة العلماء أنواعًا من المنافع والمصالح
والأرزاق؛ فهم الذين بيَّنوا الحكم فيما يحل ويحرم منها وأرشدوا إلى
المصلحة في باﺑﻬا وأوصوا بالإحسان إليها ونفي الضرر عنها فألهمها
الله الاستغفار للعلماء مجازاة على حسن صنيعهم ﺑﻬا وشفقتهم
.( عليها( ٢
ما جاور عبد في قبره من جار خير من » : * عن أبي المنهال قال
.(٣)« استغفار كثير
.(٤٤٣/ ١) عون المعبود: ( ٣ )
.(١٣٧/ ٢) عون المعبود: ( ٨ )
.(٧/ ٣) الزهد، لأحمد بن حنبل: ( ٥ )
من عجائب الاستغفار ٢٦
* قال صاحب التحفة: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان
.« غفرانك » : إذا خرج من الخلاء قال النبي
.« غفرانك » : إذا خرج من الخلاء قال » : قوله
إما مفعول به منصوب بفعل مقدر؛ أي أسألك غفرانك أو
أطلب، أو مفعول مطلق أي اغفر غفرانك، وقد ذكر في تعقيبه
الخروج ﺑﻬذا الدعاء وجهان:
أحدهما: أنه استغفر من الحالة التي اقتضت هجران ذكر الله
تعالى فإنه يذكر الله تعالى في سائر حالاﺗﻬا إلا عند الحاجة.
وثانيهما: أن القوة البشرية قاصرة عن الوفاء بشكر ما أنعم الله
عليه من تسويغ الطعام والشراب وترتيب الغذاء على الوجه المناسب
لمصلحة البدن إلى أوان الخروج، فلجأ إلى الاستغفار اعتراًفا
بالقصور عن بلوغ حق تلك النعم، كذا في المرقاة.
قال: كان ، قلت: الوجه الثاني هو المناسب لحديث أنس
الحمد لله الذي أذهب عني » : إذا خرج من الخلاء قال النبي
رواه ابن ماجه]. ] .« الأذى وعافاني
قال القاضي أبو بكر بن العربي: سأل المغفرة من تركه ذكر الله
في تلك الحالة، ثم قال: فإن قيل إنما تركه بأمر ربه فكيف يسأل
المغفرة عن فعل كان بأمر الله؟
والجواب: أن الترك وإن كان بأمر الله إلا أنه من قبل نفسه
انتهى. .« وهو الاحتياج إلى الخلاء
من عجائب الاستغفار ٢٧
ما تقدم من ذنبه وما تأخر فما معنى فإن قيل: قد غفر له
يطلب المغفرة من ربه قبل أن سؤاله المغفرة؟ يقال: كان النبي
يعلمه أنه قد غفر له، وكان يسألها بعد ذلك؛ لأنه غُفِرَ له بشرط
استغفاره، ورُفِعَ إلى شرف المنزلة بشرط أن يجتهد في الأعمال
.( الصالحة والكل له حاصل بفضل الله تعالى، قاله ابن العربي ( ١
* قال الفقيه: حدثنا أبي - رحمه الله تعالى - بإسناده عن أبي
أنه قال: من رزق ستًا لم يحرم ستًا؛ من رزق الشكر لم هريرة
.[ يحرم الزيادة؛ لقوله تعالى: {َلئِنْ شَ َ كرْتُمْ َلَأ ِ زيدَنَّ ُ كمْ} [إبراهيم: ٧
ومن رزق الصبر لم يحرم الثواب؛ لقوله تعالى: {ُق ْ ل يَا عِبَادِ الَّذِينَ
آَمَنُوا اتَُّقوا رَبَّ ُ كمْ لِلَّذِينَ َأحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وََأرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ
.[ ِإنَّمَا يُوَفَّى الصَّاِبرُو َ ن َأجْرَهُمْ ِبغَيْ ِ ر حِسَا ٍ ب} [الزمر: ١٠
ومن رزق التوبة لم يحرم القبول؛ لقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي
يَقْبَلُ التَّوْبََة عَنْ عِبَادِهِ وَيَعُْفو عَ ِ ن السَّيَِّئاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُو َ ن}
.[ [الشورى: ٢٥
ومن رزق الاستغفار لم يحرم المغفرة؛ لقوله تعالى: {فَقُلْتُ
.[ اسْتَغْفِرُوا رَبَّ ُ كمْ ِإنَّهُ كَا َ ن َ غفَّارًا} [نوح: ١٠
ومن رزق الدعاء لم يحرم الإجابة؛ لقوله تعالى: {وََقا َ ل رَبُّكُمُ
ادْعُوِني َأسْتَ ِ جبْ َل ُ كمْ ِإنَّ الَّذِينَ يَسْتَ ْ كِبرُو َ ن عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُُلو َ ن
.[ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠
.(١١/ ١) تحفة الأحوذي: ( ١ )
من عجائب الاستغفار ٢٨
ومن رزق النفقة لم يحرم الخلف؛ لقوله تعالى: {ُق ْ ل ِإنَّ رَبِّي
يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ َلهُ وَمَا َأنَْف ْ قتُمْ مِنْ شَيْءٍ َفهُوَ
.(١)[ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّاِ زقِينَ} [سبأ: ٣٩
* * *
من كلام العلماء
فالتقوى فعل ما أمر الله ...» : * قال ابن تيمية رحمه الله تعالى
به، وترك ما ﻧﻬى الله عنه، ولهذا قال الله تعالى: {َفاصِْبرْ ِإنَّ وَعْدَ
اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِ َ ذنِْبكَ وَسَبِّحْ ِبحَمْدِ رَبِّكَ ِبالْعَشِيِّ وَالِْإبْ َ كا ِ ر }
[غافر: ٥٥ ]؛ فأمره مع الاستغفار بالصبر؛ فإن العباد لا بد لهم من
يا » : في الحديث الصحيح الاستغفار أولهم وآخرهم؛ قال النبي
أيها الناس توبوا إلى ربكم؛ فوالذي نفسي بيده إني لأستغفر الله
.« وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة
أنه استغفر ربه وتاب إليه وقد ذكر عن آدم أبي البشر
فاجتباه ربه فتاب عليه وهداه، وعن إبليس أبي الجن - لعنه الله -
أنه أصر متعلًقا بالقدر فلعنه وأقصاه؛ فمن أذنب وتاب وندم فقد
أشبه أباه، ومن أشبه أباه فما ظلم.
.(٤٢٥/ ١) بحر العلوم للسمرقندي: ( ٢ )
من عجائب الاستغفار ٢٩
... ولهذا قرن الله - سبحانه - بين التوحيد والاستغفار في غير
آية؛ كما قال تعالى: {َفاعَْلمْ َأنَّهُ َلا ِإَلهَ ِإلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِ َ ذنِْبكَ
.[ وَلِلْمُؤْمِِنينَ وَاْلمُؤْمِنَاتِ} [محمد: ١٩
.[ وقال تعالى: {َفاسْتَقِيمُوا ِإَليْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ}. [فصلت: ٦
وفي الحديث الذي رواه ابن أبي عاصم وغيره يقول الشيطان:
أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار »
فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء فهم يذنبون ولا يتوبون؛
.« لأﻧﻬم يحسبون أﻧﻬم يحسنون صنعًا
وقد ذكر سبحانه عن ذي النون أنه: {َفنَادَى فِي الظُُّلمَاتِ َأ ْ ن
،[ َلا ِإَلهَ ِإلَّا َأنْتَ سُبْحَانَكَ ِإنِّي ُ كنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}. [الأنبياء : ٨٧
قال تعالى: {َفاسْتَجَبْنَا َلهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَ َ ذلِكَ نُنْ ِ جي
دعوة أخي ذي النون » : الْمُؤْمِِنينَ} [الأنبياء: ٨٨ ]، قال النبي
.(١)« ما دعا ﺑﻬا مكروب إلا فرج الله كربه
سيد الاستغفار أن يقول » : * وقال أيضًا: قال رسول الله
العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على
عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء
لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب
إلا أنت. من قالها إذا أصبح موقنًا ﺑﻬا فمات في يومه دخل الجنة،
فالعبد ؛« ومن قالها إذا أمسي موقنًا ﺑﻬا فمات من ليلته؛ دخل الجنة
دائمًا بين نعمة من الله يحتاج فيها إلى شكر وذنب منه يحتاج فيه إلى
.(١٢٠/ ١) مجموع الفتاوى: ( ٣ )
من عجائب الاستغفار ٣٠
الاستغفار، وكل من هذين من الأمور اللازمة للعبد دائمًا؛ فإنه لا
يزال يتقلب في نعم الله وآلائه ولا يزال محتاجا إلى التوبة
والاستغفار، ولهذا كان سيد ولد آدم وإمام المتقين محمد يستغفر في
جميع الأحوال، وقال في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري :
أيها الناس توبوا إلى ربكم؛ فإني لأستغفر الله وأتوب إ ليه في »
.« اليوم أكثر من سبعين مرة
كنا نعد لرسول » : وقال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما
رب اغفر لي وتب علي إنك أنت » : الله في اﻟﻤﺠلس الواحد يقول
مائة مرة. « التواب الغفور
ولهذا شرع الاستغفار في خواتيم الأعمال قال تعالى :
{وَاْلمُسْتَغْفِ ِ رينَ ِباْلَأسْحَا ِ ر}. وقال بعضهم: أحيوا الليل بالصلاة.
أن النبي » : فلما كان وقت السحر أمروا بالاستغفار، وفي الصحيح
اللهم أنت » : كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاًثا، وقال
وقال .« السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام
تعالى: {َفِإ َ ذا َأَفضْتُمْ مِنْ عَرََفاتٍ َفاذْكُرُو ا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَ ِ ر
اْلحَرَاِم} إلى قوله: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ِإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم }
١٩٩ ]. وكفارة اﻟﻤﺠلس التي كان يختم ﺑﻬا اﻟﻤﺠلس : ، [البقرة : ١٩٨
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك »
.(١)« وأتوب إليك
.(٨٨/ ١) مجموع الفتاوى: ( ١٠ )
من عجائب الاستغفار ٣١
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد » : وقال أيضًا: وخاتمة اﻟﻤﺠلس
إن كان مجلس رحمة .« أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك
كانت كالطابع عليه، وإن كان مجلس لغو كانت كفارة له. وقد
أشهد أن لا » : روي أيضًا: أﻧﻬا تقال في آخر الوضوء بعد أن يقال
إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
وهذا الذكر ،« اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين
.( يتضمن التوحيد والاستغفار فإن صدره الشهادتان ( ١
* وقال أيضًا: وأما الاعتراف بالذنب على وجه الخضوع لله
من غير إقلاع عنه فهذا في نفس الاستغفار اﻟﻤﺠرد الذي لا توبة معه،
وهو كالذي يسأل الله تعالى أن يغفر له الذنب مع كونه لم يتب
منه، وهذا يأس من رحمة الله ولا يقطع بالمغفرة له؛ فإنه داع دعوة
ما من داع » : أنه قال مجردة، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي
يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا كان بين إحدى
ثلاث؛ إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخر له من الجزاء مثلها،
قالوا: يا رسول الله : إًذا .« وإما أن يصرف عنه من الشر مثلها
.« الله أكثر » : نكثر. قال
فمثل هذا الدعاء قد تحصل معه المغفرة، وإذا لم تحصل فلابد أن
يحصل معه صرف شر آخر، أو حصول خير آخر فهو نافع كما
ينفع كل دعاء.
.(٢٦٢/ ١) مجموع الفتاوى: ( ١٠ )
من عجائب الاستغفار ٣٢
وقول من قال من العلماء: الاستغفار مع الإصرار توبة
الكذابين. فهذا إذا كان المستغفر يقوله على وجه التوبة، أو يدعي
أن استغفاره توبة وأنه تائب ﺑﻬذا الاستغفار؛ فلا ريب أنه مع
الإصرار لا يكون تائبًا؛ فإن التوبة والإصرار ضدان، الإصرار تضاد
.( التوبة لكن لا تضاد الاستغفار بدون التوبة ( ١
* وقال رحمه الله تعالى: فليس لأحد أن يظن استغناءه عن
التوبة إلى الله والاستغفار من الذنوب؛ بل كل أحد محتاج إلى ذلك
دائمًا قال الله تبارك وتعالى: {ِإنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانََة عََلى السَّمَاوَاتِ
وَالَْأرْ ِ ض وَاْل ِ جبَا ِ ل َفَأبَيْنَ َأ ْ ن يَحْمِْلنَهَا وََأشَْفقْنَ مِنْهَا وَحَمََلهَا الِْإنْسَانُ
ِإنَّهُ كَا َ ن َ ظُلومًا جَهُوًلا * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافَِقاتِ
وَالْمُشْ ِ ركِينَ وَاْلمُشْ ِ ر َ كاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عََلى الْمُؤْمِِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
٧٣ ]؛ فالإنسان ظالم ، وَكَا َ ن اللَّهُ َ غُفورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: ٧٢
جاهل، وغاية المؤمنين والمؤمنات التوبة، وقد أخبر الله تعالى في
كتابه بتوبة عباده الصالحين ومغفرته لهم، وثبت في الصحيح عن
قالوا: ولا أنت يا « لن يدخل الجنة أحد بعمله » : أنه قال النبي
ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه » : رسول الله؟! قال
ومن ظن أن الذنوب لا تضر من أصر عليها فهو ضال ...« وفضل
مخالف للكتاب والسنة وإجماع السلف والأئمة؛ بل {َفمَنْ يَعْمَ ْ ل
مِثْقَا َ ل َ ذرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَ ْ ل مِثَْقا َ ل َ ذرَّةٍ شَرا يَرَه }
.[٨ ، [الزلزلة: ٧
.(٣١٨/ ١) مجموع الفتاوى: ( ١٠ )
من عجائب الاستغفار ٣٣
وإنما عباده الممدوحون هم المذكورون في قوله تعالى :
{وَسَا ِ رعُوا ِإَلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّ ُ كمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَاْلَأرْضُ
ُأعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفُِقو َ ن فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْ َ كاظِمِينَ
الْغَيْ َ ظ وَالْعَافِينَ عَ ِ ن النَّا ِ س وَاللَّهُ يُحِبُّ اْلمُحْسِِنينَ * وَالَّذِينَ ِإ َ ذا َفعَلُوا
فَاحِشًَة َأوْ َ ظَلمُوا َأنْفُسَهُمْ َ ذ َ كرُوا اللَّهَ فَاسْتَغَْفرُوا لِ ُ ذنُوِب ِ همْ وَمَنْ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ ِإلَّا اللَّهُ وََلمْ يُصِرُّوا عََلى مَا َفعَُلوا وَهُمْ يَعَْلمُو َ ن}
.[١٣٥- [آل عمران: ١٣٣
* وقال أيضًا: وإذا رأى أنه لا ينشرح صدره ولا يحصل له
حلاوة الإيمان ونور الهداية فليكثر التوبة والاستغفار وليلازم
الاجتهاد بحسب الإمكان؛ فإن الله يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا
َلنَهْدِيَنَّهُمْ سُبَُلنَا} [العنكبوت: ٦٩ ]، وعليه بإقامة الفرائض ظاهرًا
وباطنًا ولزوم الصراط المستقيم مستعينًا بالله متبرًئا من الحول والقوة
.( إلا به ( ١
ما » : * وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن قوله
هل المراد :« أصر من استغفر وإن عاد في اليوم والليلة سبعين مرة
ذكر الاستغفار باللفظ أو أنه إذا استغفروا ينوي بالقلب أن لا يعود
إلى الذنب؟
فأجاب: الحمد لله؛ بل المراد الاستغفار بالقلب مع اللسان؛ فإن
لا » : التائب من الذنب كمن لا ذنب له كما في الحديث الآخر
فإذا أصر على ؛« كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار
.(٣٩٠/ ١) مجموع الفتاوى: ( ١١ )
من عجائب الاستغفار ٣٤
الصغيرة صارت كبيرة وإذا تاب منها غفرت قال تعالى: {وَالَّذِينَ
ِإ َ ذا َفعَلُوا َفاحِشًَة َأوْ َ ظَلمُوا َأنْفُسَهُمْ َ ذ َ كرُوا اللَّهَ فَاسْتَغَْفرُوا لِ ُ ذنُوِب ِ همْ}
.( الآية( ١
* وقال أيضًا: فإن الاستغفار هو طلب المغفرة، وهو من جنس
الدعاء والسؤال، وهو مقرون بالتوبة في الغالب ومأمور به، لكن قد
يتوب الإنسان ولا يدعو، وقد يدعو ولا يتوب، وفي الصحيحين
فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه عن النبي عن أبي هريرة
أذنب عبد ذنبًا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي. فقال الله تبارك » : قال
وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ
بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك
وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ
بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي . فقال
تعالى: أذنب عبدي ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ
،« فليفعل ما شاء » : وفي رواية لمسلم « بالذنب، قد غفرت لعبدي
والتوبة تمحو جميع السيئات وليس شيء يغفر جميع الذنوب إلا
التوبة؛ فإن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء،
وأما التوبة فإنه قال تعالى: {ُق ْ ل يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ َأسْرَُفوا عََلى
َأنْفُسِ ِ همْ َلا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ِإنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ِإنَّهُ هُوَ
اْلغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣ ]، وهذه لمن تاب، ولهذا قال: {َلا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}: لا تقنطوا من رحمة الله بل توبوا إليه ،
.(٦٩٩/ ١) مجموع الفتاوى: ( ١١ )
من عجائب الاستغفار ٣٥
وقال بعدها: {وََأِنيبُوا ِإَلى رَبِّ ُ كمْ وََأسْلِمُوا َلهُ مِنْ قَبْ ِ ل َأ ْ ن يَأْتِيَكُمُ
اْلعَ َ ذابُ ُثمَّ َلا تُنْصَرُو َ ن} [الزمر: ٥٤ ]، وأما الاستغفار بدون التوبة
.( فهذا لا يستلزم المغفرة؛ ولكن هو سبب من الأسباب ( ١
* وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى: وجماع ذلك أن يحاسب
نفسه أو ً لا على الفرائض؛ فإن تذكر فيها نقصًا تداركه إما بقضاء
أو إصلاح، ثم يحاسبها على المناهي؛ فإن عرف أنه ارتكب منها
شيًئا تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية، ثم يحاسب نفسه
على الغفلة؛ فإن كان قد غفل عما خلق له تداركه بالذكر والإقبال
على الله تعالى ثم يحاسبها بما تكلم به أو مشت إليه رجلاه أو
بطشت يداه أو سمعته أذناه: ماذا أرادت ﺑﻬذا، ولمن فعلته، وعلى أي
وجه فعلته؟ ويعلم أنه لا بد أن يُنشر لكل حركة وكلمة منه
ديوانان: ديوان لمن فعلته، وكيف فعلته؛ فالأول سؤال عن
الإخلاص، والثاني سؤال عن المتابعة، وقال تعالى : {فَوَرَبِّكَ
٩٣ ]، وقال ، َلنَسَْأَلنَّهُمْ َأجْمَعِينَ * عَمَّا َ كانُوا يَعْمَُلو َ ن} [الحجر : ٩٢
تعالى: {َفَلنَسَْأَلنَّ الَّذِينَ أُرْسِ َ ل ِإَليْ ِ همْ وََلنَسَْأَلنَّ الْمُرْسَلِينَ * َفَلنَُقصَّنَّ
عََليْ ِ همْ ِبعِلْ ٍ م وَمَا ُ كنَّا غَائِِبينَ} [الأعراف: ٦]، وقال تعالى: {لِيَسَْأ َ ل
الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِ ِ همْ} [الأحزاب: ٨]؛ فإذا سئل الصادقون
.( وحوسبوا على صدقهم فما الظن بالكاذبين؟!( ٢
* الإصرار على الصغيرة قد يساوي إثمه إثم الكبيرة أو يربى
.( عليها.. وأيضًا فإنه قد يتخلص من الكبيرة بالتوبة والاستغفار ( ٣
.(٢١٠/ ١) منهاج السنة النبوية: ( ٦ )
.(٨٣/ ٢) إغاثة اللهفان: ( ١ )
.(١٥١/ ٣) إغاثة اللهفان: ( ٢ )
من عجائب الاستغفار ٣٦
أن كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته : : * يذكر عن النبي
ذكره البيهقي في الدعوات الكبير .« اللهم اغفر لنا وله » : تقول
وقال: في إسناده ضعف، وهذه المسألة فيها قولان للعلماء – هما
روايتان عن الإمام أحمد – وهما: هل يكفي في التوبة من الغيبة
الاستغفار للمغتاب، أم لا بد من إعلامه وتحليله؟ والصحيح: أنه لا
يحتاج إلى إعلامه بل يكفيه الاستغفار وذكره بمحاسن ما فيه في
المواطن التي اغتابه فيها، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره،
والذين قالوا: لابد من إعلامه، جعلوا الغيبة كالحقوق المالية،
والفرق بينهما ظاهر؛ فإن الحقوق المالية ينتفع المظلوم بعود نظير
مظلمته إليه فإن شاء أخذها وإن شاء تصدق ﺑﻬا، وأما في الغيبة فلا
؛ يمكن ذلك ولا يحصل له بإعلامه إلا عكس مقصود الشارع
فإنه يوغر صدره ويؤذيه إذا سمع ما رمى به ولعله يهيج عداوته ولا
لا يبيحه يصفو له أبدًا، وما كان هذا سبيله فإن الشارع الحكيم
ولا يجوزه فض ً لا عن أن يوجبه ويأمر به، ومدار الشريعة على تعطيل
.( المفاسد وتقليلها لا على تحصيلها وتكميلها والله تعالى أعلم( ١
* قال ابن القيم رحمه الله تعالى: الفائدة العاشرة ينبغي للمفتي
الموفق إذا نزلت به المسألة أن ينبعث من قلبه الافتقار الحقيقي الحالي لا
العلمي اﻟﻤﺠرد إلى ملهم الصواب ومعلم الخير وهادي القلوب أن يلهمه
الصواب ويفتح له طريق السداد ويدله على حكمه الذي شرعه لعباده
في هذه المسألة؛ فمتى قرع هذا الباب فقد قرع باب التوفيق.
.(٢١٩/ ١) الوابل الصيب: ( ١ )
من عجائب الاستغفار ٣٧
وما أجدر من أمل فضل ربه أن لا يحرمه إياه! فإذا وجد من
قلبه هذه الهمة؛ فهي طلائع بشرى التوفيق؛ فعليه أن يوجه وجهه
ويحدق نظره إلى منبع الهدى ومعدن الصواب ومطلع الرشد؛ وهو
النصوص من القرآن والسنة وآثار الصحابة؛ فيستغفره وسعه في
تعرف حكم تلك النازلة منها؛ فإن ظفر بذلك أخبر به وإن اشتبه
عليه بادر إلى التوبة والاستغفار والإكثار من ذكر الله؛ فإن العلم
نور
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله الغفور التواب، وعد المستغفرين بجزيل الثواب،
وجعله أمانًا من العذاب، والصلاة والسلام على النبي المختار، أمر
بالاستغفار، وبشر من لزمه بإزالة الأكدار، وصلى الله عليه وعلى
أصحابه الأخيار، وآله الأبرار، وأزواجه الأطهار، ومن تبعهم
بإحسان في هذه الدار، وسَلِّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فقد مدح الله تعالى المستغفرين - خاصة في السحر – وجعل
لهم حميدَ الأََثر، وحسبك بفعل سيد البشر؛ فقد كان يستغفر في
اليوم مائة مرة، فلله ما أبره، اقتدى به من بعده الصالحون، وسار
على ﻧﻬجه المتبعون، فلزموا الاستغفار، وغيره من الأذكار، في العشي
والإبكار؛ زيادًة في الإيمان، وطمعًا في الأمان، فزالت كثير من
همومهم، وكشفت غالب غمومهم، وما كانوا في ضيق إلا يسر الله
تعالى لهم فرجًا، ولا في كرب إلا جعل لهم منه مخرجًا.
وفي المداومة على ذلك تأثير عجيب – بإذن الله تعالى – في
دفع الكروب، ومحو الذنوب، ونيل المطلوب، وإخراج الغل من
القلوب، وتفريج الهموم، وإزالة الغموم، وشفاء الأسقام، وذهاب
الآلام، وحلول البركة، والقناعة بالرزق، والعاقبة الحميدة، وصلاح
النفس، والأهل، والذرية، وإنزال الغيث، وكثرة المال، والولد،
وكسب الحسنات، وغير ذلك من الفوائد.
وبين يديك عدد من الآيات والأحاديث والآثار التي تبين فضل
الاستغفار، وفوائده، وحاجة المسلم له، وتقرأ في آخر الكتاب
من عجائب الاستغفار ٦
قصصًا لمن داوم على الاستغفار فأعقبه ذلك خيرًا؛ لتكون حافزًا
للمداومة عليه، وفي الآيات والأحاديث كفاية.
ولتعلم أن قلة القصص في هذا الكتاب – بالنسبة للكتب
في جزئيه، « من عجائب الدعاء » السابقة في هذا اﻟﻤﺠال ككتاب
ناتج عن ارتباط هذه الأمور ببعض؛ فقد « من عجائب الصدقة » و
يتصدق المرء ويدعو ويستغفر ثم يأتيه الفرج؛ فتم ذكر القصص
هناك لسبق التأليف.
ومن ناحية أخرى فقد تتكرر نف س المواقف لعدد من
الأشخاص ويكون نتاجها واحد؛ فكان من الأنسب الاكتفاء
بالبعض عن الكل، وإن اختلفت بعض فصول القصة.
أسأل الله تعالى حسن العمل، والنية الصادقة، والعفو والعافية،
والإخلاص في القول والعمل، اللهم أعذنا من مضلات الفتن ما
ظهر منها وما بطن، وأدم على بلادنا الأمن والاستقرار وسائر بلاد
المسلمين، ووفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى يا كريم.
وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
خالد بن سليمان بن علي الربعي
المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالشقة
( بريدة ص ب ( ٢٥٠٧٦ ) الرمز البريدي ( ٥١٣٢١
هاتف ٠٦٣٨٧٠٠٠٦ فاكس تحويله ١٤
E-mail: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
من عجائب الاستغفار ٧
أو ً لا: الآيات
١- قال الله تعالى: {َفاصِْبرْ ِإنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِ َ ذنِْبكَ
.[ وَسَبِّحْ ِبحَمْدِ رَبِّكَ ِبالْعَشِيِّ وَاْلِإبْ َ كا ِ ر} [غافر: ٥٥
٢- وقال تعالى: {فَاعَْلمْ َأنَّهُ َلا ِإَلهَ ِإلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِ َ ذنِْبكَ
.[ وَلِلْمُؤْمِِنينَ وَاْلمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعَْلمُ مُتََقلَّبَكُمْ وَمَثْوَا ُ كمْ} [محمد: ١٩
٣ - وقال تعالى: {ُق ْ ل َأؤُنَبِّئُكُمْ ِبخَيْ ٍ ر مِنْ َ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتََّقوْا عِنْدَ
رَبِِّ همْ جَنَّاتٌ تَجْ ِ ري مِنْ تَحْتِهَا اْلَأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وََأزْوَاجٌ مُ َ طهَّرَةٌ
وَرِضوَْانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ ِبالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُوُلو َ ن رَبَّنَا ِإنَّنَا آَمَنَّا َفا ْ غفِرْ
َلنَا ُ ذنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّاِ ر * الصَّاِبرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَاِنتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ
.[١٧- وَاْلمُسْتَغْفِ ِ رينَ ِباْلَأسْحَاِ ر} [آل عمران: ١٥
٤- وقال تعالى: {وَالَّذِينَ ِإ َ ذا َفعَلُوا فَاحِشًَة َأوْ َ ظَلمُوا َأنْفُسَهُمْ
َ ذ َ كرُوا اللَّهَ فَاسْتَغَْفرُوا لِ ُ ذنُوِب ِ همْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ ِإلَّا اللَّهُ وََلمْ يُصِرُّوا
.[ عََلى مَا َفعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُو َ ن} [آل عمران: ١٣٥
٥- وقال تعالى: {قَا َ ل يَا َقوِْم لِمَ تَسْتَعْجُِلو َ ن ِبالسَّيَِّئةِ قَبْ َ ل
.[ الْحَسَنَةِ َلوَْلا تَسْتَغْفِرُو َ ن اللَّهَ َلعَلَّكُمْ تُرْحَمُو َ ن} [النمل: ٤٦
٦- وقال تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ُثمَّ ُفصَِّلتْ مِنْ
َلدُ ْ ن حَكِي ٍ م خَِب ٍ ير * َألَّا تَعْبُدُوا ِإلَّا اللَّهَ ِإنَِّني َل ُ كمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وََأنِ
اسْتَغْفِرُوا رَبَّ ُ كمْ ُثمَّ تُوبُوا ِإَليْهِ يُمَتِّعْ ُ كمْ مَتَاعًا حَسَنًا ِإَلى َأجَ ٍ ل مُسَمى
وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي َفضْ ٍ ل َفضَْلهُ وَِإنْ تَوَلَّوْا َفِإنِّي َأخَافُ عََليْ ُ كمْ عَذَابَ يَوٍْم
.[٣- َ كِب ٍ ير} [هود: ١
من عجائب الاستغفار ٨
٧- وقال تعالى: {وَِإَلى عَادٍ َأخَاهُمْ هُودًا قَا َ ل يَا َقوِْم اعْبُدُوا
اللَّهَ مَا َل ُ كمْ مِنْ ِإَلهٍ َ غيْرُهُ ِإ ْ ن َأنْتُمْ ِإلَّا مُفْتَرُو َ ن * يَا َقوِْم َلا َأسَْألُكُمْ عََليْهِ
َأجْرًا ِإ ْ ن َأجْ ِ ريَ ِإلَّا عََلى الَّذِي َف َ طرَِني َأَفَلا تَعْقُِلو َ ن * وَيَا َقوِْم اسْتَغْفِرُوا
رَبَّ ُ كمْ ُثمَّ تُوبُوا ِإَليْهِ يُرْسِ ِ ل السَّمَاءَ عََليْ ُ كمْ مِدْرَارًا وَيَ ِ زدْكُمْ قُوًَّة ِإَلى
.[٥٢- قُوَّتِكُمْ وََلا تَتَوَلَّوْا مُجْ ِ رمِينَ} [هود: ٥٠
٨- وقال تعالى: {َفقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّ ُ كمْ ِإنَّهُ َ كا َ ن َ غفَّارًا *
يُرْسِ ِ ل السَّمَاءَ عََليْ ُ كمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْ ُ كمْ ِبأَمْوَا ٍ ل وَبَِنينَ وَيَجْعَلْ َل ُ كمْ
.[١٢- جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ َل ُ كمْ َأنْهَارًا} [نوح: ١٠
٩- وقال تعالى: {ِإنَّا َأنْزَْلنَا ِإَليْكَ الْكِتَابَ ِبالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ
النَّا ِ س ِبمَا َأرَاكَ اللَّهُ وََلا تَ ُ كنْ لِلْخَائِِنينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِ ِ ر اللَّهَ ِإنَّ اللَّهَ
.[١٠٦ ، كَا َ ن َ غُفورًا رَحِيمًا} [النساء: ١٠٥
١٠ - وقال سبحانه: {وَمَنْ يَعْمَ ْ ل سُوءًا َأوْ يَ ْ ظلِمْ نَفْسَهُ ُثمَّ
.[ يَسْتَغْفِ ِ ر اللَّهَ يَ ِ جدِ اللَّهَ َ غُفورًا رَحِيمًا} [النساء: ١١٠
١١ - وقال تعالى: {وَِإذْ َقاُلوا اللَّهُمَّ ِإ ْ ن كَا َ ن هَ َ ذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ
عِنْدِكَ َفَأمْطِرْ عََليْنَا حِجَارًَة مِنَ السَّمَاءِ َأ ِ و اْئتِنَا ِبعَذَا ٍ ب َألِي ٍ م * وَمَا كَا َ ن
اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وََأنْتَ فِي ِ همْ وَمَا كَا َ ن اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُو َ ن}
.[٣٣ ، [الأنفال: ٣٢
١٢ - وقال تعالى: {ِإ َ ذا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَاْلَفتْحُ * وَرََأيْتَ النَّاسَ
يَدْخُُلو َ ن فِي دِي ِ ن اللَّهِ َأفْوَاجًا * َفسَبِّحْ ِبحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ِإنَّهُ كَا َ ن
تَوَّابًا} [النصر].
من عجائب الاستغفار ٩
ثانيًا: التفسير
* عن مجاهد في قول الله عز وجل: {وََلمْ يُصِرُّوا عََلى مَا َفعَلُوا
وَهُمْ يَعْلَمُو َ ن} [آل عمران: ١٣٥ ]، قال: لم يواقعوا. وقال آخرون:
.( السكوت على الذنب وترك الاستغفار( ١ « الإصرار » معنى »
قال: إنه كان قبل أمانان، قال تعالى : * وعن أبي موسى
{وَمَا كَا َ ن اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وََأنْتَ فِي ِ همْ وَمَا كَا َ ن اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ
فقد مضى، وأما يَسْتَغْفِرُو َ ن} [الأنفال: ٣٣ ] قال: أما النبي
.( الاستغفار فهو دائر فيكم إلى يوم القيامة ( ٢
* عن قتادة: في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ
فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، قال: إن القوم
لم يكونوا يستغفرون، ولو كانوا يستغفرون ما عذبوا، وكان
بعض أهل العلم يقول: هما أمانان أنزلهما الله؛ فأما أحدهما
فمضى؛ نبي الله، وأما الآخر فأبقاه الله رحمة بين أظهركم؛
.( الاستغفار والتوبة( ٣
* وفي قوله تعالى: {وَمَا كَا َ ن اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وََأنْتَ فِي ِ همْ وَمَا
كَا َ ن اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُو َ ن}: قال ابن عباس: كان فيهم
.( وبقي الاستغفار( ٤ والاستغفار، فذهب النبي ، أمانان: النبي
.(٢٢٤/ ١) تفسير الطبري: ( ٧ )
.(٥١٣/ ٢) تفسير الطبري: ( ١٣ )
.(٥١٤/ ٣) تفسير الطبري: ( ١٣ )
.(٤٨/ ٤) تفسير ابن كثير: ( ٤ )
من عجائب الاستغفار ١٠
* وعن الحسن في قوله تعالى: { َ كانُوا َقلِيلًا مِنَ اللَّيْ ِ ل مَا
يَهْجَعُو َ ن} [الذاريات: ١٧ ]: قال: قيام الليل.
* وعنه قال: مدُّوا في الصلاة ونشطوا، حتى كان الاستغفار
.( بسحر ( ١
،[ * قال تعالى: {وَاْلمُسْتَغْفِ ِ رينَ ِباْلَأسْحَا ِ ر} [آل عمران : ١٧
.( قال ابن كثير: دَلَّ على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار ( ٢
* وفي قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِ َ ذنِْبكَ} [محمد : ١٩ ] ﺗﻬييج
؛[ للأمة على الاستغفار، {وَسَبِّحْ ِبحَمْدِ رَبِّكَ ِبالْعَشِيِّ} [غافر: ٥٥
أي: في أواخر النهار وأوائل الليل، {وَاْلِإبْ َ كا ِ ر}، وهي أوائل
.( النهار وأواخر الليل ( ٣
* قال تعالى: {َف َ ذرِْني وَمَنْ يُ َ كذِّبُ ِبهَ َ ذا اْلحَدِيثِ سَنَسْتَدْ ِ رجُهُمْ
مِنْ حَيْثُ َلا يَعَْلمُو َ ن} [القلم : ٤٤ ]؛ قال أبو روق : أي كلما
.( أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار ( ٤
[ * قال السعدي في قوله تعالى: {وََأنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّ ُ كمْ} [هود: ٣
عن ما صدر منكم من الذنوب، {تُوبُوا ِإَليْ هِ} فيما تستقبلون من
أعماركم بالرجوع إليه بالإنابة والرجوع عما يكرهه الله إلى ما
يحبه ويرضاه، ثم ذكر ما يترتب على الاستغفار والتوبة فقال :
.(٤٠٩/ ١) تفسير الطبري: ( ٢٢ )
.(٢٣/ ٢) تفسير ابن كثير: ( ٢ )
.(١٥١/ ٣) تفسير ابن كثير: ( ٧ )
.(٢٥١/ ٤) تفسير القرطبي: ( ١٨ )
من عجائب الاستغفار ١١
{يُمَتِّعْ ُ كمْ مَتَاعًا حَسَنًا}؛ أي: يعطيكم من رزقه ما تتمتعون به
وتنتفعون، {ِإَلى َأجَ ٍ ل مُسَمى }: أي: إلى وقتِ وََفاتِكم،
{وَيُؤْتِ} منكم {كُلَّ ذِي َفضْ ٍ ل َفضَْلهُ}: أي: يعطي أهل
الإحسان والِبرِّ مِنْ َفضْله وِبرِّه ما هو جزاء لإحساﻧﻬم؛ من حصول
ما يحبون، ودفع ما يكرهون، {وَِإنْ تَوَلَّوْا} عن ما دعوتكم إليه،
بل أعرضتم عنه، وربما كذبتم به {َفِإنِّي َأخَافُ عََليْ ُ كمْ عَذَابَ يَوٍْم
كَِب ٍ ير}: وهو يوم القيامة الذي يجمع الله فيه الأَوَّلين والآخرين،
.( فيجازيهم الله بأعمالهم؛ إن خيرًا فخير، وإن شرا فشر ( ١
* * *
.(٦٧٣/ ١) تفسير السعدي: ( ١ )
من عجائب الاستغفار ١٢
ثالًثا: الأحاديث
والله » : يقول قال: سمعت رسول الله * عن أبي هريرة
.(١)« إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة
قال: يا رسول الله، إني َذ ِ ربُ اللسان، وإنَّ * وعن حذيفة
فقال : «؟ أين أنت من الاستغفار » : عامََّة ذلك على أهلي. فقال
.(٢)« إني لأستغفر في اليوم والليلة - أو في اليوم - مائة مرة »
قال: كنت رج ً لا َذ ِ ربَ اللسان على أهلي * وعن حذيفة
فقلتُ: يا رسول الله قد خشيت أن يدخلني لساني النار . قال :
.(٣)« فأين أنت من الاستغفار؟ إني لأستغفر الله في اليوم مائًة »
يقول : قال: سمعت النبي * وعن عبد الله بن بسر
.(٤)« طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا »
وكانت له صحبة أن * وعن أبي بردة عن الأَ َ غرِّ المزنيِّ
إنه َليُغَا ُ ن على قلبي، وإني لأس تغفر الله في » : قال رسول الله
.(٥)« اليوم مائة مرة
.(٣٦٥/ ١) صحيح البخاري: ( ١٩ )
.(٣٤٢/ ٢) مسند أحمد: ( ٤٧ )
.(٣٥١/ ٣) مسند أحمد: ( ٤٧ )
٤) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، والبيهقي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب )
.(١٢٥/ والترهيب: ( ٢
.(٢١٦/ ٥) صحيح مسلم: ( ١٣ )
من عجائب الاستغفار ١٣
أنه كان يدعو عن النبي * وعن ابن أبي موسى عن أبيه
رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله » : ﺑﻬذا الدعاء
وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي
وهزلي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ،
وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على
.(١)« كل شيء قدير
أنه كان يدعو: عن النبي * وعن أبي موسى الأشعري
اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم »
به مني، اللهم اغفر لي هَزْلي و ِ جدِّي وخطاياي وعمدي وكل
.(٢)« ذلك عندي
إذا انصرف من قال: كان رسول الله * وعن ثوبان
اللهم أنت السلام ومنك السلام » : صلاته استغفر ثلاًثا وقال
قال الوليد: فقلت للأوزاعي : .« تباركت يا ذا الجلال والإكرام
.(٣)« أستغفر الله أستغفر الله » : كيف الاستغفار؟ قال: تقول
يكثر كان النبي » : * وعن عائشة رضي الله عنها أﻧﻬا قالت
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك » : أن يقول في ركوعه وسجوده
.( يتأول القرآن( ٤ « اللهم اغفر لي
.(٨/ ١) صحيح البخاري: ( ٢٠ )
.(٩/ ٢) صحيح البخاري: ( ٢٠ )
.(٢٥٤/ ٣) صحيح مسلم: ( ٣ )
.(٣٠٨/ ٤) صحيح البخاري: ( ٣ )
من عجائب الاستغفار ١٤
سيد الاستغفار أن » : عن النبي * وعن شداد بن أوس
تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على
عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء
لك بنعمتك عَلَيَّ وأبوء َلكَ بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب
إلا أنت. قال: ومن قالها من النهار موقنًا ﺑﻬا فمات من يومه قبل
أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن ﺑﻬا
.(١)« فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة
: * وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله
من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم »
.(٢)« فرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب
* وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما إن كنا لنَعُدُّ لرسول
رب اغفر لي وتب علي إنك أنت » : في اﻟﻤﺠلس يقول الله
.( مائة مرة( ٣ « التواب الغفور
وأتي بدابَّةٍ ليركبها؛ * عن علي بن ربيعة قال: شهدت عليًا
فلما وضع رجَله في الرِّكا ِ ب قال: بسم الله. فلمَّا اسْتَوَى على
ظهرها قال: الحمد لله. ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا
له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون. ثم قال: الحمد لله. ثلاث مرات، ثم
قال: الله أكبر. ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي
.(٣٦٣/ ١) صحيح البخاري: ( ١٩ )
.(٣١٤/ ٢) سنن أبي داود: ( ٤ )
.(٣٢/ ٣) مسند أحمد: ( ١٠ )
من عجائب الاستغفار ١٥
فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ثم ضحك، فقيل: يا أمير
فعل كما المؤمنين، من أي شيء ضحكت؟ قال: رأيت النبي
فعلت ثم ضحك. فقلت: يا رسول الله من أي شيء ضحكت؟
إن ربك يعجب من عبده إذا قال اغفر لي ذنوبي يعلم أنه » : قال
.(١)« لا يغفر الذنوب غيري
يقول : قال: سمعت رسول الله * وعن أنس بن مالك
قال الله - تبارك وتعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني »
غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت
ذنوبُك عنا َ ن السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن
آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن .« شيًئا لأتيتُك بقراﺑﻬا مغفرة
.( غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ( ٢
إذا قال: كان رسول الله * وعن أبي برزة الأسلمي
سبحانك » : جلس مجلسًا يقول بآخره إذا أراد أن يقوم من اﻟﻤﺠلس
.« اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
فقال رجل: يا رسول الله، إنك لتقول قو ً لا ما كنت تقوله فيما
.(٣)« كفارة لما يكون في اﻟﻤﺠلس » : مضى. فقال
.(١٧٤/ ١) سنن أبي داود: ( ٧ )
.(٤٠/ ٢) صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي: ( ٨ )
.(١٠١/ ٣) رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: ( ٢ )
من عجائب الاستغفار ١٦
عَلِّمْني : أنه قال لرسول الله * وعن أبي بكر الصديق
قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا » : دعاء أدعو به في صلاتي. قال
كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك
.(١)« وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم
قال: سمعت أبي * وعن بلال بن يسار بن زيد مولى النبي
من قال: أستغفر » : يقول يحدثنيه عن جدي أنه سمع رسول الله
الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان
.(٢)« قد فَرَّ من الزحف
إذا خرجتم فاحمدوا » : أنه قال في الاستسقاء * وعن علي
واستغفروا؛ فإن الله، وأثنوا عليه بما هو أهله، وصلوا على النبي
حول إن النبي » : قال: وقال علي .« الاستسقاء الاستغفار
.(٣)« رداءه وهو قائم حين أراد أن يدعو
إن الله » : يقول قال: سمعت رسول الله * وعن أبي بكر
قد وهب لكم ذنوبكم عند الاستغفار، من استغفر الله بنية
.(٤)« صادقة، ومن قال: لا إله إلا الله. رَجَحَ ميزانُه
قال: سمعت رسول الله * وعن أبي سعيد الخدري
إن إبليس قال لربه عز وجل: وعزتك وجلالك لا أبرح » : يقول
.(٣٣٣/ ١) صحيح البخاري: ( ٣ )
.(١٧/ ٢) صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود: ( ٤ )
.(٨٨/ ٣) مصنف عبد الرزاق: ( ٣ )
.(٢٠١/ ٤) الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لابن شاهين: ( ١ )
من عجائب الاستغفار ١٧
أغوي بني آدم ما دامت الأرواح فيهم فقال له ربه عز وجل :
.(١)« فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني
إذا مضى » : قال: قال رسول الله * وعن أبي هريرة
شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا
فيقول: هل من سائل يعطى هل من داع يستجاب له هل من
.(٢)« مستغفر يغفر له. حتى ينفجر الصبح
القنطار اثنا » : قال: قال رسول الله * وعن أبي هريرة
وقال .« عشر ألف أوقية كل أوقية خير مما بين السماء والأرض
إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى هذا » : رسول الله
.(٣)« فيقال باستغفار ولدك لك
يستسقي * وعن الشعبي قال: خرج عمر بن الخطاب
بالناس، فما زاد على الاستغفار حتى رجع فقالوا: يا أمير المؤمنين،
ما رأيناك استسقيت. قال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي
تستنزل ﺑﻬا المطر: {َفقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّ ُ كمْ ِإنَّهُ كَا َ ن َ غفَّارًا * يُرْسِ ِ ل
السَّمَاءَ عََليْ ُ كمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْ ُ كمْ ِبأَمْوَا ٍ ل وَبَِنينَ وَيَجْعَلْ َل ُ كمْ جَنَّاتٍ
١٢ ]. {وَيَا َقوِْم اسْتَغْفِرُوا رَبَّ ُ كمْ - وَيَجْعَلْ َل ُ كمْ َأنْهَارًا} [نوح : ١٠
ُثمَّ تُوبُوا ِإَليْهِ يُرْسِ ِ ل السَّمَاءَ عََليْ ُ كمْ مِدْرَارًا وَيَ ِ زدْكُمْ قُوًَّة ِإَلى قُوَّتِكُمْ}
.(٤) [ [هود: ٥٢
.(٤٨٥/ ١) مسند أحمد: ( ٢٢ )
.(١٤٠/ ٢) صحيح مسلم: ( ٤ )
.(٥١/ ٣) سنن ابن ماجه: ( ١١ )
.(٨٧/ ٤) مصنف عبد الرزاق: ( ٣ )
من عجائب الاستغفار ١٨
والذي » : قال: قال رسول الله * وعن أبي هريرة
نفسي بيده لو لم تُ ْ ذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون
.(١)« فيستغفرون الله فيغفر لهم
قال: كنت رج ً لا إذا سمعت من رسول الله * وعن علي
حديًثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني أحد من
أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته، وقال: وحدثني أبو بكر
ما من » : يقول وصدق أبو بكر أنه قال: سمعت رسول الله
عبد يذنب ذنبًا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم
ثم قرأ هذه الآية: {وَالَّذِينَ ِإ َ ذا َفعَُلوا .« يستغفر الله إلا غفر له
٢) إلى آخر الآية. )«[ فَاحِشًَة َأوْ َ ظَلمُوا َأنْفُسَهُمْ} [آل عمران: ١٣٥
إذا أذنب العبد » : * وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله
نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب صقل منها، فإن عاد زادت
حتى تعظم في قلبه؛ فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل { َ كلَّا
.«[ بَ ْ ل رَا َ ن عََلى ُقُلوِب ِ همْ} [المطففين: ١٤
[هذا حديث صحيح لم يخرج في الصحيحين، وقد احتج مسلم بأحاديث
.( القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح]( ٣
ما من حافظتين » : قال: قال رسول الله * وعن أنس
يرفعان إلى الله في يوم فيرى تبارك وتعالى في أول الصحيفة وفي
.(٣٠١/ ١) صحيح مسلم: ( ١٣ )
.(١٢٥/ ٢) صحيح الترغيب والترهيب: ( ٢ )
.(٩/ ٣) المستدرك على الصحيحين للحاكم: ( ١ )
من عجائب الاستغفار ١٩
آخرها استغفارًا إلا قال - تبارك وتعالى: قد غفرت لعبدي ما بين
رواه البزار، وفيه تمام بن نجيح وثقه وغيره وضعفه ] .« َ طرََف ِ ي الصحيفة
.( البخاري وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح]( ١
إن عبدا » : قال قال: سمعت النبي * عن أبي هريرة
أصاب ذنبا – وربما قال: أذنب ذنبا – فقال : رب أذنبت –
وربما قال: أصبت – فاغفر لي. فقال ربه: أعلم عبدي أن له ربا
يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي. ثم مكث ما شاء الله ثم
أصاب ذنبًا – أو أذنب ذنبًا – فقال: رب أذنبت – أو أصبت
آخر – فاغفره، فقال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ
به، غفرت لعبدي. ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبًا – وربما
قال: أصاب ذنبًا – قال: قال: رب أصبت – أو قال: أذنبت
آخر – فاغفره لي. فقال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب
.(٢)« ويأخذ به؟ غفرت لعبدي ثلاًثا فليعمل ما شاء
من أحب أن تسره » : قال أن رسول الله * وعن الزبير
٣). رواه البيهقي بإسناد لا بأس به. )« صحيفته فليكثر فيها من الاستغفار
ألا أدلكم » : قال: قال رسول الله * عن أنس بن مالك
على دائكم ودوائكم، ألا إن داءكم الذنوب، ودواءكم
.(٤)« الاستغفار
.(٤٤٧/ ١) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: ( ٤ )
.(٢٦/ ٢) صحيح البخاري: ( ٢٣ )
١٢٥ )، وصححه في السلسلة / ٣) حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: ( ٢ )
.(٣٧٧/ الصحيحة: ( ٥
.(١٨٠/ ٤) شعب الإيمان للبيهقي: ( ١٥ )
من عجائب الاستغفار ٢٠
من » : يقول قال: سمعت رسول الله * عن عبادة
استغفر للمؤمنين وللمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة
.(١)« حسنة
العبد آمن » : أنه قال ، عن النبي * عن فضالة بن عبيد
.(٢)« من عذاب الله، عز وجل، ما استغفر الله، عز وجل
* عن عبد الله بن فروخ أنه سمع عائشة - رضي الله عنها -
إن الله خلق كل إنسان من بني » : قال تقول: إن رسول الله
آدم على ستين وثلاثمائة مفصل فمن كبر الله وحمد الله وهلل الله
وسبح الله واستغفر الله وعزل حجرًا عن طريق الناس أو شوكة
أو عظمًا عن طريق الناس وأمر بمعروف أو ﻧﻬى عن منكر عدد
تلك الستين والثلاثمائة السلامي فإنه يمسي يومئذ وقد زحزح
.(٣)« نفسه عن النار
* * *
.(٣٢٣/ ١) رواه الطبراني: ( ٦ )
.(٢٤٤٥٣) (٢٠/ ٢) أخرجه أحمد: ( ٦ )
.( ٣) رواه مسلم: (ص ٨٣٧ )، رقم ( ٢٣٣٠ )
من عجائب الاستغفار ٢١
متفرقات في الاستغفار
لقيت أخًا لي من إخواني » : * عن بكر بن عبد الله المزني يقول
الضعفاء فقلت: يا أخي أوصني. فقال: ما أدري ما أقول؛ غير أنه
ينبغي لهذا العبد أن لا يفتر عن الحمد والاستغفار وابن آدم بين نعمة
وذنب ولا تصلح النعمة إلا بالحمد والشكر ولا الذنب إلا بالتوبة
.(١)« والاستغفار. قال: فأوسعني علمًا ما شئت
رأيت أبي في » : * عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال
النوم بعد موته كأنه في حديقة فرفع إلي تفاحات فأولتُهن بالولد
.(٢)« فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل قال: الاستغفار يا بني
* وعن مخلد قال: جاء رجل إلى أبان بن أبي عياش فقال : إن
فلانًا يقع فيك قال: أقرئه السلام وأعلمه أنه قد ه يجني على
.( الاستغفار ( ٣
* حدثنا الوليد بن مسلم، قال: سألت عبد الرحمن بن يزيد بن
[ جابر عن قول الله: {وَاْلمُسْتَغْفِ ِ رينَ ِباْلَأسْحَا ِ ر} [آل عمران : ١٧
فقال: حدثني سليمان بن موسى، حدثني نافع أن ابن عمر كان يحيى
الليل صلاة فيقول: يا نافع: أسحرنا؟ فيقول: لا، فيعاود الصلاة فإذا
.( قلت: نعم، قعد يستغفر الله ويدعو حتى يصبح ( ٤
.(٥١/ ١) الشكر: ( ١ )
.(٢٩/ ٢) المنامات: ( ١ )
.(٢٦٨/ ٣) الصمت: ( ١ )
.(١٠٤/ ٤) تفسير ابن أبي حاتم: ( ١٢ )
من عجائب الاستغفار ٢٢
كان ابن عمر يكثر الصلاة من الليل وكنت » : * عن نافع قال
أقوم على الباب فأفهم عامة قراءته فربما ناداني: يا نافع هل كان
السحر بعد؟ فإن قلت: نعم . نزع عن القراءة فأخذ في
١). إسناده حسن. )« الاستغفار
إذا كثرت » : * قال سفيان: دخلت على جعفر بن محمد، فقال
همومك فأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا استبطأت الرزق
.(٢)« فأكثر من الاستغفار، وإذا تداركت عليك النعم فأكثر حمدًا لله
* عن الربيع بن خثيم، أنه قال لأصحابه: ما الداء؟ وما الدواء؟
الداء الذنوب، والدواء الاستغفار، والشفاء أن » : وما الشفاء؟ قال
.(٣)« تتوب فلا تعود
* حدثنا مالك بن مغول قال: سمعت أبا يحيى يقول: شكوت
أين أنت من الممحاة؟ يعني من » : إلى مجاهد الذنوب قال
.(٤)« الاستغفار
* عن جعفر بن برقان، قال: قلت لرجل من أهل البصرة :
كيف لا يشتهي أحدنا أنه لا يزال متبر ً كا إلى ربه يستغفر من ذنب،
ود » : ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود، قال: قد ذكر للحسن، فقال
.(٥)« الشيطان لو ظفر منكم ﺑﻬذه فلا تملوا من الاستغفار
.(٣٥٧/ ١) التهجد وقيام الليل: ( ١ )
.(٣٨١/ ٢) الترغيب في فضاءل الأعمال وثواب ذلك لابن هشام: ( ١ )
.(٧٠/ ٣) الزهد لأحمد بن حنبل: ( ٥ )
.(٣٣٠/ ٤) الزهد لأحمد بن حنبل: ( ٥ )
.(٢٥٢/ ٥) التوبة: ( ١ )
من عجائب الاستغفار ٢٣
أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى » : * عن الحسن يقول
موائدكم، وفي طرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، أينما كنتم؛
.(١)« فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة
* عن يونس بن عبيد، قال: سمعت بكر بن عبد الله المزني،
إنكم تكثرون من الذنوب، فاستكثروا من الاستغفار؛ فإن » : يقول
العبد إذا وجد يوم القيامة بين كل سطرين من كتابه استغفارًا سره
.(٢)« مكان ذلك
* روى إبراهيم بن حاطب عن أبيه قال: سمعت رج ً لا في
السحر في ناحية المسجد يقول: يا رب، أمرتني فأطعتك، وهذا
. سحر فاغفر لي. فنظرت فإذا هو ابن مسعود
قلت - والكلام للقرطبي: فهذا كله يدل على أنه استغفار
.( باللسان مع حضور القلب( ٣
ما رأيت أكثر » : قال * وروى مكحول عن أبي هريرة
.« استغفارًا من رسول الله
، وقال مكحول: ما رأيت أكثر استغفارًا من أبي هريرة
وكان مكحول كثير الاستغفار.
قال علماؤنا: الاستغفار المطلوب هو الذي يحل عقد الإصرار
.( ويثبت معناه في الجنان، لا التلفظ باللسان ( ٤
.(٢٧٣/ ١) التوبة: ( ١ )
.(٣٠٦/ ٢) التوبة: ( ١ )
.(٤٠/ ٣) تفسير القرطبي: ( ٤ )
.(٢١٠/ ٤) تفسير القرطبي: ( ٤ )
من عجائب الاستغفار ٢٤
* عن ابن المبارك عن الأوزاعي قال: قال إبليس لأوليائه: من
أي شيء تأتون بني آدم؟ فقالوا: من كل شيء. قال: فهل تأتوﻧﻬم
من قبل الاستغفار؟ فقالوا: هيهات ذاك شيء قُِر َ ن بالتوحيد. قال:
.( لأبُثَّنَّ فيهم شيًئا لا يستغفرون الله منه. قال: فبث فيهم الأهواء( ١
.(٢)« يقول العبد أستغفر الله، وتفسيرها أقلني » : * قال الفضيل
لولا » : * قال الألباني رحمه الله تعالى في الكلام على قول النبي
وليس المقصود من :« أنكم تذنبون لخلق الله خلًقا يذنبون فيغفر لهم
الحديث وأمثاله الحضَّ على الإكثار من الذنوب والمعاصي ولا الإخبار
فقط بأن الله غفور رحيم؛ وإنما الحض على الإكثار من الاستغفار
ليغفر الله له ذنوبه؛ فهذا هو المقصود بالذات من هذه الأحاديث، وإن
اختصر ذلك منه بعض الرواة( ٣). والله أعلم.
من لزم » : * قال صاحب عون المعبود شارحًا حديث النبي
أي: عند صدور معصية وظهور بلية، أو من داوم عليه :« الاستغفار
طوبى لمن وجد في » : فإنه في كل نفس يحتاج إليه، ولذا قال
رواه ابن ماجه بإسناد حسن صحيح]. ] .« صحيفته استغفارًا كثيرًا
أي: شدة ومحنة. :« من كل ضيق »
أي: طريًقا وسببًا يخرج إلى سعة ومنحة، والجارُّ :« مخرجًا »
متعلق به وقدم عليه للاهتمام وكذا.
.(٣٤٤/ ١) سنن الدارمي: ( ١ )
.(٣٠١/ ٢) تفسير القرطبي: ( ١٨ )
.(٦٠٤/ ٣) السلسلة الصحيحة، مختصرة: ( ٤ )
من عجائب الاستغفار ٢٥
أي: غم يهمه. :« ومن كل هم »
أي خلاصًا. :« فرجًا »
حلا ً لا طيبًا. :« ورزقه »
أي: لا يظن ولا يرجو ولا يخطر بباله. :« من حيث لا يحتسب »
والحديث مقتبس من قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّ ِ ق اللَّهَ يَجْعَ ْ ل َلهُ
مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ َلا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عََلى اللَّهِ فَهُوَ
حَسْبُهُ ِإنَّ اللَّهَ بَالِغُ َأمْ ِ رهِ َقدْ جَعَ َ ل اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ َقدْرًا }
.( ٣] كذا في المرقاة ( ١ ، [الطلاق: ٢
.« وإن العالم ليستغفر له » : * وقال أيضا في شرحه لهذا الحديث
قال الخطابي: إن الله سبحانه قد قيض للحيتان وغيرها من
أنواع الحيوان العلم على ألسنة العلماء أنواعًا من المنافع والمصالح
والأرزاق؛ فهم الذين بيَّنوا الحكم فيما يحل ويحرم منها وأرشدوا إلى
المصلحة في باﺑﻬا وأوصوا بالإحسان إليها ونفي الضرر عنها فألهمها
الله الاستغفار للعلماء مجازاة على حسن صنيعهم ﺑﻬا وشفقتهم
.( عليها( ٢
ما جاور عبد في قبره من جار خير من » : * عن أبي المنهال قال
.(٣)« استغفار كثير
.(٤٤٣/ ١) عون المعبود: ( ٣ )
.(١٣٧/ ٢) عون المعبود: ( ٨ )
.(٧/ ٣) الزهد، لأحمد بن حنبل: ( ٥ )
من عجائب الاستغفار ٢٦
* قال صاحب التحفة: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان
.« غفرانك » : إذا خرج من الخلاء قال النبي
.« غفرانك » : إذا خرج من الخلاء قال » : قوله
إما مفعول به منصوب بفعل مقدر؛ أي أسألك غفرانك أو
أطلب، أو مفعول مطلق أي اغفر غفرانك، وقد ذكر في تعقيبه
الخروج ﺑﻬذا الدعاء وجهان:
أحدهما: أنه استغفر من الحالة التي اقتضت هجران ذكر الله
تعالى فإنه يذكر الله تعالى في سائر حالاﺗﻬا إلا عند الحاجة.
وثانيهما: أن القوة البشرية قاصرة عن الوفاء بشكر ما أنعم الله
عليه من تسويغ الطعام والشراب وترتيب الغذاء على الوجه المناسب
لمصلحة البدن إلى أوان الخروج، فلجأ إلى الاستغفار اعتراًفا
بالقصور عن بلوغ حق تلك النعم، كذا في المرقاة.
قال: كان ، قلت: الوجه الثاني هو المناسب لحديث أنس
الحمد لله الذي أذهب عني » : إذا خرج من الخلاء قال النبي
رواه ابن ماجه]. ] .« الأذى وعافاني
قال القاضي أبو بكر بن العربي: سأل المغفرة من تركه ذكر الله
في تلك الحالة، ثم قال: فإن قيل إنما تركه بأمر ربه فكيف يسأل
المغفرة عن فعل كان بأمر الله؟
والجواب: أن الترك وإن كان بأمر الله إلا أنه من قبل نفسه
انتهى. .« وهو الاحتياج إلى الخلاء
من عجائب الاستغفار ٢٧
ما تقدم من ذنبه وما تأخر فما معنى فإن قيل: قد غفر له
يطلب المغفرة من ربه قبل أن سؤاله المغفرة؟ يقال: كان النبي
يعلمه أنه قد غفر له، وكان يسألها بعد ذلك؛ لأنه غُفِرَ له بشرط
استغفاره، ورُفِعَ إلى شرف المنزلة بشرط أن يجتهد في الأعمال
.( الصالحة والكل له حاصل بفضل الله تعالى، قاله ابن العربي ( ١
* قال الفقيه: حدثنا أبي - رحمه الله تعالى - بإسناده عن أبي
أنه قال: من رزق ستًا لم يحرم ستًا؛ من رزق الشكر لم هريرة
.[ يحرم الزيادة؛ لقوله تعالى: {َلئِنْ شَ َ كرْتُمْ َلَأ ِ زيدَنَّ ُ كمْ} [إبراهيم: ٧
ومن رزق الصبر لم يحرم الثواب؛ لقوله تعالى: {ُق ْ ل يَا عِبَادِ الَّذِينَ
آَمَنُوا اتَُّقوا رَبَّ ُ كمْ لِلَّذِينَ َأحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وََأرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ
.[ ِإنَّمَا يُوَفَّى الصَّاِبرُو َ ن َأجْرَهُمْ ِبغَيْ ِ ر حِسَا ٍ ب} [الزمر: ١٠
ومن رزق التوبة لم يحرم القبول؛ لقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي
يَقْبَلُ التَّوْبََة عَنْ عِبَادِهِ وَيَعُْفو عَ ِ ن السَّيَِّئاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُو َ ن}
.[ [الشورى: ٢٥
ومن رزق الاستغفار لم يحرم المغفرة؛ لقوله تعالى: {فَقُلْتُ
.[ اسْتَغْفِرُوا رَبَّ ُ كمْ ِإنَّهُ كَا َ ن َ غفَّارًا} [نوح: ١٠
ومن رزق الدعاء لم يحرم الإجابة؛ لقوله تعالى: {وََقا َ ل رَبُّكُمُ
ادْعُوِني َأسْتَ ِ جبْ َل ُ كمْ ِإنَّ الَّذِينَ يَسْتَ ْ كِبرُو َ ن عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُُلو َ ن
.[ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠
.(١١/ ١) تحفة الأحوذي: ( ١ )
من عجائب الاستغفار ٢٨
ومن رزق النفقة لم يحرم الخلف؛ لقوله تعالى: {ُق ْ ل ِإنَّ رَبِّي
يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ َلهُ وَمَا َأنَْف ْ قتُمْ مِنْ شَيْءٍ َفهُوَ
.(١)[ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّاِ زقِينَ} [سبأ: ٣٩
* * *
من كلام العلماء
فالتقوى فعل ما أمر الله ...» : * قال ابن تيمية رحمه الله تعالى
به، وترك ما ﻧﻬى الله عنه، ولهذا قال الله تعالى: {َفاصِْبرْ ِإنَّ وَعْدَ
اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِ َ ذنِْبكَ وَسَبِّحْ ِبحَمْدِ رَبِّكَ ِبالْعَشِيِّ وَالِْإبْ َ كا ِ ر }
[غافر: ٥٥ ]؛ فأمره مع الاستغفار بالصبر؛ فإن العباد لا بد لهم من
يا » : في الحديث الصحيح الاستغفار أولهم وآخرهم؛ قال النبي
أيها الناس توبوا إلى ربكم؛ فوالذي نفسي بيده إني لأستغفر الله
.« وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة
أنه استغفر ربه وتاب إليه وقد ذكر عن آدم أبي البشر
فاجتباه ربه فتاب عليه وهداه، وعن إبليس أبي الجن - لعنه الله -
أنه أصر متعلًقا بالقدر فلعنه وأقصاه؛ فمن أذنب وتاب وندم فقد
أشبه أباه، ومن أشبه أباه فما ظلم.
.(٤٢٥/ ١) بحر العلوم للسمرقندي: ( ٢ )
من عجائب الاستغفار ٢٩
... ولهذا قرن الله - سبحانه - بين التوحيد والاستغفار في غير
آية؛ كما قال تعالى: {َفاعَْلمْ َأنَّهُ َلا ِإَلهَ ِإلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِ َ ذنِْبكَ
.[ وَلِلْمُؤْمِِنينَ وَاْلمُؤْمِنَاتِ} [محمد: ١٩
.[ وقال تعالى: {َفاسْتَقِيمُوا ِإَليْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ}. [فصلت: ٦
وفي الحديث الذي رواه ابن أبي عاصم وغيره يقول الشيطان:
أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار »
فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء فهم يذنبون ولا يتوبون؛
.« لأﻧﻬم يحسبون أﻧﻬم يحسنون صنعًا
وقد ذكر سبحانه عن ذي النون أنه: {َفنَادَى فِي الظُُّلمَاتِ َأ ْ ن
،[ َلا ِإَلهَ ِإلَّا َأنْتَ سُبْحَانَكَ ِإنِّي ُ كنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}. [الأنبياء : ٨٧
قال تعالى: {َفاسْتَجَبْنَا َلهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَ َ ذلِكَ نُنْ ِ جي
دعوة أخي ذي النون » : الْمُؤْمِِنينَ} [الأنبياء: ٨٨ ]، قال النبي
.(١)« ما دعا ﺑﻬا مكروب إلا فرج الله كربه
سيد الاستغفار أن يقول » : * وقال أيضًا: قال رسول الله
العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على
عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء
لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب
إلا أنت. من قالها إذا أصبح موقنًا ﺑﻬا فمات في يومه دخل الجنة،
فالعبد ؛« ومن قالها إذا أمسي موقنًا ﺑﻬا فمات من ليلته؛ دخل الجنة
دائمًا بين نعمة من الله يحتاج فيها إلى شكر وذنب منه يحتاج فيه إلى
.(١٢٠/ ١) مجموع الفتاوى: ( ٣ )
من عجائب الاستغفار ٣٠
الاستغفار، وكل من هذين من الأمور اللازمة للعبد دائمًا؛ فإنه لا
يزال يتقلب في نعم الله وآلائه ولا يزال محتاجا إلى التوبة
والاستغفار، ولهذا كان سيد ولد آدم وإمام المتقين محمد يستغفر في
جميع الأحوال، وقال في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري :
أيها الناس توبوا إلى ربكم؛ فإني لأستغفر الله وأتوب إ ليه في »
.« اليوم أكثر من سبعين مرة
كنا نعد لرسول » : وقال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما
رب اغفر لي وتب علي إنك أنت » : الله في اﻟﻤﺠلس الواحد يقول
مائة مرة. « التواب الغفور
ولهذا شرع الاستغفار في خواتيم الأعمال قال تعالى :
{وَاْلمُسْتَغْفِ ِ رينَ ِباْلَأسْحَا ِ ر}. وقال بعضهم: أحيوا الليل بالصلاة.
أن النبي » : فلما كان وقت السحر أمروا بالاستغفار، وفي الصحيح
اللهم أنت » : كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاًثا، وقال
وقال .« السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام
تعالى: {َفِإ َ ذا َأَفضْتُمْ مِنْ عَرََفاتٍ َفاذْكُرُو ا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَ ِ ر
اْلحَرَاِم} إلى قوله: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ِإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم }
١٩٩ ]. وكفارة اﻟﻤﺠلس التي كان يختم ﺑﻬا اﻟﻤﺠلس : ، [البقرة : ١٩٨
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك »
.(١)« وأتوب إليك
.(٨٨/ ١) مجموع الفتاوى: ( ١٠ )
من عجائب الاستغفار ٣١
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد » : وقال أيضًا: وخاتمة اﻟﻤﺠلس
إن كان مجلس رحمة .« أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك
كانت كالطابع عليه، وإن كان مجلس لغو كانت كفارة له. وقد
أشهد أن لا » : روي أيضًا: أﻧﻬا تقال في آخر الوضوء بعد أن يقال
إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
وهذا الذكر ،« اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين
.( يتضمن التوحيد والاستغفار فإن صدره الشهادتان ( ١
* وقال أيضًا: وأما الاعتراف بالذنب على وجه الخضوع لله
من غير إقلاع عنه فهذا في نفس الاستغفار اﻟﻤﺠرد الذي لا توبة معه،
وهو كالذي يسأل الله تعالى أن يغفر له الذنب مع كونه لم يتب
منه، وهذا يأس من رحمة الله ولا يقطع بالمغفرة له؛ فإنه داع دعوة
ما من داع » : أنه قال مجردة، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي
يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا كان بين إحدى
ثلاث؛ إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخر له من الجزاء مثلها،
قالوا: يا رسول الله : إًذا .« وإما أن يصرف عنه من الشر مثلها
.« الله أكثر » : نكثر. قال
فمثل هذا الدعاء قد تحصل معه المغفرة، وإذا لم تحصل فلابد أن
يحصل معه صرف شر آخر، أو حصول خير آخر فهو نافع كما
ينفع كل دعاء.
.(٢٦٢/ ١) مجموع الفتاوى: ( ١٠ )
من عجائب الاستغفار ٣٢
وقول من قال من العلماء: الاستغفار مع الإصرار توبة
الكذابين. فهذا إذا كان المستغفر يقوله على وجه التوبة، أو يدعي
أن استغفاره توبة وأنه تائب ﺑﻬذا الاستغفار؛ فلا ريب أنه مع
الإصرار لا يكون تائبًا؛ فإن التوبة والإصرار ضدان، الإصرار تضاد
.( التوبة لكن لا تضاد الاستغفار بدون التوبة ( ١
* وقال رحمه الله تعالى: فليس لأحد أن يظن استغناءه عن
التوبة إلى الله والاستغفار من الذنوب؛ بل كل أحد محتاج إلى ذلك
دائمًا قال الله تبارك وتعالى: {ِإنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانََة عََلى السَّمَاوَاتِ
وَالَْأرْ ِ ض وَاْل ِ جبَا ِ ل َفَأبَيْنَ َأ ْ ن يَحْمِْلنَهَا وََأشَْفقْنَ مِنْهَا وَحَمََلهَا الِْإنْسَانُ
ِإنَّهُ كَا َ ن َ ظُلومًا جَهُوًلا * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافَِقاتِ
وَالْمُشْ ِ ركِينَ وَاْلمُشْ ِ ر َ كاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عََلى الْمُؤْمِِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
٧٣ ]؛ فالإنسان ظالم ، وَكَا َ ن اللَّهُ َ غُفورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: ٧٢
جاهل، وغاية المؤمنين والمؤمنات التوبة، وقد أخبر الله تعالى في
كتابه بتوبة عباده الصالحين ومغفرته لهم، وثبت في الصحيح عن
قالوا: ولا أنت يا « لن يدخل الجنة أحد بعمله » : أنه قال النبي
ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه » : رسول الله؟! قال
ومن ظن أن الذنوب لا تضر من أصر عليها فهو ضال ...« وفضل
مخالف للكتاب والسنة وإجماع السلف والأئمة؛ بل {َفمَنْ يَعْمَ ْ ل
مِثْقَا َ ل َ ذرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَ ْ ل مِثَْقا َ ل َ ذرَّةٍ شَرا يَرَه }
.[٨ ، [الزلزلة: ٧
.(٣١٨/ ١) مجموع الفتاوى: ( ١٠ )
من عجائب الاستغفار ٣٣
وإنما عباده الممدوحون هم المذكورون في قوله تعالى :
{وَسَا ِ رعُوا ِإَلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّ ُ كمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَاْلَأرْضُ
ُأعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفُِقو َ ن فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْ َ كاظِمِينَ
الْغَيْ َ ظ وَالْعَافِينَ عَ ِ ن النَّا ِ س وَاللَّهُ يُحِبُّ اْلمُحْسِِنينَ * وَالَّذِينَ ِإ َ ذا َفعَلُوا
فَاحِشًَة َأوْ َ ظَلمُوا َأنْفُسَهُمْ َ ذ َ كرُوا اللَّهَ فَاسْتَغَْفرُوا لِ ُ ذنُوِب ِ همْ وَمَنْ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ ِإلَّا اللَّهُ وََلمْ يُصِرُّوا عََلى مَا َفعَُلوا وَهُمْ يَعَْلمُو َ ن}
.[١٣٥- [آل عمران: ١٣٣
* وقال أيضًا: وإذا رأى أنه لا ينشرح صدره ولا يحصل له
حلاوة الإيمان ونور الهداية فليكثر التوبة والاستغفار وليلازم
الاجتهاد بحسب الإمكان؛ فإن الله يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا
َلنَهْدِيَنَّهُمْ سُبَُلنَا} [العنكبوت: ٦٩ ]، وعليه بإقامة الفرائض ظاهرًا
وباطنًا ولزوم الصراط المستقيم مستعينًا بالله متبرًئا من الحول والقوة
.( إلا به ( ١
ما » : * وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن قوله
هل المراد :« أصر من استغفر وإن عاد في اليوم والليلة سبعين مرة
ذكر الاستغفار باللفظ أو أنه إذا استغفروا ينوي بالقلب أن لا يعود
إلى الذنب؟
فأجاب: الحمد لله؛ بل المراد الاستغفار بالقلب مع اللسان؛ فإن
لا » : التائب من الذنب كمن لا ذنب له كما في الحديث الآخر
فإذا أصر على ؛« كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار
.(٣٩٠/ ١) مجموع الفتاوى: ( ١١ )
من عجائب الاستغفار ٣٤
الصغيرة صارت كبيرة وإذا تاب منها غفرت قال تعالى: {وَالَّذِينَ
ِإ َ ذا َفعَلُوا َفاحِشًَة َأوْ َ ظَلمُوا َأنْفُسَهُمْ َ ذ َ كرُوا اللَّهَ فَاسْتَغَْفرُوا لِ ُ ذنُوِب ِ همْ}
.( الآية( ١
* وقال أيضًا: فإن الاستغفار هو طلب المغفرة، وهو من جنس
الدعاء والسؤال، وهو مقرون بالتوبة في الغالب ومأمور به، لكن قد
يتوب الإنسان ولا يدعو، وقد يدعو ولا يتوب، وفي الصحيحين
فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه عن النبي عن أبي هريرة
أذنب عبد ذنبًا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي. فقال الله تبارك » : قال
وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ
بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك
وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ
بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي . فقال
تعالى: أذنب عبدي ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ
،« فليفعل ما شاء » : وفي رواية لمسلم « بالذنب، قد غفرت لعبدي
والتوبة تمحو جميع السيئات وليس شيء يغفر جميع الذنوب إلا
التوبة؛ فإن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء،
وأما التوبة فإنه قال تعالى: {ُق ْ ل يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ َأسْرَُفوا عََلى
َأنْفُسِ ِ همْ َلا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ِإنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ِإنَّهُ هُوَ
اْلغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣ ]، وهذه لمن تاب، ولهذا قال: {َلا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}: لا تقنطوا من رحمة الله بل توبوا إليه ،
.(٦٩٩/ ١) مجموع الفتاوى: ( ١١ )
من عجائب الاستغفار ٣٥
وقال بعدها: {وََأِنيبُوا ِإَلى رَبِّ ُ كمْ وََأسْلِمُوا َلهُ مِنْ قَبْ ِ ل َأ ْ ن يَأْتِيَكُمُ
اْلعَ َ ذابُ ُثمَّ َلا تُنْصَرُو َ ن} [الزمر: ٥٤ ]، وأما الاستغفار بدون التوبة
.( فهذا لا يستلزم المغفرة؛ ولكن هو سبب من الأسباب ( ١
* وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى: وجماع ذلك أن يحاسب
نفسه أو ً لا على الفرائض؛ فإن تذكر فيها نقصًا تداركه إما بقضاء
أو إصلاح، ثم يحاسبها على المناهي؛ فإن عرف أنه ارتكب منها
شيًئا تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية، ثم يحاسب نفسه
على الغفلة؛ فإن كان قد غفل عما خلق له تداركه بالذكر والإقبال
على الله تعالى ثم يحاسبها بما تكلم به أو مشت إليه رجلاه أو
بطشت يداه أو سمعته أذناه: ماذا أرادت ﺑﻬذا، ولمن فعلته، وعلى أي
وجه فعلته؟ ويعلم أنه لا بد أن يُنشر لكل حركة وكلمة منه
ديوانان: ديوان لمن فعلته، وكيف فعلته؛ فالأول سؤال عن
الإخلاص، والثاني سؤال عن المتابعة، وقال تعالى : {فَوَرَبِّكَ
٩٣ ]، وقال ، َلنَسَْأَلنَّهُمْ َأجْمَعِينَ * عَمَّا َ كانُوا يَعْمَُلو َ ن} [الحجر : ٩٢
تعالى: {َفَلنَسَْأَلنَّ الَّذِينَ أُرْسِ َ ل ِإَليْ ِ همْ وََلنَسَْأَلنَّ الْمُرْسَلِينَ * َفَلنَُقصَّنَّ
عََليْ ِ همْ ِبعِلْ ٍ م وَمَا ُ كنَّا غَائِِبينَ} [الأعراف: ٦]، وقال تعالى: {لِيَسَْأ َ ل
الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِ ِ همْ} [الأحزاب: ٨]؛ فإذا سئل الصادقون
.( وحوسبوا على صدقهم فما الظن بالكاذبين؟!( ٢
* الإصرار على الصغيرة قد يساوي إثمه إثم الكبيرة أو يربى
.( عليها.. وأيضًا فإنه قد يتخلص من الكبيرة بالتوبة والاستغفار ( ٣
.(٢١٠/ ١) منهاج السنة النبوية: ( ٦ )
.(٨٣/ ٢) إغاثة اللهفان: ( ١ )
.(١٥١/ ٣) إغاثة اللهفان: ( ٢ )
من عجائب الاستغفار ٣٦
أن كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته : : * يذكر عن النبي
ذكره البيهقي في الدعوات الكبير .« اللهم اغفر لنا وله » : تقول
وقال: في إسناده ضعف، وهذه المسألة فيها قولان للعلماء – هما
روايتان عن الإمام أحمد – وهما: هل يكفي في التوبة من الغيبة
الاستغفار للمغتاب، أم لا بد من إعلامه وتحليله؟ والصحيح: أنه لا
يحتاج إلى إعلامه بل يكفيه الاستغفار وذكره بمحاسن ما فيه في
المواطن التي اغتابه فيها، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره،
والذين قالوا: لابد من إعلامه، جعلوا الغيبة كالحقوق المالية،
والفرق بينهما ظاهر؛ فإن الحقوق المالية ينتفع المظلوم بعود نظير
مظلمته إليه فإن شاء أخذها وإن شاء تصدق ﺑﻬا، وأما في الغيبة فلا
؛ يمكن ذلك ولا يحصل له بإعلامه إلا عكس مقصود الشارع
فإنه يوغر صدره ويؤذيه إذا سمع ما رمى به ولعله يهيج عداوته ولا
لا يبيحه يصفو له أبدًا، وما كان هذا سبيله فإن الشارع الحكيم
ولا يجوزه فض ً لا عن أن يوجبه ويأمر به، ومدار الشريعة على تعطيل
.( المفاسد وتقليلها لا على تحصيلها وتكميلها والله تعالى أعلم( ١
* قال ابن القيم رحمه الله تعالى: الفائدة العاشرة ينبغي للمفتي
الموفق إذا نزلت به المسألة أن ينبعث من قلبه الافتقار الحقيقي الحالي لا
العلمي اﻟﻤﺠرد إلى ملهم الصواب ومعلم الخير وهادي القلوب أن يلهمه
الصواب ويفتح له طريق السداد ويدله على حكمه الذي شرعه لعباده
في هذه المسألة؛ فمتى قرع هذا الباب فقد قرع باب التوفيق.
.(٢١٩/ ١) الوابل الصيب: ( ١ )
من عجائب الاستغفار ٣٧
وما أجدر من أمل فضل ربه أن لا يحرمه إياه! فإذا وجد من
قلبه هذه الهمة؛ فهي طلائع بشرى التوفيق؛ فعليه أن يوجه وجهه
ويحدق نظره إلى منبع الهدى ومعدن الصواب ومطلع الرشد؛ وهو
النصوص من القرآن والسنة وآثار الصحابة؛ فيستغفره وسعه في
تعرف حكم تلك النازلة منها؛ فإن ظفر بذلك أخبر به وإن اشتبه
عليه بادر إلى التوبة والاستغفار والإكثار من ذكر الله؛ فإن العلم
نور