منتديات أنا مسلمة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات أنا مسلمة لكل المسلمين والمسلمات


    كيف تحاسب نفسك ...؟

    amal
    amal
    مدير عام
    مدير عام


    عدد المساهمات : 584
    نقاط : 3152
    تاريخ التسجيل : 09/04/2009
    العمر : 44
    الموقع : https://tita.yoo7.com

    كيف تحاسب نفسك ...؟ Empty كيف تحاسب نفسك ...؟

    مُساهمة  amal السبت يونيو 26, 2010 7:50 am

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]



    كيف تحاسب نفسك ...؟
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله الذي أمر بمحاسبة النفوس، وجعل عملها للصالحات
    خيرا من الجلوس، وغناها بالطاعة زوا ً لا للبؤوس، وأشهد أن لا إله
    إلا الله وحده لا شريك له الذي رفع بالمحاسبة الرءوس، وط  هر ا
    الأموال من اُلمكُوس، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، طبيب
    النفوس، أَمر بمحاسبة النفس قبل اليوم العبوس، صلى الله عليه وسلم
    كلما حوسبت النفس وُأزيل الرجس، وعلى آله وصحبه ومن سا  ر
    على جه إلى يوم الدين.
    أما بعد:
    فإنه يجب على المسلم الذي رضي بالله ربا وبالإسلام دينا
    رسو ً لا، أن يتقي الله الذي عرض الأمانة على السموات  وبمحمد
    والأرض والجبال فأبت أن تحملها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما
    جهو ً لا؛ ليعذِّب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات،
    ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما.
    * * * *
    كيف تحاسب نفسك ...؟
    حين تضي  ع المحاسبة
    إن من أعظم الأمانات أمانة النفس؛ فهي أعظم من أمانات
    الأولاد، وأعظم من أمانات الأموال، أقسم الله ا في كتابه، ولا
    .[ الشمس: 7 ]  ونفْسٍ وما س  واها  : يقسم الله إلا بعظيم. قال تعالى
    وقد جعل الله لهذه النفس طريقين: طريق تقوى، وبه تفوز
    فَأَلْهمها  : وتفلح، وطريق فجور، وبه تخسر وتخيب، قال تعالى
     ُف  جورها وتقْواها * قَد أَفْلَح من زكَّاها * وقَد خاب من د  ساها
    .[10- [الشمس: 8
    والناظر في حال الناس اليوم يرى رخص النفوس عند أهلها،
    ويرى الخسارة في حياا؛ لعدم محاسبتها، حتى أصبحت حيام تمر
    ويوم تُقوم ال  ساعُة يقْسِ  م  : وما كأا إلا ساعة؛ يقول تعالى
    فَاصبِر  : الروم: 55 ]، ويقول تعالى ]   الْ  مجرِمونَ ما لَبُِثوا غَير ساعة
    كَما صبر ُأوُلو الْعزمِ من ال  ر  سلِ وَلا تستعجِلْ َل  هم كَأَن  هم يوم يرونَ ما
    يوع  دونَ لَم يلْبُثوا إِلَّا ساعةً من نهارٍ بلَاغٌ فَهلْ يهلَ  ك إِلَّا الْقَوم
    الأحقاف: 35 ]، وتمر، وما كأا إلا يوما أو بع  ض يوم. ]  الْفَاسُقونَ
    قَالَ كَم لَبِثْتم في الْأَرضِ عدد سنِين * قَاُلوا لَبِثْنا يوما  : يقول تعالى
    المؤمنون]. والذين فقدوا محاسبة ]   َأو بعض يومٍ فَاسأَلِ الْعا  دين
    َأنْ  : نفوسهم يتحسرون في وقت لا ينفع فيه التح  سر؛ يقول تعالى
    تُقولَ نفْس يا حسرتا علَى ما فَ  رطْ  ت في جنبِ اللَّه وإِنْ ُ كن  ت لَمن
    الزمر: 56 ]، ويتمنون الرجوع إلى الدنيا؛ ليعلموا عم ً لا ]  ال  ساخرِين
    وَلو ترى ِإذ الْ  مجرِمونَ ناك  سو ا  : صالحًا، فلا يمكَّنون. يقول تعالى
    كيف تحاسب نفسك ...؟
     رءُوسهِم عند ربهِم ربنا أَبصرنا وسمعنا فَارجِعنا نعملْ صالحا إِنا
    السجدة: 12 ]، ويقْدمون على رم كعبد أَبق عن سيده ]  موقنونَ
    ثم ُأعيد إليه يستقبله بالقيود والسلاسل والسجن والضرب والنكال،
    ويكرهون لقاء الله، ومن كَِره لقاء الله َ كره الله لقاءه، ويكرهون
    الموت؛ لأم عمروا الدنيا وأخربوا الآخرة؛ فهم يكرهون الانتقال
    من العمران إلى الخراب.
    ودعام إلى الضياع والخسارة هم عباد الدنيا الذين جعلوا
    دنياهم لهوا ولعبًا وزينة وتفاخرا وتكاثرا من الأموال والأولاد،
    من كَانَ يرِي  د حرثَ الْآَخرة نزِد َله  : وجعلوها إفلاسا. يقول تعالى
    في حرثه ومن كَانَ يرِي  د حرثَ ال  دنيا نؤته منها وما لَه في الْآَخرة من
    الشورى: 20 ]، وجعلوها متاعا زائ ً لا لا يسمن ولا يغني ]  نصيبٍ
    ِإنما هذه الْحياُة ال  دنيا متاع وِإنَّ الْآَخرةَ  : من جوع. يقول تعالى
    .[ غافر: 39 ]  هي دا ر الْقَرارِ
    وبترك محاسبة النفس تسلَّ َ ط الشيطان الذي دعا إلى المعصية،
    وحذَّر من الطاعة، وزين الباطل، وثبط عن العمل الصالح، وص  د
    عنه وأفسده، وأشغل بما لا نفع فيه.
    وبترك محاسبة النفس تمكنت الغفلة من الناس؛ فأصبح لهم قلوب
    لا يفقهون ا، ولهم أعين لا يبصرون ا، ولهم آذان لا يسمعون
    ا، أولئك كالأنعام بل هم أضل، أولئك هم الغافلون. يقول تعالى: 
     وَلقَد ذَرأْنا لجهنم كَثيرا من الْجِ  ن والْإِنسِ َل  هم ُقُلوب َلا يفْقَ  هونَ ِبها
    وَل  هم َأعين َلا يبص  رونَ ِبها وَل  هم آَذَانٌ َلا يسمعونَ ِبها ُأوَلئك كَالْأَنعامِ
    .[ الأعراف: 179 ]  بلْ  هم أَضلُّ ُأولَئك  ه  م الْغافُلونَ
    كيف تحاسب نفسك ...؟
    وليعلم المسلم أنه لن يسلم من هذه الخسارة والضياع إلا من
    اتصف بأربع صفات:
    * صفات الإيمان التي يحصل ا الأمن في الدنيا والآخرة.
    * صفة العمل الصالح التي يحصل ا الصلاح في الدنيا والآخرة.
    * صفة التواصي بالحق التي تحصل ا النصيحة الواجبة، ويحصل
    ا حب الخير للغير.
    * صفة التواصي بالصبر: فإنه لا ثمرة لأي عمل إلا بالصبر، وهو
    والْعصرِ * ِإنَّ  : من الدين بمنزلة الرأس من الجسد. يقول تعالى
    الْإِنسانَ َلفي  خسرٍ * ِإلَّا الَّذين آَمنوا وعمُلوا ال  صالحات وتواصوا
    3]. قال الإمام الشافعي: لو لم - العصر: 1 ]  ِبالْح  ق وتواصوا ِبال  صبرِ
    ينزِل الله على خلقه  ح  جة إلا هذه السورة لكفتهم.
    * * * *
    كيف تحاسب نفسك ...؟
    كيف تحاسب نفسك؟!
    وحتى نتصف ذه الصفات ونحظى ذه الكرامات فإنه لاب  د من
    َلا تبديلَ لخلْقِ  ، محاسبة النفس؛ لتعود إلى فطرا التي فطرها الله عليها
    ،[ الروم: 30 ]  اللَّه ذَلك ال  دي  ن الْقَي  م ولَك  ن أَكْثَر الناسِ لَا يعلَ  مونَ
    ولتقوم بحق را فتعبده ولا تشرِك به شيئًا، وتحفظ دنياها وأُخراها.
    يا َأيها  : ولأهمية محاسبة النفس أَمر الله تعالى ا في كتابه فقال
    الَّذين آَمنوا اتُقوا اللَّه ولْتن ُ ظر نفْس ما قَ  دمت لغد واتُقوا اللَّه إِنَّ اللَّه
    خبِير ِبما تعمُلونَ * ولَا ت ُ كونوا كَالَّذين ن  سوا اللَّه فَأَنساهم أَنُفسهم
    ُأولَئك  ه  م الْفَاسُقونَ * َلا يستوِي َأصحا  ب النارِ وَأصحا  ب الْجنة
    20 ]، ووع  د الله بالجنة - الحشر: 18 ]  َأصحا  ب الْجنة  ه  م الْفَائ  زونَ
    وأَما من خاف مقَام ربه ونهى  : لمَن حاسب نفسه، يقول تعالى
    ،[41 ، النازعات: 40 ]  النفْس عنِ الْهوى * فَإِنَّ الْجنةَ هي الْمأْوى
    .« حفَّت الجنة بالمَكَارِه » : ويقول
    والنفوس ثلاثة أقسام:
    -1 نفس مليئة بالخير مستجيبة لله مراقبة له تشبه الملائكة،
    تسعى لغذاء الروح، همُّها الآخرة، كأنما تراها رأي العين، دائمة
    المحاسبة، لا تكل، ولا تمل، اشتغالها بإرضاء را وكثرة ذكره
    وشكره، وهذه النفس هي التي رضيت بالله ربا وبمحمد رسو ً لا
    وبالإسلام دينا، وهي النفس التي استعدت للقاء الله تعالى، حتى لو
    قيل بأن القيامة يوم غد- ما وجد  ت للعمل الصالح مزيدا، وهي
    0 كيف تحاسب نفسك ...؟
    النفس التي أحبت لقاء الله فأح  ب الله لقاءها، وتسمى هذه النفس
    يا أَيتها النفْ  س الْ  مطْمئنُة * ارجِعي  : يقول تعالى ، النفْ  س الْ  مطْمئنُة 
     إِلَى ربك راضيةً مرضيةً * فَاد  خلي في عبادي * واد  خلي جنتي
     َأَلا ِبذكْرِ اللَّه تطْمئ  ن الُْقُلو  ب  : 30 ]، ويقول تعالى - [الفجر: 27
    [الرعد: 28 ]، وقد ورد في سيرة ابن عباس أم لمَّا دفنوه سمعوا قارئًا
    الآيات. ... يا أَيتها النفْ  س الْ  مطْمئنُة  : يقرأ
    -2 والنفس الثانية: نفس لا تثبت على حال واحدة فهي
    كثيرة التقلُّب والتلون، فتذْ ُ كر وتغفَل، وتقْبل وتعرِض، وتح  ب
    وتبغض، وتفْرح وتحزن، وترضى وتغضب، تلوم صاحبها على ترك
    الطاعات وعلى فعل السيئات، وهذه النفس بين نوازع الخير
    ونوازع الشر، وبين جاذبيتي العقل والشهوة، وتسمى هذه النفس
    لَا ُأقْسِ  م بِيومِ  : (النفس اللوامة)، وقد أقسم الله تعالى ا فقال
    .[2 ، القيامة: 1 ]  الْقيامة * ولَا ُأقْسِ  م بِالنفْسِ اللَّوامة
    -3 والنفس الثالثة: نفس مليئة بالشر مطاوعة للشيطان،
    عاصية للرحمن، بعيدة عن التقوى، قريبة من الهوى، ركوا إلى
    الدنيا، تميل إلى الطبيعة الدنية، وتجذب القلب إلى الجهة السفلية،
    وتسمى هذه النفس (النفس الأمارة بالسوء)، يقول الله تعالى عن
    وما ُأب  ر  ئ نفْسِي إِنَّ  : هذه النفس وهو يحكي قصة امرأة العزيز
    يتع  وذ من هذه  يوسف: 53 ]. وقد كان ]  النفْس لَأَمارةٌ بِال  سوءِ
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه » : النفس؛ إذ يقول في خطبة الحاجة
    أعوذ بك » : ويقول ،« ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
    .« من شر نفسي
    كيف تحاسب نفسك ...؟
    ومحاسبة النفس أمر مطلوب؛ لأنه قيام بأمر الله تعالى، وازدياد
    من الحسنات، ومسابقة إلى الخيرات، ومنع للنفس من الأهواء
    والشهوات، وترك للسيئات، واقتداء بالأنبياء عليهم السلام؛ فمما
    أربع ساعات لا ينبغي لعاقل أن يغفل » : ورد في صحف إبراهيم
    عنهن: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يتفكر في خلق السموات
    .« والأرض، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة لنفسه وأهله
    كان يقَسم وقته إلى أربعة أقسام: »  * وروي أن داود
    ساعة يعبد فيها ربه، وساعة يحكم فيه ا ويقضي بين الناس، وساعة
    وصاحب هذا .« يدعو فيها إلى الخير، وساعة لمطعمه ومشربه وأهله
    التقسيم وهذا الحرص على الخير والسبق إلى النجاة كان يصوم يوما
    ويف  طر يوما، وكان يقوم ثلث الليل، وينام نصفه.
    يتفقَّد الخيل ويعدها للجهاد في سبيل الله  * وكان سليمان
    تعالى، فأشغلته عن ذكْر الله فقام بذبحها وتقطيع سيقاا، وقسم
    لحمها بين الفقراء والمساكين قربة إلى الله تعالى وتأديبا لنفسه،
    فعوضه الله ذه المحاسبة مكان الخيل الريح تقطع في ُ غد  وة أو رو  حة
    ول  سلَيمانَ ال  ريح  : ما كانت تقطعه الخيل في شهر. قال تعالى
    .[ سبأ: 12 ]  ُ غ  د  وها شهر وروا  حها شهر
    فقلبه سليم، ؛ ومن أكثر الخلق محاسبة لنفسه رسول الله
    ولسانه ذاكر، وبصره محفوظ، وسمعه مليء بالخير، ويده منفقة،
    ورجله إلى الخيرات تمضي، ونفعه ع  م البر والبحر، وصلاته في
    الجماعة دائمة، وقيامه للَّيل دائم؛ حتى أنه إذا نام أو كسل في الليل
    صلَّى من النهار ثنتي عشرة ركعة.
    2 كيف تحاسب نفسك ...؟
    وكان يواظب في اليوم والليلة على أربعين ركعة، سبع عشرة
    فرائض، وإحدى عشرة قيامه الليل، وثنتي عشرة الرواتب.
    يأخذ  ومحاسبة النفس هو هدي الصالحين؛ فها هو أبو بكر
    بلسان نفسه ويقول: يا ليتني كنت شجرة تعضد.
    وها هو عمرو بن العاص يقول عند وفاته: لقد كنت في
    الجاهلية أحرص على قتل رسول الله؛ فلو حدث لدخل  ت النار، ثم
    أسلمت وبسطت يدي أبايعه فاشترطت، فقال: إن الإسلام يجب ما
    قبله...
    وها هو حنظلة الأسيدي يقول لأبي بكر: نافقت. قال أبو بكر:
    الحديث. ... وأنا كذلك، ويذهبان إلى النبي
    وها هو إبراهيم يقول: مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمارها
    وأشرب من أارها وُأعانق حورها، ثم مثلت نفسي في النار آكل
    من زقُومها وأشرب من حميمها وغَساقها وأعالج سلاسلها ثم قلت:
    يا نفس ماذا تريدين؟ قالت: أريد العودة إلى الدنيا لأعمل صالحًا.
    فقلت لها: أنت لا تزالين في الدنيا فاعملي عم ً لا صالحًا.
    وليعلم المسلم أن محاسبة النفس نوعان:
    * نوع قبل العمل: وهو أن ينظر العبد في هذا العمل هل هو
    مقدور عليه فيعمله، مثل الصيام والقيام، أو غير مقدور عليه فيتركه
    ثم ينظر هل في فعله خير في الدنيا والآخرة فيعمله، أو في عمله شر
    في الدنيا والآخرة فيتركه، ثم ينظر هل هذا العمل لله تعالى أم للبشر
    والدنيا؛ فإن كان لله فَعله وإن كان لغيره تركه.
    كيف تحاسب نفسك ...؟ 3
    * والنوع الثاني محاسبة النفس بعد العمل: وهو ثلاثة أنواع:
    -النوع الأول: محاسبة النفس على طاعات قصرت فيها،
    كتركها للإخلاص أو للمتابعة، أو ترك العمل المطلوب كترك الذكر
    اليومي أو بعضه، أو ترك قراءة القرآن، أو ترك الدعوة أو ترك
    الصلاة جماعة، أو عدم أداء الصلاة على الوجه المطلوب، أو ترك
    الرواتب.
    ومحاسبة النفس في هذا النوع أن يكمل النقص ويصلح الخطأ،
    ويسارع في الخيرات، ويترك النواهي ويتوب منها ويستغفر الله،
    ويدوام على الذكر، ويراقب الله تعالى، ويحاسب قلبه فيما أضمره،
    ويعمل على سلامته، ويحاسب اللسان فيما قاله، ويشغله بالخير أو
    الصمت، ويتذكر أن السلف كانوا يعدون كلامهم في الأسبوع،
    ويحاسب العين فيما نظرت، فيطلقها في الحلال ويغضها عن الحرام،
    ويحاسب الأُُذن ما الذي سمعته، فيكْثر من سماعها للخير ويمنعها من
    الشر، وهكذا جميع الجوارح؛ فإا إما أن تحافظ على رأس المال
    وهو الفرائض، وتزيد الأرباح وهي النوافل، وإما أن تعمل على
    خسارة الأرباح ورأس المال.
    والنوع الثاني من المحاسبة بعد العمل: أن يحاسب نفسه على
    كل عمل كان تر ُ كه خيرا له من فعله؛ لأنه أطاع فيه الهوى
    : والنفس، وهو نافذة على المعاصي؛ ولأنه من المتشابه. يقول
    إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات ؛ فمن »
    اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات
    .« د  ع ما يريبك إلى ما لا يريبك » : ويقول ،« وقع في الحرام
    4 كيف تحاسب نفسك ...؟
    والنوع الثالث: أن يحاسب نفسه على أمر مباح أو معتاد لم
    يفعله، وهل أراد به الله والدار الآخرة، قال عمر بن الخطاب:
    حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن،
    وتأهبوا ليوم العرض يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية.
    واعلموا أن أركان المحاسبة ثلاثة:
    * الركن الأول: أن تقايض بين نعمة الله عليك وبين جنايتك؛
    فنعمه لا تعد ولا تحصى؛ خلَقَك فَسواك، وعدلَك، ورزقَك في
    بطن أمك وبعد خروجك، وأسبغ عليك النِعم، وأمدك بالصحة
    والعافية، وس  خر لك ما في السموات وما في الأرض، وأغناك عما
    سواه، فاعترف بنعمته، واعترف بذنبك، ولذا كان سيد الاستغفار
    أَبوء لك بنعمتك » : من أَجلِّ الاستغفار؛ لأنه جم  ع بينهما في قوله
    ولا ،« عل  ي، وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
    يوجد هذا الركن إلا عند من رزَقه الله نورا في قلبه؛ يعرف الحق
    فيتبعه، ويعرف الباطل فيجتنبه، ولا يكون إلا عند من أساء الظن
    بنفسه ليسلم من التزكية ومن العجب والخيلاء، ولا يكون إلا ممن
    ميز بين النعمة والنقمة؛ فمن عب  د الله بنعمته فهي نعمة، ومن عصى
    الله بنعمته فهي استدراج.
    * والركن الثاني: هو أن تميز بين حق الله عليك وبين ما أباحه
    لك؛ فإنَّ حقَّه عليك التزام العبودية وترك المعصية، وحقك ما أباح
    أتدري ما حق الله على » : لك من الشرع. وفي حديث معاذ
    .« العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًَا
    كيف تحاسب نفسك ...؟ 5
    * والركن الثالث: أن يكون حريصا على قبول العمل؛ فيكْثر
    من الدعاء والاستغفار والتوبة، ويكون وجِِ ً لا خائفًا حتى يعلم
    والَّذين يؤتونَ ما آَتوا وُقُلوبهم وجِلَةٌ أَنهم  : قبولها؛ فالله تعالى يقول
    المؤمنون: 60 ]. وقد شر  ع الله لأهل المحاسبة ]  ِإَلى ربهِم راجِعونَ
    استغفارا بعد أعمالهم بعد الصلاة، وبعد صلاة الليل، وبعد الإفاضة
    من عرفات، وبعد الوضوء، وبعد أداء الرسالة، وغير ذلك.
    واعلموا أن من فوائد المحاسبة أن العبد يطَّلع على عيوب نفسه؛
    ُث  م أَورثْنا الْكتاب الَّذين اصطَفَينا  : سأل رجل عائشة عن قوله تعالى
    فاطر: 32 ]، فقالت: السابق من مضى على عهد رسول ]  من عبادنا
    وشهد له بالجنة، والمقتصد أصحابه الذين اتبعوا أثره بعده،  الله
    وأما الظالم لنفسه فمثلي ومثلك.
    ويقول محمد بن واسع رحمه الله: لو كان للذنوب روائح ما
    استطاع أحد أن يجلس بجانب أحد.
    وروي أن عبدا من بني إسرائيل عب  د الله ستين سنة ودعا فلم
    يجب، فقال لنفسه: لو كان فيك خير لأُجِب  ت؛ فما  رد الدعاء إلا
    بسببك. فأتي في المنام فقيل له: إن عقابك لنفسك خ  ير من عبادتك
    تلك السنين.
    ومنها صلاح القلب، وصلاح الجوارح، والبعد عن مزالق
    الشيطان. وهي دليل على الخوف من الله، ومن خاف نجى؛ فإن الله
    لا يجمع على عبد خوفين ولا أمنين، من خافه في الدنيا أَمنه يوم
    القيامة، ومن أَمن في الدنيا أخافه يوم القيامة.
    6 كيف تحاسب نفسك ...؟
    فحاسبوا أنفسكم يخف عليكم حساب الآخرة، ويتضح لكم
    الطريق المستقيم، وتنالوا رضوان الله، وتسعدوا في الدنيا والآخرة،
    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله
    وصحبه ومن والاه..

    * * * *

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 8:24 pm