منتديات أنا مسلمة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات أنا مسلمة لكل المسلمين والمسلمات


    طريق التوبة

    amal
    amal
    مدير عام
    مدير عام


    عدد المساهمات : 584
    نقاط : 3152
    تاريخ التسجيل : 09/04/2009
    العمر : 44
    الموقع : https://tita.yoo7.com

    طريق التوبة  Empty طريق التوبة

    مُساهمة  amal السبت يونيو 26, 2010 9:37 am


    طريق التوبة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وبعد:
    فإن من قواعد السعادة في الحياة، وأسباب النجاة بعد الممات: لزوم التوبة والاستغفار والإنابة إلى الواحد الغفار! ذلك لأن السعادة والطمأنينة محلها القلب.. ولا شيء يغسل القلب من أدرانه.. ويطهره من أنجاسه.. وينظفه وينقيه غير التوبة.. والرجوع إلى الله..
    ولذ فإن الإنسان –أي إنسان- ملزم بالثبات على التوبة والاستغفار قال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 31].
    وإليك أخي الكريم.. منارات تهديك إلى هذا الطريق.. وتدلك على خيره وبركته وعظم أجر الماشي فيه!!
    من ذا الذي ما ساء قط!!
    أخي.. حينما يذنب المسلم ذنبا فإنه –ولابد- يعتصر قلبه بذلك الذنب.. ويضيق صدره.. ويشتد همه.. وبحسب درجة إيمانا في قلبه تتفاوت تلك الحسرة وذلك الضيق والهم! لكنه حينما يقف على حقيقة ضعفه.. ويتأمل في حال الإنسانية من حوله يتذكر على الفور أنه بشر ناقص معرض –ولابد- كغيره من البشر للخطأ والزلل.. وللانحراف والخلل! وهذا ما يهون عليه ويسليه..
    فما من إنسان على وجه هذه البسيطة إلا ويذنب.. ويخطأ.. ويزل.. إلا من عصمه الله من الأنبياء والمرسلين في تبليغ الوحي والدين!
    فهذه مشيئة الله في خلقه.. كما قال رسول الله : «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم».
    وإذا علمت أخي الكريم أن هذه المشيئة من وراءها حكم عظيمة.. هان عليك الأمر وانفسح.. وتأهبت نفسك للتوبة والرجوع إلى الله تجني ثمرات عبودية الله سبحانه بالتوبة والتضرع والإنابة ما لا تجنبه بغيرها!
    فالله سبحانه جعل الذنب الذي هو من طبع الإنسان مفتاحا للاطلاع على واسع جوده ومغفرته، وجميل عفوه وحلمه، وفيض صبره ورحمته!
    تأمل في الخلائق فوق هذه البسيطة كيف يعصونه بالليل والنهار.. وكيف يعبثون ويكفرون، ويفسقون ويظلمون.. لكنه سبحانه يمهلهم.. ويتيح لهم الفرص لعلهم يرجعون.. فلا أحد أصبر من الله.
    ثم تأمل في الذين يسرفون على أنفسهم ثم يتوبون.. كيف يقبلهم.. ويحبهم.. بل ومنهم من يبدل سيئاتهم حسنات كما أخبر النبي  بذلك فقال: «ليتمنين قوم لو أكثروا من السيئات الذين بدل الله سيئاتهم حسنات».
    وقال سبحانه: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان: 68-70].
    أخي: إذًا فذنبك قد يكون سببا في رحمتك.. إذ قد يفتح الله لك من التوبة والندم والرغبة في الرجوع إليه والتذليل بين يديه والطمع في عفوه وحلمه والخوف من عذابه؛ ما يكون سببا في استمطار رحمته.. ونزول بركته وفيض محبته فلا تخيب أبدا..
    وتذكر –أخي- أن المتذوق لأسرار هذه الحكمة العظيمة ليس من هو مصر على ذنبه.. مجاهر بفسقه.. معرض عن الرجوع إلى الله.. وإنما يتذوقها.. ويستحق من الله ثمارها.. من خالطت بشاشة التوبة النصوح قلبه.. فصدق النية.. وأخلص الطوبة.. وعاد إلى الله بقلب عازم على طاعته.. مشفق من معصيته.. مستعصم بحفظه وكلاءته وكفايته.. حتى إذا غلب طبعه –لذنب- دونما سبق إصرار ونية.. عاد أيضا يقر بالذنب.. ويعترف بالضعف.. ويطرق باب التوبة بخشوع.. وتكرار التوبة من الذنب الواحد ولو كان في اليوم الواحد مرات كثيرة لا يدل في الأصل على الإصرار.. وإنما الفصل في ذلك قوة الإخلاص ونية القلب:
    وها هو رسول الله  يخبر ويقول: «ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يحدث الفينة بعد الفينة، أو له ذنب هو مقيم عليه إلى أن يموت، إن المؤمن خلق مفتنا نسَّاءًا إذا ذُكر ذَكر».
    ففي هذا الحديث إشارة قوية إلى أسباب معاودة المسلم للذنوب: إنها النسيان والطبع والفتنة، وفيه أيضا فصل ما بين الناسي أو الذي غلبه طبع أو طرأت عليه فتنة من نزعات نفسه أو الشيطان وبين المصر الذي لا تنفع فيه التذكرة ولذلك قال تعالى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات: 55].
    أما من لم تخالط بشاشة الإيمان قلبه، فتجده يتذرع في تأخير التوبة بالخوف من معاودة الذنب.. وما هو في الحقيقة إلا الإصرار وسوء النية.
    ويزيد إجلالي لوجهك أنني
    أدري بأنك غافر الزلات

    فأعود من غيي وأخشع تائبا
    وأظل أطمع فيك بالدعوات

    ولقد علمت الله يفرح كلما
    أعلنت توبي راجي الرحمات

    ولأنني عبد ظلوم جاهل
    سأتوب دوما ما حييت حياتي

    القنوط من رحمة الله حرام
    أخي.. من عظيم رحمة الله بالإنسان.. أنه حرم عليه القنوط من رحمته.. وهذه نفسها فيض لا يضاهي.. وجود لا يتناهى ينساب من قوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53].
    فلا يحل لمسلم مهما تعاظم ذنبه، ومهما كثرت سيئاته أن يقنط من رحمة الله تعالى؛ بل الواجب على كل إنسان الرجوع إلى دين الله.. والطمع في رحمته، وطرق بابه.. ولزوم طريقه الذي ارتضاه لنبيه .
    وتأمل أخي في قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ [الأنفال: 38].
    فهؤلاء الكفار قد فتح لهم باب التوبة وحرم عليهم القنوط منها..
    أليس المسلم المذنب أحق من الكافر بالطمع في رحمة الله وفيضه؟!
    أخي فإذا عرفت أن الخطأ من صفات بشرية الإنسان.. وعرفت أن التوبة تجبر ذلك الخطأ.. فلا تيأس إذا كلما وقعت في العصيان.. وكلما مسك طائف من الشيطان.. وكلما انتابك غفلة أو نسيان.. وقم بعد ذكر الله من عثراتك إلى استئناف مسيرة العبودية.. لتنال بها السعادة الأبدية. [قبل الندم ص8].
    إن الله واسع المغفرة
    أخي.. إذا علمت أن لله من وراء ذنبك حكمة هي اطلاعك على رحمته.. وعلمت كيف حرم عليك القنوط من تلك الرحمة.. فتعال نلقي نظرة على سعتها كيما تكون لك حافزا على لزوم عتبة التوبة النصوح..
    * تذكر أن الله يفرح بتوبتك:
    قال : «لله أفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح» [رواه البخاري ومسلم].
    فالله سبحانه كما يفرح بتوبة عبده، يجزيه فرحا وطمأنينة وانشراحا يقول ابن القيم رحمه الله: "أما تأثير الاستغفار في دفع الهم والغم والضيق فلما اشترك في العلم به أهل الملل وعقلاء كل أمة أن المعاصي والفساد توجب الهم والغم وضيق الصدر ولا دواء لها إلا التوبة والاستغفار" [زاد المعاد 4/208].
    * تذكر أن الله يحب التوابين:
    قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222].
    وهذه الآية –أخي الكريم- تنطوي على أسرار عجيبة، لو تأمل فيها المؤمن مليا لعلم مقدار عبودية الله بالتوبة، وعظم ثمارها وفوائدها.
    ففي الحديث القدسي: قال الله تعالى: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه» [رواه البخاري].
    تأمل –أخي- في هذه الثمار التي تثمرها محبة الله جل وعلا.. واعلم أن توبتك من ذنب أحدثته صغيرا كان أم كبيرا هي طريق جني تلك الثمار..
    ألا فأسرع بطرق باب التوبة.. واغسل بمائها أدرانك.. واحظ منها بمحبة الله فإنها منبع كل خير ومفتاح كل بر، وأصل كل فلاح!
    قصة تائب
    يقول صاحب القصة:
    "كنا ثلاثة من الأصدقاء.. يجمع بيننا حب اللهو والعبث والفجور.. نذهب بالفتيات بعد إغرائهن بالكلام المعسول.. إلى المزارع البعيدة.. وهناك كانت أحوالنا أحوال الذئاب.. لا نرحم توسلاتهن.. فقد مات فينا الإحساس!
    هكذا كانت أيامنا وليالينا في المزارع.. في المخيمات.. والسيارات.. وعلى الشاطئ إلى أن جاء اليوم الذي لا أنساه!
    وذهبنا كالمعتاد إلى المزرعة.. كان كل شيء جاهزا.. لكل واحد منا فريسة.. وشراب لكننا كنا قد نسينا شراء الطعام!
    ذهب أحدنا لشرائه.. كانت الساعة وقتئذ السادسة مساء.. مرت الساعات دون أن يرجع صديقنا..
    عند تمام العاشرة شعرت بالقلق والتوتر.. وكأنني أحسست بأن شيء قد وقع..
    انطلقت بسيارتي أبحث عنه.. وبينما أنا في الطريق.. إذا بي أرمق ألسنة لهب حارق تتصاعد من سيارة على جنب الطريق.. اقتربت.. وجعلت أحملق في السيارة فإذا هي سيارة صاحبي!!
    أوقفت السيارة.. ثم خرجت كالمجنون وجريت إلى صديقي.. فأصابني الذهول.. وقتلني الأسى.. وأنا أرى نصف جسمه قد احترق وصار كالفحم قاتما..
    كان لا يزال على قيد الحياة.. شعرت به حيا.. فتحت الباب بسرعة جنونية.. وأخرجته إلى الأرض محاولا حمله إلى سيارتي..
    لكنني توقفت وأنا أسمعه يهذي: لا فائدة.. لا أمل! النار.. النار!
    فخنقتني الدموع! وجعلت أبكي.. وأنا عاجز على إنقاذه من حرارة النيران وسكرات الموت..
    وفجأة.. نطق بسؤال هز كياني.. وسيظل يتردد في ذهني وذاكرتي طوال الحياة..
    قال صديقي وهو ينازع المنية: ماذا أقول له؟
    قلت: من هو؟ قال لي بصوت مهزوز ضعيف خافت: الله!
    وقتها.. وقتها فقط.. دب الرعب في جسدي.. وسرى الخوف في جسمي..
    وأحسست حقا بحقارة ما نحن عليه.. وبينما أنا كذلك.. إذا بصديقي يطلق صرخة مدوية مات على إثرها.. وفارق الحياة!!
    جاءت الإسعاف.. وجاءت الشرطة.. وطوي ملفه إلى الأبد!
    لكنني بقيت بعد وفاته أياما.. أردد العبارة نفسها: "ماذا أقول له؟! ماذا أقول له؟!".
    وفي لحظات الفجر.. وبينما أن أفكر بالسؤال.. انتابتني قشعريرة.. وخشوع.. ورعشة غريبة..
    في الوقت نفسه سمعت المؤذن ينادي لصلاة الفجر.. أحسست أنه نداء يخصني.. يعنيني.. عزمت وقتها على التوبة.. وصليت لله.. ورجعت إلى الطريق.. ولم تفتني من يومها فريضة ! ا هـ..
    وفي الختام: أما آن للعصاة أن يتوبوا إلى الله.. فتغمر قلوبهم السعادة.. وتطمئن نفوسهم بالطاعة..
    فيا من ضل الطريق.. هذا طريق التوبة.. فكن في ركب التائبين.. وتأمل سعادتهم بالرجوع.. وفرحتهم بالدموع.. ونور وجوههم من أثر الخشوع!!
    أسأل الله أن يردنا إليه ردا جميلا.. وأن يقبل توبة التائبين.. وأن يغفر ذنوب العائدين..
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 3:49 pm