منتديات أنا مسلمة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات أنا مسلمة لكل المسلمين والمسلمات


    خلل في الإلتزام

    amal
    amal
    مدير عام
    مدير عام


    عدد المساهمات : 584
    نقاط : 3152
    تاريخ التسجيل : 09/04/2009
    العمر : 44
    الموقع : https://tita.yoo7.com

    خلل في الإلتزام  Empty خلل في الإلتزام

    مُساهمة  amal السبت يونيو 26, 2010 8:44 am


    خلل في الإلتزام
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله الهادي إلى صراطه المستقيم، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين. أما بعد:
    فالهداية والاستقامة على دين الله نعمة عظيمة من الله ـ عز وجل ـ يمن بها على من يشاء من عباده ممن هو أهل لها وجدير بها.
    ومما يفرح القلب ويثلج الصدر أن نشاهد في كل مكان شباب نور الله قلوبهم، وأنعم عليهم بالهداية التي نسأل الله تعالى أن يثبتهم عليها، وأن يمن على غيرهم ممن هم لا يزالون في غيهم سادرين، وفي لهوهم ساهين- بالهداية لصراطه المستقيم.
    ولكن ما يدعو إلى الحزن والأسى ما يلاحظ على بعض أولئك الشباب الملتزمين من بعض المظاهر السلبية التي تخل بالتزامهم وتؤثر في إيمانهم، والتي سنحاول ذكر بعضا منها، ولعل من أهمها:
    1- عدم الخشوع في الصلاة:
    حيث أصبح هذا شيئا معتادا عند كثير من الناس ـ إلا من رحم الله ـ والله سبحانه وتعالى عندما ذكر أوصاف المؤمنين قال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون: 1 ،2] فإذا كان الخشوع سبب الفلاح في الدنيا والآخرة فحري بكل مسلم أن يتحرى الخشوع في صلاته وأن يؤديها بسكينة وحضور قلب، وأن يحافظ على أركانها وشروطها وواجباتها وسننها على أكمل وجه وأحسن صورة. لا أن يؤديها ببرود وكسل، أو ينقرها كنقر الغراب، وتصبح الصلاة عنده مجرد عادة يومية.
    2- عدم التبكير للصلاة:
    سواء صلاة الجماعة أو صلاة الجمعة، حيث إن بعض الملتزمين يتأخر أحيانا ولا يأتي إلا قرب دخول الخطيب أو بعدما يشرع في الخطبة، وفي صلاة الجماعة أيضا قد يتأخر ولا يأتي إلا قرب الإقامة، بل إن بعضهم قد تفوته الركعة أو الركعتان، أو على الأقل تفوته تكبيرة الإحرام، وهذا التأخير قد يتكرر من الواحد منهم مرارا وتكرارا ورغم ذلك لا يتنبه له ولا يهتم .
    وكذلك فإن بعض الملتزمين لا يسابق للصفوف الأولى رغم ترغيب النبي  في ذلك بقوله: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا» رواه مسلم. وقال : «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها» رواه مسلم. فتجد الواحد منهم يدخل المسجد مبكرا، ويرى الصف الأول فيه أماكن شاغرة فلا يجلس فيها، بل يجلس في أي مكان آخر من المسجد. وقد يرى بعضهم مكانا شاغرا خلف الإمام في المكان الفاضل فيتركه ويذهب لآخر الصف أو وسطه، وهؤلاء قد حرموا أنفسهم أجرًا عظيمًا.
    3- عدم الحرص على أداء النوافل:
    من صيام النافلة كصيام الاثنين والخميس، أو عشر ذي الحجة، أو على الأقل صيام أيام البيض وهي ثلاثة أيام من كل شهر، أو صيام يوم عرفة أو يوم عاشوراء، وكذلك التكاسل عن صلاة النافلة كقيام الليل أو السنن الرواتب أو صلاة الضحى أو غير ذلك من النوافل، وإن صلى بعضهم شيئا من الليل فقد يكتفي بثلاث ركعات خفيفات، وبعضهم قد يصلي خمسا، وقليل منهم من يصلي في الليل إحدى عشر ركعة كما كان يفعل النبي  .
    4- عدم الإكثار من قراءة القرآن وحفظه:
    ولاشك أن قراءة القرآن من أهم وسائل الثبات على دين الله تعالى، وهي من أفضل الأعمال قال رسول الله : «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» رواه البخاري، وقال عليه الصلاة والسلام: «أهل القرآن هم أهل الله وخاصته» رواه النسائي وأحمد، قال : «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي شفيعا لصاحبه يوم القيامة» رواه مسلم، وقد يمر على بعض الملتزمين اليوم واليومان والثلاثة والأربعة وهو لم يقرأ شيئا، وإن قرأ فقد يقرأ شيئا يسيرا وبعضهم قد يمر عليه الشهر والشهران وهو لم يقرأ شيئا من القرآن، وهذا لاشك أنه من الحرمان للعبد.
    5- ترك الأوراد والأذكار:
    كأذكار الصباح والمساء والأكل والنوم وغير ذلك من الأذكار الواردة عن رسول الله  فإن كثيرا ممن عليه الاستقامة والصلاح غالبا لا يحافظ على هذه الأوراد والأذكار، وتجده لا يذكر الله إلا قليلا، وبعضهم قد يمر عليه اليوم كاملا لا يذكر الله فيه إلا قليلا جدا أو لا يذكره نهائيا، ولقد رغب الله تعالى في الإكثار من ذكره، ورتب على ذلك الأجر العظيم والثواب الجزيل فقال عز من قائل: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب: 35]. ويقول : «سبق المفردون» قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: «الذاكرون الله كثيرا والذاكرات» رواه مسلم.
    ومع كل هذا الفضل للذكر إلا أن بعضهم قد يجلس لوحده أو قد يمشي في سيارته، وتمضي عليه الساعات الطوال وهو ساه لاه، ولا يغتنم هذه الفرصة بذكر وتسبيح وتحميد واستغفار لله تعالى، ونحو ذلك.
    6- سوء الأخلاق والمعاملة:
    فتجد بعضهم يكون ملتزمًا ظاهرًا ـ ونسأل الله أن يكون كذلك ـ لكنه سيئ الخلق، وهذا يظهر في المنزل أولا، فيكون سيئ الخلق مع والديه، ومع إخوانه وأخواته وأقاربه، وأيضا سيئ الخلق في مدرسته وفي عمله وفي أي مكان، وإذا عامل الناس عاملهم بشدة، وعدم سماحة، وعدم لين، وعدم تقدير للمواقف التي تحتاج إلى سماحة ولين وعفو، فلا تجده سمحا في البيع ولا سمحا في الشراء، بل يأخذ الذي له وقد لا يعطي الذي عليه، وإن أعطى أعطى بمنه، وقد يغش في بيعه أيضا وقد قال : «من غشنا فليس منا» رواه مسلم، ولاشك أن هذه الصفات ليست من صفات المؤمنين والتي ينبغي للإنسان الملتزم أن يكون أول المبتعدين عنها وأن يكون هو قدوة حسنة في حسن خلقه وتعامله مع الناس، لما لهذه الصفة من الفضل العظيم قال : «أكثر ما يُدخِل الناس الجنة، تقوى الله وحسن الخلق» رواه الترمذي وصححه الحاكم، وقال : «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» رواه البيهقي.
    7- عدم تقبل النصيحة:
    فإن بعض الملتزمين لو أهدى له أحد نصيحة أو بين لو مخالفة يراه مرتكبا لها فإنه يتبرم ويضيق صدره ويتمنى أن لو لم يسمع مثل هذا الكلام، وقد يرى أن في إهداء النصيحة له تصيدًا لعيوبه، ويرى أنه اتهام له بالتقصير، لأنه في نظر نفسه ملتزم ولا يحتاج لوعظ، وهذا خطأ منه، لأن كل إنسان معرض للوقوع في الخطأ والتقصير وليس أحدٌ معصوما غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. فحري بمن أهدي له نصيحة صادقة أن يتقبلها بصدر رحب وأن يحاول أن يعمل بها إذا كانت موافقة للكتاب والسنة.
    8- إضاعة الأوقات فيما لا فائدة فيه: فمن المحزن جدا أن ترى كثيرا من الملتزمين تضيع عليهم الأوقات الكثيرة جدا بلا فائدة، وقد تضيع هذه الأوقات الثمينة في أشياء قد لا تكون مباحة فقط، بل أحيانا قد تكون في أمور محرمة كالغيبة مثلا أو الكلام الفاحش البذيء أو الجلوس عند محرمات، ومن أمثلة إضاعة الوقت أيضا كثرة الرحلات والجلسات التي قد تكون طوال أيام الأسبوع بغرض التسلية وتمضية الوقت فقط من دون أي فائدة لا دينية ولا دنيوية. وكان الأولى بمثل هؤلاء أن يستفيدوا من أوقاتهم في مصالح دنيوية، أو في عبادة تنفعهم، كذكر أو قراءة قرآن أو قراءة كتب نافعة، أو طلب علم، أو سماع شيء نافع، أو دعوة إلى الله، أو زيارة للصالحين، أو زيارة أقارب، أو تفقد مساكين، أو غير ذلك من الأعمال الصالحة النافعة التي يستغل بها الإنسان وقته ويستفيد منه، ولا يضيع عليه شيء منه إلا في فائدة.
    9- الاشتغال في الملهيات والأمور التافهة:
    التي لا تقدم ولا تؤخر، بل إنها قد تؤخر أحيانا، كالاشتغال مثلا بمتابعة الرياضة والاهتمام بها وكثرة الحديث عنها وعن تفاصيلها الدقيقة، فتجد بعضهم يعرف نتائج المباريات ومواعيدها، وترتيب الفرق وأسماء اللاعبين إلى غير ذلك مما لا يليق بعاقل عليه سيما الصلاح والالتزام أن يمضي وقته في معرفة مثل هذه الأمور التافهة، وكذلك الاشتغال في قراءة الصحف والجرائد بكثرة بحيث لا يكون مقصده إلا مجرد الاطلاع وإضاعة الوقت فقط، وكذلك الانشغال بقراءة الكتب التي لا فائدة منها لا دينيا ولا دنيويا وإنما فقط القراءة لمجرد التسلية كالقصص وغيرها، وهذا الانشغال قد يحرمه من أشياء كثيرة مفيدة.
    10- عدم التفقه في الدين:
    فإن بعض الملتزمين قد يقع منه بعض الأخطاء في كثير من العبادات وهو لا يشعر، ولا يحاول أن يتفقه وأن يتعلم أمور دينه على ما ينبغي لتفادي الوقوع بمثل هذه الأخطاء، ولا يقرأ ولا يستمع لأشرطة بل يستمر على ما هو عليه من العبادات التي عرفها منذ بداية التزامه أو منذ وعي هذا الدين حتى ولو كان فيها بعض الأخطاء، ونتيجة أيضا لعدم التفقه في الدين فإنه قد تفوت عليه بعض الأزمنة الفاضلة فلا يستغلها بالإكثار من الأعمال الصالحة كشهر رمضان مثلا أو عشر ذي الحجة ونحو ذلك.
    11- عدم إنكار المنكر:
    سواء في البيت أو في السوق أو في أي مكان، فتجد الواحد منهم في البيت يكون مع أهله ويكون عندهم شيء من المنكرات مما هو محرم، ثم لا ينكر عليهم ولا يناصحهم ولا يخرج من المكان الذي فيه المنكر بل يبقى معهم، وقد يجلس أيضا مع أناس يغتابون أو يشاهدون ويستمعون أمورا محرمة أو مع أناس يدخنون ولا ينكر ولا يحرك ساكنا، بل يلتزم الصمت، ويقول أنا أنكر بقلبي وهذا أضعف الإيمان! ونقول لمثل هذا: لا أيها الحبيب إن عليك أن تنكر بلسانك، إن كنت تستطيع ذلك، فتناصح مثلا أهلك أو من تجلس معهم، وتبين لهم أن ما هم عليه يعتبر أمرا محرما، فإن استجابوا لك فالحمد لله، وإلا فعليك حينها مغادرة هذا المجلس الذي فيه المعصية، أما الإنكار بالقلب بدون ترك المجلس الذي فيه المنكر فهذا لا يكفي بل قد لا ينكر بعض الملتزمين ولا حتى في قلبه، ولا يتمعر وجهه، بل تجده يضاحك أهل المنكر وهم يمارسون منكرهم، وكأنهم لم يفعلوا شيئا محرما، وعدم إنكار المنكر لاشك أنه يشجع أهل المعاصي بالاستمرار على معاصيهم وعدم التوبة منها، إذا لم يجدوا من يناصحهم أو ينكر عليهم خاصة إذا كان معهم من يكون عليه آثار الصلاح. ولو أن كل إنسان صادق في إيمانه والتزامه عندما يرى منكرا يقوم بالإنكار على صاحبه مباشرة، ويطلب منه ترك المنكر، أو أنه سيترك له المكان ويخرج، لما انتشرت كثيرا من المنكرات حتى أصبحت عند كثير من الناس كأنها أمور مباحة لا شيء فيها لقلة الإنكار عليهم، ولاختفت بإذن الله هذه المنكرات المنتشرة، ولعرف أصحابها قبحها وشؤمها، ولاستحيوا من المجاهرة بها بين الناس، ولخجلوا في البداية ممن يناصحهم، ثم قد يتركونها بعد ذلك نهائيا طاعة لله تعالى، وبذلك تقل المعاصي والمنكرات بإذن الله تعالى.
    وكذلك فإن بعض الملتزمين قد يرى في الأسواق أو في بعض الأماكن العامة نساء متبرجات سافرات، ولا ينكر عليهن ولا يأمرهن بالتزام الحجاب الشرعي، بل إن بعضهم قد يكون صاحب معرض خاص بالنساء، فتدخل المرأة عليه في المعرض، وهي متبرجة كاشفة، وتجلس تفاصل معه في السعر، فلا ينكر عليها ولا يناصحها، بل يتركها تخرج كما دخلت دون إنكار أو نصيحة بكلمة طيبة أو بإهدائها شريطًا أو كتيبًا أو مطوية قصيرة، ونحو ذلك مما لا يكلف شيئا يذكر.
    12- التساهل في بعض الأمور التي لا ينبغي التساهل بها:
    كالتساهل مثلا في حجاب المرأة ولباسها، والسماح بلبس بعض الملابس الضيقة وغير الساترة أحيانا، والسماح لها أيضا بالذهاب للأسواق أو للخياط أو غير ذلك لوحدها دون محرم أو دون وجود امرأة معها، فيتسبب ذلك في خلوتها مع البائعين داخل المحل أو مع الخياط، وكذلك التساهل في لباس البنات الصغيرات حيث إن البعض قد يسمح لزوجته بإلباس بناته ملابس قصيرة، بل قد تكون قصيرة جدا بحجة أنهن صغيرات، وقد تصل البنت أحيانا إلى سن العاشرة أو أكثر وهي تلبس ملابس قصيرة إلى حد الركبة تقريبا.
    ومن التساهل أيضا: تساهل بعض الملتزمين في أمر اللحية بتقصيرها وتعديلها واللعب بها، وكذلك التساهل في أمر استقدام الخادمة بدون محرم، أو سفر زوجته أو أحد محارمه بدون محرم بسيارة أو طيارة أو نحو ذلك، وهذا كله لا يجوز.
    13- الكذب:
    فتجد أن بعض الملتزمين قد يكذب في بعض الأمور الصغيرة ويظن أن ذلك لا يضره شيئا، كالكذب في التخلص من موقف حرج يمر به، أو يكذب لتفادي خسارة مالية، أو يكذب مجاملة لصديق له يريد نصرته، أو يكذب في بيع وشراء، أو يكذب ليضحك من حوله كما هو منتشر بين الناس فيما يتناقلونه بينهم من حكايات وروايات كاذبة فيها طرافة تروى لمجرد الضحك والتسلية والتي يعلم الجميع أن كلها كذب في كذب ولا يمكن أن يحصل شيء منها، ورغم ذلك يرددها وينقلها لمجرد إضحاكهم، ونسي هذا المسكين قول النبي : «ويل لمن كذب ليضحك القوم، ويل له، ويل له» رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم.

    14- الإهمال في حق الزوجة والأولاد:
    وعدم تربيتهم التربية الصحيحة، فتجد البعض يقصر في حق زوجته ويهملها ويتغيب كثيرا عن البيت، بحجة الانشغال في أمور الدعوة إن كان له نشاط في الدعوة، أو الانشغال في تجارة وأمور أخرى فيترك زوجته تقاسي الوحدة والملل والهموم لوحدها، أو يترك أولاده هملا بدون مراقبة وتوجيه، وقد يتعرفون على أصدقاء سوء يكونون سببا في انحرافهم وفسادهم ويكون هو السبب في ذلك.
    15- التقصير في مجال الدعوة إلى الله:
    فبعض الملتزمين هدانا الله وإياهم ليس له أي نشاط يذكر في الدعوة، فلا ينتفع منه أحد بنصيحة أو توجيه، فيرى الناس من حوله ويرى إخوانه وأصحابه في ضلالهم وغيهم، ولا يهتم لذلك، ولا يكلف نفسه بدعوتهم أو مناصحتهم أو إعطائهم شيئا ينفعهم، إما شريطا نافعا أو كتيبا أو رسالة توقظهم من غفلتهم وسباتهم، وقد يعتذر البعض بأنه لا يستطيع وعظ الناس وتذكيرهم وليس عنده العلم الكافي لذلك. ولكن هذا ليس عذرًا؛ لأن مجال الدعوة إلى الله ليس موقوفا على الخطابة والإلقاء والوعظ باللسان فحسب، بل إن مجالات الدعوة كثيرة فمنها الكتابة وإهداء الشريط الإسلامي أو الكتيب أو الرسالة القصيرة إلى غير ذلك مما هو بمقدور كل شخص، والرسول  يقول: «بلغوا عني ولو آية» [رواه البخاري والترمذي]، والكل يستطيع تبليغ هذه الآية بأحد المجالات المذكورة، لكن البعض يرى أمامه هذه المجالات المتعددة ولا يكلف نفسه في استغلال شيئا منها، بل يركن إلى الراحة والكسل، بل إن بعضهم قد لا يسهم ولا حتى بشيء قليل من ماله لخدمة الدعوة، فتجده يصرف الآلاف على نفسه وعلى أبنائه وعلى أمور كثيرة قد تكون أكثرها حاجات كمالية وليست ضرورية، ولكنه لو طلب منه مبلغا يسيرًا من المال للاستفادة منه في مجال الدعوة لتعذر، وبدأ يذكر صعوبة الظروف المالية وكثرة الالتزامات والديون إلى غير ذلك من الأعذار الواهية فلا هو ساهم في مجال الدعوة بلسانه ولا بقلمه ولا بجهده ولا بماله، فلا نفع فيه إطلاقا، وهذا قد حرم نفسه خيرا كثيرًا، وذلك لما في مجال الدعوة من الأجر العظيم، قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت: 33]، وقال : «لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم» [رواه مسلم] وقال : «من دل على هدى كان له مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيئا» رواه مسلم.
    16- التهاون بأمر العمل الوظيفي:
    فتجد بعض الملتزمين يتهاون في أمر الدوام الرسمي لوظيفته التي يعمل بها، فتجده يتأخر أحيانا عن موعد الحضور أو يخرج من عمله لغير عذر وبدون استئذان، وبعضهم قد يتأخر عن موعد الحضور، ولكنه يسجل حضوره في وقت مبكر وكأنه حضر مبكرًا، وهذا كذب وسرقة من الوقت الوظيفي. وبعضهم قد يستغل ما تحت يده من المعدات، أو الأدوات أو السيارات الخاصة بالعمل يستغلها لأموره الخاصة، وهذا حرام لأنها من الأموال العامة التي هي لجميع المسلمين، ولا يحق له الاستفادة منها إلا في مجال العمل الرسمي فقط.
    وأخيرا أخي الحبيب:
    هذه بعض المظاهر السلبية التي تظهر على بعض الملتزمين - هدانا الله وإياهم- ولا يعني أن وجود مظهر من هذه المظاهر في شخص ما أنه غير مستقيم وغير ملتزم، لكن تعني أن التزامه فيه شيء من النقص والخلل، فانظر أخي الحبيب لنفسك وتفقدها لئلا تقع في شيء منها واحرص أخي على أن تكون قدوة حسنة في تصرفاتك وأعمالك وفي حرصك على تطبيق أوامر الشرع كلها صغيرها وكبيرها؛ لأن الناس ينظرون إليك نظرة تختلف عن الإنسان غير الملتزم؛ لأنك بالتزامك تمثل عندهم هذا الدين فالخطأ الذي يحصل منك غير الذي يحصل من شخص غير ملتزم؛ لأن الناس يستنكرون أن يقع من إنسان ملتزم شيء مخالف للشرع.
    فلا تجعل أخي نظرتهم تتغير لأهل الدين كلهم بسبب منكر يحصل منك، أو بسبب قول يصدر عنك أو بسبب تقصيرك في عبادات فاضلة، وحاول جاهدا المحافظة على واجبات هذا الدين وسننه ومستحباته كلها، واحرص كثيرًا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما تقدر عليه، وشارك في الدعوة إلى الله في أي مجال تستطيعه من مجالات الدعوة الميسرة، ولله الحمد في هذا الزمن.
    وإياك أخي أن تتخاذل أو تتكاسل في هذا المجال، فإن أهل الباطل يسعون جادين لنشر الفساد وصد الناس عن الصراط المستقيم، ولابد من التصدي لهم وذلك بتوعية الناس ونصحهم وإرشادهم وهذا لن يتم إلا بتعاون الجميع أنا وأنت والآخرين، وإذا لم نعمل نحن الذين ندعي الالتزام وندعي حمل هم هذا الدين فمن سيعمل إذا في مجال الدعوة إلى الله. يقول : «بلغوا عني ولو آية» رواه البخاري والترمذي، وهذا الحديث لا يترك لأحد عذرًا في التقصير في الدعوة في أي مجال يستطيعه.
    وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى، وثبتنا على صراطه المستقيم، وجعلنا هداة مهتدين، ونفعنا ونفع بنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
    والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    * * *




      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 2:58 am